قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 4 فبراير 2016

مركز جنيف الدولي للعدالة: أحكام الإعدام في العراق، انتقام طائفي بحجة مكافحة الإرهاب!

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مركز جنيف الدولي للعدالة:
أحكام الإعدام في العراق، انتقام طائفي بحجة مكافحة الإرهاب!
شبكة البصرة
الأمم المتحدة/جنيف 3/2/2016
مرة أخرى يهرع الرئيس العراقي فؤاد معصوم للمصادقة على الدفعة الثالثة من أحكام الإعدام بحق مدانين بتهمة «الإرهاب»، وارسالها إلى السلطات المختصة للإسراع بتنفيذها. وبهذا تستمر السلطات العراقية في تجاهل كل النداءات الدولية المستنكرة والمطالبة بوقف أحكام الإعدام التعسفية التي تصدر عن نظام قضائي لا يستجيب لأبسط المعايير الدولية المطلوب توافرها في المحاكمات العادلة، حيث يقبل باعترافات تُنتزع تحت التعذيب ويستخدم ذريعة مكافحة الإرهاب وسيلة للانتقام من الخصوم أو لتنفيذ أحكام إعدام على أسس سياسية أو طائفية. إن السيد معصوم يدرك، اكثر من غيره، هذه الحقائق الثابتة ولكنّه يتجاهلها ضنّاً منه انه سيفلت من المسؤوليّة الجنائية عن القتل العمد لمئات من الأشخاص الأبرياء او الذين لا تستخق افعالهم الحكم بالاعدام لو توفرّت لهم محاكمات عادالة.

إن السلطات العراقية، وكعادتها، لم تبيّن عدد المشمولين بهذه الاحكام، وتفاصيل القضايا التي ادينوا عليها، حيث اكتفت بالقول بأنها «شملت ملفات المدانين بالجرائم الإرهابية التي استهدفت الشعب العراقي والجرائم الجنائية الخطيرة التي تهدد الأمن المجتمعي». إن هذا التوصيف هو ما يبعث على القلق اذ ندرك تماماً كيف تستخدم هذه السلطات يافطة "الإرهاب" لتحقيق أغراض معينّة، ومن ذلك استهداف مجموعات معينة او الاشخاص المناوئين لها.

وما يبعث على القلق ايضاً، ما يصلنا من معلومات من داخل العراق تشير إلى وجود اكثر من 500 حكمٍ بالإعدام بينها 160 حكماً خاصا بالإرهاب، سبق أن أرسلتها السلطات القضائية إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها. ثم هذا الضغط الهائل الذي تمارسه الاحزاب وقادة الميليشيات من اجل الاسراع بتنفيد هذه الاحكام ضمن ما تمارسه من سياسات انتقاميّة مبنيّة على الحقد والكراهيّة، وهو ما من شأنه الإسهام في المزيد من عمليات التخريب لللنسيج الاجتماعي العراقي.

لقد سبق لمركز جنيف الدولي للعدالة ان وثّق لدى اجهزة الأمم المتحدّة كيف أن أدلة الإدانة في المحاكم العراقية غالباً ما تعتمد على الاعترافات التي تنتزع تحت وحشية التعذيب، وأن المدانين ينحدر معظمهم من مناطق ذات مكوّن معين ضمن محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى، مما يؤكد النزعة الطائفية التي تكتسيها هذه الأحكام، ضمن سياسة السلطات العراقية في ممارسة سياسة التطهير العرقي بكل الوسائل المتاحة يساعدها في ذلك وجود نظام قضائي غير مستقل خاضع بدوره لاعتبارات سياسية وطائفية بإصداره لأحكام إعدام تعسفية في حق المئات من العراقيين وحرمانهم بذلك من حقهم الطبيعي في الحياة.

إن أحكام الإعدام في العراق تعدّ من أكبر الملفات الشائكة التي خلفتها سياسة الاحتلال الأمريكي منذ 2003. ويطبق القضاء العراقي عقوبة الإعدام ظلما وبالاستعانة بالمادة 4، المثيرة للجدل، من قانون مكافحة الإرهاب الصادر سنة 2005 على نحو 50 فعلاً، تحت اسم الإرهاب، والاختطاف، والقتل، وتتضمن أيضا افعال أخرى مثل الإضرار بالمرافق والممتلكات العامة، وهي توصيفات عامة قابلة للكثير من الاجتهادات.

وقد عملنا في مركز جنيف الدولي للعدالة مرارا لإيصال الحقيقة للمجتمع الدولي، من خلال رصد وتوثيق القضايا التي يطبق فيها الحكم بالإعدام ولطالما نبّهنا الى ارتفاع معدلات تنفيذ أحكام الإعدام بشكل مثير للقلق والمخاوف حيث جرى إعدام ما لا يقل عن 129 شخصا، عام 2012، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013 تم تنفيذ موجة جديدة من عمليات الإعدام في العراق، حيث أعدم 42 شخصا في غضون يومين فقط. ووصل العدد الإجمالي للأشخاص الذين أعدموا في نفس العام إلى 170، أما في الشهر الأول من عام 2014 تم إعدام 36 شخصا وهي الحصيلة المعلن عنها أما ما خفي فبالتأكيد كان أعظم.

وبدورها كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أن السلطات الحكومية نفذت أحكاماً بالإعدام بحق 236 مداناً خلال العامين الماضيين، وأن 720 آخرين سيتم تنفيذ الحكم عليهم خلال العام الحالي. علما أن العراق يحتل، منذ عدة سنوات، المرتبة الثالثة بين دول العالم في عدد أحكام الإعدام بعد الصين وإيران.

وأمام هذه الأرقام المرعبة، لا يسعنا إلا تكثيف النداءات إلى المجتمع الدولي عامة ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة خاصة، للضغط على السلطات العراقية من اجل فرض حضرٍ على عقوبة الإعدام تمهيداً لإلغائها، ونطالب مجددا بضرورة اصلاح النظام القضائي العراقي الذي ابتعد عن المهنية والاستقلالية وأثبت عجزه عن توفير محاكماتٍ عادلة للمواطن العراقي بما يحترم حقه الاساسي في الحياة.

ان مركز جنيف الدولي للعدالة يؤكدّ الاهميّة القصوى الان للعمل الفعال والمستمر لإنقاذ حياة المئات من العراقيين الذين يساقون الى منصّات الإعدام دون ان يكونوا قد ارتكبوا فعلاَ ما يستحق فرض حكم بالاعدام، ان التدخل بعد فوات الآوان لن يعيد الحياة الى من ستزهق روحه بعد محاكمات جائرة، واتهامات ملفقة، واعترافات تحت التعذيب...انها مسؤولية الأمم المتحدّة، مسؤوليّة الأمين العام، وممثله في العراق، انها مسؤولية المفوض السامي وكل اللجان المعنيّة بحقوق الإنسان. كما انها مسؤوليّة كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وخاصة تلك التي تتحمل المسؤولية عن ما حصل في العراق.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق