قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون)) صدق الله العظيم
د.محمد سيف الدولة (دولة الخلافة الأميركية)
دولة الخلافة الأميركية
محمد سيف الدولة
تحت ذريعة داعش وأخواتها، يحذروننا من الخطر المحتمل لأنصار فكرة الخلافة الاسلامية، كما فعلوا بالأمس مع خطر أسلحة الدمار الشامل في العراق، وبالأمس الأول مع أنصار الوحدة العربية او أنصار الأممية الاشتراكية، وكما يفعلون كل يوم مع أنصار الاستقلال الوطني، أو مع أى دعوة أو فكرة أو حركة في الوطن العربي وفي العالم كله، ترفض الاستسلام لهم والسير في ركابهم.
حسناً، ولكن ماذا عن الخطر الواقع والحال، المتمثل في دولة الخلافة الأميركية التي تحكمنا وتتحكم في مصائرنا منذ عقود طويلة؟
وبدون الغوص العميق في التاريخ، دعونا نتأمل معا حجم الوجود والسيطرة الأميركية الآنية على حياتنا:
عسكريا وأمنيا واستراتيجيا:
هناك بالطبع الحشد العسكري الجديد للحلف الأميركي في العراق وسوريا.
والاتفاقية الامنية الأميركية الجديدة مع افغانستان لتمديد أجل وجود القوات الأميركية هناك.
وقوات الانتشار السريع الأميركية التي اعلنوا عنا مؤخرا في الكويت.
اما قبل ذلك فالقوات والقواعد الأميركية موجودة في العراق والكويت والسعودية والامارات وقطر وسلطنة عمان والاردن وجيبوتي وفقا للبيانات المعلنة، ونظن انه ما خفي كان أعظم.
هذا بخلاف قاعدتهم الاستراتيجية العظمى المسماة باسرائيل.
وقواتهم موجودة في سيناء أيضا تحت عنوان قوات متعددة الجنسية، وفقا لاتفاقيات كامب ديفيد، كما يحصلون على تسهيلات لوجستية مصرية لبوارجهم في قناة السويس ولطائراتهم في المجال الجوي المصري.
يقومون بتدريبات مشتركة مع كافة الجيوش العربية على غرار مناورات النجم الساطع مع مصر.
ويقومون منذ سنوات طويلة بتعليم وتدريب قادة الجيوش العربية في الاكاديميات العسكرية الأميركية، التي لا تخلو بالطبع مع عمليات غسيل أدمغة وعقائد موجهة وممنهجة ومدروسة.
طائراتهم بدون طيار "تبرطع" في سماوات المنطقة لتقتل من تريد، في اليمن وافغانستان وباكستان والصومال.
أما حلفهم المركزي المسمى بالناتو فقواعده في تركيا، ناهيك عما فعله في ليبيا.
يقتسمون النفوذ في العراق مع ايران، ويسلحون الأكراد، ويدعمون انفصالهم لإنشاء دولة كردية تماثل اسرائيل. ويسلحون ويدربون المعارضة السورية "المعتدلة".
يحتكرون بيع وتصدير السلاح لغالبية الجيوش العربية، لضمان التفوق العسكري الصهيوني النوعي على كافة الدول العربية مجتمعة، بالإضافة بالطبع الى استنزاف الثروات العربية في خزائن شركات السلاح الأميركية الكبرى.
يقومون برعاية (اسرائيل) والحفاظ على وجودها وأمنها، ويعملون على تصفية فلسطين وقضيتها. ويعطون الممارسات الصهيونية الاحلالية الاستيطانية الإرهابية العنصرية، غطاءً كاملا في الأمم المتحدة، ويمولون السلطة الفلسطينية الموالية لاسرائيل، ويدربون الشرطة الفلسطينية للتصدي لمظاهرات وانتفاضات الشعب الفلسطيني في الضفة. وقبتهم الحديدة الأميركية تحمي إسرائيل من صواريخ المقاومة الفلسطينية، ويُكرهون كل الأنظمة العربية على الاعتراف بإسرائيل والسلام معها.
ينزعون السلاح عن الاراضي العربية المجاورة للكيان الغاصب في مصر وسوريا والاردن والضفة الغربية المحتلة ولبنان بموجب اتفاقيات او قرارات دولية جائرة، ويفرضون مناطق حظر جوى على هواهم كما حدث في العراق إبان حصار الثلاثة عشر عاماً.
يقومون بتخطيط الترتيبات الأمنية الإقليمية في المنطقة، وتوزيع الأدوار على الدول العربية، ومن أمثلتها الاتفاقية الامنية الأميركية الاسرائيلية للمنطقة الواقعة من جبل طارق حتى باب المندب لحظر توريد أى سلاح للمقاومة الفلسطينية، والمعروفة باسم اتفاقية ليفني/ رايس، الموقعة بعد عدوان الرصاص المصبوب.
يدعمون ويمولون ويسلحون جنوب السودان بعد وقبل سلخها عن السودان، ويحاولون تكرار ذلك في دارفور.
وهم الذين يصدرون تراخيص السلاح النووى لدول العالم، مسموح لاسرائيل، مرفوض لايران والعرب الذين لم يجرؤون بالمطالبة به أصلا، ناهيك عن تدمير السلاح الكيماوى السورى، ولن اذكر احتلال العراق بذريعة نزع أسلحة الدمار الشامل.
يتحالفون استراتيجيا ويتعاونون امنيا ومخابراتيا مع غالبية الدول العربية.
يقسِّمون العالم الى مناطق انتشار وسيطرة عسكرية، ويأتى موقعنا في منطقة "سنتكوم" وهى اختصار لكلمة "القيادة المركزية الأميركية" .
يصنفون البشر والدول والأحزاب والتنظيمات والجماعات، الى فئات وطبقات ودرجات، ويمنحوا اللعنة أو صكوك الغفران الى من يشاؤون.
يحاربون حركات المقاومة والثورات الشعبية، ويسعون الى احتوائها واجهاضها وتفريغها من مضامينها، ويقودون حركات الثورات المضادة في العالم كله.
قاموا بارسال الوفود والشروط والتحذيرات والتهديدات الى الثورة المصرية منذ ايامها الاولى، بضرورة الالتزام بالسلام مع اسرائيل، لكى يعترفوا بها.
يصنفونا الى معتدل ومتطرف وارهابي، ويفرضون العقوبات أو الحصار أو الحرب على الخصوم حسب الطلب، وينهالون بالمعونات والمنح والقروض على الأصدقاء والتابعين، ثم يستعيدوها من الابواب الخلفية.
يمنحون او يحجبون اعترافهم بالنظم الحاكمة، وما أدراك ما هو الاعتراف الأميركي الذى يستتبعه فورا اعتراف دولي.
يسنون في مجالسهم التشريعية القوانين التي تتدخل في أخص شئوننا الداخلية.
يشعلون ويشجِّعون الصراعات الداخلية والحروب الاهلية، لتسهيل مهمة اختراقهم للمجتمعات بالتحكم في موازينها ونتائجها من خلال الدعم العسكري والتمويل المادي لهذا الطرف او ذاك.
يعكفون منذ نهاية الحرب الباردة على إعادة تشكيل خرائطنا وترسيم حدودنا مرة أخرى بمزيد من التقسيم والتفتيت.
يسقطون ويحاصرون الأنظمة الوطنية، ويستبدلونها بأنظمة تابعة، وأميركا اللاتينية خير شاهد على ذلك.
يحشدون ويفضون الدول العربية بحكامها وأنظمتها وجيوشها، للمشاركة والتخديم على المصالح والمشروعات الأميركية.
وبمعوناتاهم ومنحهم يخترقون كل مؤسسات الدول ويتحكمون في نظمها السياسية وتشريعاتها الاقتصادية ومناهجها التعليمية وهويتها الثقافية.
يؤممون كل قرارات الأمم المتحدة ويوجهونها، باستخدام سلاحهم الشهير "الفيتو"، الذى على مذبحه، تم تصفية كل حقوقنا الوطنية والقومية.
***
واقتصاديا وانسانيا:
يمثلون هم وحلفائهم 20 % من سكان العالم ولكنهم يسيطرون على 80% من الناتج العالمي.
يفتحون أسواق العالم أمامهم عنوة، ويدمرون الصناعات الوطنية، ويعيدون صياغة النظم الاقتصادية لدول العالم، باستخدام كافة أنواع الضغوط مثل المنح والقروض والمعونات والمؤسسات الدولية النقدية أمثال البنك وصندوق النقد الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، ومؤسسات التصنيف الائتمانى للترويج او للتشهير باقتصاديات دول العالم حسب الطلب.
ثم يُكرهون الدول الفقيرة على ربط اقتصادياتها بالسوق العالمي، للسيطرة عليها وعصرها ونهبها واختراقها والتحكم فيها، واستباحة أسواقها أمام شركاتهم العابرة للقوميات.
يقتحمون حياة الشعوب ويتسربون الى منازلهم ويتحكمون في مصائرهم ودخولهم، فيفرضون على الحكومات في بلادنا، الامتناع عن دعم الفقراء بالسكن أو الوظيفة او التعليم او العلاج، ويجبروهم على تقليص دور الدولة الى أبعد مدى في خدمة مواطنيها.
يغرقون العالم بالدولار، ويفرضون على الدول تعويم عملتها الوطنية وربطها بعملاتهم، لإحكام دوائر الهيمنة والسيطرة والتحكم.
يحتكرون الثروات النفطية العربية والإقليمية تنقيبا وتصنيعا ونقلا وتصديرا، ولا يتوانون على شن الحروب وإشاعة الاضطرابات ان تعرضت مصالحهم او عقودهم النفطية والتجارية للخطر أو المنافسة.
ويسيطرون على عوائدها من أموال الملوك والأمراء والمشايخ العرب المودعة في البنوك والمصارف الأميركية والأوروبية.
يتحالفون ويستقطبون ويوجهون رجال الأعمال والإعلام والأمن وكبار رجال الدولة في مجتمعاتنا التابعة، كما ورد بالتفصيل في محاضرة لآفي ديختر وزير الامن الداخلي الصهيوني الاسبق.
انهم تجار موت من الطراز الاول، يفجِّرون الصراعات والحروب، بغرض تسويق منتجاتهم من الاسلحة وأدوات القتل من كل صنف ونوع.
يخترقون حياة وخصوصية خلق الله في كل بلاد العالم، من خلال حزم من القوانين المقيدة لحركة الافراد والاموال عبر العالم.
يوظفون تفوقهم التكنولوجي في مراقبة كل قادة وشعوب العالم والتجسس عليهم.
يسوقون لأنفسهم ولأفكارهم ولمصالحهم عالمياً بصفتهم أخيار العالم وأسياده باستخدام ماكيناتهم الاعلامية والسينمائية الجبارة، وتتصدر أتفه أخبارهم، مثل زواج هذا الفنان أو أزياء تلك الفنانة، نشرات أخبارنا، وكأننا رعية في مملكتهم، نتطلع لمتابعة آخر أخبار القصر وحاشيته.
لقد وصلوا بنا إلى الدرجة التي أصبحنا نترقب البيانات والتصريحات اليومية الصادرة من البيت الأبيض، لنعلم ماذا سيحل بقضايانا ومصائرنا .
***
وبعد كل ذلك يأتون ليحذرونا من أنفسنا ومن تطرفنا ومن الأشرار فينا، وهم أصل كل بلاء وشر وجرثومة أصابتنا.
هزلت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق