بعد 16 عاما تعود (عورة) مونيكا لوينسكي للظهور في المجتمع الامريكي، فقد نشرت تقارير تنسب لها كلاما عن قصة عشقها (العذري) مع الرئيس الامريكي بيل كلنتون تبدي فيها ندمها على ماحصل بينهما وتعترف مرة اخرى بوقوع ما كان يجب ان لايقع! وما يهمنا من هذه القصة دلالاتها السياسية والاخلاقية وتأثير تلك الدلالات على العالم برمته خصوصا على الامة العربية. فما الذي جرى قبل 16 عاما؟
1 – مونيكا التي اصبحت واحدة من اشهر الشخصيات الامريكية كانت عاملة متدربة في البيت الابيض اثناء رئاسة بيل كلنتون (زوجة) هيلاري وزيرة خارجية امريكا سابقا (وليس زوجها!)والمرشحة للرئاسة لاحقا، تسربت معلومات وقتها عن وجود علاقة جنسية بين الرئيس والمتدربة مونيكا، وعندما وجهت اسئلة رسمية للرئيس الامريكي عن صحة تلك المعلومات نفى وجودها وانكر حصول علاقة جنسية رغم انه كان تحت القسم امام الكونغرس الامريكي! ولكن هل كان الرئيس الامريكي صادقا؟
2 – بعد التحقيقات تبين ما يلي :
أ – ان الرئيس كذب وهو تحت القسم على الكونغرس الامريكي – وطبعا على الشعب – لان الحقيقة تكشفت وهي ان ثمة علاقة جنسية كانت قائمة بين الرئيس والمتدربة مونيكا.
ب – في البداية حاولت الاجهزة الامريكية طرح تسويق جديد لمعنى العلاقة الجنسية لتقليل خطورة عمل الرئيس لكن تبين لاحقا ان العلاقة كانت جنسية بالكامل مع كل (بهاراتها) ومنهاان الرئيس الامريكي العتيد حينما كان يتحدث مع رؤوساء دول اخرى ويبحث معهم قضايا ساخنة كانت مونيكا تحت الطاولة تمص ذكره رغم انه كان يتحدث مع رؤوساء اخرين!
دناءة وحقارة الرئيس الامريكي تتجلى في انه لم ينتظر انتهاء مكالماته الرسمية كي يمارس الطقوس الجنسية اللازمة لاي فحل امريكي ينتمي للنخبة فواصل التمتع بالمداعبة الجنسية تلك حتى اثناء التفاهم مع رؤوساء! وطبعا كانت مونيكا المتدربة في البيت الابيض والمدربة في قاعات المخابرات تسمع كل كلامه مع رؤوساء مع انه كان كلاما سريا غالبا، وكانت حواس مونيكا تتركز على كلام الرئيس اكثر من التمتع بمص ذكر الرئيس!
ج – مارس الرئيس الامريكي الجنس مع مونيكا في الغرفة البيضاوية في البيت الابيض وهي مكتب الرئيس الامريكي العتيد، وكانت تحميه عناصر من المخابرات اثناء اداء واجبه المقدس ذاك! الامر الذي يضعنا امام حقيقة مرعبة وهي ان البيت الابيض يمكن ان يصبح دار دعارة، ورعب هذه الحقيقة ينبع من حقيقة اخرى وهي ان من يمارس الدعارة في مكتب رئيس الدولة تسقط لديه كل الروادع الانسانية والاخلاقية، فتخيلوا ماذا يستطيع رئيس امريكي ان يفعل وهو بلا روادع اخلاقية وانسانية؟ فاذا كان يخون قسمه لشعبه بالصدق فكيف سيعامل الشعوب الاخرى؟
3 – توصل التحقيق الى ان الرئيس الامريكي قد ارتكب 3 مخالفات اساسية وهي التالية :
أ – الكذب على الكونغرس وهو تحت القسم.
ب – استغلال منصبه للتمتع الجنسي مع متدربة.
ج – عرقلة العدالة الامريكية بانكار وجود العلاقة في البداية.
ان كل تهمة من هذه التهم الثلاثة كانت كافية للاطاحة بالرئيس الامريكي وعزله لو حصلت في الستينيات او حتى في السبعينيات، بدليل ان الرئيس ريتشارد نيكسون اجبر على الاستقالة من منصبه لمجرد انه كذب على الكونغرس ولجان التحقيق بانكاره معرفته بحصول عملية تجسس على مقر الحزب الديمقراطي المسمى (ووترجيت) اثناء الحملة الانتخابية، وهذا الاسم طغى عليه المعنى الجديد وهو انه فضيحة التجسس ووترجيت وليس المعنى الاصلي وهو انه المقر.
حتى السبعينيات كانت ما تسمى ب(القيم الامريكية) قوية وفعالة ولذلك عد كذب نيكسون كافيا لاجباره على الاستقالة رغم انه قدم خدمات كبرى لامريكا اهمها تخليص امريكا من حرب فيتنام التي كانت الكابوس الذي يقض مضاجع كل امريكي مقارنة. لكن امريكا في التسعينيات غير امريكا في السبعينيات، فلقد حصل تطوران خطيران : التطور الاول هو سقوط العدو وهو الاتحاد السوفيتي لذلك لم تعد امريكا ملزمة بالتقيد بما يسمى (القيم والاخلاق) لمنع الاتحاد السوفيتي من استغلال ذلك ضدها، فتدهورت على المستوى الحكومي القيم الاخلاقية بزوال عامل الردع السوفيتي.
كما ان المجتمع زادت مشاكله الاجتماعية والاقتصادية وتدهورت قيم الناس بزيادة الازمات الاقتصادية وتكشفت الطبيعة الحقيقية للرأسمالية الامريكية بصفتها ابشع نظام استغلال للانسان ولم يسبق له مثيل، ولتأكيد تلك الحقيقة فان خبراء امريكا وليس العالم الثالث وصفوا الرأسمالية الامريكية في التسعينيات بانها (رأسمالية متوحشة)، وكان ابرز مظاهر توحشها هو شنها حرب عام 1991 على العراق بطريقة هي الاكثر وحشية حتى ذلك التاريخ، وبفرض حصار شامل ادى هو والحرب الى مقتل اكثر من 3 ملايين عراقي مدني.
التسعينيات كانت عقد السقوط الكامل لما كان يسمى ب(القيم الامريكية)، ولهذا فان كلنتون بدلا من معاقبته على ارتكاب ثلاثة مخالفات قانونية رئيسة زادت شعبيته بصورة مثيرة للانتباه رغم الفضيحة، ولم يعاقب كما عوقب نيكسون رغم انه ارتكب جرائم اكبر من جريمة نيكسون. لقد قام مجلس النواب باتهامه بالتزوير وإعاقة العدالة، إلا أن مجلس الشيوخ برأه من هذه التهمة وأكمل فترة ولايته!
وبعد نهاية رئاسته اتضح انه كان يحظى بنسبة تأييد بلغت 65%، وهي النسبة الأعلى من أي رئيس أمريكي بعدالحرب العالمية الثانية! بينما عبر 70% من الأمريكيين عن عدم تصديقهم لهذه التهم رغم انها ثبتت عليه بالتحقيق! تخيلوا مرة اخرى ان رئيس امريكا الذي مارس الدعارة في مكتبه الرئاسي يكافئه الرأي العام على ممارسة الدعارة بحصوله على دعم لم يحصل عليه اي رئيس امريكي قبله! اي انحطاط اخلاقي وانساني وصلت اليه امريكا في تلك الفترة؟
4 – وقتها كتبت كما اذكر مقالا ركزت فيه على دلالات زيادة شعبية كلنتون في الوسط الشعبي الامريكي وقلت ان قيم امريكا العليا قد انتهت بتبرئة كلنتون وظهر المجتمع الامريكي على حقيقته بلا تزويق، فمن ارتكب ثلاثة مخالفات زادت شعبيته بطريقة مدهشة كأن الرأي العام كان يدعم ممارسة الدعارة في البيت الابيض (!) في تأكيد واضح على الدعم المنظم للتحلل الاخلاقي المتفاقم في المجتمع الامريكي، وهذه ظاهرة تحدد كيفية السيطرة على الرأي العام بواسطة الاعلام واعاد تركيبة وعي الناس وتحديد خياراتهم، ولكن في مرحلة كانت فيها القيم الامريكية مازالت ضرورة سياسية وليس اخلاقية عوقب نيكسون واطيح به وصار رمزا للتشهير به حتى الان!
5 – اذن نحن بأزاء امريكا وقد تجردت من ملابسها الداخلية كلها وظهرت امامنا بكل عريها ورأينا تفاصيل الاعضاء التناسلية لامريكا عورات بالغة القبح! نحن ابناء العراق كنا الضحية الاكبر لسقوط القيم الامريكية والتي كانت نتيجتها استباحة العراق وعدم الاكتفاء بالحصار فدمرت الدولة والمجتمع وقتل المزيد من العراقيين ووصل عددهم الى اكثر من ستة ملايين عراقي قتلتهم امريكا منذ عام 1991 ونهبت ثرواتهم علنا ورغم انف ما كان يسمى العالم المتحضر والمجتمع الدولي والعدالة الدولية وحقوق الانسان والحيوان!
لان كلنتون ونسخه الكاربونية مثل بوش الصغير يصرون على التمتع بلا حدود وخارج اي شرعية او اخلاق دمر العراق تدميرا شاملا في اكبر هولوكوست في التاريخ الحديث تجاوز في عدد ضحاياه ما يسمى (الهولوكوست اليهودي) فقصة الهولوكوست اليهودي تقول بمقتل ستة ملايين يهودي على يد هتلر بينما العالم كله رأي بالصوت والصورة والوثيقة والاعتراف الرسمي كيف قتلت امريكا اكثر من ستة ملايين عراقي وكيف تتعمد امريكا تعذيب اكثر من 30 مليون عراقي عبر تواصل اعمال الارهاب المنظم تحت الرعاية الامريكية والايرانية.
وقد وصل حال العراقي العادي حد انه اخذ يتمنى الموت للتخلص من العذاب اليومي مع ان العراق كان حتى التسعينيات من بين اكثر الدولة رفاهية واستقرارا وتقدما وتحضرا، والسبب هو ان كلنتون ونسخه المتجددة يريدون مواصلة مونيكا مص أعضاءهم التناسلية وتوفير افخم الغرف لممارسة تلك الطقوس التقليدية وتوفير مصادر التمويل من الشعوب المقهورة.
6 – لعبة مص ذكر كلنتون كانت المقدمة الطبيعية لتدمير العراق وغزوه فلو لم تتدهور القيم الاخلاقية في امريكا وتزول عوامل الردع التي كانت موجودة حتى عهد نيكسون لما وقعت هولوكوست العراق على الارجح والتي تعد اكبر هولوكوست في التاريخ الانساني برمته. نعم الرأسمالية الامريكية هي اصل البلاء العالمي كله منذ انهت سياسة العزلة، لكن هذه الرأسمالية محكومة بالبيئة السائدة ولذلك اختلفت تصرفات امريكا تبعا لاختلاف المراحل،فايزنهاور هو الرئيس الامريكي الذي هدد بريطانيا وفرنسا واسرائيل بايقاف عدوانها على مصر في عام 1956 لكن بوش الاب ونغله بوش الابن وبينهما ممارس الدعارة كلنتون هم من دمروا العراق وابادا اكثر من ستة ملايين عراقي ووضعا كل شعب العراق تحت فترة عذابات شاملة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق.
عندما تنزع لوينسكي ملابسها الداخلية فان امريكا تنزع ملابسها الداخلية وترينا عورتها القبيحة لكنها تقول بكل وقاحة ان عورتي هي مصدر فخري! نحن بأزاء وحش كاسر يحتضر اسمه امريكا ولذلك فانه يقوم بكل ما يظن انه يوقف عملية احتضاره او يؤجلها. والان تحاول امريكا المحتضرة وأد العراق عبر الدعم الكامل لايران وتابعها الحكومة العميلة في بغداد فتزودها بكم هائل من الاسلحة لقمع ثورة شعب العراق في تأكيد متكرر للطبيعة الوحشية لمخلوق لا يعيش الا على دماء الاخرين.
واخيرا ولكي ندرك مبلغ انحطاط القيم الامريكية نشير الى ان فضيحة ووترجيت التي انهت نيكسون وفضيحة مونيكا التي رفعت شأن كلنتون كانتا مدبرتان من قبل الاجهزة الخاصة ولم تكونا عملا عفويا، فالتجسس على ووترجيت عملية ورطت الاجهزة فيها الرئيس نيكسون لاجل التخلص منه عقابا له على وضع نهاية حاسمة لحرب فيتنام مع ان النخب التابعة للمجمع الصناعي العسكري كانت تريد استمرار الحرب.
بينما مونيكاجيت كانت عملية مخابراتية ورط فيها كلنتون كي يصبح اكثر التزاما هو والرؤوساء القادمين بعده باوامر من نصبوه رئيسا، وربما السبب الرئيس هو انه خالف الاوامر بقيامه حل مشكلة الدين والعجز في الميزانية بتوفيره فائضا فيها قدره 559 مليار دولار مع ان كافة الرؤوساء منذ نيكسون كانوا يواجهون مشكلة العجز في الميزانية وفشلوا في انهاءه، وكان قبل رئاسة كلنتون حوالي 300 مليار دولار.
بهذا المعنى فان العجز المالي لم يكن ثمرة اخطاء بل كان نتاج خطة متعمدة هدفها دفع امريكا نحو قبول ديكتاتورية تنهي الليبرالية، لذلك عوقب كلنتون لانه نجح في وضع حد للعجز، ولازالة انحراف كلنتون عن الخط التأمري جاء بوش الصغير ليعيد العجلة للسير وفقا للخط التأمري فرفع الدين والعجز الى مستوى غير مسبوق ابدا وصل الان فيه الدين العام الى اكثر من 17 تريليون دولار، وهذا مبلغ اكبر بكثير من مجموع الناتج القومي الامريكي كله بانتاجه وخدماته!!!
وبما ان تلك المرحلة كانت مرحلة تتابع تنفيذ الخطة التأمرية داخليا وخارجيا فان امريكا كانت بحاجة لرئيس بلا اخلاق وعاهر فكان كلنتون العاهر الاكثر افتضاحا حتى جاء بوش الصغير ليعد العاهر الذي لم يسبقه في ممارسة العهر اي رئيس في العالم كله.
تحية لمونيكا في الذكرى 16 لقيامها بما تفاخرت به امريكا بدليل ان (حزب) مونيكا هو الحاكم الفعلي في امريكا سواء كان الرئيس ديمقراطيا او جمهوريا.
9-5-2014
ملاحظة وقعت في النسخة المعممة يوم 8-5 من هذا المقال خطأ توجب تصحيحه وهذه هي النسخة المصححة التي ارجو اعتمادها فشكرا لمن كتب لي ونبهني الى وجود الخطأ.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق