بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
خطر المد الصفوي وحقيقته في موريتانيا
|
شبكة البصرة
|
باباه ولد التراد
|
عندما كتبت في مقال سابق أن بلادنا تنهل من معين واحد، وتسلك معا نفس السبل، التي هي: "عقد الأشعرى وفقه مالك وطريقة الجنيد "، إثرذلك تلقيت العديد من الإتصالات التي تنوه إلى أن موريتانيا أصبحت توجد فيها جماعة "شيعية صفوية"لها زعيمهاالمحلي، وصلاتها قوية بالدول المغذية لهذا الإتجاه، وبما أن هذه القضية تتعلق بنسيجنا الإجتماعي، وقناعاتنا المشتركة، وأمننا العقدي والفكري والعضوي، فعلينا أن نتوجس خيفة، ونقف على مدى انتشار هذا الزحف الصفوي الذي يوشك أن يلتهم الحضارات العريقة، في اليمن والعراق والشام، لنعرف حقيقته ومراميه.
- الأطماع الإيرانية في البلاد العربية قبل الإسلام:
هناك حلم قديم يراود الفرس للسيطرة على البلاد العربية، فخلال الحكم "الأخميني "احتل الفرس في زمن ملكهم "قورش" العراق وفلسطين وسوريا، في القرن السادس قبل الميلاد، ثم اتسعت امبراطوريتهم غربا حتى شملت مصر وليبيا في العام 500 ق.م، وامتدت جنوبا حتى خليج عمان والبحر الأحمر.
بعد ذلك ظهرت مملكة الحيرة، التي كانت تقع في مركز جغرافي مهم بين أراضي العراق و الصحراء العربية، لذلكأخضعها الفرس لمشيئتهم، لأنها كانت بمثابة الدرع الواقية أمام غزوات الأعراب المفاجئة، كما كانت نصيرًا ضد الروم.
وقد حكم الحيرة 25 ملكًا من أشهرهم النعمان بن المنذر 580-602م، وكان عهده مميزا بجو من السلام ساد علاقة العراق بالغساسنة. ونتيجة لذلك قتل الفرس الملك النعمان بن المنذر، رفسا باقدام الفيلة، لأنه رفض الانصياع إلى كسرى، وكان لمقتله صدى في أوساط أهل الجزيرة العربية، وأدى إلى تكتلهم ضد الفرس وهزيمتهم لهم في معركة ذي قار زمن البعثة النبوية الشريفة.
كما ألحقت اليمن ببلاد فارس، إثر مساعدة كسرى "أنوشروان" للملك سيف بن ذي يزين ضد الأحباش على أن يدفع للفرس خراجًا في كل عام.
ـ الأطماع الإيرانية في البلاد العربية بعد قيام الدولة الصفوية :
ظهرت الدولة الصفوية في إيران، 1501- 1735م وكان مؤسسها الحقيقي الشاه إسماعيل الأول، من سلالة الشيخ صفي الدين الأردبيلي الذي اشتقت تسمية الدولة من اسمه، وقد ركز الصفويون على العرق الفارسي والمذهب الشيعي، وقبل ذلك كان الإيرانيون يتبعون للمذهب السني حتى فرض الصفويون التشيع الإثني عشري على السكان الإيرانيين، بعد أن ذبحوا علماء السنة الذين قاوموا التشيع في إيران، وبذلك أنهى الصفويون الإسلام السني في دولتهم.
ومنذ ذلك الوقت أصبح الدين الرسمي لإيران هو المذهب الشيعي الإثني عشري، بوصفه مستودع ثقافتها وتقاليدها، ووعيا ذاتيا لقوميتها الفارسية وجسرا لدولتها الحديثة.
إلا أن الأساليب الصفوية لفرض التشيع، والتعامل بوحشية مع أهل السنة أنشأت حدود العداء بين الشيعة الإثني عشرية والسنة على الرغم من أن الخلافات الفقهية موجودة منذ زمن بعيد ومعترف بها من قبل كلا الطرفين. وبذلك أصبح لايوجد من هو أشد بغضا وكراهية لمذاهب أهل السنة وعلمائهم من الشيعة بعد بغضهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي 9 ربيع الأول من كل سنة يحتفل الإيرانيون بمقتل أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بصنع دمية يسمونها عمر ثم يتم لعنها وطعنها ثم إحراقها.
وعندما استولى إسماعيل الأول على بغداد في سنة 1508م، قتلت جيوشه أهل السنة واضطهدتهم، وأجبر الصفويون السكان على التشيع ونبذ المذهب السني، وأعدموا العلماء السنة الذين رفضوا قبول المذهب الشيعي كما دمرت عدة مواقع هامة للسنة بما في ذلك مقبرتي أبو حنيفة، وعبد القادر الجيلاني، واستمرت هذه المعاناة إلى أن تم طرد الصفويين من الأراضي العراقية من طرف السلطان العثماني سليمان القانوني.
وفي العصر الحديث قامت الثورة الإيرانية عام 1979، على غرار أفكار وتطلعات الدولة الصفوية، واتبع القائمون عليها سياسة تصدير الثورة إلى خارج حدود الدولة عن طريق استنهاض الروح الطائفية عند شيعة العراق والبحرين بالإضافة إلى الأقليات الشيعية في باقي دول الخليج واليمن ولبنان وسوريا.
ونتيجة لذلك برزت العديد من التصريحات الرسمية محذرة من المد الإيراني حيث أكد ملك الأردن الراحل حسين بن طلال في خطاب له 1979 "انه على العالم الإسلامي أن لا يتفاءل بهذه الثورة ويعي أنها ليست ثورة إسلامية إنما ثورة فارسية شيعية تقصد إحياء مجد فارس عن طريق نشر التشيع"، كذلك صرح نجله عبدالله الثاني أن إيران تسعى لإقامة هلال شيعي في المنطقة، يبدأ من إيران وينتهي في لبنان، وقال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك إن الشيعة في العالم العربي ولاءهم دائما لإيران.
والحقيقة أن النظام الإيراني بدأ نشاطه بتشكيل خلايا داخل الدول العربية لإحداث البلبلة فيها والاستفادة من البعد الطائفي ما أمكن لتحقيق مراميه السياسية بإحياء أمجاد الدولة الصفوية.
وكانت الحرب العراقية الإيرانية واحدة من أهم نتائج تصدير الثورة والتي اعتبرها العرب تخريبا لبنيتهم الاجتماعية لما في المد الإيراني من بعد طائفي خطير، حيث ظهرت بعض القضايا التي لم تعرفها المجتمعات العربية من قبل كتعبير السني والشيعي.
إلا أن المد الإيراني في تلك الفترة لم يكن على ما هو عليه الآن من القوة، لأن عراق صدام حسين شكل عملياً جدارا قوياً في طريق هذا المد، رغم وقوف بعض القوى التي تشتكي اليوم من الخطر الصفوي، إلى جانب إيران في ذلك الوقت.
ومع ذلك استطاعت إيران أن تصل إلى العمق العربي عن طريق دعم أحزاب شيعية بحته تنادي بسيادة الطائفة الشيعية كحزب الدعوة في العراق، و حزب الله في لبنان الذي استخدمته إيران كرأس حربة في المنطقة وأحدثت بواسطته خللا طائفيا بين المسلمين في لبنان، فقد جاء في البيان التأسيسي لحزب الله عام 1985 " أنه يلتزم بأوامر قيادة حكيمة تتجسد في ولاية الفقيه وفي آية الله الخميني "، ويضيف : ابراهيم أمين أحد قادة الحزب "نحن لانقول إننا جزء من إيران نحن إيران في لبنان".
ورغم أن الشيعة في لبنان لايصلون إلى 30% من عدد السكان، فإن حزب الله بدا وكأنه هو الذي يحكم الدولة اللبنانية، وذلك لأن إيران باشرت بالإنفاق على هذا الحزب منذ العام 1982 ودربته وجهزته عسكريا على طراز الحرس الثوري ليكون ذراعا عسكريا لها على الأراضي اللبنانية، وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ: 6/9/2014 أن المستشار العسكري للمرشد الأعلى رحيم صفوي قال إن "حدود بلاده الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض"، ونسبت أيضا إلي وزير الدفاع الإيراني الحالي قوله "إن حزب الله في لبنان ينفذ الفكر الايراني"، لذلك تعتبر إيران حزب الله جزء من حرسها الثوري، حيث يقول فخر روحاني سفير إيران السابق في لبنان في مقابلة مع صحيفة "إطلاعات" الإيرانية (لبنان يشبه الآن إيران عام 1977 ولو نراقب ونعمل بدقة فإنه سيجيئ إلى أحضاننا وعندما يأتي لبنان إلى أحضان إيران فسوف يتبعه الباقون).
وغير بعيد عن لبنان أوغل حافظ الأسد الذي عمل على فرض نظام حكم يستند على أقلية طائفية بالتعاون المطلق والخفي مع الخميني في ترسيخ خصوصية الطائفة العلوية بحماية فارسية، حيث تم اشهار التحالف الشيعي الإيراني مع نظام آل الأسد على المستوى الشرعي والفقهي مثل ما حدث مؤخرا حين أصدر "علي الكوراني العاملي" وهو من أكبر المراجع الشيعية في إيران فتوى شرعية باعتبار بشار الأسد من "آل البيت" وذلك في كتابه "عصر الظهور" الذي يعرض أن المهدي المنتظر سيظهر بعد استكمال تحقّق 19 علامة، ومن تلك العلامات "العلامة 17" التي تخص سوريا و(بشار الأسد شخصيا الذي سيقاتل عندما تقوم ثورة على نظام حكمه، وقتاله سيكون لحماية الشيعة ضد أحفاد معاوية الذين سيثورون عليه في سوريا)، وأفتى ذلك المرجع الكوراني بقدسية القتال إلى جانب بشار الأسد.
ومن أشد المظاهر وضوحا للمد الإيراني القيام بتشكيل مليشيا موالية لها وخلق زعامات ومرجعيات لتفكيك بنية الدول العربية مثل ما حصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان مع ماهومتوقع في الخليج العربي حيث بدأ صوت الشيعة هناك يعلوا لدرجة الدعوة إلى الانفصال في مناطقهم خصوصاً في البحرين والكويت والمنطقة الشرقية من السعودية.
ولم تكتف إيران بالتحرك على المواقع التقليدية للشيعة داخل الوطن العربي، بل إنها توسعت غربا، ففي مصر يحذر العلماء الآن من الإختراق الشيعي لبلادهم، حيث يدعي محمد الدريني أحد أبرز الشخصيات الشيعية أن عدد الشيعة في مصريبلغ مليون ونصف المليون، وإن كانت المصادر الأخرى لاتزيد عددهم عن عدة آلاف.
وفي فلسطين وجدت إيران طريقها لقلوب الكثير من سكان قطاع غزة عبر العمل الخيري، لتقطع مسافة كبيرة بعد ذلك ويتم الإعلان عن أول جماعة شيعية مسلحة في قطاع غزة، تحمل اسم "حركة الصابرين نصرا لفلسطين" (حصن).
أما في السودان فقد ذكرت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة بتايخ 2/9/2014، (أن السلطات السودانية قررت إغلاق عدد من المراكز الثقافية الإيرانية في البلاد، وإمهال القائمين عليها 72 ساعة لمغادرة البلاد).
ونسبت لصحيفة "سودان تريبيون" (أن القرار يعود إلى حالة قلق وتحذيرات أطلقتها دوائر دينية وإعلامية حيال انتشار الفكر الشيعي وسط الشباب السوداني بعد تكثيف الملحقية الثقافية الإيرانية أنشطتها في الخرطوم).
التغلغل الصفوي في دول المغرب العربي
أما في دول المغرب العربي : فقال رئيس لجنة الأوقاف بالمؤتمر الوطني الليبي محمد الوليد، يوم 13/12/2012 لصفحة أجواء لبلاد الإخبارية إن هناك بعض الدعاة إلى المذهب الشيعي يقومون بشراء أراضي باسم الحوزة الشيعية في ليبيا، مشيرا إلى أنهم يهدفون إلى تأسيس مؤسسات ومراكز للتشيع، وأكد رئيس اللجنة أنه تم بالفعل استقطاب بعض الشباب إلى دول مثل إيران من أجل تعليمهم المذهب الشيعي.
وفي تونس أصدرت يوم 22 /8/ 2012 جمعية "الرابطة التونسية لمناهضة المد الشيعي في تونس" بيانا دعت فيه الحكومة إلى قطع علاقتها الثقافية مع ايران و"الاسراع فورا بغلق المركز الثقافي الايراني الذي يعمل على نشر المذهب الشيعي.
كذلك اتهم مسؤول جبهة الصحوة الحرة الإسلامية، عبد الفتاح زيراوي حمداش،، في مقابلة مع صحيفة البلاد الجزائرية يوم 22/9/2014 وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بالتقصير في محاربة الشيعة والتشيع في الجزائر. وأكد أن السفارة الإيرانية في الجزائر، تضخ أموالا ضخمة لنشر التشيع.
أما في المغرب فيوجد حوالي 8 ألاف شيعي كما أشار التقرير الأميركي، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية سنة 2008 رغم أن الدولة قامت في الآونة الأخيرة بمحاربة أصحاب المد الشيعي، بمجرد أن توترت العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية.
حقيقة التشيع الصفوي في موريتانيا
تقول شبكة "الكفيل" الموالية لإيران الصادرة بتاريخ: 9/3/2014 إن عدد الشيعة في موريتانيا وصل إلى 1,5% أي ما يناهز (50) الفا من تعداد السكان سنة 2011، و(أن انتشار مذهب أهل البيت حالة حتمية سيؤول إليها أمر البشرية لا محالة، وان مسألة تحقيقها أمر بات قريبا، لأسباب كثيرة، من أبرزها الفكر الضخم والاطروحة المفعمة بعلاج المشاكل البشرية المزمنة )، غير أن هذا لايخلو من المبالغة.
والحق أنه من الخطإ اعتبار ظاهرة التشيع الصفوي حالة عابرة ليس لها تأثير على المقومات العقائدية والدينية للمجتمع الموريتاني، فهناك وسائل تستعمل في عملية هذا التغلغل مرتبطة بالجانب المادي وأخرى بالجانب الإغرائي، فضلا عن طرح شبه فكرية وعقائدية تشكك في صحة ما عليه أهل السنة من الحق، ويشكل زواج المتعة المتفشي عند القوم وسيلة أخرى لا تقل خطورة عن سابقاتها في الفتك بالشباب، خصوصا أن الشيعة الصفوية في موريتانيا صلاتها قوية بالدول والمنظمات الراعية لها.
وفي هذا الصدد يقول بكار ولد بكار الموصوف بأنه "زعيم شيعة موريتانيا أن جماعته ملتزمة بتنفيذ أية فتوى تصدرها المرجعية العظمى لشيعة آل البيت بخصوص القتال ضد داعش" حسب ما جاء في القدس العربي الصادرة بتاريخ 24/6/2014 والتي أضافت أن من روافد المد الشيعي في موريتانيا الحوزة الشيعية في السنغال المجاورة التي تدعي أن لها في ذلك البلد 120 مدرسة.
غير أن الحوزة الشيعة الموريتانية التي يقودها بكار الذي صرح بأنه ارتبط بالمرجعية السيستانية أصبحت تحيي ذكرى عاشوراء من كل سنة في موريتانيا بعد أن كان أتباعها يتوجهون إلى السنغال لإحياء ذكرى العاشر من محرم في هذا البلد المجاور الذي يتزعم شيعته محمد عالي الشريف الموريتاني الأصل.
وبما أن هذه القضية أصبحت تشكل خطرا على المجتمع الموريتاني سواء من جهة العقيدة أو السلوك، فقد بدأ العلماء الموريتانيون بالتصدي لها، حيث نظمت جماعة أحباب الرسول (ص) بمسجد إبن عباس ندوة يوم 3/05/2014 تحت عنوان: "المد الشيعي في موريتانيا، وخطره على المذهب المالكي"، وقد ألقيت خلال هذه الندوة عدة محاضرات، دعا فيها إمام الجامع الكبير جميع الموريتانيين للوقوف في وجه المد الصفوي الإيراني، مضيفا بأنه يعرف في فترة الثمانينات عندما كانت الناس تلبس ملابس فاخرة تدعى الخميني، وكانت جهات تقوم بتسويقها كتوطئة لذلك المد الذي اندحر حينها بفضل تمسك الموريتانيين بمذهبهم المالكي.
وأعتبر منسق جماعة أحباب الرسول (ص) يحظيه ولد داهي بأن مظاهر المد الشيعي في موريتانيا تتمثل في الترخيص لجمعية بكار للثقافة،، التي احتفلت السنة الماضية بيوم عاشوراء، و انتسب لها ثلاثة رؤساء أحزاب سياسية، وبعض الإعلاميين وبدأ أتباعها يمارسون أنشطتهم، ويحضرون لشراء قطعة أرض في دار النعيم لبناء حسينية، ومعلوم أن الطائفة الإثنى عشرية، التي لها أتباع في موريتانيا الآن، تختلف مع المسلمين السنة في أوصول العقيدة، فهم يدعون تحريف القرآن، ويلعنون أبا بكر وعمر وعائشة ويكفرونهم.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأحد، 8 مارس 2015
باباه ولد التراد : خطر المد الصفوي وحقيقته في موريتانيا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق