· القبائل الليبية تحضر لانتفاضة ضد حكام ليبيا الجدد
· الذين يحكمون ليبيا اليوم كلهم بايعوا القذافي في خيمته
بعد صمت طويل، وبعد الحبر الكثير الذي أساله عبر الجرائد، واللغط الإعلامي الأكثر الذي أخذ حيزا كبيرا على الفضائيات العربية والعالمية، يخرج الذراع الأيمن للقائد اللليبي معمر القذافي أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات الليبية المصرية سابقا، عن صمته.. يكشف في حوار حصري للشروق، عن مبادرة الحوار بين "الأشقاء الفرقاء" الليبيين التي أطلقها مؤخرا، تفاصيلها، واين وصل فيها، وكذا موقف الفرقاء منها، كما تناولت الشروق معه مستجدات الوضع في ليبيا، موقفه إزاء وجهة نظر الجزائر وتعاملها مع ما شهدته ليبيا، وكذا احتضانها لعائلة القذافي، كما ينفي في هذه الدردشة التي جمعته بالشروق استيلاءه على أموال القذافي... "لم أهرب من ليبيا"، "لم أخن القذافي"، "التاريخ سينصف القذافي".
كيف ترى ليبيا اليوم؟
الحرب حولت ليبيا كلها وأفريقيا الى دماء، تحولت المنطقة إلى بؤر توتر، أسلحة في كل مكان، قتل، دماء.. أعراض تنتهك، نساء تسجن، الكل متوتر وقلق، لا أحد آمن على مستقبله..
لهذه الأوضاع اقترحت مبادرة للخروج من الأزمة، ماذا تتضمن وأين وصلت فيها؟
دعوت لمداواة الجراح، وهذا لن يتم إلا من خلال حوار يقوده الخيرون من هذا الوطن، بعيدا عن ادعاء الانتصار من طرف أو الشجاعة من طرف آخر، فأمامنا أمرين أو خيارين، إما الحوار أو الانتحار جميعا، مثل ما تفعله حيتان المحيط.. التقيت كثيرا من القبائل ومن الشباب من اجل المبادرة وفيه جهات رفضت، فطرف يرى أن هؤلاء أتى بهم الناتو وآخرون يرون ان الآخرين تابعون للنظام السابق، لكن اذا لم نفتح أمامهم الطريق للحصول على حقوقهم سوف يحصل الصدام.
المجلس الوطني يقلل من حجم المأساة، وأنت تضخمها؟
لأنهم يرون بعين واحدة.. لا اعتقد ان هؤلاء الليبيين الذين خرجوا لتأييد القذافي في الساحات قد تبخروا، مثلهم كمثل الأعور الذي يرى بعين واحدة، انا اتواصل مع الطرفين، واعرف كيف يفكر الطرفان، وكيف يحضرون للانتقام بعد ان خرجوا من تحت الركام، وأعرف ان القبائل التي هضم حقها لغاية الساعة تجهز نفسها لكي تنتفض، فأحياء كبيرة في طرابلس وكثير من المدن تعد العدة، وحتى من خرجوا ضد القذافي فهم غير راضين عن الوضع، وإن كانت الحكومة او المجلس راضية، فهذا لا يعبر عن إرادة الليبيين، ولذلك السؤال هو: كيف سنمضي غدا، هل نستمر في رؤية الشوارع مليئة بالمدافع، لو كنا راضين لكانت لنا حكومة قدسية لها اهدافها، انا لا اقول كلاما من عندي، بل اتحدث عن الموضوع مع الأطراف الأخرى، وعبد الجليل قال ان البلاد ممكن أن تذهب للهاوية، وشلقم يقول انك لا تستطيع الخروج للشارع، كلهم ينتقدون ما يجري، حتى اعضاء المجلس انفسهم، الأمور عندهم ليست على ما يرام، يجب الا نخدع انفسنا، الا إذا اردنا تضليل الناس، يجب ان نقول الحقيقة مهما كانت صعبة، والحل واضح، وكل الليبيين مع الحوار والمصالحة.
هل للمجلس الانتقالي من القدرة ما يكفي لتتجاوز ليبيا محنتها هذه؟
لديه رغبة، لكن ليست لديه القدرة، لأن جذوره ليست ممتدة في الليبيين ومعظمهم جاء من الخارج ولا يعرف ماهية التركيبة الليبية، وبعضهم لا يعرف الديموغرافيا الليبية ولا طبيعة الليبيين، والآخر ينظر بنظرة فوقية للأمور، قد يكونوا ظلموا فيها بشكل او بآخر.
هل تواصلت مع قيادات المجلس؟
نعم، تواصلت معهم، واتصلت بالقبائل والكتائب.
هل فيه استجابة؟
الكل مستجيب، لكن لا أحد يجرؤ على الكلام، حتى لا يتهم كعميل للناتو او عميل للنظام السابق، ولكن اعتقد سوف ندفع بالحق حتى ينتصر.
ألا ترى أن مبادرتك مستحيلة في ظل مطالبة المجلس بتسليمك للقضاء الليبي؟
اذا كان كل من كان في النظام السابق ان يسكت او يسجن، فالأولى بقيادات المجلس ان يصمتوا، لأن معظمهم كانوا ضمن النظام السابق، كل القيادات في الشرق والغرب جاءوا إلى خيمة القذافي، وبايعوه في يناير وفبراير، وهذا موثق، هل كانوا يساقون غصبا عنهم، كلهم مروا عليه حتى مجموعة المحامين الذين انتفضوا في بنغازي.
الشعب الليبي وحده من يقول رأيه في النظام السابق، وحتى في الأشخاص، لا أدافع عنه، وأقول كله حسنات، ولا أريد اظهار عورات قيادات المجلس، فهي واضحة للعيان، وكل ما يقومون به هو تضليل للرأي العام وتصدير للأزمة إلى الخارج، والدليل اذا تكلمت عائشة أقلقتهم، وسمعنا صراخا على أعلى مستوى في ليبيا وهجوما على الجزائر، يخيفهم صوت امرأة مكلومة تدافع عن والدها، هل هذا منطق.
من سيتم تهميشه لن يقبل بتلك السلوكيات التي تحدث الآن، كما أن ذلك ينافي مبدأ الثورة ومنطق حقوق الانسان، وان لم نواجهها سنقع في المحظور، واعرف ان كلامي لا يرق للجميع، وهناك من يشتمني، وهناك من يتهمني بالخيانة والموالاة للقذافي، القذافي اصبح تاريخا وسينصفه التاريخ ويعطيه حقه، لكن ليبيا باقية والمجلس سيخافه حيا أو ميتا، طريقة دفنه جريمة في حد ذاتها، من اخلاق المسلمين ان يسلم لعائلته، سلوك غير أخلاقي، الأمريكان سلموا صدام حسين لأهله، فلم فعلوا هم ذلك؟
حجتهم كانت الخوف من نبش القبر؟
يؤسفني ما سأقول، لكن كنت اتمنى ان اسمعه من غير ليبي، فيه حقائق غير قابلة للجدل، لقد حللنا الحرام، وحرمنا الحلال، اصبحت الخيانة للأسف في ليبيا وجهة نظر، قد يأتي يوم اتكلم فيه عن هذه المواضيع المرة التي رأيناها، حاليا اهم شيء فيه شباب له آمال ومطالب شرعية خرج من اجلها، كان ينبغي ان تحترم، قفزت عليه قوى اخرى لا ادري من اين، فلم نصل لا للمطالب لتحقيق آمال حلموا بها، اصبحنا رهن قوة اخرى تدخلت في بلدنا وساقتنا لما تريد وفق استراتيجية دولية شملت ليبيا.
لم يأتوا من اجلنا، ولم يأت السيد ليفي من اجل حريتنا، بل وضعنا في علبة وعرضنا في كان، لأخذ جائزة مدعيا انه رمز ثورتنا، وانه جاء لإنقاذها، كان خلافهم من اجل شيء مخجل.
لكن هذا لا ينطبق على عائشة القذافي التي دعت من على التراب الجزائري للقتال؟
السيدة عائشة هي خنساء العصر، كانت في جمعيات خيرية وإنسانية، لم تقد قوات، تكلمت لأنها مكلومة، فما الضير.. هل كانوا يريدونها ان تصفق لمقتل والدها، هل هذه هي الشهامة او النخوة والأخلاق التي عرف بها العرب والمسلمون، اين قيمنا واخلاقنا، هذا موقف لا يدل على عدائية الجزائر لثورة ليبيا، وعائلة القائد عائلة محترمة، ونحيي الجزائر والجزائريين على موقفهم النبيل تجاه عائلة الأخ القائد، وهؤلاء خارج النزاع حتى لو اختلفنا نحن الليبيين.
ومن يصف الموقف بالعدائي يدل على العجز وضيق أفق، ولا يليق بنا ان نطالب الجزائر بتسليم عائلة لجأت اليها، لأن ذلك ليس من اخلاق العرب ولا المسلمين، ولا الثوريين، الا اذا كنا نريد تصدير الأزمة الى الجزائر ومصر وتونس، حتى نقول سبب البلاء جاء من هذه الدول، وهذا كي نتخلص من سبب العجز القائم وعدم السيطرة على الأوضاع في ليبيا، وهذا شيء معيب.
الأمر أيضا حدث مع رفض النيجر لتسليم الساعدي القذافي؟
الدول لديها تقاليدها ولا يليق ان نكيل التهم ونلفق ملفات أن هؤلاء عملوا كذا وكذا.. كان هناك صراع وكان هناك اختلاف، على السلطة في ليبيا وكان هناك من مع ومن ضد، تدخلت قوة غاشمة وسحقت الطرف الآخر، لكن لم تلغه، او لا تستطيع ان تلغيه، لأن هؤلاء ليسوا فلولا او ازلاما كما يدعي البعض، هؤلاء قبائل كبيرة، فعندما نتكلم عن قبيلة الورفلي فيها مليون شخص، كيف نصفهم بالفلول او الأزلام، فهؤلاء من طينة الشعب الليبي، واساس ليبيا، وعندما نتحدث عن التوارق او عن قبائل سرت او الوسط بالكامل او حتى بالشرق فهناك قبائل ماتزال تساند القذافي، او مازالت تدافع عن عهده.
هذا الثقل القبلي يجعلنا نتحدث عن طرفي نزاع، كما قلت غلّبت القوة الغاشمة طرفا على طرف، اذن لا نستطيع ان نتكلم عن ديموقراطية او حرية او حقوق الإنسان، ونحن نقف ضد قبائل بأكملها، صحيح هناك من أجرم، لكن ايضا من أجرم كان من الطرفين، ويجب ان يحاكم الجميع، ويجب ان تكون المحكمة عادلة، وليس ان تكون هي الخصم والحكم في الوقت ذاته، ويجب ان تكون المحاكمة بعد انتخاب حكومة شرعية.
هل نفهم من كلامك أنك مع محاكمة أبناء القذافي، خاصة سيف الإسلام؟
لا نختصر الأشياء ونحصرها في القذافي، فأبناء القذافي لم يكن منهم وزير او مسؤول، وسيف الإسلام كان موجودا وتم القاء القبض عليه وقصفته طائرات الناتو، ونحن نعلم ما حدث بعد ما قصفت طائرات القذافي حين استشهد معه 70 شخصا، وللأسف حتى من صرعهم الغاز قتلوهم وهم مغمى عليهم، وستظهر حقائق كثيرة لاحقا في هذا الشأن، كما ستظهر تسجيلات وفيديوهات كثيرة توثق لجرائم الناتو، لا أحد يزايد على أحد، الأسرى والقتلى بالآلاف، وحتى ما يخص البنى التحتية والوضع المالي، نرجو ان يعود لنا رشدنا ونقول يجب ان تنتصر ليبيا ولم ينتصر أحد على آخر.
كلنا اخطأنا في حق ليبيا، وسقناها الى هذه المحرقة، علينا ان نصحح اخطاءنا جميعا، وان نتحمل المسؤولية في لحظة غاية في الحساسية، ولذلك تقدمت بنداء لأهلنا في ليبيا، علينا ان نجلس للتحاور، لا يستطيع طرف ان يلغي الآخر، لكن مستعدون جميعا للانحناء أمام ليبيا، لكي تتعافى ونستطيع ان نرى أملا في مستقبل هذا الحوار، ترعاه الجامعة او الأمم المتحدة، ام تراه الجهتين مناسبا... اللقاء او الحوار الذي سيتم من اجل وفاق وطني على اسس تنتصر فيه ليبيا وبعيدا عن الشرعية التي صنعتها الصواريخ.. انا قلت انا لا ابرر، لكن من اخطأ في حق ليبيا يجب ان يحاكم من الطرفين.
المدن التي سحقتها طائرات الناتو وأساطيله يجب ان تعامل بمثل ما تعامل الأخرى.. للأسف، الجثث لغاية اليوم تحت الأنقاض، اين منظمات حقوق الانسان التي تنادي دوما بذلك، اين المطالبين بالحرية، الجرحى، من الطرفين كلهم اولاد ليبيا، الشهداء لا فرق، يبقى امامانا بناء الدولة نتفق عليها وهذا الشيء ليس مستحيلا، لأن التركيبة الاجتماعية في ليبيا قادرة على ان تخلق أمرا ايجابيا اذا ما جلسنا مع بعض بمسؤولية، ولترعى الجزائر او مصر هذا الحوار، نرحب بأي طرف تهمه ليبيا، النساء قتلن وعذبن، هل حدث هذا في عهد القذافي، ما لم يتم هذا، فهناك قلق كبير عند كل طرف، بأنها قد تنساق مجددا الى مواجهة بين القبائل، التي تحالفت مع بعض، وهو تحالف تاريخي وليس جديد، اخشى ان ندخل في مرحلة لا نستطيع بعدها الا اللوم، لأنه لا يمكن لليبي ان ينحني لآخر، وهذا العناد هو الذي اوصلنا لهذه المرحلة، الآن ارى انه لا يوجد من هو مطمئن على الوضع في ليبيا ولا يوجد شخص مستقر، والصورة غير واضحة وقاتمة، لا مجلس انتقالي ولا مواطنين ولا احزاب التي شكلت على عجل، تقارير الأمم المتحدة والصليب وهيومن رايس ووتش سيئة، الآلاف من شبابنا وزعوا على العالم، شباب معتصمون لم تتحقق لهم أهداف ما حرجوا لأجله، شيء مهين، لا يليق بشبابنا ان يصبح همهم الحصول على دنانير لجهد قاموا به من اجل الوطن.
ليبيا قد تتعرض لتقسيم ونرى ظهور فيروسات بدأت في الانتشار في الجسم الليبي المريض اذا لم نواجهها ونعاجلها قد نجد انفسنا للأسف كما حدث في العراق والصومال، ولسنا استثناء.
هناك من يحضر لانتفاضة، وأ عرف الكثير من الأحياء في طرابلس، وفي عدة مدن تعد العدة لذلك..
الساعدي يهدد بزعزعة المنطقة وسيضرب ليبيا أو دول الجوار، هل لديه من الإمكانات ما يكفي لذلك؟
لم أسمع أبدا بهذا الكلام، لكن أعرف أن المنطقة تزلزلت من خلال تدخل الناتو في ليبيا، وتحولت الأسلحة لتدمير الدولة وليس النظام.. الجزائر، مالي، النيجر، تشاد، مصر وتونس كلها تأثرت من تبعات هذا الزلزال الذي وقع بسبب تدخل الناتو وليس الساعدي، وحركت الفيروسات في الجسم الليبي والإثنيات والعداوات القديمة الموروثة من عهد القبلية والنعرات.. هذا هو ما سيؤدي إلى تقسيم ليبيا وانعكاساتها على هذه الدول لأنه لديهم امتداد فيها، والبداية مالي وقد يزحف إلى بلدان أخرى.
هل لديك اتصال بالساعدي أو مع أحد أفراد العائلة المقيمة في الجزائر؟
لا أبدا لم اتصل بأي شخص وللأسف لا يوجد أي اتصال مع العائلة
هل بسبب خلاف ما؟
أبدا ليس هناك أي خلاف والعائلة ستظل في وجدان الليبيين وذلك ليس محل جدال أو نقاش.. فيجب أن تكون هناك أخلاقيات حتى في الصراع.
يقول الخبراء أن الصراع في الساحل هو صناعة قذافية، ما رأيك أنت؟
القذافي عندما كان موجودا بايعه التوارق في تومبكتو زعيما عليهم، وبعد الذي حدث في ليبيا، بدأ هناك قلق عند إثنيات التوارق والتبو.. وهؤلاء لديهم امتداد في النيجر ومالي والتشاد، وتقوقعوا خاصة بعد الروح الشريرة التي سكنت الليبيين، وكيل الاتهامات الكثيرة للتبو والتوارق، وقيل أنهم أتباع للنظام السابق وهذا إقصاء وتهميش لقوة سياسية في ليبيا.
هل كان فيه قبائل جزائرية من بين القبائل التي بايعت القذافي؟
التوارق الذين التقوه كانوا من كل الدول حين أمّهم للصلاة في ذكرى المولد النبوي الشريف، كان هناك كل زعماء التوارق في كل مكان، حضروا الصلاة وضربوا الطبل وبايعوه "أمغارا" عليهم
ما الذي قدمه القذافي ثمنا لهذه المبايعة؟
ليس هناك ثمن، القذافي كان مدركا تماما لاستهداف هذه الإثنيات من الغرب، وكان منصفا معهم، هؤلاء الأحرار ليسوا قابلين للشراء، يطالبون بحقوق مشروعة احترمها القذافي فاحترموه، ومعاملة القذافي للتوارق في ليبيا انعكس على باقي التوارق في باقي الدول.
ما طبيعة ولائهم له إذن؟
المسألة ليست مسألة تمويل القذافي، كان يطمح لبناء الولايات المتحدة الإفريقية، وقد طاف بإفريقيا، وما فعله مع التوارق فعله مع كل القبائل في إفريقيا، قابل تقريبا 70 إلى 80 في المئة من الناس وقيادات هذه الممالك، وهذا جزء مما أخاف الغرب، لأنه تعامل مع الإثنيات أو الممالك والثوابت الإفريقية، لأنه كان يرى أن الحكومات تأتي وتذهب، لكنه تعامل مع الثوابت، فملك قلوبهم فنصبوه ملكا عليهم، زار سكان قرى لم يزرها رؤساء بلدانهم أنفسهم، وكان ينقل لهم حلمهم المتعلق بالولايات المتحدة الإفريقية، وهذا من الأسباب التي جعلت الغرب يتكالب عليه، وكان كل عام يصلي بالملايين في احتفالية المولد ويدخل الإسلام أفواج منهم عندما قصف كان الغرب في غاية السرور والسعادة
يقال إن القذافي أرسلك إلى بنغازي لإخماد الأحداث، لكنك خنته وتآمرت عليه وزدت من اذكائها؟
لم يرسلن القذافي إلى بنغازي.. اختلفت معه في البداية على قتل سبعة أشخاص في بنغازي، وعلى الطريقة التي تمت معالجة الحادث بها، وذكرت هذا في الاستقالة، وعبرت عنه بشكل واضح، وقلت إن القذافي صاحب المؤتمرات واللجان الشعبية ومن المفروض أن لا يعالج الحادث هكذا.. وكنت مع مطالب الناس، لأنه ظهر جيل لديه آمال أخرى غير التي كنا نحلم بها نحن، جيل يريد نموذج دبي في الحياة ودرس في الغرب الديموقراطية، والقذافي يرى نظام الشورى وأنه لا ديموقراطية بدون مؤتمرات شعبية، حلمه توحيد الأمة، وحلم الشباب التقوقع في ليبيا، حلمه ضد الغرب وحلم الشباب يريدون علاقة مع الغرب، يريد بلد بدون خمر ولا نواد ليلية، والشباب درس في الغرب يرى أن البلد جامدة ولا يوجد فيها أي إمكانات للعيش.. يؤكد أنه بنى ليبيا محافظة، لكن الجيل الجديد بدأ يفكر في أمور أخرى، كان يفكر في التغيير منذ بداية الألفين.
لكن نقلت وسائل إعلام حينها أن جوهر خلافك مع القذافي، كان بسبب وقوف سيف الإسلام ضد التغيير؟
أبدا لأن سيف كان يعبر عن هذا الأمر يعني مع التغيير، ولا توجد أي خلافات، أنا كنت أعمل مع القذافي ولم يكن بيني وبين سيف أي احتكاك عملي دوليا وليس أمن داخلي.
لماذا هربت من ليبيا؟
لم أهرب خرجت بارادتي استقلت وخرجت، وسيأتي يوم نتحدث في هذا الموضوع، لكن أقول أني كنت ذاهبا إلى بريطانيا، لكن عندما جئت إلى القاهرة لم أكن أنوي إعلان الاستقالة، ولكن خرجت إشاعة أني جئت لأجند قبائل أولاد علي، وهم أخوالي لأن والدتي منهم وهم قبائل على الحدود، فوددت أن أنفي بشكل غير مباشر أني جئت في مهمة، ولم أقدم هذه الاستقالة من مصر حتى لا يقال أني قدّمت الاستقالة تحت تأثير مصر لعلاقتي بمصر، فذهبت لسوريا وأعلنت استقالتي من هناك، فور تقدميها بساعات بدأت سفارات الغرب تتصل بي وتدعوني، فأحسست أن شيئا ما غير طبيعي لأن القضية ليبية، ثم اتصل بي وزير الخارجية المصري وطلب مني العودة، ورجعت حتى لا يقال أيضا أني غاضب من مصر ولأكون قريبا من ليبيا، وفعلا بدأت التواصل معهم ولازلت.. ومن لفقوا التهمة كانوا قاصرين لأن القذافي لم يكن بحاجة لرجال، بل لروسيا والصين والصواريخ والقاذفات لمواجهة الحلف الأطلسي لأن لديه ما يكفي من الرجال، وبالتالي فالحجة ليست منطقية،
ستطالب ليبيا مصر بتسليمك للسلطات الليبية؟
أنا خرجت من ليبيا بإرادتي، وسأعود في أي لحظة بإرادتي ولم يمنعن أحد من دخول ليبيا ولم أفعل شيئا أخجل منه، وأنا أتحدى أي شخص يقول هذا الكلام، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
يقال إن للقذافي استثمارات كبيرة في مصر وأنك استوليت عليها؟
غير صحيح الاستثمارات الليبية في مصر، شأنها شأن الاستثمارات الليبية في كل الدول تتبع لطرابلس، ليس لأحد سلطة عليها أو قرار فيها، والأن رجعت بالكامل لليبيا، موجودة ولم تبع ولم يخرج أحد لليبيين ويقول أن استثماراتكم لم يسرقها أحد، ويعتذر المجلس ويقول أننا اتهمنا احمد بها.. أين هي الشفافية التي يتحدثون عنها.
لم أدرها ولم أملك قرارات، ولا حتى من يشرف عليها، كلام غير صحيح، أنا عملت في القوات المسلحة وفي العلاقات الدولية، لو قالوا باع دبابة أو طائرة ممكن لكن استثمارات مستحيل،
وزن سيف الإسلام في ليبيا قبل الأحداث، هل كان فعلا سيتقلد زمام الأمور؟ هل فعلا كان سيترشح خلفا للوالد؟
ليس ترشيحه لكن الأمر برمته يعود لليبيين، فسيف جاء ليساهم في التغيير، وكل من يحكم ليبيا الأن هم فريق سيف، إذن لا اعتقد أن هناك تناقض بين ما كان يقوده سيف وما يقوله هؤلاء.
هل يمكن القول أن لقب ملوك إفريقيا نزع منذ رحيل القذافي؟
اجتمع ألف من القبائل والممالك ومشايخ إفريقيا في بنغازي، وبايعوه ملكا عليهم، ودخل من الباب الواسع وتعامل مع الثوابت وهؤلاء لهم أتباع، وبعضهم لديهم 11 مليونا أي أكثر من الشعب الليبي، مما أكسبه شرعية إفريقية شعبية، معمر ثائر لم يكن يوما تقليديا.. وحين يتحدثون عن أمواله في أمريكا كله لغط إعلامي، لم يذهب في الصيف لا لموناكو ولا لمكان أخر بل كان يذهب للصحراء، ليأكل التمر ويشرب حليب الإبل،
معمر يملك مليارات، لا اعتقد أن هناك من يدخل أمريكا ويشتمها ويخبئ عندها أمواله، أؤكد أن معمر لا يملك شرو نقيرا، يستطيعون القول أنه دكتاتور، لكن لن يستطيعوا أن يقولوا أن لديه المليارات في البنوك الغربية، لم يكن يهتم بالنقود وكل استشمارات ليبيا في البنوك الغربية هي باسم الدولة وليست باسمه أو باسم أحد من أولاده، هذا هراء
ولديهم كل الوثائق والمستندات التي تؤكد ذلك، ومن العيب الاستمرار في هذه الاتهامات، وهذه جزء من الحرب النفسية لكي يشوهوا صورة الزعيم في عيون أنصاره،
لماذا انقلب الأوروبيون فجأة عليه؟
الأوروبيون لم يتوقفوا لحظة في الحرب ضد القذافي، منذ أن طرد قواعدهم والحرب مستمرة بشتى الوسائل، وهو كان صداميا وعبر عنه في العلن، ولم يزر أوروبا ولا أمريكا إلا مؤخرا، وهاجمهم في عقر دارهم
هم لا يريدون زعيما بل حاكما منصاعا أو كرزايا في هذه المنطقة
قيل الكثير عن زيارة سيف الإسلام والسنوسي لإسرائيل، بحكم قربك من القذافي هل هذا صحيح؟
لو كان لمعمر القذافي علاقة مع إسرائيل أو تحبه، أو يؤمن بالعلاقة معها لما سقط، كان قاسيا على نفسه وعلى الليبيين، يحمل القضية والهدف والطموح أعلى من قدرات ليبيا ومن طاقة الليبين.
كيف كانت علاقته بالجزائر؟
كانت تشكل نقطة ضعف كبيرة، لأنه عاش مع بداية الوعي السياسي له الثورة الجزائرية، شارك في التجمعات والتظاهرات، وجمع التبرعات، ثم عاصر التجربة النووية التي وقعت في الجزائر، وهي جزء من كرهه وعدائه لفرنسا رسم في عقله الباطن، لا يمكن لشخص بهذه العقلية أن يقيم علاقة مع الإسرائيليين، قاطعنا مصر 14 سنة لأنها اعترفت بالعدو الصهيوني، وكان يقول أن الاعتراف بها هي اعتراف بأن هذه الأرض ليست للفلسطينيين، وإن اعترفنا إذا.. لماذا قاتلناهم في الستينيات والسبعينيات، ولماذا كل هذه التضحيات..
كان يقول أن الأرض التي خضّبت بدماء الشهداء هي أرض طيبة، ولا يستطيع أن يرفض لأهلها شيئا، لذلك عرض الوحدة في حاسي مسعود وكان يرى أن أي وحدة بين الجزائر وليبيا ستشكل خريطة جديدة في المنطقة، حلمه دوما الوحدة مع الجزائر.
كان يحب الجزائر لأن الجزائريين كانوا واضحين، كان من السهل رؤية الجزائري وموقفه عكس بعض القيادات في المشرق العربي، يقولون شيئا ويعملون عكسه لذلك كان في صدام كثير مع القيادات العربية
لم يكن على خلاف مع الجزائر في أي مرحلة من المراحل، ورفض ترسيم الحدود مع الجزائر وقال إن هذا عار لأنه ليس بيننا وبين الجزائر حدود.
ألم تثر قضية التوارق واجتماعه بها غضب الجزائر؟
لا أبدا لم يكن هناك خلاف على هذا لأن الجزائريين كانوا يفهمون القذافي، ولا اعتقد أن توارق الجزائر كانوا يعانون من أي قضية، وهم ثوريون وأعرف أنهم مرتاحين وليس مثل ما يعانيه باقي التوارق.
ما كان تقييمك لموقف الجزائر اتجاه الأحداث التي شهدتها ليبيا؟
الجزائر كفّت ووفّت مع الشعب الليبي، وأعتقد أن الشعب الجزائري والحكومة الجزائرية لديهم من الوعي والروح الثورية ما يجعلهم يستوعبون ويفهموا الأوضاع في ليبيا، وكان موقف الشعب والحكومة كعهدهم دائما مع كل القضايا العادلة، وأكيد كنت مع الموقف الجزائري.. إذا كانت فرنسا هي التي قادت الحملة على ليبيا، فمن الطبيعي أن يرفض الشعب الجزائري المجلس الانتقالي.
المجلس وصف موقف الجزائر اتجاه ما حدث في ليبيا بالعدائي، وقالوا إن الموقف نابع من خوف الجزائر من احتمال انتقال عدوى هذه "الثورة" إليها؟
هذا مبالغ فيه.. الحقيقة نحن نتفهم أن لا يمكن أن يقبل الشعب الجزائري أن يكون شريكا في حرب فيها فرنسا، فهو لم ينس ما قامت به فرنسا في حقه، وأيضا للجزائر سياستها الخاصة ولديها من الخبرة والحنكة ما يؤهلها للتعامل مع الأوضاع بفهم عميق لما يجري في المنطقة كلها، والذي لم يكن مفاجأة بالنسبة للسلطات الجزائرية ولا حتى لأهل الجزائر. ويؤسفني أن أسمع بعض الليبيين ينتقدون الجزائر لاستضافتها عائلة القائد، وهذا يدل على أن هؤلاء الناس ليسوا ليبيين لأن السيدة صفية لم تكن تقود جيشا ولم تكن مسؤولة تظهر على التلفزيون وتسير أمرا ما، هي سيدة ليبية عادية ويكن لها الليبيون الاحترام والتقدير، وكذلك السيدة عائشة.
هل تعتقد أن الجزائر بعيدة عن الحراك الشعبي الذي تمر به المنطقة العربية؟
نحن كالجسد في عصرنا هذا، فإذا وقعت مشكلة في كوريا تنعكس على الجزائر أو ليبيا، فما بالك بمشكل على الحدود، لطالما هناك حدود وقيود على حركة المواطنين، يجب أن توفر فرصة أمام الشباب.. ما لم يتم الاستجابة لهذا الجيل الذي يحس بالانكسار والهزيمة على كافة الأصعدة فسوف يخرج للشارع، وقد يحرق الأخضر واليابس، وسوف لن يكون مبرمجا وبالتالي هذا الغليان سينفجر والمسكنات لن تحل المشكل، ما أقوله ليس تنجيما ولا ضربا من الخيال بل هو واقع للأسف.
والجزائر فيها نفس ثوري ويستجيب لهؤلاء الشباب ويجب أن تبني الجزائر استراتيجية بعيدة المدى تلبي نداء هذا الجيل، ولكن لا تستطيع أي حكومة بمفردها أن تواجه تحديات المستقبل ما لم يندمج هذا الفضاء لكي يتكامل، مهما قامت من ثورات لن تنجح إلا إذا أزالت هذه الحدود الاستعمارية، وسمحت بحركة الناس ووحدت الاقتصاد والجيوش والقدرات على الأقل في شمال إفريقيا.. إن المستقبل غير واضح ونحن نرى الدول ذرية لا يجمع بينها إلا ماض أسود تتحد، وهي على مرمى حجر واحد منا، إنه شيئ مخيف ومخجل في نفس الوقت علينا أن نتدارك الأمر ونثق في أنفسنا ونستخدم سلاح العصر وهو العلم الذي خاصمناه طويلا فعم الظلام. الجزائر يقودها المناضل عبد العزيز بوتفليقة، ونخب حزبية وسياسية ناضجة سواء كانت في السلطة أو في المعارضة، ينتمون للثورة ولديهم من الوعي ما يجعلهم يجنبون الجزائر الانفلات وهم ليسوا بمعزل عن مطالب الناس والمرحلة الحالية ولن يكون الحراك السياسي الجزائري دون وعي كما حدث في بعض الدول.
الشروق 28/5/2012
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق