شيوخ الثورة العراقية !!
بقلم عشتار العراقيه
مرة أخرى أشرح لكم لماذا لا أعتبر مايجري في الأنبار أو أي مكان آخر يتحرك فيه رجال العشائر او الدين، ثورة حقيقية. والمراهنون على أن هذه (ثورة كبرى) سوف يمنون بإحباط للمرة العاشرة. وعليهم التعلم من (ثورة العشرين) التي فشلت في تحقيق أي شيء (لايريده الاحتلال البريطاني) ، وانتهت بالتفاوض لقبول الانتداب البريطاني وإلإتيان بملك لم يكن عراقيا، واستلام عملاء بريطانيا الحكم ، ولم ينل العراق الاستقلال فعلا إلا بعد 38 عاما في 1958. منذ سنة بالضبط، كتبت رأيي في هذا الحراك العشائري الديني، في عدة مقالات، وتنبأت بأن ينتهي الأمر الى التفاوض، وهذا ماحدث.
وأنا أعجب من تكرار الأمر مرة أخرى، وبنفس الوجوه، وأعجب أكثر من النخبة السياسية المثقفة التي تنفخ في النار، وتضع آمالها على (ثوار العشائر) وعلى العمائم التي تقف على منصة الخطابة كل يوم جمعة. وربما يكون هذا لأنهم لايستطيعون تحريك الشارع بأنفسهم فاعتمدوا على شيوخ القبائل ورجال الدين، وربما يكون هدف هذه النخبة استلام الحكم لو حدث أن نجح (الحراك). ولا أدري في الواقع كيف لايعرفون أن انتفاضات العشائر تنتهي دائما بالتفاوض وقبول بعض الإمتيازات .
المشكلة أيها الأصدقاء، أن كلا من نظام العشائر ونظام رجال الدين مناهضان بطبيعتهما لفكرة الدولة (أي دولة) ، هما نظامان كان ينبغي انقراضهما بعد نشوء الدولة الحديثة، ولكن هذا لم يحدث في العراق للأسف، وهو سبب مصائب العراق حتى الآن. شيخ العشيرة هو رئيس (دولة عشيرته) فهو الذي يأمر وينهي ويقضي بين المتخاصمين ويجبي الأموال ويرعى القوانين العرفية، ويوقع القصاص ويشكل جيشه او مقاتلي العشيرة وهو الذي يعلن حالة الغزو او حالة السلم مع العشائر الاخرى، أو مع جيش احتلال او جيش الدولة التي يعيش في كنفها. إنه مستفيد من هذا الوضع وإذا خضع هو وعشيرته لنظام الدولة وقوانينها فسوف يخسر امتيازاته.
ونظام رجال الدين (أي دين) ايضا معاد للدولة، فهم مستفيدون من نفوذهم وجباية اموال المؤمنين بشكل زكاة أو خمس، ومن الهبات للمساجد أو المعابد التي يرعونها ومن إصدار الفتاوي وتطبيق الشريعة، ولهذا فهم أشد الناس عداوة لمن ينادي بفصل الدين عن الدولة، فبهذا يخسرون نفوذهم وامتيازاتهم.
وشيوخ العشائر وشيوخ الدين لايبنون أي شيء ناهيك عن بناء دولة، كل الذي يفعلونه إذا توفر لديهم السلاح والرجال، هو الهدم : قتل- حرق - سلب - تفجير - غزو . هل سمعتم عن شيخ عشيرة شق طرقا او بنى مدارس أو مستشفيات الخ؟ أو شيخ دين جمع تبرعات لغير بناء دور العبادة التي تقوي شوكته؟ السبب بسيط: هؤلاء يعيشون عالة على رعيتهم وعلى الدولة التي يعيشون ضمنها.
لهذا من الخَطَل: التفكير ولو للحظة أن شيوخ العشائر وشيوخ الدين يمكن ان يصلوا بأي ثورة الى منتهاها وكامل أهدافها. بل يمكن القول باطمئنان أنهم لن ينهضوا او ينتفضوا أو يتمردوا أو يثوروا إلا لتحقيق امتيازات ومصالح آنية لهم، وسوف يكونون أسرع الناس للتفاوض مع العدو إذا تطلبت مصلحتهم هذا.
المفروض أن العراق بنى دولة حديثة منذ 80 عاما، ولكنه في حقيقة الأمر فعل ذلك شكليا، وقد حافظ حكام العراق الثوار منهم والعملاء على السواء على بقاء النظام العشائري ونظام رجال الدين ينخران أسس أية دولة حديثة، وسيظل الأمر هكذا، طالما لم نغير ما بأنفسنا، فياخسارة كل الأجيال العراقية التي تعلمت ودرست ونالت أكبر الشهادات من الخارج، ولكن ما أن يجتمع الواحد منا بعراقي آخر فأول سؤال نسأل بعضنا البعض: منين الأخ؟ (والقصد السؤال عن العشيرة) وحين يجيب بفخر يرد الآخر عليه "والنعم!!".
++
مقالات ذات صلة عن هذه (الثورة):
هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا
مرة أخرى أشرح لكم لماذا لا أعتبر مايجري في الأنبار أو أي مكان آخر يتحرك فيه رجال العشائر او الدين، ثورة حقيقية. والمراهنون على أن هذه (ثورة كبرى) سوف يمنون بإحباط للمرة العاشرة. وعليهم التعلم من (ثورة العشرين) التي فشلت في تحقيق أي شيء (لايريده الاحتلال البريطاني) ، وانتهت بالتفاوض لقبول الانتداب البريطاني وإلإتيان بملك لم يكن عراقيا، واستلام عملاء بريطانيا الحكم ، ولم ينل العراق الاستقلال فعلا إلا بعد 38 عاما في 1958. منذ سنة بالضبط، كتبت رأيي في هذا الحراك العشائري الديني، في عدة مقالات، وتنبأت بأن ينتهي الأمر الى التفاوض، وهذا ماحدث.
وأنا أعجب من تكرار الأمر مرة أخرى، وبنفس الوجوه، وأعجب أكثر من النخبة السياسية المثقفة التي تنفخ في النار، وتضع آمالها على (ثوار العشائر) وعلى العمائم التي تقف على منصة الخطابة كل يوم جمعة. وربما يكون هذا لأنهم لايستطيعون تحريك الشارع بأنفسهم فاعتمدوا على شيوخ القبائل ورجال الدين، وربما يكون هدف هذه النخبة استلام الحكم لو حدث أن نجح (الحراك). ولا أدري في الواقع كيف لايعرفون أن انتفاضات العشائر تنتهي دائما بالتفاوض وقبول بعض الإمتيازات .
المشكلة أيها الأصدقاء، أن كلا من نظام العشائر ونظام رجال الدين مناهضان بطبيعتهما لفكرة الدولة (أي دولة) ، هما نظامان كان ينبغي انقراضهما بعد نشوء الدولة الحديثة، ولكن هذا لم يحدث في العراق للأسف، وهو سبب مصائب العراق حتى الآن. شيخ العشيرة هو رئيس (دولة عشيرته) فهو الذي يأمر وينهي ويقضي بين المتخاصمين ويجبي الأموال ويرعى القوانين العرفية، ويوقع القصاص ويشكل جيشه او مقاتلي العشيرة وهو الذي يعلن حالة الغزو او حالة السلم مع العشائر الاخرى، أو مع جيش احتلال او جيش الدولة التي يعيش في كنفها. إنه مستفيد من هذا الوضع وإذا خضع هو وعشيرته لنظام الدولة وقوانينها فسوف يخسر امتيازاته.
ونظام رجال الدين (أي دين) ايضا معاد للدولة، فهم مستفيدون من نفوذهم وجباية اموال المؤمنين بشكل زكاة أو خمس، ومن الهبات للمساجد أو المعابد التي يرعونها ومن إصدار الفتاوي وتطبيق الشريعة، ولهذا فهم أشد الناس عداوة لمن ينادي بفصل الدين عن الدولة، فبهذا يخسرون نفوذهم وامتيازاتهم.
وشيوخ العشائر وشيوخ الدين لايبنون أي شيء ناهيك عن بناء دولة، كل الذي يفعلونه إذا توفر لديهم السلاح والرجال، هو الهدم : قتل- حرق - سلب - تفجير - غزو . هل سمعتم عن شيخ عشيرة شق طرقا او بنى مدارس أو مستشفيات الخ؟ أو شيخ دين جمع تبرعات لغير بناء دور العبادة التي تقوي شوكته؟ السبب بسيط: هؤلاء يعيشون عالة على رعيتهم وعلى الدولة التي يعيشون ضمنها.
لهذا من الخَطَل: التفكير ولو للحظة أن شيوخ العشائر وشيوخ الدين يمكن ان يصلوا بأي ثورة الى منتهاها وكامل أهدافها. بل يمكن القول باطمئنان أنهم لن ينهضوا او ينتفضوا أو يتمردوا أو يثوروا إلا لتحقيق امتيازات ومصالح آنية لهم، وسوف يكونون أسرع الناس للتفاوض مع العدو إذا تطلبت مصلحتهم هذا.
المفروض أن العراق بنى دولة حديثة منذ 80 عاما، ولكنه في حقيقة الأمر فعل ذلك شكليا، وقد حافظ حكام العراق الثوار منهم والعملاء على السواء على بقاء النظام العشائري ونظام رجال الدين ينخران أسس أية دولة حديثة، وسيظل الأمر هكذا، طالما لم نغير ما بأنفسنا، فياخسارة كل الأجيال العراقية التي تعلمت ودرست ونالت أكبر الشهادات من الخارج، ولكن ما أن يجتمع الواحد منا بعراقي آخر فأول سؤال نسأل بعضنا البعض: منين الأخ؟ (والقصد السؤال عن العشيرة) وحين يجيب بفخر يرد الآخر عليه "والنعم!!".
++
مقالات ذات صلة عن هذه (الثورة):
هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق