بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
النهايات الغائبة في المؤتمرات العربية!
|
شبكة البصرة
|
اسماعيل أبو البندورة
|
تنعقد في أكثر من قطر عربي مؤتمرات متنوعة هامة تعني العرب جميعا ويمكن أن تؤسس لوعي قومي جديد وتكون طريقا لحوار جاد مع الشعوب والحضارات الأخرى، الا أنها عندما تصل الى تحديد الخلاصات والاستشرافات، وامكانية تجسيدها في مفردات واقعية يحار الباحثون الى أي جهة عربية يوجهون النداء، وينشأ السؤال على الفور : اذا كنا نحن في حالة أزمة وتأزم ولا رابط معين يربطنا في المرحلة الراهنة، فكيف بنا نتوجه الى الآخرين بالنداءات الحوارية، ونحن لا نعرف العنوان المضبوط الذي يجب أن نوجه اليه النداء.
وهكذا تبقى المؤتمرات ونتائجها وخلاصاتها حبيسة القاعات المغلقة، ولا تخرج الى العلن وحيز التنفيذ، كما أنها لا تحرك ساكنا على الرغم من جدواها وأهميتها، وتضيع من بين أيدينا فرصا بحثية وتحليلية واستشرافية نادرة، كما أنها تغيب على هذا النحو عن أصحاب القرار تماما، ليصبح القرار والأفكار هباءا منثورا لا يقدم ولا يؤخر ولا يتأسس على معرفة حقيقية.
ولكي أدلل على ما أقول أشير الى المؤتمر الهام الذي انعقد في دولة قطر قبل أيام (نهاية تشرين ثاني 2014) بدعوة من منتدى العلاقات العربية والدولية عن العلاقات العربية البلقانية، والذي أعدّ له جيدا وحضره مختصون من معظم دول البلقان وساسة كبار لعبوا دورا هاما في لحظة ما في دول البلقان، وتناولت أبحاثه الهامة كل ما له علاقة بهذه الرابطة التاريخية والسياسية والثقافية بين العرب ودول البلقان كما تضمنت هذه الأبحاث توصيات هامة لاعادة الحديث عن هذه العلاقة وسبل تعميقها والارتقاء بها الى حالة جديدة تتحقق فيها مصالح الأطراف المختلفة فيها، وتكون خطوة جديدة باتجاه الانفتاح على هذه المنطقة والاستفادة من تجاربها الجديدة في التطور والبناء واعادة بناء الدول والهويات، وادخال أبعاد جديدة في التكوينات الحضارية والسياسية لهذه البلاد.
وبعد أن وصل المؤتمر بأبحاثه ومناقشاته الى وعي جديد ومتجدد لهذه العلاقات، وتأسست لدى المشاركين في المؤتمر صورة جديدة عن امكانية وضرورة مواصلة ما انقطع من هذه العلاقات، وعن الآفاق المفتوحة لقيام مصالح وتفاهمات مشتركة بين العرب ودول البلقان، الا أن المؤتمر وقف أمام السؤال المدبّب الذي طرحته في مقدمة المقال عن العنوان الذي يجب أن توجه اليه التوصيات، وعن الجهات المعنية بصياغة الاستراتيجيات الجديدة، واستنهاض التطلعات القومية المكبوتة للشعب العربي، وعن هذا الغياب الدولي الذي تشهده الأمة العربية في عالم يتكون ويتشكل بتصورات وآفاق جديدة.
والخطير في الغياب العربي عن الساحات الدولية المختلفة كما أصبحنا نلاحظ أنه أصبح يستدعي ويستدرج الحضور القوي للكيان الصهيوني والقوى الاقليمية في هذه الدول المتشكلة حديثا والمعنية بالاقتصاد والمصالح أولا قبل الغوص والانشغال والاستغراق في التاريخ، أو جعله عنصرا وحيدا محركا للعلاقات الدولية الجديدة، وتلك من مفارقات ومعطيات المرحلة التاريخية والسياسية الراهنة المتغيرة التي لا تتوقف طويلا امام الماضي وتتجه الى المستقبل بتسارع واضح وكبير.
وعليه فان ما جال في الخاطر ونحن نناقش العلاقات بين العرب ودول البلقان، أن العودة العربية الى الذات وتعريفها أولا هي العنصر الأهم في مخاطبة الآخرين، اذ لا تقدر أمة تقف على أرض رجراجة ومتحركة ومضطربة على استنبات آفاق جديدة في علاقاتها مع الدول الأخرى، ولا أن تخاطب الدول بأفكار جامعة ومشتركة.
عندما انطلقت في بلادنا احتجاجات شعبية واسعة قبل ثلاثة أعوام وأرادت أن تفتتح مرحلة تاريخية جديدة في حياة العرب (وأجهضت لاحقا وولدت نتائج وخيمة)، وقف العالم مشدوها تماما أمام هذه اليقظة العربية الشعبية، وأصبحت طريقة العرب في الانتفاض والاحتجاج نسقا سياسيا ونموذجا ارشاديا للعالم تحتذيه الشعوب في مواجهة الاستلاب والاستبداد.
وعندما جاءت نتائج الاحتجاجات على عكس المأمول منها عدنا الى المربع الأول عربا نستعصي على الثورة وموضوعا للتحليلات السياسية وليس ذاتا تصنع التاريخ، وضاعت منا هذه الفرصة التاريخية – السياسية التي تؤكد حضورنا في العالم.
وأخلص مما تقدم الى أن استنهاض الأمة ونهضتها وبحثها عن حريتها واكتشاف ذاتها الحضارية ونضالها المتواصل، هي ما يمكن أن يقدم الماهيّة التاريخية اللافتة للشعوب الأخرى، وهي ما يمكن أن يخلق الفكر والخطاب العربي الجديد الذي يحاور العالم ويؤسس العلاقات المتكافئة معه.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الجمعة، 28 نوفمبر 2014
اسماعيل أبو البندورة : النهايات الغائبة في المؤتمرات العربية!؛
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق