قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 20 فبراير 2016

على العراقيين اليوم الاختيار بين استرجاع جانب كبير من الأموال المنهوبة وفتح الطريق أمام بناء عراق جديد.. وبين الدخول في مرحلة اجتثاثات جديدة.!- تحليل

على العراقيين اليوم الاختيار بين استرجاع جانب كبير من الأموال المنهوبة وفتح الطريق أمام بناء عراق جديد.. وبين الدخول في مرحلة اجتثاثات جديدة.!- تحليل

كتب بواسطة: سلام سرحان - العرب اللندنية .   المرابط العراقي
CORRUP88
لم يسبق أن شهد أي بلد في العالم حجم الفساد والنهب الذي شهده العراق منذ عام 2003، وهو ما جعله يتربع بلا منازع على قوائم الدول الأكثر فسادا في العالم.
وتتضارب تقديرات الأموال المنهوبة، بحسب الجهات التي تصدرها، لكنها تجمع على أنها تصل إلى مئات مليارات من الدولارات، خاصة خلال حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، التي امتدت 8 سنوات، ولم يقدم خلالها أية حسابات ختامية تكشف عن أبواب صرف الموازنات الكبيرة، التي تصل إلى 700 مليار دولار.

ومن المواقف المثيرة للسخرية والعجب أن نتذكر عشرات المواقف التي تحدثت فيها الأطراف السياسية المتنافسة عن عدم وجود أية وثائق عن تظهر مصير عشرات مليارات الدولارات، في حين يفترض أن يستحيل إخفاء دولار واحد.
هناك مخاوف من أن يؤدي تشدد مطالب المتظاهرين ووصولها إلى المطالبة بهدم العملية السياسية برمتها، إلى ضياع فرصة كبيرة لطي صفحة الماضي، وبدء مرحلة جديدة، يمكن معها مطاردة الأموال المنهوبة واسترجاع جانب كبير منها.
وتسمح آليات النظام المصرفي العالمي بتعقب معظم تلك الأموال، التي تم تحويلها من خلال المصارف، حتى لو تم انتقالها بين عدد كبير من المصاف والبلدان، وهي تمثل الجانب الأكبر من الأموال المنهوبة، حيث لا تشكل الأموال التي تم إخراجها في حقائب أو شاحنات سوى نسبة ضئيلة فقط، بسبب صعوبة نقل الأموال الكبيرة وصعوبة غسيلها لاحقا لإدخالها في النظام المصرفي.
ويبدو أن المتظاهرين العراقيين اليوم بين خيارين، إما تشديد المطالب لتتضمن محاسبة جميع الفاسدين أو إنقاذ البلاد وتعقب الأموال المنهوبة لاسترجاع أكبر قدر منها.
جميع الحريصين على مستقبل العراق لا يمكن أن يتنازلوا عن محاسبة ومحاكمة الفاسدين، ولكن الواقع يفرض الاختيار، ولو في مرحلة أولية، بين استرجاع الأموال المنهوبة وبين محاسبة الفاسدين، لأن السيناريوهات ستختلف كثيرا في الحالتين.
المشاركون والمستفيدون من كل صفقة كبيرة مشبوهة، يصل عددهم إلى آلاف الأشخاص من الموظفين الكبار والصغار والأعوان والأقرباء وصولا إلى الأطراف الأجنبية، والمنافذ التي تخرج منها الأموال المسروقة في نهاية المطاف.
وسيدفع التلويح بمحاكمة الفاسدين حاليا، إلى توحيد جهود تلك الأطراف لإغلاق جميع الأبواب أمام فرص الكشف عن مصير تلك الأموال، وقد تخترع طرقا ملتوية لتوجيه سير التحقيق إلى أشخاص ماتوا، أو سيتم اغتيالهم خصيصا لتوجيه الاتهامات إليهم، وإيصال التحقيقات إلى طريق مسدود.
ومن المرجح أيضا أن يتم ترتيب الوثائق والتأثير على لجان التحقيق والمحاكم، لترتيب انتهاء كل الخيوط إلى أكباش فداء، يتم التضحية بهم من قبل كبار الفاسدين لإبعاد الشبهات عنهم.
وسيدافع من سرق دولارا واحدا عمن سرق 10 مليارات دولار، خشية أن تصل النار إليه في وقت لاحق، وستتوحد جهودهم لتمنع أي جهد للاصلاح باستثناء بعض العلمليات التجميلية التي شهدنا بعضها في الأسابيع الماضية.
أما إذا تم التلويح ولو مؤقتا بطي صفحة الماضي وعم محاسبة الأشخاص، وأن الهدف هو استرجاع الأموال فقط، فقد يتبرع كثيرون بتقديم المعلومات التي لديهم عن صفقات الفساد دون خشية من انتقام الفاسدين.
وقد يعمل كثيرون ممكن شاركوا في تلك الصفقات على محاولة إخفاء صلتهم بالأموال المنهوبة، ليتركوا الطريق مفتوحا أمام فرص استرجاعها، بعد أن يطمئنوا إلى أن استرجاع الأموال هو الهدف النهائي.
تحويل مبلغ مليار دولار إلى حساب شركة سويسرية أو بريطانية أو أميركية قبل 10 سنوات على سبيل المثال، يسمح للسلطات العراقية اليوم بمطالبة السلطات في تلك الدول، بتقديم كشف لجميع النوافذ التي خرجت منها الأموال، حتى لو تنقلت إلى عدة مصارف أو بلدان أخرى.
على العراقيين اليوم الاختيار بين استرجاع جانب كبير من الأموال المنهوبة، وفتح الطريق أمام بناء عراق جديد، وبين الدخول في مرحلة اجتثاثات جديدة قد تنتهي بتسلق مجموعة جديدة من الانتهازيين وانحدار البلاد إلى وضع أسوأ من الوضع الحالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق