بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
ستبقى فلسطين الرمز الاعظم لقضايا العرب المشتركة
|
شبكة البصرة
|
صلاح المختار
|
لم يعد هناك عالم عربي معاد لإسرائيل
شيمون بيريز
يستغل الكيان الصهيوني وامريكا حالة التشتت العربي والعجز الرسمي عن المواجهة للتسريع بتنفيذ الاهداف الصهيونية ومنها تهويد القدس بالكامل، ولان قضية فلسطين هي الرمز الاصولي والاصلي المستقر والمتجذر في كافة قضايا التحرر الوطني العربية فان ما يجري في فلسطين الان دليل اخر على صواب منطلقات التيار القومي العربي منذ الاربعينيات وهو ان قضية الدفاع عن فلسطين واجب قومي عربي ومقدمة لابد منها للحفاظ على الهوية العربية في الاقطار العربية ومنع التوسع الامبريالي الصهيوني في اطار الهدف الصهيوني الكبير (ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل).
من هنا فان ما جرى ويجري في فلسطين هو الجزء المقوم – اي المصدر – لمشاكلنا الداخلية الرئيسة في الوطن العربي خصوصا في العراق وسوريا ومصر ثلاثي قوة الامة ومصدر قدراتها الكفاحية، وما يجري في فلسطين يفرض علينا تأكيد مسألتين مترابطتين عضويا ولا يمكن الفصل بينهما لانهما في غاية الخطورة والاهمية :
المسألة الاولى ان اي انهاء لكوارث العرب الحالية في العراق وسوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا والبحرين والسودان والاحواز وغيرها رهن بحل القضية الفلسطينية ولكن ليس على اساس التنازل عن الحق الطبيعي والذي لا مساومة عليه وهو ان فلسطين عربية وستبقى عربية. لا مساومة ولا تنازل على شبر من فلسطين وخصوصا عن القدس الواحدة غير القابلة للتقسيم وعن حق العودة بصفته الاساس الاول للشرعية الوطنية الفلطينية.
المسألة الثانية البالغة الخطورة هي ان عزل قضية فلسطين عن باقي قضايا العرب المصيرية امر خطير جدا ويسهل التوسع الامبريالي الصهيوني من خلال قطع الترابط العضوي بين احتلال فلسطين وعمليات الاحتلال المتتابعة لاقطار عربية اخرى من العراق الى ليبيا وفي اطار التهديم المنظم لوحدة الاقطار العربية ومحاولة محو هويتها القومية تماما مثلما حصل لفلسطين.
والعزل ليس فقط ممارسة انظمة عربية تابعة للغرب ومنبطحة للصهيونية، كما فعل السادات واضرابه تحت شعار بلدي اولا وامرار كافة المخططات الصهيونية تحته، بل الاخطر هو عدم اهتمام منظمات فلسطينية سواء المقاتلة او السياسية وكذلك بعض الانتلجنسيا الفلسطينية بصورة جدية بقضايا العرب الاخرى المصيرية وتقزيمها واخضاعها لمعايير تعسفية تنقض اهم مبادئ النضال القومي العربي وهو التربط العضوي بين قضايا العرب المصيرية.
نعم كانت فلسطين القضية الوجودية الوحيدة حتى الثمانينيات ولكن الواقع العربي يشهد تعرض كافة الاقطار العربية لعمليات صهينة بالغة الوضوح، واحيانا اكثر خطورة مما تعرضت وتتعرض له فلسطين، كما نراها في العراق وسوريا وليبيا وبشكل اقل في مصر واليمن وتونس والبحرين ولبنان مثلا، وبذلك فان الشعب العربي خارج فلسطين يواجه حروب وجود ايضا، وفي تطورات جميع الاقطار العربية هناك بذور صهيونية واضحة جدا تؤكد بان ما يجري هو امتداد وتكملة لما حصل في فلسطين.
والصهينة هذه المرة تتم بادوات عربية ودولية واقليمية وليس بقوة الصهاينة المباشرة، فلو بحثنا في اصول كوارث العراق وسوريا وليبيا مثلا لوجدنا ان الكوارث كلها تصب مباشرة في صالح التوسع الامبريالي الصهيوني وازالة العقبات العربية الخطيرة من امامهوهو ما اشار اليه شيمون بيريز وغيره من قادة الصهاينة. فالكيان الصهيوني كان يرتعب من قوة وتماسك الاقطار العربية الرئيسة (العراق ومصر وسوريا) وكانت كل الحسابات الصهيونية والامبريالية الغربية تقوم على اساس االبحث عن وسائل تحجيم (الخطر) العراقي والمصري والسوري، ولكنها الان مرتاحة رسميا وعمليا وتشارك مباشرة احيانا في دعم عمليات التشرذم والانهيارات العربية.
وهذه الحقيقة بالذات تعيدنا للاصل التقليدي والذي يجب عدم التخلي عن مفاعيله وضروراته وهو ان فلسطين لن تبتلع كلها بصورة نهائية الا عندما يحيّد – يدمر خط القتال الاول ويشرذم وهو خط العراق ومصر وسوريا ويوجه المال العربي لخدمة ذلك. ولئن كانت تلك حقيقة معروفة كنا ومازلنا نتمسك بها فان منظمات فلسطينية تخلت عنها لصالح النهج الساداتي : بلدي اولا ولتذهب بقية الاقطار الى الجحيم!
ربما لا توجد منظمة فلسطينية رئيسة حاليا تنظر لكوارث العراق وسوريا وليبيا وغيرها من منظور قومي عربي وليس قطري فلسطيني متطرف - واذا كنت مخطئا فانا على استعداد للاعتذار - فمع الاسف الشديد وقعت هذه المنظمات دون وعي عميق بواحد من اهم المطالب الصهيونية وهو عزل قضية فلسطين عن بقية القضايا العربية الكارثية وليس السياسية، واعتبار دعم فلسطين فقط هو الموقف المطلوب وعدم التردد في اقامة علاقات (ستراتيجية) مع اسرائيل الاخرى : ايران التي تحتل اراض عربية اكبر بكثير من فلسطين وتمارس اساليب ابادة وتفريس اخطر واوسع واكثر خطورة من صهينة اسرائيل الغربية.
ونظرة واحدة عابرة لما يجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن والسودان والخليج العربي من ممارسات اجرامية ايرانية يؤكد تلك الحقيقة المعاشة والتي كانت السبب الرئيس لتهجير اكثر من سبعة ملايين عراقي فشل الاحتلال الامريكي في تهجيرهم فاستخدم الميليشيات التابعة لايران لتحقيق ذلك بواسطة مجازر بشعة اصبحت مجزرة دير ياسين في فلسطين وامثالها بسيطة ومحدودة مقارنة بها. ناهيك عن جرائم ايران في سوريا واعلانها رسميا ان لها مطامع امبريالية في الوطن العربي وما جرى في اليمن من توسع عسكري للحوثيين اخر الادلة الحاسمة على ان ايران اكثر خطورة في هذه المرحلة من اسرائيل، وربما اهم منابع الخطورة هو ان ما تفعله ايران يخدم مباشرة اهم اهداف اسرائيل والصهيونية وهو شرذمة وانهاء مصادر القوة العربية.
نعم هناك اطراف اخرى تشارك في تحقيق هذا الهدف ولكن دور الاطراف العربية كلها انظمة ومنظمات في دعم التوسع الامبريالي الصهيوني لا يتجاوز واحد بالمئة مما تقوم به ايران من عمليات شرذمة وانهاك وتهجير وتغيير للواقع السكاني في العراق وسوريا ودول الخليج العربي. نحن بمواجهة هجمة صهيونية ستراتيجية حقيقة تنفذ بواسطة ايران اساسا ولهذا نرى امريكا تدعم بلا تردد الدور الايراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين وغيرها، كما نرى اسرائيل وبلا تردد ايضا تقف مع ايران في نفس الخط التدميري وتواصل ايران بناء مشروعها النووي ولا يضرب - كما ضربت المفاعل العراقي - رغم التهديدات المتكررة والتي وصلت الى عشرات التهديدات!
ان العرب الذين يدعمون ايران يقومون بدور صهيوني بلا شك لان الصهيونية غير مقتصرة على اليهود ف(صهاينة) الفرس كانوا الحليف الاول والاهم لليهود عبر التاريخ وقبل ظهور اوربا على المسرح الدولي وما تدمير بابل من قبل كورش امبراطور الفرس وما سمي (تحرير يهود الاسر البابلي) الا احد امثلة التاريخ التي تثبت ان بلاد فارس كانت الداعم الاول لليهود ومازالت لان الحاضر نتاج الماضي خصوصا تحت حكم الملالي.
ندعو اي فلسطيني للتدقيق فيما قلناه سيجد ان ايران الملالي اخطر من ايران الشاه، هي العدو الاكثر خطورة في تنفيذ اهم اهداف الصهيونية وهو تدمير الاقطار العربية وتقسيمها وانهاء قدراتها العامة خصوصا القتالية وتحقيق انقلاب جذري نفسيا وبأتجاه الاستسلام للصهيونية، وهذه اهداف صهيونية رئيسة تحقيقها يعفي اسرائيل من ضرورة المواجهة مع العرب.
الحقيقة السابقة تجبرنا الان على تأكيد ان شعار (فلسطين فقط) هو نهج سادتي ولكنه متطرف وهو المقتل في قضية تحرير فلسطين، فحالما يتم عزل فلسطين عن باقي الاقطار العربية بحجة خيانة بعض الحكام والمحكومين فان بقية الكتل القطرية النزعة سوف ترفع رأسها وتهتف (قطري اولا)! وهذا مانراه منذ كامب ديفيد المشؤومة.
والعزل ليس بعدم وجود موقف فلسطيني واضح تجاه القضايا المصيرية العربية بل هو قبل هذا وذاك تدمير الترابط العضوي بين ما جرى لفلسطين في اطار المخطط الصهيوني العام وما يجري لبقية الاقطار العربية خصوصا العراق وسوريا وليبيا وهي تواجه سايكس بيكو الثانية في اطار نفس المخطط السوبرستراتيجي، فحينما يقول فلسطيني ان ايران حليف ستراتيجي ويعلن دعم توجهات ايران بلا تحفظ ويقوم بالدفاع عنها ضد تهديد زائف فانه، اولا وقبل اي شيء، يخون قضية فلسطين لانه يسقط الطبيعة القومية للقضية، وهي طبيعة لم يفرضها عربي ايا كان بل الصهيونية بالذات هي التي فرضتها وقبل اي عربي، عندما اعتبرت ان دولتها تمتد من الفرات الى النيل وهذا جعل العرب الاخرين ضحايا ينتظرون موتهم او تهجيرهم.
الصهيونية اكدت الاهمية الوجودية للرابطة القومية العربية وهي التي اعتبرتها الخطر الاول الذي يجب تحييده وانهاءه، لهذا فان من الغريب جدا ان نرى عربيا فلسطينيا وقياديا يمتدح ايران ويزورها للتضامن معها في وقت غزت فيه العراق وسوريا ولبنان والان اليمن، والان تقوم ايران بارتكاب مجازر تطهير طائفي شامل في العراق وسوريا تخجل منها اشد عناصر التطرف الصهيوني! بالاضافة لتأكد العالم بان التهديدات الموجهة لايران ليست سوى محاولة اعطاءها صورة ايجابية بنظر العرب السذج والخدج.
نؤكد بلا تردد بان اكبر اساءة لقضية فلسطين مواقف اطراف فلسطينية والتي تبدو خيانات انظمة عربية بأزاءها اقل خطورة، فمن الطبيعي ان يخون نظام ما ولكن ليس طبيعيا ان يتخلى فلسطيني عن الرابطة القومية - وهي حزام امانه السوبر ستراتيجي - لصالح رابطة قطرية متطرفة زائفة كما فعل السادات. عندما يرى العربي العادي المهجر منذ اكثرمن 10 سنوات والذي تعرض للتعذيب اكثر من الفلسطيني ان زعماء فلسطينيين يقفون مع ايران مع انها هي السبب الرئيس في نكباتهم الحالية فانه ولحدة كارثته الانسانية وتدني وعيه قد يعيد النظر في دعمه للقضية الفلسطينية، وهنا تكمن اهم مخاطر موقف بعض الفلسطينيين القائمة على عزل فلسطين عن محيطها القومي العربي والذي يبقى ومهما اضعفت الرابطة القومية العربية الامل الحقيقي والوحيد في تحرير فلسطين من النهر الى البحر مهما بدت الحالة غير ملائمة الان.
لنتذكر ان التاريخ يثبت ان حالة ضعف امة ما ليس حالتها النهائية فموازين القوى ومهما استقرت تتعرض لتاثير من يقاوم ويرفض التنازل والاستسلام، الم تروا ان المقاوم العراقي الحق الهزيمة بأمريكا في زمن استكلابها واعلى صعود في القوة والتفوق لها؟ لهذا فمن يؤمن يتحرير فلسطين لا يمكنه ابدا التخلي عن الطبيعة القومية والاصل القومي للقضية الفلسطينية.
واخيرا اسمحوا لي بالتحدث بلغة (الانا) : انا كاتب عراقي تشرف بالحصول على عضوية الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين منذ السبعينيات لان كتاباتي بغالبيتها كانت عن فلسطين وذلك واضح في كتب ومجلات عربية عديدة في مقدمتها (دراسات عربية) اللبنانية التي رأس تحريرها المناضل القومي الفقيد ناجي علوش، لكنني ومنذ فرض خميني الحرب على العراق تحت شعار (تصدير الثورة الاسلامية) اصبحت مقلا في الكتابة عن القضية الفلسطينية وركزت على التهديدات التي يواجهها العراق مباشرة. وهذا التحول طبيعي وحتمي، فلكي اكون قادرا على الدفاع عن فلسطين يجب اولا ان يكون العراق متحررا من الاحتلال. تعرض العراق لكوارث الاحتلال الايراني التدميري اجبرني على فعل ما يجب فعله من قبل اي انسان طبيعي وهو حماية الارض التي يقف عليها كي يستطيع الدفاع عن اراض اخرى تبعد عنه ولو قليلا من وطنه الكبير.
هل ترون النتائج الكارثية للغزو الامبريالي الايراني على قضية فلسطين؟ ان من اهم الدروس المستخلصة من غزو ايران للعراق وسوريا واليمن ولبنان درس ان ايران لا تشكل فقط خطرا مميتا على تلك الاقطار بل هي الخطر الاكبر الان على القضية الفلسطينية لان الاقطار العربية تتعرض لاكثر مما تعرضت له فلسطين وهو التشرذم والتقسيم والاحتلال الاجنبي! من يفعل ذلك؟ سيقول البعض امريكا ونقول نعم امريكا ولكن من هي الجهة التي تنفذ مخططات تدمير وتقسيم وشرذمة وتهجير العرب في العراق بشكل خاص واحتلال الاقطار العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان؟ انها الان ايران وبدعم امريكي صهيوني مباشر وصريح.
ان اهم قواعد البداهة هي اننا كي نحرر فلسطين يجب اولا منع تقسيم واحتلال الاقطار العربية خصوصا خط القتال الاول : العراق ومصر وسوريا فذلك هو الاحتياطي الستراتيجي الحتمي للتحرير، والفلسطيني له مصلحة بان يتحرر العراق ويعود قويا ومستقلا ليحارب ويقاوم الصهيونية بشراسة كما كان في زمن العز العربي. وتحرير فلسطين اذن لن يتم ابدا بدعم ايران فايران التي تحتل اراض عربية وتبيد عربا وتهجرهم بالملايين لا يمكن ان تدعم عربيا اخرا بجدية هذا اولا، وهو ثانيا دعم الرشا لمن تريده ايران ان يخون فلسطين بالتخلي عن العراق وسوريا واليمن ولبنان وعروبة الخليج العربي.
نضالنا القومي اتخذ طبيعته السوبرستراتيجة عندما غزت الصهيونية فلسطين ولن يتحقق النصر الكامل بتحرير العراق وسوريا فقط بل لابد من العودة للاصول : تحرير فلسطين من البحر الى النهر، فمن ينسى الاصول يتخلى عن الفروع والتي تصبح احيانا اكبر من الاصول.
almukhtar44@gmail.com
14-11-2014
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
السبت، 15 نوفمبر 2014
صلاح المختار : ستبقى فلسطين الرمز الاعظم لقضايا العرب المشتركة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق