بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
الحقد الفارسي الدفين
|
شبكة البصرة
|
عبد العزيز بوعزي ـ تونس
|
من عادات وأخلاق المسلمين والإنسانية جمعاء إحترام موتاهم وعدم مسهم والتجريح فيهم حتى وإن إختلفوا معهم وذلك لأنهم في الحياة الأخرى ولا يصح إقلاق راحتهم في نومتهم الأبدية، ولكن ما شهدته من أفعال أتى بها الطائفيون والصفويون في العراق المحتل بدءا بالجدل الذي رافق تسليم جثة السيد طارق عزيز ورفض التسليم في البداية وإنزالها من الطائرة ومحاولة إخفائها من قبل بعض المليشيات المؤتمرة بأمر الحاكم وقبل ذلك جرف قبر المفكر ميشيل عفلق وتدمير قبور شهداء البعث وفي مقدمتهم الشهيد المناضل صدام حسين أيقنت مدى الحقد الذي يكنه هؤلاء الرعاع للبعث والعروبة وأن ذلك الحقد المتأصل في النفوس هو موروث عن فترة الشعوبية زمن العباسيين ولعله أبعد من ذلك ويعود إلى فترة الخلافة الراشدة عندما تمكن العرب بقيادة المثنى الشيباني وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والقعقاع التميمي زمن حكم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رض) من الإطاحة بإمبراطورية الفرس وتحرير العراق العربي من هيمنتهم وأصبح العراق بذلك ثغرا من ثغور الدولة العربية ومنطلقا للفتوحات التي أوصلت الإسلام إلى أواسط آسيا وحررت شعوبها من عصور الظلام، لذلك لم ينس الفرس ذلك وبقوا يضمرون الشر والكراهية لكل ما هو عربي وعروبي واتخذوا من الإسلام حتى وان كان مشوها غطاءا لمحاربة الدولة العربية والسعي الى تخريبها. ولكن ما استوقفني هو ذلك السلوك البربري، الوحشي الذي أقدم عليه الصفويون الحاقدون بجرف ونبش قبور من اختلفوا معهم حتى وان كانوا من المسلمين وهو ما لم يفعله المغول والتتار عندما إجتاحوا بلاد المسلمين، بل لعل هؤلاء عندما إعتنقوا الإسلام، حسن إسلامهم وحملوا لواءه ودافعوا عليه ضد الهندوس في بلاد الهند. وقد ذكرتني هذه الأحداث التي لم تحدث في أي بلاد ولا أي شعوب مهما إختلفت دياناتها بفترة دراستي الجامعية في كلية الآداب جامعة بغداد حيث كانت تدرسنا مادة التاريخ العباسي الدكتورة مليحة التي لا أعرف إسمها بالكامل الله يجازيها خيرا كانت في دنيانا أو انتقلت إلى جوار الرفيق الأعلى، وعندما بلغنا فترة الخليفة هارون الرشيد، طلبت منها الكلمة بطرح سؤال فمنحتني الفرصة : فسألت الدكتورة السؤال التالي : لقد كان هارون الرشيد خليفة المسلمين وحاكم العالم ولم يكن يظاهيه في ذلك الوقت سوى الإمبراطور شارلكان في أوروبا حيث كانت الدولة الإسلامية تقتسم العالم مع الإمبراطورية الكارولنجية، وكانت الدولة العباسية من فرط اتساعها ما حدا بالخليفة الرشيد يقول للسحابة أمطري حيثما شئت فخراجك عائد لي، ولكننا لا نجد له أثر في عاصمته بغداد في حين أن الإمام موسى الكاظم كان من عامة الناس ولكننا نجد له مشهدا عظيما يزوره الناس من مريديه حتى أن مدينة كاملة تسمت بالكاظمية تخليدا له في لم يبق للرشيد سوى شارع من بغداد القديمة ولا أخاله قديما قدم بغداد. فردت الدكتورة مليحة حفظها الله، إبني حتى لا نضيع زمن الحصة، راجعني في مكتبي بعد نهايتها وسأجيبك، ولم يدر بخلدي ما كان سيحدث بعد نهاية حصة التاريخ العباسي وربما تخطيت المحظور حيث كنت خالي الذهن من حساسية المسألة التي ستعقب. وبنهاية الحصة ومغادرة الدكتورة وخروجنا للإستراحة قدمت تجاهي ثلاثة من زميلاتي العراقيات وطرحت إحداهن السؤال باللهجة العراقية المحببة لدي : " عيني انت...... ليش تسأل هذا السؤال " وماهو قصدك من ذلك؟ وكانت متشنجة نوعا ما فأجبتها بهدوء، نحن ندرس التاريخ وعلينا أن نعرف كل ما فيه، فردت أنني بطرحي ذلك السؤال أقصد الإستفزاز. فسألتها : " ومن أقصد الاستفزاز " فأجابت :" إنك تريد استفزازنا نحن آل البيت " فأكدت لها أنه لم يدر بخاطري ذلك وأنني خالي الذهن مما يدور بخلدها وأننا لاتعنيني مسألة الفرقة بين المسلمين وإختلاف مذاهبهم بإعتبارنا جميعا نؤمن بالقرآن وسنة الرسول. وأنهت زميلاتي حديثهن معي ولا أعتقد أنهن إقتنعن برأيي حيث أنهت إحداهن الجدل بالقول أن ماندرسه من تاريخ هو تاريخ أهل السنة وأنه إذا رغبت بمعرفة التاريخ الصحيح أن أذهب إلى النجف الأشرف. فلم آخذ موقفها على محمل الجد وتوجهت إلى الدكتورة مليحة التي عذرتها على عدم إجابتها على سؤالي أثناء المحاضرة وذلك حتى لا تثير بقية زملائي من أتباع المذهب الشيعي حيث أن سياسة الدولة العراقية كانت لاتميز بين المذاهب بإعتبار أن البعث حزبا قوميا عروبيا. وشرحت لي الدكتورة سبب عدم وجود أي أثر للخليفة الرشيد وحتى لبقية خلفاء بني العباس وهو أن العلويين الذين إختلفوا مع بني العباس وتعرض بعض أئمتهم أمثال محمد النفس الزكية وموسى الكاظم إلى اضطهاد بعض الخلفاء، كانوا قد توافقوا على جرف وإتلاف أي أثر لبني العباس.هذا ما سمعته من الدكتورة والعهدة عليها. ولكن تيقنت لاحقا لماذا دخل العراق ولمدة ثماني سنوات في حرب طاحنة ضد إيران ولماذا ساعدت ايران على غزو العراق واحتلاله من قبل الأمريكان " الشيطان الأكبر " وذلك للإطاحة بالحكم الوطني في العراق الذي كان طيلة سنوات الحرب الثماني سدا منيعا بوجه الريح الصفراء القادمة من الشرق. ولعل حقيقة ايران وما تمثله قد بانت للجميع، حيث نجدها اليوم خلف كل الفتن والحروب والدماء التي تسيل في العراق وسوريا واليمن والتي زيادة على ما تسببت فيه من تقتيل على الهوية وتشريد ودمار مادي بين أبناء الشعب الواحد ساهمت في خلق التشدد الديني بظهور داعش التي أبتلي بها أهل السنة قبل غيرهم من الطوائف والمذاهب والديانات التي تميز بلاد المشرق العربي وفضلا على ذلك أصبحت المنطقة مهددة بالإنقسام بظهور كيانات تقوم على القومية والمذهب والدين ولا نجد من مستفيد غير الكيان الصهيوني الذي أصبح يعمل على إجبار الشعب الفلسطيني على القبول بدولة "اسرائيل" كدولة يهودية مما سيغلق الباب أمام حق العودة الذي طالما حلم الشعب الفلسطيني بتحقيقه في يوم ما. ولكن مع إحترامي الكبير لأتباع آل البيت من العرب العراقيين والذين عرفت العديد منهم في الوسط الجامعي والذين كانوا يؤمنون بعروبتهم وبإرتباط مصيرالشعب العراقي بمصير أمته العربية ودفاعه عن قضاياها المصيرية وكان العديد منهم من القيادات الطلابية البعثية حيث كان انتسابي إلى البعث عن طريق أحدهم، كما أن أغلب ضحايا الحرب ضد ايران كانوا من أبناء الطائفة الشيعية وكان قتالهم لإيران التي يشتركون معها في المذهب دفاعا عن العراق والحدود الشرقية للأمة العربية فأنا على قناعة أن أكثرهم مغلوب على أمره حيث أصبحت الساحة السياسية بيد الأحزاب ذات النزعة الطائفية التي تربت في حضن ايران وأصبحت تأتمر بأوامر ملاليها في طهران، وأقول للعروبيين منهم أن مصير ومستقبل العراق وشعبه في خطر كبير والأمل كل الأمل في تجاوز أبناء الشعب العراقي للخلافات الطائفية والتفافهم حول برنامج وطني يكنس عملاء ايران والاستعمار ويعيد بناء العراق على مضامين تغلب المصلحة الوطنية على النوازع الطائفية المقيتة.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 17 يونيو 2015
عبد العزيز بوعزي : الحقد الفارسي الدفين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق