لا تكونوا رعاة في (ربيع الثورات)"
مقاله رائعه للاستاذ عبد الحسين العطيه هنا
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
"لا تكونوا رعاة في (ربيع الثورات)"
|
شبكة البصرة
|
بقلم: عبدالحسين العطية*
|
في ظل النظام الوطني السابق في جمهورية العراق، كانت استعلامات القصر الجمهوري، تتلقى رسائل تظلم المواطنين لعرضها على الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله من أجل حلها، ولما كانت تلك الرسائل تأخذ طريقها الحقيقي في المعالجة، تشجع أحد المواطنين القرويين لتقديم (عريضة) يشرح فيها حالته، وبعد أن وصل هذا المواطن الى (كاتب العرائض) طالبا منه تنظيم عريضة مؤثرة وشرح له مشكلته قال له كاتب العرائض: ارجع لي بعد ساعة تجدها جاهزة، وبالفعل عاد القروي فوجد عريضته جاهزة، عندها طلب منه المواطن أن يقرأها له قبل تقديمها لاستعلامات القصر الجمهوري، وما أن استرسل كاتب العرائض بالقراءة حتى بدأ الرجل يبكي، وكلما واصل الكاتب القراءة ازداد القروي بكاءً، فاضطر كاتب العرائض الى سؤاله عن سبب بكاءه، فرد عليه القروي قائلا : كل هذا بي وآنه ما أدري!!.
هذه الحادثة قد تكون شهادة للتاريخ في زمن نظام عاش أبناء الشعب في ظله ظروف عراقهم حلوها ومرها، بلا قتل ولا تهجير، في أمن وأمان من شماله الى جنوبه باستثناء مجرمي أحزاب الدعوة والمجلس الأعلى وقوات (بدر) وبإمكان المواطن تقديم شكواه ضد أي موظف أو مواطن، أمام سلطات قضائية أو تنفيذية أو حتى لدى المنظمات الحزبية بغية حلها بالتراضي بعيدا عن القضاء ومراكز الشرطة، على مستوى المناطق، كان المواطن يعبر عن ابتسامته الدافئة أمام أهله وأحبائه ومعارفه، تنطلق الألسنة نطقا بجميل العبارات بلا تردد.
أما بعد الاحتلال وفي زمن (الفوضى الخلاقة) التي يتغنى بها بعضا من أبناء أمتنا العربية هنا أو هناك، التي حلت في بلدنا على شكل احتلال، وعملية سياسية، ودستور مقتبس من دساتير لا نمت لها بصلة، حولت الزمن الجميل بحلوه ومره الى زمن القسوة وتحجر القلوب، يعيث فيه أشباه الرجال الذين تجردوا من القيم الانسانية كلها فسادا طولا وعرضا في بلد الخيرات، بلد الرافدين، بلد نبوخذ نصّر وآشور وصدام حسين، أعدموا الفضيلة وحولوا أبناء الوطن الواحد والانسانية الواحدة الى أغراب بين أهلهم وعلى أرضهم.
وبعد أن كان الدين لله والوطن للجميع صار الدين أقوالا مجردة من الإيمان وحركات يؤدونها للتمويه وللضحك على الناس واستغفالهم، يفعلون عكس ما ينطقون، عباراتهم حاقدة، نصروا أباطيلهم، زهقوا حقوق غيرهم، حوّلوا الزمن الجميل الى زمن الخطيئة، عمّوا الفوضى والقتل والسرقة والتهجير، أصبح كل شيء غريبا، مقيتا، جاءوا ببشر نزعوا ثوب الانسانية، ولبسوا أثواب الكذب والوحشية، حولوا كل شيء في وطننا العراق الى سلعة رخيصة في أسواق العمالة والانحلال، حتى الشرف تجمدت فيه عرق الحياء ودماء على حد سواء.
أخي العربي :
لا تتصور أنني أدافع عن حاكمك بقدر ما أدافع عن وطنك الذي هو جزء من مكونات أمتي العربية التي أنتمي اليها، لا تضيّعوا أوطانكم بما يسمى ربيع الثورات كما ضاع وطننا، ولا يخدعنك عميل بحفنة من دولارات الصهيونية العالمية، حطّم قلوبهم الحاقدة، واكسر قسوتهم العمياء، واطمس ظلامهم الدامي، لا تقتل، ولا تسرق، ولا تهجّر جارك، ولا تحرق مؤسسات بلدك.
أمامكم طريق الاصلاح والاستقامة والهداية الوطنية، وهو مفتوح لمن يريد، لا تكونوا رعاة في "ربيع الثورات" كونوا ثابتين في ايمانك بوطنكم وأمتكم لا تغركم أفكارهم الظلامية، كونوا أنتم الوطنيين وهم العملاء، كونوا أنتم أصحاب الصلاح وهم التائهون، توشحوا بنور الله، ودعوهم يتوشحوا بسواد الفتنة.
أخي العربي:
هل تعلم أن التأسيس والتجهيز لغرف العمليات العسكرية والاستخباراتية انتهت منه الولايات المتحدة الأميركية، منذ احتلال العراق؟، بالتنسيق مع حكومات تركيا والأردن والعراق وقطر والأمارات وقبرص، وأن (سفارة سلطنة عمان في دمشق تلعب دورا محوريا في الأزمة، ومازالت كغرفة عمليات متصلة بالسفارة الأميركية، وبقاعدة أميركية في قطر).
هل تعلم أن أعدادا تسللت لا بأس بها من المخابرات الأميركية والتركية والبريطانية والفرنسية الى المدن العربية بقيادة الملياردير الفرنسي برنار ليفي (مرشح الرئاسة الإسرائيلية) للإجهاز على الأمة التي تحمل لواء الإسلام؟.
أخرج منها عزيزا كريما انها ليست ربيعا.. إنها ليست ثورات.
*صحفي وكاتب عراقي
Hudhud8888@yahoo.com
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق