*إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَوَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون*
صدق الله العظيم
حركة النهضة، و حركة وفاء، و انصار الشريعة، و حزب التحرير، و غيرها من المجموعات و التسميات ان كان قطريا في تونس أو في غيرها من الساحات القطرية العربية التي رفعت لواء المحافظة علي الإسلام و بعثه من جديد كتبت و تكتب و بصيغ متسارعة شهادات وفاياتها و اندثارها الحتمي كهياكل إن كان سياسيا أو بمفهوم العامل الإجتماعي المؤثر في حياة الشعب العربي عامة و التونسي خاصة ؛ اندثار يطول حتي تلك المجموعات التي تعاطت تفاعلا ماديا أو معنويا معها تحت طائلة ما ارتكبته من جرائم و ما يستبطنه توجهها و فعلها المعلن من مشاريع غير أصيلة تخدم مصالح قوي دولية لا تتردد في المجاهرة بمعاداتها للإسلام أو منفذة لمصالح قوي اقليمية و إن كانت اسلامية فلا تخفي عدائيتها للأمة العربية و لكل ما هو عربي خاصة.
أن اندثار الحركات و الأحزاب الإسلامية، أو تلطيفا اتجاهها للإندثار ما كان ليحصل لو لا ذلك التقدم الإعلامي الهائل المفعل و المفتعل والموجه بخبرات و آليات تتجاوز قدرة الأغلبية العربية البسيطة علي استيعاب ما يظخه من أخبار و معلومات إن كان ترتيبا أو فهما لغاياته و ما قاد إليه من تصدر ملغوم للفعل السياسي الميداني رسميا ان كان ماديا أو معنويا بما أنتجه من استفزاز للعقل العربي حد التهديد المباشر له بالإجتثاث، العقل الذي اعاد قراءة الدين قراءة ذاتية معمقة بعيدا عما كان متداول من اسقاط سطحي لرؤي و قراءات من غير الواقع العربي في تطوره ؛ و بذلك سجلت هذه الحركات و الأحزاب و هي تكتب شهادات دفنها عاملا ايجابيا رغم ما صاحب فعلها من مآسي و كوارث آثارها لا يجب أن تقرأ علي أنها رد فعل كما هو سائد و إنما فيما أحدثته من رؤية جديدة و كيف ستتطور و في أي الإتجاهات سيكون فعلها ؛ نعم عامل إيجابي لعدة اعتبارات :
أولا : باحيائها ظاهرة النقاش العلني المفتوح أفقيا و عموديا لدى الخاصة والعامة والبحث المعمق في قيم الإسلام السمحة بما عمق لدي فئات هامة الإرتباط بالموروث الحضاري في صورته التي أبدعت النضج الحضاري للأمة العربية و الإسلامية ؛ القيم التي غطتها تراكمات السوء التي عرفتها عهود الإنحطاط.
ثانيا : بجعلها هذا العقل بصيغتيه إن كان بالنسبة للخاصة من الشعب أو العامة، وبالرغم مما أصابه من أمراض و عاهات العقل الإخباري يستعيد مواصفات العقل التحليلي الفلسفي و ينحاز نهائيا تحت طائلة الصدمة عند العامة و بفعل اعادة القراءة المتزنة للموروث عند الخاصة ليكتشف من أن الإسلام كما يحدده القرآن لايقدم وصفة لشكل الحكومة و من ان المسلمين الأوائل تنبهوا منذ البداية لضرورة ايجاد شكل من أشكال التنظيم السياسي و الأمني و الإقتصادي و الإجتماعي، و من أن خدمتهم لهذه الأغراض الحيوية و الحياتية إقترن ان كان في تصورهم أو في تصريفهم لها بمفهوم بشري مادي متطور و غيرثابت و هو بالضرورة " علمانيا " و ليس إسلاميا مقدس وثابت و من أن مفهومهم للدولة لم يخرج عن دائرة أن الدولة ما هي إلا "بيت حياة ولم تكن ولا ولن تكون بيت عبادة"؛ و هي الحقيقة التي تؤكدها جملة الصراعات - الفتن التي شقت المجتع العربي الإسلامي و أفضت الي بروز الفرق السياسية و الإجتماعية التي لازالت توابعها قائمةالي اليوم. و من أنها كحركات و كأحزاب اليوم لا تعدو أن تكون في أحسن حالاتها سوى صيغة من صيغ اعادة انتاج لهذه الفرق و الفتن - الصراعات بشكل عصري، أي ظاهرة توظيف منحرف للدين في جانبه الروحي و في جانبها الحيوي المادي عامل تقسيم و تشظية للمجتمع العربي ان كان قطريا أو قوميا في تقابل بائن مع مقتضيات العصر في صيغتيه المادية و المعنوية التطورية.
لذلك فإن اللغط الإعلامي القائل بانتصار العلمانيين و انهزام الإسلاميين في شكليهما السياسي لغط يرتقي الي درجة الفعل الإجرامي بحق المجتمع و الشعب يستهدف الدفع الي اذكاء الخوف و التفكير بالتقابل و التسويق لعوامل جديدة بعد فشل جملة العوامل الأخري لغط يتقصد تفويت فرص النهوض علي أبناء الأمة العربية، و يدفع لمزيد من الإحتراب الغير مبرر بين أبناء الشعب الواحد في القطر الواحد بخاصة و بين الأقطار العربية عامة ؛ باعتباره لغط اعلامي يقفز علي فسحة الوقت المعطاة للعلماني للتفكير في واقعه الحياتي بما يحكمه من قيم الإسلام السمحة، وشحذ العقل لاستنباط مداخل مزاوجتها مع روح عصره ؛ و يزيد في المقابل من ظلامية انطوائية لرؤية الإسلامي لواقعه المتطور، ومن أن ادارة هذا الواقع التي هي فعل و تصور بشري غير مقدس في حقيقتها النهائية.
لغط يلحق أذي و يعطل فعل الدولة ك"بيت حياة" لأبناء الشعب كل أبناء الشعب بالتساوي و بما تضمنه قيم الحق الغير قابل للقسمة في الحياة بكرامة باعتبار أن الحق يبقي القيمة المقدسة العليا ان كان روحيا أو ماديا، و من أن التطلع للسعادة في شكلها المادي أو الروحي يبقي مشروعا يحكمه اجماع مشترك بين أبناء الشعب و الأمة العربية بما يستبطنه من بعد انساني قيمي.
إن الحركات و أحزاب الإسلام السياسي أسست لاندثارها او اتجاهها للإندثار؛ تأسيس لا تكمن أسسه في ما أحدثته كمجموعات من كوارث و مآسي ان كانت بشرية أو اقتصادية رغم ثقلها في حيز زمني محدود و محدود جدا، أوتحت تأثير شكل من أشكال رد الفعل الإنتقامي كما يسوق له البعض، و إنما أساسا في تنصيب نفسها القيم المسؤول عن حفظ الذِّكْرالحكيم بقيمه الخالدة وأحلت لنفسها خلافة الله في الأرض رؤية و تسويقا اعلامي و سياسي و تثقيفي قافزة علي قوله تعالي : إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون* في استغفال بائن للعقل العربي و توظيف أعمي و شمولي و بحسابات خاطئة لمحدودية الوعي ظاهريا لدي الأفراد أو لفئات في المجتمع العربي بلغ ببعض منظريها أو قادتها في تونس حد القول " نحن لسنا في حاجة لهؤلاء و إنما حاجتنا بأبنائهم ". لذلك فالتخلي عنها لا يعني أبدا التخلي عن قيمنا الخالدة التي يتظمنها "الذِّكْر الحكيم" الذي تبقي قدسيته راسخة و بعيدة عن مواضع النقاش الساسوي الإشهاري، و إنما القطع كل القطع مع من يحاول أن يوظفه لغايات و حسابات خاصة و ذاتية ويحيط فعله البشري المادي بما يسقطه عليه من هالة قدسية زائفة و مفتعلة
حركات و احزاب و مجموعات الإسلام السياسي وبكل أشكالها و لافتاتها المعلنة في تونس و في الساحة العربية عامة وجودها في هذا المنعطف الهام من تاريخ العرب يبقي :
أولا : درسا قيما بكل ما اكتنفه من رؤي و أفعال علينا كعرب أن نستقيه بصيغة التجربة في كوارثها المرة و نستحضره في النقاش أو عند وضع طرق و آليات استعادة البناء والنهوض.
ثانيا : درسا لا يقل أهمية عن دروس ظاهرة الحركات الدينية و الإجتماعية التي عرفها الواقع العربي في عهوده التاريخية السابقة و علاقتها بتراجع المعرفة أو بتنامي الظلم كحركة القرامطة و العياريين و الحشاشين و غيرها من الحركات التي وظفت القيم في بعدها الإنساني المشترك أو في بعدها المقدس الخاص توظيفا منحرفا مما يستوجب الدراسة المعمقة و العلمية إن كان في أسبابها أو نتائجها المادية بعيدا عن الساسوية أو التوظيف الإعلامي المبتذل.
02/11/2014
d.smiri@hotmail.fr
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق