القيادة القومية تدعو لإطلاق أوسع دعم شعبي وسياسي ومادي لشعب فلسطين الصامدة
اختراق المقاومة للعمق الفلسطيني أسقط نظرية الأمن الصهيوني
حيّت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي العملية البطولية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في عمق الداخل الفلسطيني المحتل، ودعت إلى إطلاق اوسع حملة دعم شعبي وسياسي ومادي لشعب فلسطين الصامدة كحق لها على أمتها وهي تخوض صراعاً وجودياً مع العدو القومي للأمة العربية.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في ما يلي نصه.
مرة جديدة تثبت امتنا العربية انها موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح، وعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في عمق الداخل المحتل مخترقة بذلك دفاعات العدو وحواجزه وتحصيناته تعيد أمتنا بالذاكرة إلى حرب تشرين قبل خمسين عاماً، يوم تمكّن جيش مصر العروبة من تدمير خط بارليف والاندفاع إلى عمق سيناء في توازٍ مع معارك بطولية خاضها الجيشان العراقي والسوري على الجبهة الشرقية وخاصة بعدما دفع العراق بقواته البرية والجوية لصد تقدم العدو نحو دمشق.
إن تمكّن المقاومة من اقتحام المستوطنات الصهيونية في غلاف غزة وإيقاعها لخسائر في صفوف العدو من افراد قواته العسكرية ومستوطنيه بلغت المئات وآلياته العسكرية وأسر العشرات منهم وإطلاق موجات من الصواريخ على الاهداف الصهيونية في عمق فلسطين المحتلة هو تطور نوعي في أداء المقاومة على مستوى التخطيط والتوجيه والتنفيذ، وهي كما فاجأت العدو في مخابئه فإنها كانت مفاجأة الأمة لنفسها وهي تستعيد زمام المبادرة في الصراع الشامل المفتوح مع العدو على كافة الصعد والمجالات.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي توجه التحية للمقاومين الذين أعادوا للثورة الفلسطينية ألقها، تدعو جماهير الأمة العربية وقواها التحررية إلى توفير كل وسائل الدعم والاسناد السياسي والمادي والتعبوي لأهلنا في فلسطين الصامدة والتي تواجه آلة الحرب الصهيونية بالامكانات المتاحة والتي على محدوديتها استطاعت ان تحقق اختراقاً استراتيجياً لدفاعات العدو وتُسقط ما يسمى بنظرية الأمن الصهيوني التي بنى العدو كل معطياتها على النتائج السياسية التي أفرزتها الحروب النظامية التي خاض غمارها ضد الأمة العربية منذ إعلان كيانه الغاصب على ارض فلسطين.
إن هذا الذي تحقق صبيحة يوم السبت السابع من تشرين الاول يجب أن يؤسس عليه لرفع مستوى المواجهة مع العدو الصهيوني إلى مدار أعلى في إطار الصراع المفتوح باعتباره صراعاً وجودياً بين المشروع الصهيوني والمشروع القومي العربي، وانطلاقاً من أن فلسطين لم تكن مستهدفة لذاتها يوم ُصوِبّت نحوها سهام التحالف الصهيو- استعماري، وأن التأكيد على الموقف الذي يدعو إلى تصعيد الصراع مع العدو لاسترداد الحقوق المغتصبة يفرضه مبدأ أن "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" ولأن العدو لايفهم الا لغة المخاطبة بالسلاح .
إن القيادة القومية للحزب وهي تسجّل اعتزازها وفخرها بما حققته المقاومة بإطلاقها عملية "طوفان الأقصى" تنتابها الخشية من أن تقع المقاومة الفلسطينية في المحظور السياسي الذي وقعت فيه الأنظمة العربية التي دخلت في مفاوضات ومساومات مع العدو بعد حرب تشرين عام ١٩٧٣ وكان من سلبياتها أن أجهضت النتائج الايجابية التي أفرزتها تلك الحرب، حيث أن الامة كانت ترى فيها بُعداً تحريرياً فيما بعض من انخرط فيها تعامل معها باعتبارها حرباً تحريكية أدّت إلى توقيع اتفاقيات كامب دافيد التي أخرجت مصر بكل ثقلها السياسي والعسكري من مجرى الصراع كما ادى الى توقيع اتفاقيات فكّ الارتباط على الجبهة السورية والتي ما تزال مفاعيلها سارية حتى الان.
وحتى لا تجهض ما أفرزته النتائج العسكرية للعمليات الميدانية ل "طوفان الاقصى" ، عبر تزيين قوى إقليمية الدخول في نفق مفاوضات مع العدو خدمة لأجندة أهداف خاصة وهي التي تنظر للقضية الفلسطينية بأنها قضية استثمار سياسي رابحة وليس قضية شعب اغتصبت ارضه وهو يقع تحت الاحتلال وتمارس عليه سياسة الفصل العنصري "الابارتهايد" يجب تدارك الوقوع في مثل هذه المطبات لأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، وكفى الأمة اللدغ الذي أصابها من جراء إجهاض النتائج العسكرية لحرب تشرين.
وعليه فإن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي تعتبر أن التضحيات التي يقدمها شعب فلسطين وآخرها تلك التي قُدّمت في سياق المعارك الحالية والمفتوحة على كل الاحتمالات يجب أن توظّف توظيفاً نضالياً من اجل الارتقاء بالموقف الوطني الفلسطيني المقاوم الى مستوى التحديات المصيرية، بدءاً بتحدي الوحدة الوطنية على أرضية الموقف المقاوم المتوجه نحو التحرير وحماية الانجازات الثورية التي تحققت على مدى العقود ومنذ انطلقت مسيرة الكفاح المسلح واهمها الشرعية التمثيلية المتجسدة بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد تطوير مؤسساتها وتفعيلها في ضوء المتغيرات التي أفرزها الصراع مع العدو الصهيوني.
إن حماية هذا الإنجاز الوطني الفلسطيني من الاستثمار السياسي هو الذي يعطي للموقف الوطني مناعة في مواجهة الاحتلال أولاً، وفي مواجهة الأنظمة التي تتهافت للتطبيع مع الكيان الصهيوني ثانياً، وإن الموقف من أنظمة التطبيع يجب أن لا يقتصر على الإدانة وحسب بل يجب العمل لإسقاط هذا النهج كخطوة على طريق وضع حدٍ للاختراق الصهيوني للعمق القومي وفك الحصار المتعدد الأشكال عن شعب فلسطين وقواه المقاوِمة.
فإذا كانت المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تتحقق انجازاً تاريخياً في الصراع المفتوح مع العدو بامكاناتها الذاتية رغم الحصار والتضييق على قوى الفعل المقاوم؛ فكيف سيكون الحال لو توفر الاحتضان القومي لهذه المقاومة؟ انه سيجعلها حتماً في موقع أقوى وأفعل في مواجهتها للعدو مع كل الدعم الاستعماري الذي يحظى به.
إن القيادة القومية وفي هذه الظروف المصيرية التي تمر بها الأمة العربية وما يفرض الالتزام القومي بقضية فلسطين باعتبارها قضية مركزية للامة، تطلق نداءها إلى كل البعثيين في كل أقطار الوطن العربي والى القوى الوطنية والتقدمية وكل القوى الشريفة في هذه الأمة بأن تنزل إلى الميادين لتحريك الشارع العربي انتصاراً ودعماً لثورة الأمة العربية على أرض فلسطين ولمقاومة نهج التطبيع وإسقاطه.
إن هذه هي فرصة الجماهير العربية لإثبات وجودها في ساحاتها الوطنية، ولإثبات أن معارك التحرير تتكامل مع معارك التغيير والديموقراطية ، وهذا هو الطريق الوحيد لتمكين الأمة العربية من إنهاء استلابها القومي والاجتماعي.
فتحية لفلسطين وثورتها التي تعيد للأمة اعتبارها من بوابة المقاومة والمواجهة المفتوحة مع العدو، وتحية للشهداء الذين ارتقوا في ساحات القتال على مساحة كل أرض فلسطين، وتحية للأسرى والمعتقلين وما النصر إلا صبر ساعة.
القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٠٢٣/١٠/٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق