قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

الحلم الأمريكي الجديد -سرب دجاج وعلبة مربى- يعكس الاعتقاد بأن الأمريكيين لا يمكن أن يثقوا إلا بأنفسهم في أوقات الأزمات.


الحلم الأمريكي الجديد -سرب دجاج وعلبة مربى- يعكس الاعتقاد بأن الأمريكيين لا يمكن أن يثقوا إلا بأنفسهم في أوقات الأزمات.
04/12/2011


أمريكا تتغير
ناعومي وولف 

بينما تعاني أسواق المال من الاضطرابات وتجتاح الاحتجاجات الشوارع فإن الخيارات المتعلقة بأسلوب حياة الأمريكيين تتطور بشكل واضح، لقد كان العالم يشبه أمريكا في السابق بمراهق مترف وبأنها تمثّل الانفتاح العالمي وبأنها تصدر موسيقى الروك اند رول وافلام هوليود البراقة، ولكن الامريكيين قد اصبحوا الآن اكثر انعزالا أو على الأقل اكثر انطوائية. 

إن التوجهات في النشاطات الترفيهية تعكس ذلك التغيير في الاقتصاد والتدبير مكان الاستهلاكية الصارخة. 

إن سبب هذا التغيير هو الاقتصاد الهش.. بالطبع، ولكن أنا أعتقد ان السبب هو أيضا نفسيٌّ؛ فبعد حربين وستة صراعات غير معلنة في العقد الماضي، دخلت أمريكا في مرحلة غير مسبوقة من السبات الثقافي. 

لقد أصبحت البستنة، وتجميع التذكارات العائلية، والحياكة، والطبخ تمثل العصرنة. وفي الأحياء الحضرية التي ينشط فيها الشباب والمهتمون بالعصرنة أصبحتَ تجد الحدائق المنزلية وأحواض الطماطم المزروعة بدلا من سيارات اللكزس والبريوس. 

إن هناك شبابا آخرين من أولئك المهتمين بالعصرنة انتقلوا كليا للعيش في الريف بحثا عن حلم شاعري جديد. إن هناك ازواجا شبابا قد عادوا إلى الأرض في وادي نهر هدسون حيث تجد الزوج قد أطلق لحيته والزوجة بثوبها الصيفي وحذائها المطاطي وهم يعتنون بالدجاج أو تجدهم في نيو مكسيكو في منزل مصنوع من بالات القش وصديق للبيئة. لقد استبدل أزواج اليوم الازواج الشباب قبل خمس سنوات أي الزوج الذي لديه صندوق تحوط والزوجة التي تعمل في التصميم الداخلي في مكمانشون في مقاطعة وستشيستر. 

إن أقسام الطعام في صحف المناطق الحضرية والتي كانت مليئة قبل خمس سنوات بأحدث وصفات الطعام العالمية أصبحت تنشر قصصا عن شباب يحملون شهادات جامعية عالية تمكنوا من التميز عن طريق إنشاء خط إنتاج للمخللات المصنعة منزليا.

لقد أصحبت احلام وطموحات الناس تتركز على أسواق المزارعين ومواقد الحطب وألواح الطاقة الشمسية والمحلات التي تعرض منتجات المزارع، علما أن هؤلاء الناس قبل فترة ليست بالطويلة كانوا مدمنين على الائتمان الذي لا ينتهي وأحدث الماركات الاستهلاكية الفاخرة والتي تم تخفيضها لتتناسب مع الطبقة المتوسطة بالاضافة الى الحلم بأسلوب الحياة الذي كانت تعرضه المجلات البراقة. 

حتى أن قصص أفلام هوليود تعكس هذه الرغبة في الهرب "لحياة أكثر بساطة" مع نفورها من الثروة المفرطة والانغماس في الملذات. إن الفيلم الذي سوف يعرض قريبا "لقد اشترينا حديقة حيوانات" هو عبارة عن قصة حياة أب يعيش من دون زوجته يعالج أبناءه عن طريق العودة للأرض مع حديقة للحيوانات البرية ومنزل متواضع ومناظر طبيعية خلابة تضمن تعويض المرء عن الحياة المحلية الاعتيادية. 

إن هناك افلاما أخرى تتناول الإفراط على أنه من الأمور السيئة؛ ففي الفيلم الذي لاقى إقبالا شديدا "حالة الدوار بعد الافراط في شرب الكحول: الجزء الثاني" يصف الفليم ثلاثة اصدقاء يمضون ليلة صاخبة في تايلاند، وفي تلك الليلة ينهمكون باشباع رغباتهم حتى الثمالة بما في ذلك التعامل مع بعض الشواذ جنسيا الذين يعملون في صناعة الجنس والمخدرات وغيرها من أشكال الفوضى، وفي النهاية ينتهي بطل الفيلم بإشباع رغبته بالزواج والعائلة والحياة الهادئة كطبيب أسنان.

وفي فيلم مماثل يستهدف النساء.. يعرض فيلم "اشبينات العروس" قصة عروس على وشك أن تحصل على "كل شيء" على شكل عريس غني جدا وممل ولكنها تهرب من كل تلك المغريات حولها وتهرب إلى شقتها المتواضعة. 

بعد حزم إنقاذ البنوك وبعد الفضائح المالية التي تشبه فضيحة "بيرنارد مادوف" و"الفقاعة العقارية" التي تركت الأمريكيين في وضع لا يحسدون عليه فإن حالة اللاشعور الجماعي يبدو أنها قد اعادت تصنيف الحياة على اليخوت وملاعب الجولف المجهزة بعناية على انها أمر مقيت وعلى ان البساطة التي تعتمد على الاقتصاد والتوفير وخاصة في الأرياف هي من العوامل التي تطهر النفس. ولذا فإنه من غير المفاجئ ان يكون آخر مرة تعرضت الثقافة الامريكية لهذا الانقلاب في المثل العليا كان إبّان الكساد العظيم حيث ظهرت افلام مثل "عناقيد الغضب" والتي ركزت على بساطة حياة الريف كفضيلة مقارنة بفساد النخب الغنية.

وكما ذكر توم جويد في الفيلم "عندما يكون هناك شرطي يضرب شخصا ما سوف اكون هناك، وكلما رأيت أناسا يأكلون مما يحصدون ويعيشون في بيوت بنوها بأنفسهم سوف أكون هناك أيضا". 

لقد أكد رونالد ريجان في سنة 1980 أن "الصباح في أمريكا" ولكن في أمريكا الآن نحن في فترة ما بعد ذلك الصباح؛ فهذا التوجه نحو الخروج عن المألوف والأكل مما تزرع والتحرك باستخدام الدراجة الهوائية لوحدك يعني أن الحلم الجماعي الذي تغذيه الشمس يصبح حقيقة لا مفر منها.

لقد كان الامريكيون يحدوهم الأمل بأن المزيد من الاستهلاك سوف يجعلهم أكثر سعادة ولكن عوضا عن ذلك وجدوا انفسهم غارقين في بحر من الديون. لقد تم الطلب منهم ان ينظروا باعجاب الى قمة الهرم عندما يتعلق الأمر بالدخل ليجدوا انفسهم ينظرون الى البرامج الهرمية الاستثمارية التي تنطوي على الاحتيال. 

وعليه فإن من غير المستغرب ان الشائع اليوم والذي يعكس الشخص العصري هو الشخص المكافح وهذا يعتبر نسخة معدلة لشخصية العصري في الستينيات والتي كانت تتميز بالراديكالية والحس الشعبي . لقد فقد الامريكيون ثقتهم باولئك الذين قالوا في اوقات الازدهار "ضعوا ثقتكم بنا". ان الحلم الأمريكي الجديد -سرب دجاج وعلبة مربى- يعكس الاعتقاد بأن الامريكيين لا يمكن ان يثقوا الا بانفسهم في اوقات الأزمات. 

* ناشطة سياسية وناقدة اجتاعية، علما أن آخر كتبها هو "اعطني الحرية: دليل الثوريين الأمريكيين".
الصدر  هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق