تباً لمن اعتدى شيخ المذيعين العراقيين (نهاد نجيب)، وتبا لمن لا يحترم رموزنا الإعلامية والأدبية والعلمية، وتبا لمن فقد مروءته ولجأ إلى الأساليب الوحشية التعسفية الهمجية - روابط مرفقة
لم أتمالك نفسي وأنا أشاهد شيخ المذيعين العراقيين (نهاد نجيب) يبكي وينتحب ويتظلم بحرقة، ويتحدث بانكسار شديد أمام عدسات التلفاز بعد الاعتداء الهمجي، الذي تعرض له قبل بضعة أيام على يد مفرزة منفلتة من مفارز شرطة كركوك في طريق عودته من المصرف الذي تسلم منه راتبه التقاعدي..
تابع الفلم:
لقد طال هذا الاعتداء واحدا من ابرز القامات الإعلامية، الذين كان لهم حضور راسخ في ذاكرتنا الوطنية، وهو اعتداء شنيع يعبر عن الوحشية، التي لجأت إليها القوى الفوضوية المستهترة في تعاملها المزاجي مع الناس، وتعبر أيضا عن الإفلاس الأخلاقي لتلك العناصر الغبية، التي لا تفرق بين الصغير الكبير، ولا تعي الفرق بين (الاحترام) و(الإجرام)، فاعترضوه وقطعوا عليه الطريق بعد عودته من المصرف الواقع في منطقة طريق بغداد وسط كركوك، وتعمدوا الإساءة إليه والاستخفاف به..
انقض عليه أفراد شرطة الطوارئ، واعتدوا عليه بالضرب، واسمعوه كلامهم البذيء، وعباراتهم الجارحة، وتطاير الشر من عيونهم حين عرَّفهم بنفسه معتقدا إنهم لا يعرفونه، قال لهم: انه الصحفي والمذيع والمواطن النجيب، وابرز لهم بطاقته التعريفية، فزادت نقمتهم، وانهالوا عليه مرة أخرى بالضرب المبرح بذريعة انه ركن سيارته في مكان محظور، ثم كبلوه بالأصفاد الفولاذية من الخلف، وسحبوه في الشارع، بقصد أهانته، والانتقاص من قدره..
تصوروا مجموعة من الشرطة الشباب بكامل عدتهم وعتادهم، وهم يقتادون هذا الشيخ الكبير والإعلامي الجليل، ويسيئون التصرف بهذه الأساليب الفظة، يتراقصون حوله، يتهكمون عليه وسط المدينة، يسمعونه أقذع الألفاظ والعبارات أمام زوجته، وعلى مرأى ومسمع من المواطنين، الذين لا حول لهم ولا قوة، لا لشيء إلا لأنه (نهاد نجيب)..
لم تكن جريمة الاعتداء على هذا الرجل حدثا منقطعا عما قبله، وإنما جاءت امتدادا لما سبقها من اعتداءات استهدفت النيل من العلماء والأدباء والصحفيين والفنانين، لكنها جاءت هذه المرة بهراوات العناصر التي يفترض بها أن تصون القانون، وتحمي الحريات العامة، ولا أدري كيف يحصل الاعتداء من مفارز تنتمي إلى مؤسسة أمنية شعارها (الشرطة في خدمة الشعب)؟؟، وكيف تتحول دوريات الشرطة إلى أداة من أدوات الاضطهاد والتعسف والاستفزاز؟؟..
لقد تكررت هذه الاعتداءات، وبلغت بهذه الحادثة حدا مخجلا، تجاوزت فيه حدود الأدب والأخلاق، ولم نسمع حتى الآن أي اعتذار رسمي من مدير شرطة كركوك، سيما إن حادثة الاعتداء لم تكن بالحادثة العابرة، ولم تكن من إفرازات المواقف الطارئة أو القضاء والقدر، لقد حدثت في مركز المدينة مع سبق الإصرار والترصد، ولن تتغير ردود أفعالنا بسماعنا عبارات الاعتذار الجوفاء، ولا بقراءة بيانات الشجب والاستنكار، فقد سبق السيف العذل، (والفأس وقع بالرأس)، ولن يثنينا هذا الاعتداء الغاشم عن قول الحقيقة، ولن يزيدنا إلا تمسكا وصلابة بمواقفنا الوطنية الرافضة للفوضى والرافضة للجور والظلم..
ختاما نقول: تباً لمن اعتدى على شيخ المذيعين العراقيين نهاد نجيب، وتبا لمن لا يحترم رموزنا الإعلامية والأدبية والعلمية، وتبا لمن فقد مروءته ولجأ إلى الأساليب الوحشية التعسفية الهمجية، ولن نتنازل أبداً عن إنسانيتنا مهما اشتدت بشاعة الاعتداءات، وسوف نتمسك بالحكمة المرورية التي تقول: إذا قدت سيارتك وآذاك معتوه فلا تنزعج، وطبق القاعدة المكتوبة على المرآة الجانبية:
((الأجسام التي تراها في المرآة هي أصغر مما تبدو عليه في الواقع))