بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
لتتسع السجون بالاحرار فما كانت هذه السجون الا للرجال |
شبكة البصرة |
الدكتور غالب الفريجات |
ان مطالبة الناس بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ومحاربة الفساد حق مشروع، فالحرية قبل ان تكفلها دساتير العالم كفلها رب العباد، وتراثنا وديننا يحفلان ويؤكدان على ذلك، وقد اصبحت مقولة ابن الخطاب مقدمة لكل دساتير العالم" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً؟"، وكل محاولات الوقوف في وجه هذا الحق المشروع مآلها الى الفشل. لقد امتلكنا ديناً يرسم معالم الحرية، والحق المشروع في المطالبة بالحقوق امام الحاكم، فحيث يقول رسول الانسانية "ان من اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر "، وحيث يقف اعرابي في وجه عمر لا سمعاً ولا طاعة، فلم يغضب ابن الخطاب بل قال اجبه يا عبد الله، عندها قال هذا الاعرابي الشجاع الآن سمعاً وطاعة، فماذا فعلت جماهيرنا، وماذا طالب شباب الحراك غير اليسير اليسير من الحقوق المهدورة؟، انهم يريدون الاصلاح الذي يخفف من معاناة المواطنين في الحرية والكرامة، ومن اجل لقمة العيش واستعادة ما سرق ونهب من افواه الجائعين. ان يتم اعتقال احرار الحراك الشعبي وتوجيه التهم الباطلة في حقهم، ويمارس معهم كل انواع الذل والمهانة، فلن تكون مثل هذه الممارسات مثار فخر لاجهزة النظام السياسي، لانها تدل على تخلف هذا النوع من الانظمة، وانها تسير بعكس التيار الانساني، في الوقت الذي تتبجح فيه رموز النظام انها تريد ان تعلم محيطها الديمقراطية عندما فرض عليها الغاء الاحكام العرفية، و هاهي تحاول ان تصدر طريقتها في كيف ستعلم المحيط الاصلاح من خلال اساليب توجيه التهم الباطلة والتنيكل بشباب الاصلاح، واستخدام كل وسيلة قهر وذل في حق من تقدم على اعتقالهم. ما يرويه الشباب الذين تم اطلاق سراحهم لغياب التهم الجاهزة في حقهم، ما يحصل من اجهزة الامن في حق باقي المعتقلين الذين تحفظت عليهم الاجهزة يندى له الجبين، في وقت ندعي فيه ان رجل الامن لحماية الامن والنظام، وقد تحول لرجل القهر والذل والاهانة، لا بل تشعر انه مدفوع بحقد دفين لانتقام من ابناء الشعب، بسبب ما يعبأ به اتجاه شباب الحراك والمطالبين بالاصلاح، فمثل هذه الممارسات يجب ان يعي اصحابها انها موثقة، وان المواطنين لن يغفروا لاصحابها لانها خارج نطاق القانون. اجزم ان النظام السياسي لا يريد الاصلاح، وهو عدو لاي نوع من انواع الاصلاح، و يمارس اسلوب المراوغة، ويراهن على الزمن، علّه يساعده على التملص من استحقاقات الاصلاح، وان ما يحيط به من حاشية وازلام الى جانب زلم الاجهزة الامنية يمثلون العداء للشعب، ويقفون في طريق تحرره من الكبت والقمع والارهاب، حد الوصول الى حرمانه من ابسط حقوقه، ليتاح لهم المجال في الاستمرار بسرقة قوت الشعب ونهب ثرواته. كثير من السياسيين يعجبون لمماطلة النظام في الاتجاه نحو الاصلاح الحقيقي، بدلاً من محاولات الترقيع التي يوهم الناس انها الاصلاح الذي ينشدونها، واكثر ما يصيب هؤلاء بالحيرة لماذا يصر النظام على المقامرة في مستقبله، والارض تمور من تحت قدميه، فالنظام السياسي عندما يفقد هيبته في الشارع تعتبر انذار له بالسقوط، والنظام بكامل الاجهزة والمحيطين به باتوا لا يحظون برضا المواطن، فماذا بقي للنظام من قدرة على اقناع الناس بصلاحية وجوده،و في قدرته على الاستمرار بعد ان نخر الفساد نخاع الرأس فيه؟، فأي نظام سياسي رأسماله في الشارع هيبته وقد فقد هذه الهيبة بامتياز، لانه فشل في ادارة الازمة، وفي تحقيق ما تطالب به قوى المجتمع، بسبب الاصغاء لتوجيهات اجهزته الامنية المعادية للمصالح الشعبية والتشبث بما امتلكتها من امتيازات على حساب حقوق المواطنين. المزيد من التشنج مع المطالبين بالاصلاح، والمزيد من الاعتقالات، والمزيد من الاهانات في حق شباب الحراك، وحتى المزيد من السجون لن تخدم النظام، بل تزيد حالة الاحتقان في الشارع، وهي تنذر بالانفجار لان هذه الممارسات تدفع بالجماهير الى حالة الاحباط، بسبب عدم جدوى الاسلوب السلمي الديمقراطي الذي تمارسه في الشارع، ولا بديل عن تطوير اساليب الحراك، فتنتقل الى استخدام اساليب المواجهة المباشرة مع اجهزة النظام الامنية والمخابراتية، وممن يجندهم النظام كمخبرين ومنتفعين. لن يستفيد الوطن و الموطنون، وحتى النظام من الممارسات القمعية في حق شباب الحراك، الذين باتوا يرددون فلتتسع السجون لمزيد من الاحرار، فما كانت السجون يوماً الا للاحرار، وما كانت الاعتقالات الا للرجال التواقين لتحرير الاوطان، والوقوف في وجه اعداء الشعب، فقد باتت الحرية مطلباً لكل الناس، وباتت حق مشروع، فلماذا من يريد الاصلاح حقاً يمارس القهر والذل والاهانة في حق شباب الحراك لو كانت نواياه الاصلاح؟. سياسة المقامرة في الوطن تنم عن غباء سياسي، فالاوطان باقية والانظمة زائلة، والانظمة سرعان ما ترحل عندما تستشعر بالخطر، في حين ان الاوطان ثابتة راسخة كرسوخ جبالها، والانظمة التي لا تعي المرحلة التي تمر بها، ولا تتعامل مع المواطنين بحكمة وعقل، لتكسب ودهم وولاءهم لن يكون في مقدورها البقاء والاستمرار، والانظمة الذكية تعي ما هو مطلوب منها اتجاه المواطنين فلا تدع الاحداث تتجاوزها، ولا تفسح المجال للمقامرين للعبث بمستقبلها. نحن في وطن لابد وان نعي انه غير قابل ليتحول الى معتقل لكل ابنائه، بسبب غباء الاجهزة في التعامل مع الاحداث، او بسبب حفنة من المرتزقة والمنتفعين والفاسدين لا يهمها الا مصالحها على حساب مصالح الجميع، او بسبب رعونة من يصنع القرار، او من يكون غير قادر على ادارة الازمة والتعامل مع الاحداث، فالاوطان والشعوب خط احمر لايجوز ان يتم التلاعب بمصالحها او التجاوز على حقوقها، والمستقبل لن يرحم لا السياسيون الفاشلون في ادارة ما يواجهون من ازمات، ولا المقامرون ولا الاغبياء، فالسقوط لحظة لن يتمكن اذكى نظام سياسي من تداركها بعد ان نضجت الظروف الذاتية والموضوعية في التداخل مع بعضها البعض. السجون والمعتقلات لن تثني المطالبين بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ومحاربة الفساد عن مطالبهم، فالسجون مدارس الرجال والسّجانون لن يكون في مقدورهم ان يهنأوا بنومهم، ليس لانهم يملكون ضمائر تؤنبهم، فضمائرهم ماتت منذ زمن بعيد، ولكن بفضل هؤلاء المعذبين الذين يقاتلون من اجل كل الناس، واحقاق الحق لكل الناس، فهم وان لم يحققوا اهدافهم اليوم، فسيأتي من يستطيع تحقيقها حتى بعد حين، وستحفر اسماؤهم في سجل المناضلين الخالدين. الكيس الفطن من اتعظ بغيره والاحداث ماثلة امامنا، فهل في مقدورنا ان نتعلم منها؟، ام اننا مصرون على لوي عنق الحقيقة والقفز على الواقع. dr_fraijat@yahoo.com |
شبكة البصرة |
الاربعاء 12 جماد الاول 1433 / 4 نيسان 2012 |
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الخميس، 5 أبريل 2012
الدكتور غالب الفريجات : لتتسع السجون بالاحرار فما كانت هذه السجون الا للرجال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق