بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
عن الاعتصام خارج الزمان
|
شبكة البصرة
|
السيد زهره |
قبل فترة، كتب الكاتب الاسلامي المصري ناجح ابراهيم، وهو احد القيادات السابقة للجماعة الاسلامية، مقالا في جريدة " الشروق" المصرية طرح فيه فكرة تستحق التأمل فعلا.
قال ان ثورة 25 يناير في مصر دشنت فلسفة الاعتصام في المكان، سواء في الميادين او غيرها، بغرض لفت نظر الآخرين الى قضايا معينة ومطالب معينة للمعتصمين.
واضاف، لكن الذي حدث بعد ذلك، ان مصر تشهد اعتصاما من نوع آخر هو اسوأ انواع الاعتصام، هو " الاعتصام في الزمان".
كان يشير بذلك الى الاصرار الغريب من جانب جماعة الاخوان على ايقاف عجلة الزمن وتصور انها يمكن ان تعود الى الوراء بحديثهم عن " عودة الشرعية" وعودة مرسي وما شابه ذلك من مواقف.
وقدم ناجح ابراهيم تعريفا عاما للاعتصام في الزمان بقوله : " يعني الرغبة في ايقاف عجلة الزمن عند اللحظة التي يحبها اويريدها أو يرغبها. او يعني العيش في الكهف العقلي بأن يغلق الانسان عقله على زمن غير زمانه او فكر لا يصلح لمجتمعه او طريقة لا تناسب ولا تصلح للوطن الذي يعيش فيه".
الحقيقة ان الذي يتحدث عنه ناجح ابراهيم بهذا المعنى هو اعتصام خارج الزمان، وليس اعتصاما في الزمان. هو اعتصام خارج حدود أي زمان وطني او انساني. هو اعتصام خارج اطار أي مصلحة وطنية.
وهذا النوع من الاعتصام لبيس قصرا على الاخوان في مصر اليوم، وانما يعتبر بالفعل من أخطر الظواهر الموجودة في كل دولنا ومجتمعاتنا العربية.
اينما تلفت حولك في أي دولة او مجتمع سوف تجد نماذج كثيرة لقوى وجماعات تعتصم خارج الزمان.
ولنا ان نتوقف عند بعض الأمثلة.
القوى الطائفية في مجتمعاتنا ودولنا هي اكبر المعتصمين خارج الزمان.
هؤلاء جمدوا التاريخ عند نقطة معينة منذ مئات السنين، واصبحوا خارج الزمن ولا يريدون ان يعترفوا بما تحتمه مصلحة الدول والمجتمعات من ضرورة تجاوز هذه الانحيازات الطائفية الضيقة.
وهؤلاء يصرون على ان يظلوا متحضنين في قلاعهم الطائفية ولا يريدون ان يخرجوا منها لينفتحوا على باقي قوى وطوائف المجتمع في سبيل وحدته الوطنية وسلامه الاجتماعي.
وكل اصحاب الأفكار والمعتقدات السياسية الجامدة الذين لا يطورن افكارهم بحسب تطورات العصر ومصلحة المجتمعات هم ايضا من المعتصمين خارج الزمان. ولافرق هنا اذا كان هؤلاء من اليساريين او اليمينيين او من القوى الدينية او المدنية. وقد دفعت دولنا ومجتمعاتنا العربية، وما زالت تدفع ثمنا فادحا لهذا الجمود والتخلف الفكري والسياسي والعجز عن التطور والتجديد.
والذين يريدون ان يفرضوا على دولنا ومجتمعانا الغربية صيغا للديمقراطية او التنمية عموما مستوردة ولا تناسب ظروفها وأوضاعها هم ايضا من المعتصمين خارج الزمان.
من هؤلاء مثلا الذين يصرون على ان يفرضواعلى دولنا ومجتمعانا صيغة الديمقراطية الغربية على الرغم من ادراكهم ان اوضاع وظروف مجتمعاتنا لا تحتمل ذلك، بل ويعلمون جيدا ان محاولات فرض هذه الصيغة يأتي بنتائج مدمرة على دولنا.
والذين يرفضون التغيير والاصلاح الواجب هم ايضا من المعتصمين خارج الزمان، يستوي في ذلك ان كانوا من الحكام وصناع القرار، او من القوى السياسية والمجتمعية.
هؤلاء لا يدركون ضرورات التنطور وماتحتمه مصالح الشعوب من تغيير واصلاح، ويقفون عمليا في مواجهة الزمن وتحولاته.
والذين لا يجدون بأسا من التحالف مع قوى اجنبية خدمة لأجندات هذه القوى، ويستنجدون بهذه القوى كي تساعدهم في تحقيق او بالأحرى فرض ما يريدون على دولهم ومجتمعاتهم، هم ايضا من المعتصمين خارج الزمان.
هؤلاء في سبيل مصالح ضيقة لا يجدون بأسا من اعادة دولهم ومجتمعاتهم الى زمان الوصاية الاجنبية، ويدمرون كل قيم الاستقلال الوطني والكرامة الوطنية.
وهكذا كما نرى، مفهوم " الاعتصام خارج الزمان" يمثل بالفعل ظاهرة خطيرة تسود دولنا ومجتمعاتنا العربية. وكثيرة هي القوى السياسية والمجتمعية والفكرية العربية التي ينطبق عليها هذا المفهوم.
والمعنى الجوهري في كل هذا الحديث هو ان كل القوى السياسية والمجتمعية والفكرية العربية مدعوة الى القيام بمراجعات جذرية شاملة لأفكارها ومعتقداتها ومواقفها ان هي ارادت مسايرة تطورات الزمن، وان هي ارادت ان تخدم فعلا مجتمعاتها ودولها وتحقق مصالحها وغاياتها.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأحد، 20 أبريل 2014
السيد زهره : عن الاعتصام خارج الزمان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق