بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
ما الذي يجري في العراق ولماذا؟
|
صلاح المختار |
اذا غضب الله على النملة انبت لها جناحان
مثل عربي
تتواتر المعلومات والشهادات الدامغة التي تثبت بلا ادنى شك بان اسرائيل الشرقية توسع من نطاق عمليات التطهير العرقي العنصري للعرب في العراق المبرقع بغطاء طائفي زائف، خصوصا في منطقة (خط الحياة) الذي يحدد من يمسك بعنصر المبادرة الستراتيجية في العراق، لذلك فمن الضروري جدا توضيح هذه المسألة البالغة الخطورة الان بعد ان كنا نتجنب التطرق لبعض مكوناتها لاعتقادنا بان اثارتها بكافة جوانبها ربما تنبه العدو الفارسي وغيره الى عناصر قوة لم ينتبهوا اليها.
ما هو محور القتال الدائر الان؟ ولماذا يتركز في مناطق ديالى ومقتربات بغداد الستراتيجية او حزام بغداد والانبار اكثر مما يتركز في قلب صلاح الدين ونينوى؟
1- خط الحياة وكما وضحناه في اكثر من مقال ومنها (هل تدعم امريكا مشروع الامبراطورية الفارسية؟ المنشور في شبكات عديدة منها البصرة وذي قار يوم 23-5-2014) هو اقرب نقطتين تصلان منطقة في المنذرية في الحدود العراقية مع اسرائيل الشرقية بمداخل العراق الى سوريا واغلبها واهمها واقع في الانبار، هذا الخط هو المقرر الاساس للمشروع الامبراطوري القومي الفارسي لانه يوفر لاسرائيل الشرقية طريقا ستراتيجيا مفتوحا وقصيرا من طهران الى بيروت بلا عوائق، وتأسيس هذا الخط هو الشرط المسبق لنجاح الخطوة الاولى لفارس في بناء امبراطوريتها لان السيطرة على منطقة الهلال الخصيب هذه هو المرحلة الاولى التي يتم فيها تأسيس قاعدة الانطلاق الاقليمية لاسرائيل الشرقية والتي تسخر بمواردها البشرية والاقتصادية وبموقعها الجغرافي لتحقيق توسع جغرافي متدرج في كافة الاقطار العربية مشرقا ومغربا.
وبالاضافة لجعل هذه المنطقة قاعدة انطلاق وارتكاز فانها تحول لتكون منطقة عزل ((buffer zone لاسرائيل الشرقية عن كافة الاطراف التي قد تفكر بمهاجمتها وتحصر الصراع في محيطها الاقليمي دون وصوله الى الاراضي التابعة لاسرائيل الشرقية. هل يذكركم هذا التخطيط بشيء مهم جدا؟ طبعا وبدون ادنى شك ان اسرائيل الشرقية تتبع خطى اسرائيل الغربية حتى في مجال التوسع الاستعماري فاحدي قواعد الانطلاق الصهيونية الاساسية كانت انشاء كيان عربي عازل بين اسرائيل الغربية والعراق القوي الذي كان وعبر الاف السنين الهاجس الصهيوني الاول، يتشكل اما من دويلة فلسطينية قزمة ومقزمة منزوعة السلاح في الضفة الغربية او مشروع شارون اي الوطن البديل وجعل هذا الكيان المسخ سدا قويا امام العراق يمنعه من الحصول على حدود مباشرة مع اسرائيل الغربية وتلك من بين اهم الاهداف الستراتيجية الصهيونية.
2- ولكي تستطيع اسرائيل الشرقية تحقيق المرحلة الاولى من خطط توسعها الاستعماري لابد من السيطرة على العراق، لان نجاحها في تأسيس موطئ قدم قوي في سوريا في عهد حافظ اسد ثم تحويله الى منطقة احتلال فارسي في عهد بشار مجرد خطوة اساسية لكنها ليست الخطوة الاساسية، فالعراق هو الخطوة الاساسية في التوسع الفارسي في الوطن العربي بحكم قدراته البشرية وموارده وموقعه المحاذي لاسرائيل الشرقية والذي يعد البوابة التي بغلقها تحاصر اسرائيل الشرقية وتخنق ستراتيجيا وبفتحها تتدفق اسرائيل الشرقية بقواتها وبشرها لاحتلال الاقطار العربية عبر العراق وبواسطة قدراته.
بدون احتلال العراق فان احتلال سوريا ولبنان والاردن وبعض فلسطين يصبح مغامرة محفوفة بمخاطر انهيار كافة مكاسب اسرائيل الشرقية لان وجود عراق مستقل وقوي وبنظام ملتزم بقضايا الامة العربية هو الوحيد القادر على منع اقامة الهلال الفارسي الممتد من طهران الى بيروت عبر تقطيع اوصال هذا الهلال وتحويله الى مقتل كامل الشروط لاسرائيل الشرقية. والسيطرة على العراق لا تضمن اكمال السيطرة على سوريا ولبنان والاردن وبعض فلسطين وتثبيتها فقط بل هو الشرط الاساس لبناء قوة عسكرية وبشرية من عراقيين تستطيع احتواء دول الخليج العربي تمهيدا لغزوها بسهولة. وهذه الحقيقة هي التي عبر عنها اكثر من مسؤول فارسي مؤخرا هو علي لاريجاني رئيس البرلمان بقوله ان نجاح المقاومة العراقية في تحرير العراق سوف يجعل اسرائيل الشرقية تقاتل في محافظاتها الداخلية! اليس هذا هو نفس المنطق الرسمي اسرائيل الغربية؟
3- تحولت الانتفاضة السلمية الى ثورة مسلحة ضد الاحتلال الفارسي للعراق بعد مجزرة الحويجة بمبادرة جيش رجال النقشبندية للرد الحاسم عسكريا على المجزرة بتدمير قوات سوات وتحرير الكثير من المناطق في شمال العراق وبدأ حرب تحرير العراق في مرحلتها الجديدة، وهو ما اعترف به الفريق مهدي الغراوي قائد القوات الصفوية في نينوى علنا في مقابلة تلفزيونية بتأكيده بان معارك الموصل بدأت في تموز من عام 2013 وليس في صيف عام 2014 واستمرت حتى صيف عام 2014 الذي تحررت به نينوى كليا وان جيش النقشبندية كان هو القوة الرئيسة التي قاتلت وتقدمت.
انتبهت امريكا قبل اسرائيل الشرقية الى خطورة ما يحدث وتيقنت ان هزيمة حكومة الصفويين في بغداد سوف تكون الضربة الموجعة الثانية لامريكا في العراق بعد هزيمتها امام المقاومة العراقية واجبارها على سحب قواتها في عام 2011 وتغيير ستراتيجيتها في العراق،فتقدم النقشبندية وبقية الفصائل المتحالفة معه وبدعم شعبي هائل واكتساحها للقوات الصفوية في مناطق نينوى وصلاح الدين كان انذارا بالغ الخطورة لامريكا واسرائيل الشرقية بانه ما لم يتحركا سوية وبتنسيق شامل بينهما فان العراق سوف يوضع بقوة على مسار التحرير الكامل والشامل من الغزوين الامريكي والفارسي.
4- كانت اهم خطوات امريكا واسرائيل الشرقية للرد على تقدم وتوسع الثورة المسلحة هي عملية اشغال المقاومة العراقية بمشاكل داخل صفوفها ومنع توحد فصائلها ومحاولة تحويل طبيعة الصراع جذريا وتبديد قوى وامكانيات الثورة العراقية المسلحة في اهداف جانبية تخرج عن النطاق الستراتيجي لمعارك التحرير الحقيقية، من جهة، والعمل بقوة لضمان منع المقاومة العراقية من السيطرة الكاملة على خط الحياة من جهة ثانية.
5- بعد الانهيار الشامل لجيش الميليشيات الصفوية في نينوى وصلاح الدين وتعاظم المناطق المحررة في الانبار وديالى ووصول طلائع الثوار الى مداخل بغداد (المشاهدة والضلوعية وعرب جبور وجرف الصخر والمحمودية واليوسفية وابو غريب وغيرها) وانطلاق معركة تحرير مطار صدام الدولي وبدأ الهروب الكبير للميليشيات من بغداد ذاتها التي شهدت اياما كانت فيها الميليشيات غير موجودة، بعد ذلك كان يجب القيام بخطوات سريعة لمعالجة الوضع قبل تحرير بغداد والذي يعني الانهيار الشامل لكل ترتيبات امريكا واسرائيل الشرقية، وقلب مسار التطور الستراتيجي في المنطقة كلها لصالح حركة التحرر الوطني العربية عامة وليس في العراق فقط.
6- كانت امريكا، وقبل اسرائيل الشرقية، تدرك بان الانهيار المعنوي الشامل في بغداد وهروب رؤوس النظام التابع للاحتلال وتسرب قسم كبير من الميليشيات التابعة لايران نتيجة للرعب الذي اصابها بعد تحرير نينوى وصلاح الدين وتحرير اغلب ديالى ومحاصرة العملاء في الانبار هو الخطر الاكبر المباشر عليهما لذلك كان لابد من ايقاف الانهيار بسرعة عبر تطمين الهاربين او الذين يستعدون للهروب الكبير بان امريكا واسرائيل الشرقية قد دخلتا المعركة بكل ثقلهما ضد الثورة الوطنية المسلحة، فارسل اوباما مئات الضباط المحترفين كمستشارين بينما فتحت اسرائيل الشرقية حدودها مع العراق ودخل قاسم سليماني ومعه اركان فيلق القدس الفارسي الى العراق ليقود مباشرة الحرب ضد الثوار العراقيين معتمدا اولا على قوات فارسية صرفة كبيرة العدد ومتقدمة النوعية من اجل اعادة تأهيل الميليشيات التي انهار القسم الاكبر منها رعبا.
خاضت القوات الايرانية معارك شرسة مع الثوار في ديالى ومحيط بغداد لان هذه المناطق هي السياج الاضيق لحماية بغداد وتركت اسرائيل الشرقية بقية العراق لحين تأسيس مواطئ اقدام لها في محيط بغداد وديالى واعادة السيطرة على مناطق منها. وبعد نجاح القوات الايرانية في تاسيس مواطئ اقدام لها اعيد تأهيل الميليشيات التي انهارت معنويا واخذ قاسم سليماني يزج بها في المعارك مع تعليمات واضحة لها بابادة ابناء المناطق المحررة في ديالى ومحيط بغداد وترحليهم وجلب اعداد كبيرة من الجنوب لاسكانهم في تلك المناطق وتسليحهم وتغيير كافة معالم المناطق سكانيا.
الخطة الفارسية كانت تغيير جذري لسكان محيط بغداد من اجل ضمان السيطرة على منافذ بغداد ومداخلها وعلى خط الحياة ومنع الثورة من خنق اسرائيل الشرقية حتى الموت بالسيطرة على ذلك الخط وفي حالة حصول ذلك فان امريكا ستجرد من اقوى اسلحتها في العراق وهو جيش الفرس والميليشيات المسلحة التابعة لاسرائيل الشرقية.
اذن جوهر الصراع الان وفي الشهور القادمة هو السيطرة على خط الحياة هذا واسرائيل الشرقية ومعها امريكا مستعدتان لترك العراق كله للمقاومة العراقية بشرط ضمان جعل خط الحياة تحت سيطرة اسرائيل الشرقية، فالسيطرة عليه هي الضمانة الاساسية لاخذ زمام المبادرة مرة ثانية واعادة احتلال العراق، اما اذا امسكت المقاومة العراقية بخط الحياة ومنعت امريكا واسرائيل الشرقية من اعادة السيطرة عليه فان حرب تحرير العراق ستتحول الى حرب تحرير الامة العربية كلها واعادة تشكيل الوضع العربي من المحيط الى الخليج العربي ودفن النفوذ الامريكي نهائيا وغلق المنفذ الوحيد للتسرب الفارسي الى الوطن العربي والعالم.
ومن يريد فهم الاسباب الحقيقية لعمليات التهجير العنصرية والطائفية لسكان مناطق خط الحياة ولجوء مخابرات اسرائيل الشرقية وبدعم امريكي كامل الى اقسى انواع التعذيب والابادة الجماعية لسكان المنطقة العرب عليه تذكر ما سبق توضيحه.
كيف ردت المقاومة العراقية على هذا المخطط الجهنمي؟ او كيف يجب ان ترد؟
يتبع....
Almukhtar44@gmail.com
3-1-2015
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأحد، 4 يناير 2015
صلاح المختار : ما الذي يجري في العراق ولماذا؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق