بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
هل أن الغرب لا يعرف فعلاً.. اسباب الأرهاب؟!
|
شبكة البصرة
|
د. أبا الحكم
|
* هل الأرهاب غريزة هدم وتدمير فحسب موجهة نحو الخارج.. لماذا؟
* هل الأرهاب سياسة تسعى إلى فرض إرادتها للوصول الى اهدافها.. كيف ولماذا؟
* هل الأرهاب.. رد فعل متفجر حيال افعال تراكمت منذ عقود وعقود.. كيف؟
* والحقيقة الموضوعية.. إن الأرهاب لم يأت من فراغ أو تحكمة الصدفة!!
الحديث هنا ليس تبريراً.. إنما لغرض التوضيح والوصول إلى الحقيقة!!
يتعرض العالم في العصر الراهن لموجة من افعال العنف، ويقابلها جملة من ردود الأفعال الناجمة عن هذه الموجة.. وهو الأمر الذي تتوزع بشأنه التخمينات والتفسيرات والتحليلات، حتى يصل بعضها الى إطلاق الأحكام، التي يتسم بعضها بالتجريم القوي المباشر، كما يظهر سمات العنف المضاد.. فيما يرى البعض الآخر، ان العنف الذي تحول الى ظاهرة باتت تتسع لتشمل اكثر من واقع جيو- سياسي، هو رغبة في القتل والتدمير، ويضع الأمر في اطار المسلمات التي يجب معالجتها بأسلوب مماثل.. فيما يصب البعض الآخر اهتماماته الفكرية على الخلل في فهم الدين واحكامه ويصب اللوم على الدعاة الذين يكفرون ويحرضون ويحشدون، ولم يسأل هؤلاء حميعاً عن الأسباب والدوافع.
والغريب.. ان البعض اخذ يدعو الى ضرورة إعادة النظر بمسألة الدين ومؤسساته، وأهمية تحديد الخلل في تفسير النصوص الدينية المقدسة.. أما البعض الآخر فقد اطلق احكامه على اساس ان العقدة تكمن في صراعات الحضارات.. بين الحضارة الأوربية والحضارة العربية - الأسلامية وكأن العالم بات يقوم على هتين الحضارتين وهما تخوضان صراعاً حتمياً.. ولم يسأل هذا البعض نفسه، لماذا يُختزَلُ الصراع ويحدد بهذه الإشكالية المعقدة، فيما يعج العالم بالحضارات الأخرى الأصلية منها والفرعية؟
والغريب في الأمر، أن سياسات بعض الدول (أمريكا والكيان الصهيوني وبريطانيا وإيران.. وغيرهم)، تحاول أن تنكر كلياً عنها وتستبعد عن منهجها الأرهاب وتحصر وتحدد الأرهاب بأفراد وجماعات وتنظيمات، سواء كانت منظمة سياسياً أو عسكرياً.. وبهذا المنحى الذي ينكر ويستبعد فيه ارهاب الدولة ويبرز فيه ارهاب الجماعات.. تعمل دولة الأرهاب على المخاتلة والأختباء وراء سياسات استقطابية اسمها (محاربة الأرهاب العالمي).. حتى باتت سياساتها كونية يحشد لها تحالفات وتحدد لها تخصيصات وتوظف لها مراكز ابحاث واجهزة ومؤسسات.. ومنهج دولة الأرهاب هو نكران صفة الأرهاب واستبعادها عن سياساتها، وكأنها حمل وديع محاط بالذئاب والضباع والغيلان!!
والمثل على ذلك :
1- هو مشاركة "نتنياهو" رأس الكيان الأرهابي الصهيوني في مراثون باريس جنباً الى جنب مع بعض القادة الذين يحملون إرثاً ارهابياً من دولهم التي مارست ابشع اساليب الأستعمار والهيمنة والبطش والتنكيل والأذلال لشعوب تلك المستعمرات طيلة عقود وعقود وعقود من السنين.. وبصفاقته المعهودة، ومن باريس يدعو الى هجرة الفرنسيين اليهود الى كيانه المغتصب لفلسطين المحتلة، كما دعا الى محاربة الأرهاب وهو القاتل الأول لأطفال فلسطين، فيما يأتي بعده قاتل آخر...
2- هو رئيس امريكا، التي جربت كل انواع الأسلحة المحرمة دولياً في العراق منذ عام 1991 ولحد خروج جيوشها من العراق عام 2011، بقيادة سيد البيت الأبيض (بوش الأبن) وسيد هذا البيت (باراك أوباما)، الذي يقتل المواطنين العراقيين بطائراته الحربية ويدمر مساكنهم فوق رؤوسهم ويهدم متاجرهم ويحرق مزارعهم تحت يافطة محاربة الأرهاب.. ومن تجارب هذه الأسلحة المحرمة.. ذخائر اليورانيوم المنضب وقذائف الفسفور الأبيض، فضلاً عن وصمة عار سجن ابو غريب في جبين كل من سكت في امريكا من رأسها المسؤول حتى آخر مواطن أمريكي، وكما العالم كله.!!
وبكل صفاقة تشارك امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني مارثون باريس منددين بالارهاب.. ولا احد يلومهم، لأن ما حدث في باريس جريمة لا احد يستطيع ان يغطيها يغطيها بغربال.. ولكن الأمر لا يعالج بكثافة القوات وحراس البنايات ولا باجراءات الأمن المشددة ولا باتهامات عشوائية ولا بتجريم الأسلام، والأسلام من هذه الأعمال براء، إنما من خلال الرجوع الى الجذور الحقيقية والدوافع الحقيقية لأي فعل من هذا القبيل.. المرض يعالج بالرجوع الى المسببات الرئيسة التي اوصلت الحالة الى درجة الأحتقان والخطورة.. وهذا الأمر يقتضي الموضوعية في التشخيص لكي يصار الى المعالجة الناجحة.. ومن غير المنطق أن تعالج حالة المرض العضال بالأسبرين :
وهنا تأتي جملة من الأسئلة المهمة التي يتوجب ان تجيب عليها مراكز الأبحاث والمفكرين والباحثين والكتاب وصناع القرار.. وهي اسألة افتراضية :
أولاً- لو أن الدول القوية والمتقدمة عبر التاريخ لم تستعمر بلداً ولم تستعبد شعباً ولم تقمعه ولم تنهب ثرواته.
ثانياً- لو أن الدول القوية والمتقدمة عبر التاريخ لم ترتكب بحق الأنسانية جرائم حرب ولم تمارس اساليب الأبادة الجماعية بحق الجماعات والشعوب.
ثالثاً- لو أن الدول القوية والمتقدمة لم تعتدِ على حقوق الشعوب في حريتها واستقلالها واختيارات انظمتها السياسية والأجتماعية.
رابعاً- لو ان الدول القوية والمتقدمة لم تمنع الدول الفقيرة من تنميتها وتطورها وتحرمها من كافة وسائل نهضتها وتعرقل امكانات جمع عناصر ازدهارها.
خامساً- لو ان الدول القوية والمتقدمة لم تستخدم المنظمات الدولية والمؤسسات المالية والنقدية التابعة للأمم المتحدة كـ(البنك الدولي و صندوق النقد الدولي) لخنق الدول الفقيرة بهدف الدفع بتفاقم الأوضاع فيها وخلق هوة بين نظم الدول الفقيرة وشعوبها على قاعدة التحالف مع نظم القمع السلطوية.
سادساً- لو أن الدول القوية والمتقدمة قد تعاملت على وفق قاعدة العدل والأنصاف والحرية والديمقراطية الصحيحة التي تلائم الشروط الذاتية والظروف الموضوعية لمجتمعات الدول الفقيرة والناهضة في الزمان والمكان.
سابعاً- لو أن دول الغرب قد كفت عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ومنها الدول الفقيرة والنامية والناهضة.
ثامناً- لو أن دول الغرب قد احترمت الديانات الأخرى، واحترمت الأرث الحضاري وعادات وتقاليد شعوب الدول الفقيرة والنامية والناهضة.
تاسعاً- لو ان دول الغرب لم تساند العدوانيين على عدوانهم، والعنصريين على عنصريتهم، والطائفيين على طائفيتهم.
عاشراً- لو لم تغتصب الصهيونية أرض فلسطين منذ عام 1948 ولحد الآن، ولو لم تساندها دول الغرب على اغتصابها، والأستمرار بمسلسل تجريف الأرض والبشر، وفي مقدمتها بريطانيا وأمريكا.
أحد عشر- لو لم تضرب أمريكا أفغانستان وتحتلها وتحيل الدولة الى ركام وشعبها الى مشردين يأكلهم البؤس، تحت مسمى محاربة الأرهاب.
اثنا عشر- لو لم تضرب امريكا العراق وتحتله وتحيل الدولة الى ركام وشعبها الى مشردين يعاني النزيف في الدماء والثروات وهدر الكرامة الأنسانية تحت يافطة محاربة الأرهاب.
ثلاث عشرة- لو لم يتبع الغرب، وفي مقدمته أمريكا، المعايير المزدوجة في تعامله مع الدول ومع الجماعات ومع الشعوب على قاعدة التمييز في المصالح والتمييز في الديانات والتمييز في الحريات والتمييز في الديمقراطيات والتمييز ما بين الحضارات.
اربع عشرة- لو لم ترفع بريطانيا وامريكا وقبلهما اسبانيا وايطاليا وفرنسا والبرتغال والمانيا وغيرهم، هراوات الحروب والقتل والتنكيل والأستعباد.
اقول.. لو لم يحصل كل هذا الفعل الذي تراكم وتراكم الى حد الأنفجار الذي اتخذ منحيين :
1- منحى مقاوماً مشروعاً وسليماً ومكفولاً من لدن القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وشرعتها، التي تنص وتؤكد على شرعية مقاومة الشعوب، التي تتعرض للغزو والعدوان بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.. فشعب فلسطين ما زال يقاوم الغزو الأستيطاني الصهيوني منذ علم 1948 ولحد الآن.. وشعب العراق ما يزال يقاوم الاحتلال الأمريكي والغزو الأستيطاني الفارسي منذ عام 2003 ولحد الآن.. وكذلك الشعب الأفعاني.
2- ومنحى عشوائي يتخذ من التعصب مخرجاً للنزعة المتطرفة تحت سقف الدين وسقف حماية الدين، وممارسة العنف بالصورة التي تتناقض مع أحكام الدين وشرعية الدين ونصوص الدين.. والواضح في هذا المنهج ما تسخره إيران من سياسات تغلفها بمنهجية دينية تسميها (حماية المراقد المقدسة) و(حماية المذهب ورموزه والمزارات والقبور أين ما كانت) حتى لو اقتضى الأمر ممارسة التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى... نتنياهو يتدخل في الشأن الفرنسي بدعوته الفرنسيين اليهود للهجرة الى (اسرائيل).. والقادة الأيرانيون الصفويون يتدخلون في الشأن السعودي والبحريني ويهددون إذا لم يطلق سراح سعودي مدان بالتحريض والفتنة (النمر)، وبحريني مدان بالتحريض والفتنة (سلام)، وكأن طهران وصية على رعايا الدول الأخرى.. وكما نرى ان منهج التدخل الأسرائيلي هو ذاته منهج التدخل الإيراني الصفوي.. وكما خلقت أمريكا خلايا الأرهاب ونشرتها في اماكن معينة ومحددة، خلقت إيران خلايا الأرهاب ونشرتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت والأمارات والمغرب العربي، لكي تنفذ سياساتها الخارجية.. وهذ ما افصحت عنه تصريحات القادة الإيرانيون السياسيون والعسكريون على حدٍ سواء... ألم يكن ذلك ارهاب دولة، كما هو شان الكيان الصهيوني وامريكا وهما يمارسان إرهاب الدولة.
وعلى اساس ما تقدم :
أولاً- ينبغي تحديد مفهوم واضح ومحدد وقاطع للأرهاب، تتولى صياغته لجنة دولية متخصصة في القانون الدولي وتحت رعاية الأمم المتحدة.
ثانياً- يتوجب تفعيل دور الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن ليتولى مهام المحافظة على الأمن والسلم الدوليين.. ويشدد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بأي صيغة أو أي شكل كان، أو أي مبرر أو مزاعم.
ثالثاً- إنهاء الأحتلال الأمريكي للعراق جملة وتفصيلاً ومنع النفوذ الإيراني الفارسي من الأستيلاء على العراق ونهب ثرواته وتغيير ديمغرافية شعبه وتركيبته السكانية التي اعتاد عليها الشعب العراقي منذ الآف السنين.. وترك الشعب العراقي يختار نظامه بعيداً عن التدخل الخارجي الأمريكي والإيراني وأي تدخل خارجي أخر.. يتم ذلك تحت خيمة الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الأسلامي وحركة عدم الأنحياز ومنظمات القانون والتشريع على مستوى الوطن العربي والأقليمي والدولي.. بهدف احلال الأمن والأستقرار لشعب العراق الواحد على ترابه الوطني الموحد.
رابعاً- وضع حد للإحتلال الإستيطاني الإسرائيلي لفلسطين المحتلة وكبح جماح الغريزة االصهيونية الموجهة لتدمير الشعب الفلسطيني، وتكريس ضمان حقوقه التاريخية غير القابلة للتغيير والتعديل والإلغاء بفعل الاحتلال، والتأكيد على ان هذه الحقوق لا تسقط بالتقادم.
خامساً- فضح سياسة خلط الأوراق التي يتبعها الكيان الصهيوني حيال مسألة الأرهاب، وفضح هذه السياسة التي يمارسها علانية وعلى نطاق واسع النظام الإيراني الفارسي في العراق وسوريا على وجه التحديد والمنطقة بشكل عام.
سادساً- وتقع سياسة خلط الأوراق في قلب سياسة خلط الدين الأسلامي الحنيف بالارهاب.. لأن الدين الأسلامي الحنيف هو دين السلام ودين الرحمة ودين العدل ودين الأنصاف ودين المساواة ودين الحق.. فلا مجال للتطرف في اركانه ولا حصة للعنف في نصوصه ولا مكان للعدوان في اهدافه.. فهو دين سماوي ليس من صنع البشر.. وحاشا لله ان يدعو للعنف والعدوان، إنما جاء رحمة للعالمين.. السياسة التي تستخدم الدين والمذهب هي سياسة خائبة وفاضحة ومكشوفة.. ونصوص القرآن الكريم واحكامه واضحة وضوح الشمس ولا احد يستطيع ان يغطيها بغربال.. فالدين الأسلامي الحنيف هو خاتم الديانات ويقوم على مقومات السلام والعدل.. ولا اشكالية فيه ولا عيب ولا خلل يتطلب التصحيح على اساس الحداثة والتحديث.. فهو ليس منهجاً دنيوياً تتطلب مراحل الزمن تغيير ما لا يتناسب مع المعاصرة، حتى يخضع للتنقيح والتعديل.. انما احكامه تشكل روح دساتير العالم التي تسترشد بكنه نصوصه التي وجهها الله عز وجل الى العالمين.. الإ ان الخلل في الأنسان ونوازعه وفي ما إذا كان حكيماً أم متهوراً، راشداً أم قاصراً قوياً أم ضعيفاً مدركاً أم جاهلاً لفحوى تطبيق روح العدل وروح الأنصاف وروح التسامح وروح السلام وروح الحق والثبات على الحق والدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية واهدافهما النبيلة.
أما الذين يركبون موجات الدين والمذاهب من الأفراد والجماعات والدول ويوظفونها في خدمة اجنداتهم وسياساتهم ويلعبون على الدين والمذهب ويعتلون تلك الموجات، فلن يحصدوا شيئاً سوى الخيبة والعزلة.. وملامح خيبة الطغمة الحاكمة في طهران والطغمة الحاكمة في تل أبيب باتت واضحة ولا مجال لهما في تأجيل عزلتهما الأقليمية والدولية.. أما امريكا فقد خسرت كل شيء وباتت لا قيمة اخلاقية لها بعد ان سقطت اوراق التوت عنها، ولم يعد هناك ما يسترها امام شعوب العالم.
مارثون باريس يعالج المرض العضال بالأسبرين.. واشكالية الأرهاب تستمر ما دام هنالك احتلال وغزو للشعوب.. وما دام هنالك إذلال وإهانه للشعوب.. وما دام هنالك نهب لثروات الشعوب.. وما دام هنالك تهميش وإقصاء للناس والمواطنين في بلدانهم جراء سياسات النخب الحاكمة وسياسات القمع وانعدام العدالة وسياسات التمييز على اساس المذهبية والعرقية!!
12/1/2015
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 14 يناير 2015
د. أبا الحكم : هل أن الغرب لا يعرف فعلاً.. اسباب الأرهاب؟!؛
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق