الى الشهيد موسى شعيب* رحمه الله... في ذكرى استشهاد مخيم تل الزعتر
الى
الروح السابحة في الملكوت والتي ابت الا ان تسجل افعالها وايمانها بنور
الحقيقه فتوهجت بعد ان اضاءت فينا عتمة النفوس... اليك يا أيها الشهيد
الاكرم منا جميع.. الى الشهيد موسى شعيب* رحمه الله... في ذكرى استشهاد مخيم تل الزعتر
"هيفا ازهرت وانجبت زعترا ومقاتلين"
د. مصطفى توفيق الصباغ
عذرا تموز أسمح لي ان أستل قلمي من غمده المتعب المثقل بالوهن حيث عشش القهر ردها من الزمن.
أسمح لي يا تموز أن اكتب بضعة كلمات هى أقل من القليل في عملاق هو الاكبر من كبير... في انسان ما كانت الدنيا تعني له الا جسرا للعبور الى المجد والعلى الذي لخصه في فعل الشهادة ومضمون الاستشهاد كما قال الخالد القائد "صدام حسين" شهيد الاضحى " الشهداء اكرم منا جميعا".
وانا أتصفح ديوانك متسللا من قصيدة لاخرى استوقفتني قصيدة بعنوان "هيفاء تنتظر الباص على مفرق تل الزعتر" هذه القصيده التي أرجعتني الى فترة من الزمن... زمن الحرب والدماء عندما كنت ارتدي بذلتي الخضراء مدججا بالسلاح في منطقة تسمى"عازور" بين منطقتي "روم وجزين" حيث كان الجيش السوري المدجج بأرقى انواع الصواريخ والراجمات والمدفعيه المصوبة تجاهنا نحن الذين كنا نسمى بالقوى الوطنية والفلسطينيه وفي تلك الفتره التي كان مخيم تل الزعتر محاصرا بمساحته الصغيره ومقاتليه من قبل القوات الانعزاليه وابطال الجيش السوري الذين كانوا يعتقدون انهم على جبهة الجولان... تلك الايام التي كن نتابع الحدث يوميا ولحظة بلحظه تجاوزت الخمسين يوما نسمع فيها عن صمود هنا ومواجهة هناك وصد لهجوم في مكان اخر حتى ارتوت اسماعنا يوما بمقتل قائد القوات الانعزاليه وليم حاوي على يد شبل فلسطيني... نعم الى ان حدثت الهزة التي انبأتنا بسقوط المخيم من قبل قوى الفتح الاكبر وتسلل المقاتلين عبر الاقنية والانفاق خارج المخيم ومن ثم تدمير المخيم الاسطوره... يا لهذا الزمن مخيمات بمساحات اقل من الاحياء تقاوم الحصار لايام طويله ورغم تدميرها تبقى كشاهد على زمن البطوله والرجال وعلى تأمر المتامرين.
الحقيقه اني كنت قد سمعت عن هيفا قبل قرأتها من الديوان وحين كنت اسمعها تنتفض في داخلي معالم الحزن والكبرياء واحاول جاهدا ان أتلمس بصيص نور وابحث في كل الاماكن متلمسا الوصول الى معرفة تلك الهيفا التي اصبحت رمزا راسخا في اذهاننا رغم مرور السنين.
كلما قرات ما كتبت من كلمات عن هيفا ازدت شوقا لمعرفتها وزيارتها واللقاء به.. واقرأ ما كتبت يا ايها المتوج فوق قمة القلب يا ايها الرابض كالنسر على مفترقات الزمن واقف عند كلماتك بتوصيف هيف. بل حتى كلما سمعت احدا ينادي هيفا التفت يمنة ويسرى لعل هذه الهيفا هي التي قصدت يا ابا زياد يا امير المظلومين... لعلي كنت متاثرا بما قرات في ديوانك عن هيفا ودعني اقتبس كلمات مما كتبت عنها أنت عام 1977 في بيروت "هيفا ليست حبيبة وهميه، ليست اسما مستعارا لاحد انهاحقيقة من لحم ودم من عطر وتراب من دموع وضحكات... أجول في هذه الكلمات لاحقق يقيني بان من اسعى اليه حقيقة لا خيار في انكارها تتجسد فيها معالم الحب والعواطف والمشاعر والانسانية بكل رموزها وتفاصيلها وكيف لا حين تلامس توأمتها للتراب والعطر والدموع والضحكات. تزيد بقولك "أهي الطفولة ام الذكريات، اهي القرية ام الوطن، اهي القضية.. اهي الوعد والحلم والفرح الاتي... لكانك أختزلت يا ابا زياد امة بكاملها في هيفاك وصهرتها بادق التفاصيل للحياة في كل شيء طفولة وذكريات... قرية ووطن... قضية ووعد وحلم وفرح.
نعم قد تكون هيفا هي كل شيء هي الهدف الذي نصبو اليه حين نسمع اذان الفجر ونتوضأ ونبدأ بالصلاة... وقد تكون لحظات اخر الليل حين نذهب للنوم والراحة من عناءات الحياة... ولكنها هيفا الحلم المنشود والامل الموعود. وكونها هيفا التي تمتزج فيها كل الصفات الانفه لا بد ان الحقد كبير والحاقدين يملاؤن الارض كالصيادين الذين يسعون الى قتل كل خلية في تفاصيلها ونزف كل قطرة حياة تملاء تجاويفها ولا يهدأ لهم بال الا بقتله... ولكن هل القتل والموت ينهي مسيرة الحياة ويطمس شمس الامل... هم واهمون وهم ابليس بالجنه... هم لا يدرون ان هيفا تنتهي لتبدأ هيفا اخرى واخرى وهكذا لن تنتهي هيف.
رحلت مسافرا الى المكان الذي اتلمس به تحقيق ما حلمت به الى تل الزعتر وحين وصلت الى المكان المحدد توقفت بخيالي لما كان يسمى في يوم ما مخيم تل الزعتر... نعم رحت بذكرياتي عن تلك المرحلة التي كان هناك فيها مخيم ومقاتلين وبيوت من صفيح تنتهك حرماتها كل لحظه واشبالا يصنعون التاريخ محملين بعطر الشهادة ونسائم الثوره... نعم وتذكرت كيف كان هذا المخيم على صغر حجمه وقلة مقاتليه وامكاناته محاصرا من قبل قوات لو وجهت صوب فلسطين لحررتها وتذكرت الزعتر الذي كان ينمو على كتف التلال والازهار الصفراء والبيضاء التي كانت تفترش الوجه الاخضر للارض واذهب في الماضي لاعود ناظرا الى خيمة تاخذ شكل الوطن العربي تقدمت منها واذ بامراءة فاتنة تخلب اللب تلبس ثوبا ياخد شكل فلسطين ومطرزة بالوان الامة العربية وعيناها تتقدان حنانا وتشعان في كل الارجاء... القيت عليها السلام فأومات براسه... عرفتها عن نفسي فابتسمت سألتني الست من كتب مقالة "كان قمرا بعثيا" ومقالة "الموت لا ينهي الرجال" في ذكرى من تحب خجلت من نفسي ثم سألتني ما تتأبط قلت ديوان شعر.. قالت لمن.. قلت لمن تحبين.. الى احد الذين قال فيهم الشهيد صدام حسين "الشهداء أكرم منا جميعا"
وهنا تنهدت وقالت نعم وماذا تقرا قلت قصيدة أهديت اليك جعلتني اسارع الخطى كي اتعرف الى هذه الهيفا التي رسمها موسى شعيب باحرف من نور وطرزها بألوان من الحب والحنان... هيفا أجلستني بين يديها وسألتني ان اقرأ لها ما كتبت يا ابا زياد في هذه القصيده فدمعت عيناي للحظة وبدات في مهابة حضورها أقر... بدات من المقاطع الاولى...
عذرا تموز أسمح لي ان أستل قلمي من غمده المتعب المثقل بالوهن حيث عشش القهر ردها من الزمن.
أسمح لي يا تموز أن اكتب بضعة كلمات هى أقل من القليل في عملاق هو الاكبر من كبير... في انسان ما كانت الدنيا تعني له الا جسرا للعبور الى المجد والعلى الذي لخصه في فعل الشهادة ومضمون الاستشهاد كما قال الخالد القائد "صدام حسين" شهيد الاضحى " الشهداء اكرم منا جميعا".
وانا أتصفح ديوانك متسللا من قصيدة لاخرى استوقفتني قصيدة بعنوان "هيفاء تنتظر الباص على مفرق تل الزعتر" هذه القصيده التي أرجعتني الى فترة من الزمن... زمن الحرب والدماء عندما كنت ارتدي بذلتي الخضراء مدججا بالسلاح في منطقة تسمى"عازور" بين منطقتي "روم وجزين" حيث كان الجيش السوري المدجج بأرقى انواع الصواريخ والراجمات والمدفعيه المصوبة تجاهنا نحن الذين كنا نسمى بالقوى الوطنية والفلسطينيه وفي تلك الفتره التي كان مخيم تل الزعتر محاصرا بمساحته الصغيره ومقاتليه من قبل القوات الانعزاليه وابطال الجيش السوري الذين كانوا يعتقدون انهم على جبهة الجولان... تلك الايام التي كن نتابع الحدث يوميا ولحظة بلحظه تجاوزت الخمسين يوما نسمع فيها عن صمود هنا ومواجهة هناك وصد لهجوم في مكان اخر حتى ارتوت اسماعنا يوما بمقتل قائد القوات الانعزاليه وليم حاوي على يد شبل فلسطيني... نعم الى ان حدثت الهزة التي انبأتنا بسقوط المخيم من قبل قوى الفتح الاكبر وتسلل المقاتلين عبر الاقنية والانفاق خارج المخيم ومن ثم تدمير المخيم الاسطوره... يا لهذا الزمن مخيمات بمساحات اقل من الاحياء تقاوم الحصار لايام طويله ورغم تدميرها تبقى كشاهد على زمن البطوله والرجال وعلى تأمر المتامرين.
الحقيقه اني كنت قد سمعت عن هيفا قبل قرأتها من الديوان وحين كنت اسمعها تنتفض في داخلي معالم الحزن والكبرياء واحاول جاهدا ان أتلمس بصيص نور وابحث في كل الاماكن متلمسا الوصول الى معرفة تلك الهيفا التي اصبحت رمزا راسخا في اذهاننا رغم مرور السنين.
كلما قرات ما كتبت من كلمات عن هيفا ازدت شوقا لمعرفتها وزيارتها واللقاء به.. واقرأ ما كتبت يا ايها المتوج فوق قمة القلب يا ايها الرابض كالنسر على مفترقات الزمن واقف عند كلماتك بتوصيف هيف. بل حتى كلما سمعت احدا ينادي هيفا التفت يمنة ويسرى لعل هذه الهيفا هي التي قصدت يا ابا زياد يا امير المظلومين... لعلي كنت متاثرا بما قرات في ديوانك عن هيفا ودعني اقتبس كلمات مما كتبت عنها أنت عام 1977 في بيروت "هيفا ليست حبيبة وهميه، ليست اسما مستعارا لاحد انهاحقيقة من لحم ودم من عطر وتراب من دموع وضحكات... أجول في هذه الكلمات لاحقق يقيني بان من اسعى اليه حقيقة لا خيار في انكارها تتجسد فيها معالم الحب والعواطف والمشاعر والانسانية بكل رموزها وتفاصيلها وكيف لا حين تلامس توأمتها للتراب والعطر والدموع والضحكات. تزيد بقولك "أهي الطفولة ام الذكريات، اهي القرية ام الوطن، اهي القضية.. اهي الوعد والحلم والفرح الاتي... لكانك أختزلت يا ابا زياد امة بكاملها في هيفاك وصهرتها بادق التفاصيل للحياة في كل شيء طفولة وذكريات... قرية ووطن... قضية ووعد وحلم وفرح.
نعم قد تكون هيفا هي كل شيء هي الهدف الذي نصبو اليه حين نسمع اذان الفجر ونتوضأ ونبدأ بالصلاة... وقد تكون لحظات اخر الليل حين نذهب للنوم والراحة من عناءات الحياة... ولكنها هيفا الحلم المنشود والامل الموعود. وكونها هيفا التي تمتزج فيها كل الصفات الانفه لا بد ان الحقد كبير والحاقدين يملاؤن الارض كالصيادين الذين يسعون الى قتل كل خلية في تفاصيلها ونزف كل قطرة حياة تملاء تجاويفها ولا يهدأ لهم بال الا بقتله... ولكن هل القتل والموت ينهي مسيرة الحياة ويطمس شمس الامل... هم واهمون وهم ابليس بالجنه... هم لا يدرون ان هيفا تنتهي لتبدأ هيفا اخرى واخرى وهكذا لن تنتهي هيف.
رحلت مسافرا الى المكان الذي اتلمس به تحقيق ما حلمت به الى تل الزعتر وحين وصلت الى المكان المحدد توقفت بخيالي لما كان يسمى في يوم ما مخيم تل الزعتر... نعم رحت بذكرياتي عن تلك المرحلة التي كان هناك فيها مخيم ومقاتلين وبيوت من صفيح تنتهك حرماتها كل لحظه واشبالا يصنعون التاريخ محملين بعطر الشهادة ونسائم الثوره... نعم وتذكرت كيف كان هذا المخيم على صغر حجمه وقلة مقاتليه وامكاناته محاصرا من قبل قوات لو وجهت صوب فلسطين لحررتها وتذكرت الزعتر الذي كان ينمو على كتف التلال والازهار الصفراء والبيضاء التي كانت تفترش الوجه الاخضر للارض واذهب في الماضي لاعود ناظرا الى خيمة تاخذ شكل الوطن العربي تقدمت منها واذ بامراءة فاتنة تخلب اللب تلبس ثوبا ياخد شكل فلسطين ومطرزة بالوان الامة العربية وعيناها تتقدان حنانا وتشعان في كل الارجاء... القيت عليها السلام فأومات براسه... عرفتها عن نفسي فابتسمت سألتني الست من كتب مقالة "كان قمرا بعثيا" ومقالة "الموت لا ينهي الرجال" في ذكرى من تحب خجلت من نفسي ثم سألتني ما تتأبط قلت ديوان شعر.. قالت لمن.. قلت لمن تحبين.. الى احد الذين قال فيهم الشهيد صدام حسين "الشهداء أكرم منا جميعا"
وهنا تنهدت وقالت نعم وماذا تقرا قلت قصيدة أهديت اليك جعلتني اسارع الخطى كي اتعرف الى هذه الهيفا التي رسمها موسى شعيب باحرف من نور وطرزها بألوان من الحب والحنان... هيفا أجلستني بين يديها وسألتني ان اقرأ لها ما كتبت يا ابا زياد في هذه القصيده فدمعت عيناي للحظة وبدات في مهابة حضورها أقر... بدات من المقاطع الاولى...
"أسميك في السر
أرسم في الصمت عينيك
عيناك تاريخ كل الدموع
واكتب قلبي رسالة حب
وأكتب وجهك
أكتب قلبي على وجهك ثم امزقه"
أقرأ
وانا اختلس النظر الى وجهها الازلي وارى لؤلؤتان تنسلان من عينيها على
صفحتين من مرمر وازيدها قراءة وأشعر بانفاسها تنبعث لتعيدني الى زمن الحب
والحرب حين أقرأ
"أسميك الحكايات ام العمر
أسميك الازاهير ام العطر
بلا انت الحكايات الازاهير
وانت العمر والعطر
وانت الوجع الصارخ فوق الجسر
يا هيف... أسميك بلادي"
وهنا تتلالات عيناها مرسلة اشعة غير محددة اللون تزخر بالامل والحب وتتحد فيها كل المعاني وتتجمع في اناء الوطن.
أرحل
في القراءة وتتذكر ما مر من عمر ورحلة التأمر على الحلم... على فلسطين...
على الامه حتى على أرحام النساء الولودات للمقاتلين وتقول..
"مرة واحدة ودونما حذر... أجيئك
مغرورقا بالندم... انهمر عليك شوقا حجمه
العمر... شظاياي تتساقط فوق وجهك المهموم
وعلى صدرك المترع بالمواعيد
مرة واحدة، ودونما خجل.. أقول لك
يا حبيبة السنوات الجيميله الراحله"
وهنا في لحظة سورياليه رايتها تمد جناحيها لتفترش الحلم العربي وتضمه الى صدرها دون خوف او وجل حين قرات له...
"يا جرح الامس النازف من حنجرتي
يا وتري الضائع
يا صوتي الهارب من بين الكلمات
الان اسميك
الان اغنيك
الان....
امتشق الذكرى واجيئك
احمل حزني واجيئك
اجمع أشياء راحلة واجيئك
القي بين يديك الذكرى والحزن وكل الاشياء"
ثم انسل بين السطور محاولا ان أختزل الشوق والحب... ان اختزل الالم والغضب وانتفضت حين قرأت عليها
"وعيون الفتيات تمر على القلب
تنقره
والخجل العربي يعرش في القلب
يميت عيون الفتيات واحلام القلب"
الفى صور متداخلة في الرؤيا والحلم حين قرأت
"وزمان الورد يمتد على مرمى التوابيت
وياتي
مترعا بالشوك والبارود
والبارود يأتي
مترعا بالورد
أه يا زمان الورد والبارود
كم تنبض بالحب وبالموت
وكم تولدين من اهداب هيفا"
أتابع
قرأءتي وهيفا تترنم لسماع ما كتبت يا ابا زياد ويشرق وجهها اكثر حين تذكر
يافا الحكايات والدموع والليالي المليئة بالهمس والاضرحة... ويصبح وجهها
ذهبيا بلون سنابل القمح حين تتذكر الطفولة والانسان.
وحين تذكر انك كنت
تعانق خصرها وتجدل شعرها ولحظات الانتظار التي تسجل العلاقة بين الموت
والذكرى.. ولحظة نعم كان موسى يسجل كل لحظه من لحظات الحياة في زمن الموت
ويروي كيف كانت الاحداث والحرب تطحن البشر وتعيث قتلا وذبحا بالابرياء وكيف
ان وجه الحقيقة تم سلخه لالباسها وجها جديدا لا يمت الى الانسانية بصله
وروائح البارود التي تلوث حياتنا وما ادت به من تشرد وتمرد ومن موت ونزف
دماء حتى الرغيف كان معجونا بالدم وكيف كانت تنتهك الحرمات وتقتل البسمات
وتشرد الاطفال وتغتصب الحرائر.
ثم استدركت كيف تبدلت كل المشاهد
وتداخلت واصبح الفرز صعب... نعم اصبح هذا الوطن مع تبدل الادوار غانية على
الموائد تقسم وتباع وتشترى والغربة التي طحنت ابناء الوطن الواحد الممزق في
توحده... وسالتني ماذا كتبت بعد فقلت
"تلك حكاية الوطن الممزق في توحده
الموحد في تمزقه
تمزقت الخرائط فاتحدنا"
واصبحنا
دويلات وجيوش وطوائف ومذاهب ومذاهب المذاهب ونسينا كل شيء حتى الله نسيناه
ومارسنا فحولتنا على بعضنا البعض ونسينا عدونا ونسينا حيفا ويافا والقدس
وكل ذرة من الوطن العربي ولم نعد نتذكر الا ان نصنف انفسنا حسب كل اسم من
اسماءن... وهيفاء بكت يافا حين سمعت ابا زياد يقول
"وهنا اتحد حيفا ويافا"
وهنا
رأيت يد هيفا كقطعة مرمر تتقدم نحوي بكاس لكي اروي عطش السنين التي عشتها
متهالكا ما بين الشعارات الثورية واليافطات القوميه والرفاق الذين لا يهم
لهم الا بنبش القبور بحثا عن جثث... قالت لي هيفا اشرب لعل هذا يداوي جراحك
التي تحمل ولا تقدر ان تعبر عنه... ارتويت من معسول كلامها وتابعت مسيرة
الحلم لك يا أبا زياد وبرؤية تستشرق المستقبل من خلال الماضي والحاضر...
وهنا قالت لي وهي تضمني الى صدرها وانا اشهق من البكاء... الان تتكلمون عن
الربيع العربي وينسب البعض هذا الربيع الى اشخاص محدودين بالاسماء وبالزمن
وتنسون أن الربيع العربي كان مزهرا منذ أن بدات الامة بالانتصار على ذاتها
ورفض ثوب الهزائم التي البست اياه... وسالتني الم يكن موسى شعيب واحدا من
الذين بشروا بالربيع العربي منذ زمن.. الم يقراوا شعره وأفعاله واقواله
ومسيرته النضاليه وكلماته التي كانت تدعو للثورة في كل ان ومن هناك حيث
اختارت الدماء طريقها لكي تشع في حياة الامة من استشهاد ابو زياد وكل شهيد
من الشهداء الذين قاوموا اسرائيل والطغيان العربي... الربيع العربي شلال
يبدأ من حيث تقرأ ولا ينتهي هكذا هي امة العرب.........
أعود واقرأ لها ما كتبت
"كانت هيفا تنتظر الباص على مفرق تل الزعتر
تخفق صدر هواها بالاحلام
ويمتد هواها
من كحلة عينيها
حتى اول جرح في عيني يافا
كانت هيفا تنتظر الباص... ولا تعلم
ان الدرب الفاصل بينهما
اطول من عمر هواها"
وحين اقتربت من نهاية القراءة وفي المقطع الاخير حيث كتبت...
"درب هيفا لولبي
مثل أحزانك يا هيفا
وللزعتر طعم النار
للماء شهيق الدم
والحلم هو الطاعون
هذا زمن القتل على الحلم
وهذا مهر يافا"
رايت
وجهها يورق بنور ينتشر على ارجاء المكان وكانت ترسل اهات وتتذكر وعادت
للحديث عنك وللسؤال وهي تتكلم ومتلهفة دمعت عيناي فنهرتني وقامت تمسح دمعي
وقالت يا بني يا كاتب "الموت لا ينهي الرجال" ورجال امثال موسى شعيب لا
ينتهون... ورغم ذلك كنت احاول التسلل لمعرفة تلك الهيفا فاذا بها تتلمس مني
ما اريد وعرفت عن نفسها وقالت
"انا هيفا العربيه التي لم تبرح مكانها
منذ سنين نشات هنا واموت هنا وأبقى هن... ما هزني حصار ولا جوع ولا اوقفني
جرح ولا نزيف. وقالت لي عنك كلمات متوجة بنور "كان الخيار هو ان يصبح موسى
شهيدا لابقى انا هيفا حية في الذاكرة ويبقى تل الزعتر الرمز في عصر تحاول
الاقزام به ان تتعملق ولكن أبا زياد كان عملاقا وسيبقى على مر الزمن"
ودعتها
بغير وداع تاركا قلبي وأفئدتي وراياتي وأشرعتي امانة في عنقه... ومن
الاجدر منك يا هيفا ان تحفظ الامانة في زمان صارت الامانة فيها رهينة
للخونة والادعياء.
يا ابا زياد هيفا لا زالت تسكن كل قلوبنا الموجعة
والمثقلة بالهموم هموم الوطن والامة وفلسطين ولا زالت تلارتشف من ماء
احداقنا لتحيا أبد.
صيدا بتاريخ 18/07/2012
Dr. Mostafaelsabag@windowslive. com
*(موسى
محمد علي شعيب، من مواليد قرية الشرقية، قضاء النبطية في جنوب لبنان. ولد
عام 1943 من عائلة شيعية عريقة (حكمت منطقة عكار في شمال لبنان حتى عام
1574).
نشأته : بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة الشرقية الرسمية
ثم في مدرسة الدوير الرسمية (وهي البلدة المجاورة لقريته). بعد ذلك انتقل
إلى بيروت مع أخيه لمتابعة دراسته الثانوية في الكلية العاملية.
عام
1963 اضطرته ظروفه المادية إلى التوقف عن متابعة الدراسة، وعمل مدرساً في
مدرسة أنصار الابتدائية – قضاء النبطية. عام 1964 وبعد نجاحه في شهادة
«الموحدة السورية» انتسب إلى الجامعة اللبنانية في بيروت وانتقل ليدرس في
متوسطة البسطة الرسمية ليكون على مقربة من الجامعة. في عام 1968 نال إيجازة
(شهادة الليسانس) في الأدب العربي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية. وعام
1979 حاز على شهادة الماجستير في الأدب العربي.
وبين عام 1969
وعام 1973 تنقل مدرسا ً بين مدارس الجنوب والبقاع حتى أبعد إلى ثانوية بشري
وذلك بعد إحالته إلى المجلس التأديبي ثم فصل من وظيفته كمدرس وذلك نظراً
لمواقفه الوطنية والقومية الشجاعة ومشاركته في إضرابات المعلمين والعمال
ومزارعي التبغ.
سيرته السياسية: انتسب إلى صفوف حزب البعث العربي
الاشتراكي عام 1963، ثم تدرّج في المراتب الحزبية ليصبح عضو القيادة
القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان وأمين سرّ فرع الجنوب وممثل
الحزب بالمجلس السياسي للحركة الوطنية اللبنانية. وقد كان قبل ذلك بكثير
ناشطاً في مجالات اجتماعية وسياسية شتى كتأييده للقضية الفلسطينية ونضالات
الجماهير العربية. عام 1971 وبعد تعرض مخيم النبطية لغارات وحشية من قبل
العدو الصهيوني، قاد أضخم تظاهرة تنديد بالسلطة وانتهت بدخوله سجن الرمل.
في مطلع عام 1972 عندما أعلن ترشيح نفسه للانتخابات النيابية. وقد نال
منفرداً أكثر من ثلاثة آلاف ومائة صوت رغم رشاوى الإقطاع السياسي والمحاربة
الشديدة التي تعرض لها هو ومؤيدوه من قبل أجهزة السلطة القمعية انذاك. عام
1974 أعيد ترشيحه للانتخابات النيابية الفرعية في قضاء النبطية.
سيرته
الأدبية : بدأ كتابة الشعر صغيراً مع «الزجل» ثم بدأ يبرز كشاعر وهو على
مقاعد الدراسة في الجامعة اللبنانية، حيث احتفظ بالجائزة الأولى للشعر طيلة
سنوات الدراسة. ساهم مع عدد من أدباء الجنوب بتأسيس المنتدى الأدبي
الجنوبي. كان عضواً في اتحاد الكتاب اللبنانيين ولعب دوراً مميزاً في
الحفاظ على وحدتهم النقابية. كما كان عضواً مؤسساً للاتحاد العام للكتاب
والصحفيين الفلسطينيين وكان عضواً في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي.
له
مجموعة شعرية واحدة وهي عبارة عن جميع الأعمال الشعرية التي كتبها خلال
حياته ولكن تم جمعها بعد وفاته. من أهم أعماله قصيدة "هيفاء" وقصيدة "غزل
الكادحين" وقصيدة "أسرج خيولك" وهي القصيدة التي تسببت باستشهاده
استمعوا الى قصيدة أسرج خيولك إن الروم تقترب
http://www. youtube. com/watch?v=0jxL7_VnTIQ
أسرج خيولك إن الروم تقترب
ووجه أمك قتال به العتب
أسرج خيولك كسرى عاد ثانيةً
وشهوة الملك في عينيه تلتهب
وفي الشآم خيول الغزو جامحة
تدوس قبلتك الأولى وتغتصب
أسرج خيولك فالصحراء ظامئة
لوابل من شفار السيف ينسكب
أعد بسيفك للصحراء وثبتها
وهز بالنخل كي يساقط الرطب
***
آت وفي رئتي بيروت راعفة
كسيرة الطرف تغشى وجهها السحب
أتيت أسأل يا بغداد عن حلمي
عن أمة لزمان الفتح تنتسب
وعن سيوف وأبطال وألوية
في "القادسية" ما تنفك تنتصب
وعن حبيب وعن طفل وعن قمر
وعن أب في يديه الخبز واللعب
أتيت أبحث عن أهلي تخطفهم
ليل الطواحين في لبنان فاغتربوا
هنا أراهم على الشطآن أعينهم
تضيء، تزهر أعراساً وتصطخب
هنا استفاقوا، هنا اخضرت جراحهم
عروس حلم بماء القلب تختضب
هنا، وتموز وضاء أرى زمني
من سيوف يقبل من أهلي، ومن ذهبوا
هنا، وتموز مختال أرى وطني
نشوان، لا دمعة حرى ولا رهب
أرى فلسطين عذراء تسيجها
أيدي الرجال، وتُلوى دونها النوَب
أرى الكنانة يجلو حزن مقلتها
دم الشهادة من سيناء ينسرب
تموز يا شهقة الماضين، يا فرح الآتين
يا قدراً بالنار يُكتتب
أطلق عواصفك الكبرى مدوية
فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
لا يبلغ المجد شعب في مرابعه
يستأسد الذئب أو يسترئس الذنب
***
حبيبتي يا بلاد العرب أعشقه
ثراك، ما همني برءٌ ولا وصب
حبيبتي أنت، في بغداد ضاحكة
للعيد، أم في لظى بيروت تنتحب
حبيبتي أنت، في بدو وفي حضر
سيان عند المحب القصر والطنب
النيل يبكي، ودمع النيل في بردى
يسيل، والرافدان الجفن والهدب
***
بغداد هذي جراحي وأغنيتي
وقد تعانق فيها الورد واللهب
جرح العروبة يا بغداد وحّدَنا
كما توحّد في أعراقنا النسب
فوق الذرى الشم نحيا، أو تطيح بنا
سنابك الخيل، ما في أمرنا عجب
كذا يعلمنا البعث الصدام، وما
في شرعة البعث يوم الملتقى هرب
لن يهنأ السيف في غمدٍ وقد شمخت
سواعد لعراق البعث تنتسب
فلتهزج الغيد، خيال الخطوب أتى
تحف مهرته العبسية الشهب
ولتنهض البيد هذا بعث أمتنا
وآية الله قد خصت بها العرب
استشهاده:
استشهد في بيروت صباح الاثنين الواقع في 28 تموز عام 1980 بعد رفضه
للطائفية وتمسكه بأيديولوجيته ومبادئه الوطنية والقومية ووقوفه إلى جانب
العراق في حربه ضد إيران...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق