بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
التطهير الطائفي على أشده، وفي المدائن تطاولوا على ضريح "سلمان الفارسي" (رض)
|
شبكة البصرة
|
ماجد مكي الجميل |
حملت لنا أخبار اليوم (السبت، 3 كانون الأول / ديسمبر 2014) خبراً حزيناً آخر يعكس نشاطاً يقع ضمن أنشطة التطهير الطائفي، بل أقول: التطهير الطائفي ـ العرقي في العراق. ليس من جدالٍ أن هذه الأنشطة تأتي ضمن هدف تغيير وجه العراق العربي وتفريغه من أي جهة مناوئة لهيمنة إيران عليه.
ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية (الرابط أدناه) ووكالات أنباء عالمية أخرى، قيام مسحلين بقتل ثلاثة رجال دين، وجرح إثنين في غرب مدينة البصرة، وتحديداً على الطريق الواصل بين البصرة والزبير.
وقع الهجوم مساء الخميس (1 كانون الثاني / يناير 2015) عندما كان رجال الدين الخمسة، وجميعهم أئمة مساجد، يستقلون سيارة في طريقهم من البصرة إلى الزبير عندما فتح مسلحون، يستقلون سيارة أخرى اقتربت من سيارتهم، النار عليهم ليقتلوا ثلاثة ويصيبوا إثنين بجروح.
كانت ردة الفعل الرسمية، حسب الوكالة الفرنسية، كالتالي: مهدي ريكان، قائد اللجنة الأمنية في محافظة البصرة، "أكد الخبر من دون تعليق". رئيس الوزراء، حيدر العبادي، "أدان الهجوم الذي نفَّذته عصابات إرهابية"، حسب قوله. وزير الداخلية، محمد الغبان، "أمر بفتح تحقيق في الهجوم الذي ارتكبته قوى تخدم مشروع المجموعات الجهادية والدولة الإسلامية في العراق والشام"، حسب نص تصريحه للوكالة الفرنسية. رئيس البرلمان، سلمان الجبوري، "أشار باصبع الإتهام، في بيان رسمي، إلى ميليشيات شيعية تتحالف معها الحكومة في محاربة الدولة الإسلامية". أحد الأعضاء البارزين في الحزب الإسلامي العراقي (لم تذكر الوكالة اسمه) "عزا الهجوم إلى ميليشيات إجرامية، في إشارة واضحة إلى الميليشيات الشيعية التي تحارب مع القوات الحكومية الدولة الإسلامية"، وهو نص ما قالته الوكالة الفرنسية.
طبعاً ليس هناك من حاجة للقول أن هذه التصريحات، بمجملها، ليس فيها مثقال ذرة من الصدق، ولا مثقال ذرة من الأخلاق ولا احترام الذات، قبل ان نقول احترام عقول العراقيين. فرئيس الوزراء، الذي يدين "العصابات الإرهابية"، ينتمي إلى "حزب الدعوة" الذي يملك ميليشيا مسلحة، قامت بنشاطات إرهابية قبل احتلال العراق وبعده، وما المانع أن تكون هي نفسها من تولت عملية القتل الأخيرة ؟
يعرف العراقيون أعمال القتل وتفجير السيارات التي نفذها حزب الدعوة في العراق، خاصة خلال الحرب العراقية - الإيرانية لترجيح كفة إيران في الحرب. وللتذكير فقط، نفذ حزب الدعوة في كانون الأول (ديسمبر) 1981 أربعة تفجيرات في يوم واحد ووقت متزامن: في مبنى الإذاعة والتلفزيون (الصالحية)، وزارة التخطيط (مدخل كرادة مريم من جسر الجمهورية)، وكالة الأنباء العراقية (شارع أبي نؤاس)، قيادة القوة الجوية (قبل مفرق الكرادة).
ليس هدف هذا المقال، فضح هؤلاء المفضوحين أصلاً. العراقيون يعرفون من أي فجٍ، ومن أي طينة جاء "أزلام الإحتلال"، وكيف يقومون بتليين بلد الرافدين لتقديمه لقمة سهلة إلى إيران.
ليس لدي من قولٍ بحق هؤلاء، وقد قال العراقيون بهم ما لم يقله مالك في الخمرة. فقط أقول أن واحدة من المواد الأولى في النظام الداخلي لحزب الدعوة في باب أهداف الحزب، تنص على: "إقامة جمهورية عراقية إسلامية على غرار جمهورية إيران الإسلامية"، وهذا كافٍ بحد ذاته.
عملية القتل الإرهابية التي جرت على طريق البصرة ـ الزبير، وما قبلها، تكاد تؤكد وجود "خطة عسكرية منهجية ثابتة للتطهير الطائفي والعرقي"، يتم تطبيقها على نسق واحد من قِبل الميليشيات الطائفية، وقوات الجيش والشرطة، تحت إشراف فيلق القدس الإيراني.
الخطة، باختصار شديد: تهديد، تخويف، إرهاب، خطف، قتل، تفجير، تهجير، نهب البيوت وأموال الناس، وتكسير ما لا يُمكن نهبه، ثم تحويل المساجد إلى حسينيات.
تم الشروع بهذه الخطة منذ اليوم الأول للاحتلال، وجرى تنفيذها في ظل وجود القوات الأمريكية في العراق، وبعد خروجها وما زالت تحت التنفيذ حتى اليوم، حتى طالت أغلب مدن العراق، خاصة محافظة البصرة، قضاء المدائن، محافظة بعقوبة، ورصافة بغداد وحتى كرخها، وامتدت فيما بعد إلى محافظتي نينوى، وصلاح الدين، وغيرها.
كان منع التجول في العراق يبدأ في الساعة الحادية عشر ليلاً، وشوارع بغداد بأكملها تحت سيطرة القوات الأمريكية، وعندها تخرج قطعان الميليشيات الطائفية، بعضها تستقل سيارات الشرطة، تدخل البيوت أثناء منع التجول، وتقتل وتدمر وتخطف بموجب قوائم معدة مسبقاً. مسكينة القوات الأمريكية لم تكن تعلم بكل ذلك.
يأتي رئيس النظام السابق، هاشمي رفسنجاني، لزيارة العراق وهو في ظل الحكم الأمريكي المباشر وحمّام الدم على أشده (آذار / مارس 2009)، لكنه مسكين، وكذلك القوات الأمريكية مسكينة، فقد نسيا تماماً الإلتقاء والتباحث حول عمليات القتل والتهجير. بعد ذلك يأتي، أحمدي نجاد، عندما كان رئيساً للنظام لزيارة العراق، لكنه هو الآخر مسكين وساذج، فقد نسى نجاد أن يلتقى بالمسؤولين الأمريكيين، وهم أيضاً نسوا الإلتقاء به للتباحث حول عمليات القتل والتهجير وتقاسم النفوذ في العراق. أما العدو الأول والأخير فهي إسرائيل، والهدف الأسمى تحرير فلسطين، و"القدس... القدس... الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل".
في بغداد جرت عمليات لا تحصى من القتل، والخطف، والتهجير، ثم تحويل مساجد إلى حسينيات، خاصة في أحياء الثورة، الحرية، شارع فلسطين، الدورة، وغيرها. موقع "يوتيوب" ما زال يحوي على عديد من الأفلام الحية على ذلك.
في شباط (فبراير) عام 2006، وتحديداً بعد تفجير المرقدين في سامراء، تم حرق وتدمير نحو 110 مساجد في البصرة، وأبي الخصيب، وقتل العشرات من أئمتها وكذلك السكان العاديين، ثم أُعيد إعمار بعض المساجد وتم تحويلها إلى حسينيات. والقتل والتهجير نفسه مازال يتكرر باستمرار حتى يومنا هذا في محافظات ديالى، ونينوى، وصلاح الدين، وغيرها.
المشهد ذاته يعيد الحديث عن نفسه في الزبير، فقبل سنوات قليلة، استولت ميليشيات مسلحة مرتبطة بإيران بمساعدة الشرطة العراقية وبحضور ممثلين عن الوقف الشيعي، على مسجد الزبير بن العوام (رضي الله عنه)، وتم تحويل المسجد إلى حسينية. تم ذلك مع مواصلة عمليات قتل وتهجير كل مَن لا ترضى عليه إيران، وعملية الاغتيال التي تمت يوم الخميس الماضي تقع في هذا الإطار.
في عام 2008، أعلن رئيس ديوان الوقف الشيعي، صالح الحيدري، فك إدارة ضريح الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رضي الله عنه) من ديوان الوقف السني وإلحاقها بديوان الوقف الشيعي. تم ذلك مع مواصلة عمليات قتل وتهجير كل مَن لا ترضى عليه إيران في المدائن.
بعد ذلك، بدأ "أزلام الإحتلال" مهمتهم "المقدسة جداً". إذ قاموا بقلع البناء التاريخي القديم لضريح الصحابي الجليل سلمان الفارسي المُقام على الطراز العثماني (تم بناء الضريح خلال العهد العثماني)، وإعادة بنائه، بعد توسيع المبنى، على الطراز التبريزي الفارسي.
لم يكتف "الأزلام" بذلك، بل قاموا بقلع باب الضريح من خشب الصاج البسيط، ورفع الصندوق الخشبي (خشب الصاج البني الغامق) الذي وضعه العثمانيون على الضريح لتغليفه، ووضعوا بدلاً منهما باباً وقفصاً حديديين فضيين تم جلبهما من إيران، ليتلائم ذلك مع الطراز المعماري الفارسي.
إذن هو ليس تطهيراً طائفياً ـ عرقياً فحسب، هي عملية محو ثقافة، وطمس هوية، وفرض ثقافة وهوية غريبة أخرى.
أترك للقارئ الكريم، بعد أن نقلت إليه هذه الوقائع بأمانة وصدق، أن يتخيل المصير الذي آل إليه مبنى "بانوراما القادسية" الذي تم بناؤه في المدائن مقابل إيوان كسرى خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية.
لم أعلم إلَّا حديثاً، وربما هناك كثيرٌ من العراقيين والعرب لا يعرفون أنَّ الزوار الإيرانيين الذين كانوا يفدون لزيارة الأضرحة في العراق على مدى العصور، كانوا يتوجهون أوَّلاً إلى أطلال إيوان كسرى، يلطمون، ويبكون، ويولولون تحت الإيوان، حزناً على شاغله السابق، كسرى، قبل أن يتوجهوا إلى الكاظمية وكربلاء والنجف لتنفيذ زياراتهم. وبقيت هذه العادة حتى أواخر الستينات.
ياللعجب!!! إيرانيون يبكون ويلطمون ويولولون على ثلاثة من الصحابة، وأبنائهم، وأحفادهم من المسلمين، بعد أن يكونوا قبل ذلك بوقتٍ قصير قد بكوا، ولطموا، وولولوا، حزناً على القائد الفارسي الذي قاوم جيوش المسلمين في معركة القادسية قبل أن ينهزم ويدخل الإسلام بلاد فارس. كيف يمكن قبول النقيضين؟
سؤال بسيط أخير، هل الخليفة الراشد علي بن ابي طالب، وولداه، الحسن والحسين، وأحفادهم (رضي الله عنهم جميعاً) حوَّلوا مسجداً إلى حسينية ؟
رابط وكالة الأنباء الفرنسية
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأحد، 4 يناير 2015
ماجد مكي الجميل : التطهير الطائفي على أشده، وفي المدائن تطاولوا على ضريح "سلمان الفارسي" (رض)؛
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق