الشلل الكامل وأغرب عمليات الصراع (ضد النوعي) في العراق.!؟
ثمة حقيقة ميدانية باتت شاخصة بكل وضوح وتجرد اليوم في الساحة العراقية المنهكة والمفتوحة على مسارب صراعات داخلية عنيفة ومتتالية، تقول بأن العملية السياسية الكسيحة قد وصلت إلى نهاية الطريق، ولم يعد بإمكان الحلول الترقيعية للأزمات المتضخمة إصلاح ما أفسده الدهر!.
فالحكومة العراقية باتت اليوم بعد أحداث اجتياح المنطقة الخضراء ودخول البرلمان والتعدي على بعض النواب، ومن ثم التوتر مع النظام الإيراني بسبب الشعارات الجماهيرية التي نادت بخروج إيران من المعادلة العراقية تعيش حالة ارتباك و(حيص بيص) حقيقي وصل لحد الشلل الحكومي بعد عدم القدرة على الاجتماع الوزاري الأسبوعي بسبب عدم اكتمال النصاب! يضاف إلى ذلك فشل البرلمان العراقي في الاجتماع أيضا بعد لجوء النواب الأكراد لمناطقهم ورفضهم العودة لبغداد رغم وساطة ومناشدة وتوسلات رئيس البرلمان سليم الجبوري الذي عاد خالي الوفاض من رحلته لكردستان.
أما مؤسسة الرئاسة العراقية فهي أصلا في الصيف قد ضيعت اللبن!! ودورها رمزي غير مؤثر ولا يعول عليه كثيرا وعدم القدرة على اتخاذ القرار في صيف صعب ومليء باحتمالات وتطورات عديدة، أبرزها الحديث الأمريكي عن اقتراب ساعة الحسم في معركة الموصل المؤجلة التي أضحى الطريق لها صعبا ومحفوفا بالمخاطر في ظل تداخلات الصراع الداخلي بين أطراف (البيت الشيعي) المهيمن على السلطة، فالتيار الصدري الذي يهدد دائما بتصعيد المواجهة الجماهيرية يواجه بمقاومة واضحة من الميليشيات الطائفية المدعومة من طهران والتي زحفت تدريجيا على مواقع ذلك التيار، كما حصل في مدينة البصرة وفي موانئها حيث هيمن عليها جماعة ميليشيا (الخراساني) شديدة الولاء للنظام الإيراني والمرتبطة بقيادة الحرس الثوري الإيراني والتي يقودها المدعو علي الياسري الذي لا يعترف إلا بقيادة الولي الإيراني الفقيه علي خامنئي ويعلن ذلك جهارا نهارا!.
كما أن ميليشيات العصائب والخراساني وكتائب حزب الله وجميعها تحت السيطرة الإيرانية الكاملة قد دخلت فعلا المنطقة الخضراء وتحصنت بها، وعززت مواقعها تمهيدا لمواجهة مباشرة ومحتملة جدا مع الصدريين، في واحدة من أغرب عمليات الصراع (ضد النوعي) في العراق! وحيث برزت التناقضات داخل أطراف التحالف الطائفي الحاكم والتي يبدو واضحا أنها تتجه نحو الحسم عن طريق السلاح والقوة، فمقتدى الصدر الذي لبى دعوة إيرانية لزيارة طهران قد خفف كثيرا من تحركاته الضاغطة ضد الحكومة العراقية والتي أعلن الدكتور علي أكبر ولايتي حامل الملف العراقي في مكتب الولي الفقيه بأنها خط إيراني أحمر! وإن الرئاسات العراقية الثلاث تنضوي تحت الحماية الإيرانية المباشرة، والاقتراب منها تيار صاعق وعمل غير مسموح به.
والمعركة الشرسة القائمة في سوريا وتحديدا حول حلب والمشاركة الإيرانية الفاعلة والمصيرية فيها تجعل طهران تلجأ إلى مختلف الخيارات وأصعبها تجنبا لأي خيارات داخلية مزعجة في العراق قد تزلزل قواعدها الكامنة في قلب السلطة في بغداد، وليس سرا أن النظام الإيراني يعاني وينزف بشدة في الحرب السورية بعد أن دخل الحرب رسميا وعلنيا ومن خلال منهجية واستراتيجية واضحة عنوانها (معركة المصير الواحد). العراق في ظل شلل مؤسساته الحكومية باتت احتمالات انفجار الموقف فيه أكثر من حتمية. إنه الصيف العراقي الساخن الرهيب، وفي انتظار مفاجآت إقليمية قد تغير من قواعد اللعبة الجارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق