بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
أْمّةً انجبت صدام لن تضام
|
شبكة البصرة
|
بقلم عبد الواحد الجصاني
|
قدم صدام حسين لأمّته وللإنسانية ما لم يقدمه قائد سياسي وطني معاصر. كل القادة الوطنيين في عالمنا المعاصر تصدوا للإستعمار وعملاء الإستعمار وحققوا عليهم إنتصارات سياسية أو إقتصادية أو عسكرية، لكنهم جميعا كانوا يراعون، بدرجة أو بأخرى، ما تسمى في السياسة الدولية المعاصرة ب (قواعد اللعبة) والتي تعني، فيما تعني، التصرف على أساس موازنة القوة القائمة، أمّا صدام حسين، فقد كان من طراز فريد، كان يضع المباديء وحقوق الأمة فوق موازنة القوة، وكان ينطلق من صورة الأمة كما يجب أن تكون وليس كما هي عليه من هوان زائل، ويرى في تحدّي قوى البغي والعدوان، مهما بلغ جبروتها، مخاضا، على عسره، سيطلق طاقات الأمة الكامنة ويعيد لها موقع الريادة ويهزم البغاة.
ولعل هذه الحقيقة تفسّر لماذا أقضّ صدام حسين مضاجع الغرب الصهيوني، خاصّة بعد أن فشلت جميع محاولات الغرب، باستخدام وسائل الترغيب أوالترهيب، لإلزام صدام حسين بقواعد لعبتهم، ولذا قرروا تصفيته مهما كان الثمن، وتخلوا عن الحد الأدنى من (الموضوعيّه) و(البراغماتيّه) و(العقلانيّة) التي يدّعون أنها جوهر عقيدتهم الليبرالية، وأصبحوا كقوم نوح (جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا)، بل وهدموا (نظام القطب الواحد الدولي) بايديهم، وتمادوا في (شيطنة) صدام حسين الى حدّ جعلهم أضحوكة العالم.
وأعرض في السطور أدناه توثيقا لإحدى هذه المحاولات التي جرت عام 1995 والتي عمدت فيها الولايات المتحدة والصهيونية العالمية إلى إستغلال حالة الحصار الشامل المفروض على شعب العراق لإستدراج العراق وصدام حسين للإعتراف بالكيان الصهيوني، وقصتها كما يأتي:
أولا : في فجريوم 13/3/1995 القت دوريات السواحل العراقية القبض علي خبيرين امريكيين هما داليبرتي وبارلو اللذان دخلا العراق بصورة غير مشروعة من الكويت في منطقة أم قصر. وقد اثار تسللهما إلى العراق شكوكا في نواياهما خاصة وأن الحدود الكويتية العراقية كانت مقفلة وهناك منطقة منزوعة السلاح بين البلدين تحرسها قوات الأمم المتحدة (اليونيكوم) وأن دولتهما (أمريكا) تمارس العدوان اليومي على العراق، كما أنهما لم يكونا سائحين ضلّا الطريق بل خبيرين يعملان في شركة أمريكية للإتصالات الفضائية متعاقدة مع وزارة الدفاع الأمريكية.
ثانيا : وبتاريخ 25/3/1995 حوكم الإثنان في محكمة جنايات الكرادة في بغداد وبحضور رئيس قسم شعبة رعاية المصالح الأمريكية في بغداد وحكم عليهما بالسجن ثماني سنوات وفق المادة 24/1 من قانون الإقامة، واودعا في سجن ابو غريب وسمح لعائلتيهما ولرئيس شعبة رعاية المصالح الأمريكية في بغداد بزيارتهما بشكل دوري، وأيضا زارهما مراسل شبكة الأخبار CNN. وتأكد الجميع من أنهما يتمتعان بحقوق السجين كافة وينالان رعاية طبية كاملة.
ثالثا : حاولت الإدارة الأمريكية، والرئيس كلنتون شخصيا، إستخدام موضوعهما ذريعة للإتصال بالعراق والتعرف على مواقف قيادته بعد خمس سنوات من الحصار الشامل والعدوان اليومي، وأرسل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون صديقه المقرّب عضو الكونغرس الأمريكي بيل ريتشاردسون للقاء مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة المرحوم السفير نزار حمدون. وتقدم ريتشاردسون بمقترح لتطبيع العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق على اساس التنفيذ النزيه لقرارات مجلس الأمن والسعي التدريجي لرفع العقوبات مقابل الإفراج عن السجينين الأمريكيين. وبعد اسابيع من التفاوض بين حمدون وريتشاردسون خلال سبعة لقاءات جرت بينهما في دار سكن السفير حمدون في نيويورك حصلت موافقة القيادة العراقية على ان يزور السيد ريتشاردسون بغداد للإستماع لما يقول.
رابعا : زار بيل ريتشاردسون بغداد والتقى بالرئيس صدام حسين يوم 16/7/1995، ورجا إطلاق سراح السجينين الأمريكيين وتعهد بإسم الرئيس كلنتون أن ترد الولايات المتحدة الجميل للعراق من خلال تحسين العلاقات الثنائية والعمل على التنفيذ النزيه لقرارات مجلس الأمن مقابل تخفيف العقوبات عن العراق تمهيدا لرفعها كليا، وإصدر الرئيس صدام حسين عفوا رئاسيا عنهما. وكان الرئيس صدام حسين غير مقتنع بوعود وكلنتون وريتشاردسون، لكنه وافق على إستخدام صلاحياته الدستورية في إطلاق سراح المسجونين الأمريكيين لإسباب إنسانية، ولكي لا يبدو العراق كمن يغلق الباب امام فرصة تخفيف أو رفع العقوبات، واخذ ريتشاردسون السجينين معه بطائرته الخاصة.
خامسا : وإنتظر السفير نزار حمدون رد الجميل الأمريكي، وفي 3/8/1995 جاء ريتشاردسون الى السفير حمدون بورقة غير رسمية وضعت فيها أمريكا مطالبها لتحسين العلاقة مع العراق
الورقة الأمريكية، أدناه صورتها : |
وإدناه ترجمتها:
3 آب/ أغسطس 1995
حل المسائل المعلقة في ملف نزع السلاح والمتعلقة ببرامج العراق السابقة في مجال أسلحة التدمير الشامل، بضمن ذلك تلك المتلعقة بالأسلحة البايولوجية.
التعاون التام مع اللجنة الخاصة ( اونسكوم) بشأن البرامج السابقة وبشأن المراقبة المستمرة.
تقديم جرد كامل عن المواطنين الكويتيين الذين إختفوا خلال إحتلال العراق للكويت.
عودة الممتلكات العسكرية الكويتية وبقية الممتلكات التي استولي عليها خلال احتلال العراق للكويت.
انهاء الحصار الإقتصادي لشمالي العراق.
إعادة الكهرباء لشمالي العراق.
وقف الهجوم على القرى الشيعية جنوب العراق.
مبادرة حسن نية خارج قرارات الأمم المتحدة
إظهار النوايا السلمية من خلال دعم عملية مدريد للسلام وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
سادسا : وما ان قرأ السفير نزار حمدون الورقة حتى أحسّ انه بلع الطعم وأنه إستدرج الى موقف محرج أمام قيادته، فالورقة فيها نوعين من المطالب، الأولى تتعلق بقرارات مجلس الأمن وهي أصلا منفذة أو في طريقها للتنفيذ لكنها وضعت في الواجهة لتسهيل إمرار الشرط الأساسي وهو طلب إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وأرسل السفير حمدون الورقة الى بغداد، ولم يتأخر جواب صدام حسين في رفض الورقة والطلب من نزار حمدون وقف كل أشكال الإتصالات مع ريتشاردسون. وذهل الأمريكان من رد صدام حسين السريع والحاسم.
ولعلي اذكر للتاريخ أن السفير نزار حمدون، ولآخر ايام حياته، كان يشعر بالغصة والمرارة لإنه وثق بوعود ريتشاردسون.
واليوم ونحن نستقبل في الذكرى الثامنة لإستشهاده، تحول صدام حسين إلى رمز للشموخ والإباء والتضحية وأصبح إسمه محفورا في قلوب العرب وكل شرفاء العالم، بينما يحصد الغرب الصهيوني الذل والخسران. إنه درس لشعوب الارض جميعا، لا تساوموا على حقوقكم، كونوا كصدام، أهينوا لئام الأرض تكرموا، واجعلوا جذوة صدام متقدة في نفوسكم.
والله المستعان
بغداد 20/12/2014
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
السبت، 20 ديسمبر 2014
د. عبد الواحد الجصاني:أْمّةً انجبت صدام لن تضام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق