نحو ربيع قانوني عالمي
وجهات نظر
طارق شندب
لا شك أن مجلس الامن الدولي بقواعده الحالية يمثل القوى المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية، ولا شك ان من أهداف مجلس الامن المكتوبة حفظ السلم والأمن الدوليين. إلا ان مجريات الأحداث منذ نشأة مجلس الامن والأمم المتحدة وحتى هذه اللحظة تؤكد ان مصالح الدول الدائمة العضوية هي التي ترسم مسار تحديد مفهوم الامن والسلم الدوليين وترسم تحركات الامم المتحدة بكافة أجهزتها.
كما أن انقلابيي مصر برئاسة الفريق السيسي ارتكبوا أبشع المجازر بحق المتظاهرين الداعمين للشرعية، وهذه المجازر ارتقت الى مصاف الجرائم الدولية التي يعاقب عليها القانون الدولي كونها جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، ورغم ذلك عجز مجلس الامن عن التدخل لمنع قتل آلاف المتظاهرين السلميين رغم معارضة غالبية دول العالم للانقلاب على شرعية الرئيس المصري ودعمهم لشرعية الرئيس محمد مرسي الذين سقط الالاف من انصاره شهداء.
وقامت الولايات المتحدة الأميركية، والتي يفترض بها ان تكون من أكثر الدول التزاماً بالقوانين الدولية، باحتلال العراق عام ٢٠٠٣ ضاربة بالقانون الدولي وبالأمم المتحدة عرض الحائط.
وتبع ذلك الاحتلال مجازر وجرائم ارتكبتها قواتها بحق الشعب العراقي ومكنت بسياستها عصابات الإرهاب الطائفية بقتل السنة من أهل العراق وتهجيرهم مما سهل لحكومة المالكي الاستمرار بارتكاب أفظع جرائم الإبادة والقتل والتعذيب والتهجير بحق سنة العراق حتى لم يراعوا حرمةً للمساجد ولا لدور عبادة.
جاء قرار المملكة العربية السعودية بعدم قبول العضوية في مجلس الامن كصرخة في وجه هذه المنظومة العالمية وعدم قدرتها على مقاربة واقع الشعوب والأمن والسلم الدوليين في معناهما الحقيقي لا المجازي الخاضع لمصالح الدول الدائمة العضوية. فالنظام السوري قتل أكثر من 200 ألف سوري وشرد أكثر من مليوني سوري وهدم نصف مباني سوريا ولا يزال مجلس الامن عاجزا عن القيام بواجبه. كما لايزال الكيان الإسرائيلي يعيث فساداً ويقتل الفلسطينيين ويحتل الأراضي ويبني المستوطنات، بالاضافة الى مئات الحالات الدولية التي تبين أن منظومة الامم المتحدة الحالية عاجزة عن القيام بواجبها المفروض في نصوصها، وحالة مسلمي ميانمار والابادة التي ترتكب بحقهم هي من الأدلة أيضاً التي تؤكد عجز الامم المتحدة عن القيام بواجبها الدولي.
إذً ا، إن معيار حفظ السلام والأمن الدوليين وإعطاء الشعوب حق تقرير المصير وكل القضايا التي تهم الإنسانية و حقوق الانسان هي أمور مرتبطة فقط بمصالح الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والدول التي كانت تسير في فلكه تغيرت المعطيات الدولية ونشأت قوى جديدة وتوازنات ولا يزال نظام الامم المتحدة ومجلس الامن يعمل وفق مصالح الدول الخمس.
كذلك، فإن بروز دول الخليج كقوى مصدرة للنفط وصعود تركيا الاقتصادي والعسكري يجب ان يطرح إعادة تغيير قواعد مجلس الامن، وبخاصة ان المانيا كذلك هي من الدول المرشحة لدخول المجلس، كما ان اليابان كقوة اقتصادية بدأت تطرق باب المجلس بالإضافة الى دول صاعدة كالبرازيل.
ان مؤسسة الامم المتحدة بحاجة لإعادة صياغة جديدة وفق معطيات وقواعد تضمن حفظ السلام والأمن الدوليين حقيقة وان ينزع حق الفيتو من الدول الخمس وان يدخل عدد من الدول في منظومة مجلس الامن كأعضاء دائمين كالبرازيل وتركيا والملكة العربية والسعودية واليابان و ان يتم تغيير المعايير المعتمدة حالياً. ولعل ذلك يكون بداية ربيع عالمي قانوني جديد في منظومة الامم المتحدة المهترئة ولعله بذلك تكون العدالة الدولية قد بأت بالظهور حقاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق