بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
مرة اخرى: الجنوب والثورة العراقية 1
|
شبكة البصرة
|
صلاح المختار |
كثيرا ما نرى الاشياء على غير حقيقتها لأننا نكتفي بقراءة العنوان
مثل أمريكي
ثمة اطروحة سبق وناقشناها مرارا وتكرارا وهي حول دور الجنوب في الثورة العراقية عموما وفي نضال الشعب العراقي ضد الاحتلال خصوصا، وقد بينا بكل دقة واعتمادا على وقائع مادية بان الجنوب لا يقل اسهاما في رفض الاحتلال والعمل لانهاءه عن الوسط والشمال رغم التباين الواضح في بيئة العمل، ومع ذلك تتكرر عملية اثارة الامر وكأن هناك اصرارا على اخفاء مشاركة شعبنا العراقي في الجنوب في ثورة العراق العظمى ضد الاحتلال. ولذلك، وبغض النظر عن دوافع من يكررون طرح الموضوع واسبابهم مختلفة فبعضهم وطنيون وبعضهم الاخر من دعاة تقسيم العراق تحت غطاء الاقاليم او الفدراليات، فاننا ملزمون باعادة توضيح المسألة من اجل كل وطني قد يجد نفسه مع التشكيك بدور الجنوب.
ينبغي تأكيد ملاحظات جوهرية :
1- بؤرة الانطلاق : ان الثورة لا تندلع فجاة، في كل مكان وزمان، في وقت واحد في كل البلد اي بلد، فكل الثورات منذ فجر التاريخ تبدأ بمكان معين، هو البؤرة الثورية التي تشعل نارها وتتمركز فيها اولا ثم سرعان ما تنتشر منها وتمتد الى باقي البلد. لذلك فان تأخر اجزاء من القطر او البلد عن المشاركة في الثورة ليس سبة ولا عيبا على الاطلاق بل هو ثمرة اوضاع مادية ونفسية وعوامل موضوعية ومن يشك بهذه الحقيقة عليه درس او اعادة درس تاريخ الثورات القديمة والحديثة من ثورة محمد الاسلامية التي ابتدأت في مكة الى الان حيث ابتدأت الثورتان الجزائرية والكوبية في الجبال ومنها دخلت المدن، بل ان الثورة الفسطينية ابتدأت من خارج فلسطين ثم انتقلت الى داخلها.
2- تمايز الاسهام : حتى عندما تشمل الثورة المدن كافة او اغلبها فان شكل الاسهام في الثورة يختلف تبعا للبيئة والامكانيات فمثلا بعض المدن تتحول الى منطقة محررة كليا يحكمها الثوار بينما تبقى مدنا اخرى تحت حكم العدو لكن الثوار يمسكون بالارض فعليا فهم من يسيطر ليلا والحكومة تسيطر نهارا، في اطار حرب عصابات قواعدها معروفة جيدا. السبب واضح :فالمطلوب لمواجهة تفوق العدو ماديا وعسكريا استنزافه تدريجيا وتفكيك قواه خطوة بعد اخرى عبر حرب عصابات، الى ان تبدأ عوامل الانهيار بالتبلور عندها يمكن فرض السيطرة في النهار ايضا والانتقال من حرب العصابات الى حرب كلاسيكية تحسم الصراع.
3- الفلوجة ليست كالرمادي : لو نظرنا الان الى الثورة سنجد الحقيقة السالفة موجودة فالفلوجة مدينة محررة بالكامل، وتقاتل العدو الفارسي وفقا لاسلوب الحرب الكلاسيكية وليس حرب العصابات، بينما بقية الانبار مثل الرمادي وهيت وعنة وراوة وغيرها تمارس حرب العصابات، وكذلك نينوى التي تحدث فيها عمليات عسكرية كبيرة تضاهي عمليات الفلوجة وبعضها اكثر اهمية عسكريا لكنها تتمسك بحرب العصابات وليس بالحرب الكلاسيكة.
4- البؤر الفاسدة : حدى اخطر مشاكل الثورة العراقية هي وجود اشخاص يبيعون بنادقهم لمن يدفع اكثر، وهؤلاء نراهم في الانبار اكثر من غيرها مع ان الانبار هي حاضنة الثورة، ومع ذلك نعد تلك الحالة طبيعية لان البشر فيهم الصالح وفيهم الطالح.
5- خصوصية الجنوب : الجنوب اكثر تعقيدا من الانبار وغيرها من حيث الجغرافية والسكان، فمدن الجنوب قريبة جدا من ايران وفيها جاليات فارسية كثيرة وبعد الغزو جلب مئات الالاف من الفرس واستوطنوا في الجنوب،وفي الجنوب مقرات القوات الايرانية ومخابراتها واشد عملاءها ولاء وشركاتها الكثيرة. كما ان الحنوب ملاصق لايران وليس مثل الانبار او نينوى، واخيرا وليس اخرا ان الاختراق السكاني لعشائر الجنوب من قبل الفرس كبير ومؤثر فايران خططت منذ زمن بعيد للتزاوج مع ابناء عشائر الجنوب ونشأت جماعات اخوالها فرس، بالاضافة لمن مصلحته معهم.
6- قاعدة الانطلاق الفارسية اين؟ الذخيرة الاساسية لايران موجودة في الجنوب وليس في الانبار او نينوى او غيرهما، للاسباب السالفة الذكر ومنها نشأت ميليشيات مسلحة مثل فيلق بدر، وهي دربت لقمع العراقيين العرب قبل غيرهم خصوصا من الشيعة المتمسكين بعروبتهم، ولذلك فان النفوذ الايراني المباشر في الجنوب موجود وخطير وفعال وشرس ولا يوجد مثيل له من حيث الحجم والنوعية في المحافظات المنتفضة. ونتيجة لهذه الحقيقة فان كل شيخ من شيوخ الجنوب اراد اعلان رفضه اللتغلغل الفارسي تمت تصفيته بلا رحمة، كما ان المخابرات الايرانية وبتعمد واضح نصبت حثالات العشائر شيوخا واخذ هؤلاء يهينون من كانوا هم خدما لديهم. والخادم حينما يسيّد يتحول الى وحش كاسر لا نظير له.
7- اضعاف بؤر الثورة في الجنوب : وفي الجنوب حصلت اكبر المجازر ضد القوى الوطنية المناهضة للاحتلال خصوصا ضد البعثيين فاغتيل عشرات الالاف هناك وفرض ارهاب دموي غير مسبوق، وكل تلك الاحوال غير موجودة في الوسط والشمال العراقيين. وبوجود تلك الظاهرة في الجنوب واختفاءها في الوسط والشمال وان وجدت فانها بالغة الضعف مقارنة بقوتها في الجنوب فان اسهام الجنوب في الثورة اختلف من حيث نوعيته ومن حيث حجمه.
تأخر الجنوب او ضعف مشاركته نتاج عوامل موضوعية وليس ثمرة تقصير اهل الجنوب. وحتى اذا عد تقصيرا من قبل البعض فانه لا يختلف عن تقصير بعض اهل الانبار الذين باعوا انفسهم لايران، ولا عن تقصير بعض اهل صلاح الدين الذين يخدمون حكومة العملاء ويقفون ضد تحرير العراق، وتشمل هذه المقارنة ايضا عدم تساوي اسهام ابناء حديثة وراوة مثلا مع اسهام ابناء الفلوجة، لهذا فمن الانصاف والوطنية عدم اغفال الاختلافات الموضوعية في تركيبة السكان وتموضعهم الجغرافي وتأثيرها على المشاركة في العمل الوطني.
نأتي الان الى نوعية وحجم اسهام اهل الجنوب في: الثورة وهو اسهام رئيس وفعال واصبح الان خطيرا جدا واحد اهم عوامل انتصار الثورة المسلحة:
1 – ليس ثمة شك في ان تظاهرات بغداد في عام 2011 وماجرى فيها من اضطهاد مباشر كانت احد اهم مشاركات ابناء الجنوب في رفض الاحتلال، وكانت تلك التظاهرات منسجمة مع الواقع الجنوبي الخاص، فالجنوب وبغداد مثلا ليست فيهما بيئة تسمح انذاك بحمل السلاح كما فعل ابناء الانبار ونينوى وديالى وصلاح الدين لاحقا، والتظاهر هو الخيار العملي المتوفر. كانت تلك التظاهرات التي اشتركت فيها عدة جهات مختلفة، وبدوفع مختلفة تعبير عن وصول رفض اغلب الفئات للحكومة والوضع العام في العراق.
2 – عندما قمعت التظاهرات باسلوب دموي استمرت متفرقة هنا وهناك ومن بينها تظاهرات في الجنوب ومنها تظاهرات البصرة. وكان الرافضون للحكم الصفوي من اهل الجنوب يعملون في بيئة اشد عداء بما لا يقاس للانتفاضة من بيئة الوسط والشمال.
3 – وصلت وفود تضامن عديدة الى الانبار وغيرها من المحافظات المنتفضة للتعبير عن دعمها للانتفاضة وصدرت نداءات كثيرة للانتفاضة في الجنوب الا ان الوضع الخاص للجنوب المشار اليه في اعلاه تحكم بنتيجة النداءات.
4 – عندما ادركت الحكومة العميلة بان اهل الجنوب اخذوا يتحركون علنا وسرا لتنظيم انفسهم للالتحاق بالثورة نفذت عمليات اغتيالات كثيرة لشيوخ عشائر وانصار الانتفاضة في الجنوب.
5 – وبالنظر للوضع الخاص المتميز بوجود قوة ايرانية كبيرة متمركزة في الجنوب من مخابرات وقوات الحرس الثوري والميليشيات التابعة لايران مثل عصائب اهل الحق وحزب الله والتي زادت عمليات الاغتيالات في الجنوب وليس في بغداد فقط فان الثورة المسلحة فيها كانت خيارا مؤجلا ولكن بنفس الوقت فان ابناء الجنوب قرروا ممارسة خيار متاح وفعال وهو الاعلان عن رفضهم للحكومة التابعة لفارس بشتى الطرق السلمية ومنها التظاهرات التي ترفع شعارات تحد كبير للحكومة وانصارها، فرأينا لاول مرة في العراق تظاهرات تستخدم عبارات بالغ الاهانة مثل اهزوجة (كواد... كواد نوري المالكي كواد – كواد تعني قواد) وهو هتاف جرئ جدا ويسقط المالكي بنظر الناس العاديين ويمهد لعزله بقوة اكبر بتشجيع الاف الناس على ادانته ورفضه.
ولم تتوقف عملية تسقيط المالكي وحزبه عند ذاك الحد فانطلقت اهزوجة اشد تدميرا لسمعو المالكي واضعافا لقدرته على الردع وهي (حيوان... حيوان نوري المالكي حيوان) هذا الهتاف كان ليس فقط عامل تشجيع على رمي صور المالكي بالاحذية في مدن الجنوب بل انه دفع بعشرات الالاف للانخراط في التظاهرات وترديد نفس الاهازيج المحقرة للمالكي.
ولمن لم يفهم خطورة هذه الهتافات والاهازيج المحقرة للمالكي عليه الانتباه الى ان العراق لم يشهد في تاريخه الحديث تظاهرات تستخدم عبارات فيها اشد انواع التحقير والرفض للحاكم مثل كواد وحيوان حيث لم تستخدم لا ضد النظام الملكي ولا ضد قاسم ولا ضد عارف، فقط استخدمت ضد المالكي وعلنا ونقلت عبر شاشات التلفزيون بمشاركة واسعة النطاق من جماهير الجنوب. فماذا حدث بعد هذا الطور المهم جدا؟ يتبع.
15-4-2014
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 16 أبريل 2014
صلاح المختار: مرة اخرى: الجنوب والثورة العراقية 1
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق