قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 22 فبراير 2016

الدكتور خضير المرشدي : نقاشات ومشاريع في واشنطن... غياب الرؤية... وإنعدام القرار؟؟

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نقاشات ومشاريع في واشنطن... غياب الرؤية... وإنعدام القرار؟؟
شبكة البصرة
الدكتور خضير المرشدي*
من الأمور العجيبة التي قد لايصدّقها الكثيرون هي إن دولة عظمى بحجم ومكانة الولايات المتحدة الامريكية لاتعلم بتفاصيل وحيثيات ومداخيل الحل الحقيقي لمشكلة العراق كما يقول بعض السياسيين من أصدقاء أميريكا، أو إنها تتظاهر بعدم المعرفة ولكنها تخطط عكس ما توحي به، وانا من أصحاب الرأي الأخير، لأنه ليس من المعقول بأن دولة بمؤسسات رصينة كتلك التي في أميريكا لاتعرف ماذا تريد أو تعمل أو تخطط وهي التي تمتلك مفاتيح القوة والمال والاقتصاد ومراكز القرار والبحوث والمعرفة الرصينة!!
على كل حال قد ينطبق هذا على بعض السياسيين النافذين فيها من الذين يتظاهرون بإنعدام الرؤية وإلافتقار لمعلومات وتصورات ومقترحات قد توصلهم الى إتخاذ القرار في الزمان والمكان المناسبين الى حد يظهرون فيه نوع من التخبط في معالجة واحدة من أهم قضايا وأزمات الشرق الأوسط والعالم والتي أصبحت بتداعياتها وتأثيراتها تهدد أمن وإستقرار ومصالح دول العالم أجمع وليست الدول العربية فحسب، تلك هي قضية العراق وإحتلاله وتدميره ونهبه وتفكيكه وإفقاره وتسليمه لإيران، وما يتعرض له أيضاً من تدمير بسبب الصراع الدائر بين فئتين مجرمتين تمثلهما داعش والقاعدة من جهة، وميليشيات وعصابات إرهابية مرتبطة بإيران وأحزاب السلطة الفاسدة من جهة أخرى.
إن أميريكا التي يفترض أن تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن نتائج إحتلالها للعراق بعدما هُزمتْ عسكرياً وفشلتْ سياسياً بفشل وسقوط النظام السياسي التي أنشأته في العراق، وفي أن تعيد الأمور الى نصابها الصحيح بموجب مايحتّمه عليها القانون الدولي، وأن تفتح الحوار على مصراعيه مع قوى المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي الطرف الرئيسي في الصراع والذي يمتلك رؤية شاملة للحل، فإن ساستها بدلاً من ذلك يضيّعون الوقت للأسف بإستقبال شخصيات عراقية، أغلبهم لايمثل إلاّ نفسه وليس لديه القدرة على القرار والتأثير في واقع مايمرُّ به العراق الآن (مع التقدير لأصحاب النوايا الطيبة والمخلصين منهم)، بل إن بعضهم ذوو مصالح ضيقة لاتتعدى البحث عن زيادة في مال أو جاه أو منصب في إقليم أو حكم محلي أو قائد لمحافظة أو للشرطة فيها أو عمدة لمدينة أو منطقة، خاصة إذا ماعلمنا أن بعض تلك المشاريع الشخصية التي يستمع لها أصحاب القرار في أميريكا ويعقدون المؤتمرات ويصرفون الجهد والاموال من أجلها لتكون أساساً لتغيير مرتقب في النظام السياسي القائم في العراق كما يخططون، تركّز على إنشاء الأقاليم أو الفيدراليات على أسس أثنية أودينية ومذهبية أوقومية عنصرية أو مناطقية... بإستثناء القسم القليل جداً منها... إن هذه الرؤى التقسيمية إذا ماأعتمدت فإنها رؤى قاصرة ومُدمّرة لأنها ستُدخلْ العراق في إتون حرب أهلية طويلة، حتى بين أجزاء تلك الأقاليم ذاتها كما يحصل الآن من توترات وأزمات داخل إقليم كردستان أو ماسيحصل في أقاليم أخرى يتم التخطيط والضغط لتأسيسها، وإنها حتماً ستجر دول المنطقة بأكملها الى صراعات دموية قد تمتد لعشرات السنين وستكون مأوى وملجأ لنشوء حركات إرهابية أخرى ربما ستكون أكثر تطرفاً وإجراماً من داعش والقاعدة.
إن الوحدة الوطنية للعراق وهويته العربية كانت وستبقى الضمانة الحقيقية لأمنه وإستقراره وتقدمه عبر التاريخ لإنها مثّلتْ البوتقة التي انصهرت فيها الأفكار والثقافات وتفاعلت فيها الأصول والإثنيات وتآخت وتعايشت فيها الأقوام من مختلف الأديان والمذاهب والقوميات، وبما يملكه من خزين المعرفة والثروات، نشأت على أرضه أهم ستة حضارات كانت منبعاً ومصدراً للمعرفة والثروة والتحضر والثقافة والعلوم للانسانية جمعاء.

إستناداً لذلك فإن الحقيقة الناصعة التي يجب أن تعلمها القوى الدولية والاقليمية والعربية المعنية بوضع العراق وخاصة الولايات المتحدة الامريكية هي إن إستمرار دعمها والدعم الدولي والعربي للسلطة القائمة في العراق سوف لن ينجح في تحقيق ديمومتها لأنها سلطة فاشلة فاسدة وفاقدة للشرعية المطعون فيها أصلاً، وما الثورة الشعبية المتصاعدة والمستمرة في جميع مدن ومحافظات العراق وخاصة الوسطى والجنوبية ضد هذه السلطة وادانة ورفض سياساتها في إدارة شؤون البلاد وعدم قدرتها في الحفاظ على أمنه وسيادته واستقلاله وثرواته، مطالبة بتغييرها وإسقاطها وتغيير الدستور وإسقاطه ومحاكمة الفاسدين والمفسدين وسرّاق المال العام الذين أوصلوا العراق الى حافة الافلاس وإعادة الأموال المنهوبة من العراق وغيرها من المطالَب المشروعة، إلاّ دليلاً ملموساً عن سقوط وفشل وإنهيار هذه السلطة التي تقودها وتديرها مجموعة من الميليشيات والعصابات المسلحة المرتبطة بدولة أجنبية معادية للعراق والامة العربية وهي إيران.

وليعلم الجميع إذا ما أستمر الوضع على ماهو عليه دون تغيير بإزاحة العملية السياسية وهياكلها الهزيلة، وطرد إيران وأدواتها وإطلاق مرحلة انتقالية جديدة وبدستور جديد، فإن الاحتمال الأكبر هو ان يفلت زمام الأمور في ظل إنهيار شامل للأمن في عموم العراق وعجز السلطات في تأمين حماية الناس وأرواحهم وممتلكاتهم وإنعدام الخدمات وتفشي البطالة والفقر. إن العراق اليوم يمر بمفترق طرق، أما موجات إرهابية وفتنة طائفية عارمة قد تمتد من العراق الى بقية دول المنطقة وتشكل تهديداً أمنيا وسياسيا كبيرا يصعب التنبؤ بنتائجه ويضع الجميع أمام تحديات خطيرة، وأما تغيير شامل وإتفاق على حل كامل يجنب العراق والمنطقة والعالم مخاطر شتى.. فلا بديل عن التغيير لأجل خلاص العراق وإعادة بناءه وتعميره وفق خطة شاملة تستند الى قاعدة ذهبية هي إن الحل لم ولن يتم إلاّ بالحوار مع قوى الثورة والمقاومة الوطنية والقومية والإسلامية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يمتلك مشروعاً متكاملاً للحل الواقعي والشامل والنهائي الذي لايستثني أحداً من العراقيين ويضمن تنفيذ حقوق العراق وشعبه من جهة، ويحافظ على مصالح جميع الدول في هذه المنطقة المهمة من العالم من جهة أخرى، وأجزم إنه لاطريق إلاّ هذا الطريق.

في هذا الصدد لابد من الإشارة الى خصوصية إقليم كردستان العراق، وأذكر بأن حزب البعث ومنذ بداية حكمه للعراق أقرّ بخصوصية الشعب الكردي العزيز في المحافظات الشمالية واعلن بيان الحكم الذاتي للأكراد في آذار من عام 1970، وطبق قانون الحكم الذاتي في عام 1974، الذي ضمن للأكراد حقوقهم في المشاركة في ادارة البلاد إضافة الى حقوقهم القومية والثقافية والإدارية واللغوية، وكان الحزب ولازال وسيبقى مؤمناً بتطوير الحكم الذاتي للأكراد بما يحقق طموحاتهم ورغباتهم إنطلاقاً من إيمان الحزب الثابت من إن الأكراد مكون اساسي من مكونات شعب العراق واقرت ذلك المادة الخامسة (ب) من دستور جمهورية العراق لعام 1970 هذه الحقوق حيث نصت على أن (يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين، هما القومية العربية والقومية الكردية، ويقر هذا الدستور حقوق الشعب الكردي القومية والحقوق المشروعة للأقليات كافة ضمن الوحدة العراقية)، وهكذا كان الحزب ينظر الى قضية الأكراد بمنظور انها قضية العراق بأجمعه وليست قضية فئة قليلة او مطالب أقلية قومية وكان يؤمن بوجوب حلها ومعالجتها بمنظور انساني رفيع مع باقي حقوق الفئات الاخرى من الشعب وقد نالت هذه الفئات حقوقها كاملة إذا ماقورنت بما تتعرض له القوميات والأقليات من اضطهاد وظلم وقتل ومن تنكر للحقوق في إيران وتركيا وروسيا وغيرها والذي بات من الانصاف دعمها وإسنادها من قبل المجتمع الدولي لتقرير مصيرها بنفسها
*الممثل الرسمي لحزب البعث في العراق
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق