بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
ثورة 17 -30 تموز ودلالاتها الرمزية!
|
شبكة البصرة
|
اسماعيل أبو البندورة
|
ثورة تموز التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1968 كانت ولا تزال بمعانيها ودلالاتها علامة ومحطة بارزة في تاريخ العراق والعرب الحديث ذلك أنها كانت منعرجاً في حياة العراق والأمة ولم تكن مجرد إنقلاب تقليدي أو تغيير في قمة الحكم ومؤسساته وإنما كانت تأسيسا لحالة وتجربة نوعية تعززت بقراءة نقدية متمعنة لكل المعطيات والمعاني الايجابية التي مر بها العراق والأمة عبر التاريخ، وكانت نسخا وتجاوزا لكل التجارب السلبية والاختلالات الماضية وبناء لرؤية جديدة ونسق سياسي جديد رام أن يؤسس لحالة وطنية – قومية تأخذ هذين البعدين في سياق وتناغم واحد بحيث لا يكون هناك افتراق بين الحالتين أو تناقض وبما يجعل دولة العراق قاعدة لنهضة جمعية مشتركة للعراق وللعرب في آن واحد وتكون قاعدة وخطوة نحو الوحدة العربية المفترضة بكل معانيها ومساراتها وتوجهاتها ذات المضامين الوطنية والقومية.
واشتقاقا من هذا الوعي الكلي الشمولي انطلقت في العراق عام 68 ثورة بؤرية واعدة متعددة الأبعاد والاحتمالات وعلى كافة الصعد وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية واستنهضت واستقطبت بهذه المثابة كافة الطاقات الابداعية الخلاقة لدى العراقيين وشدت انتباه العرب الى معانيها ووقائعها وانخرطت كافة فئات المجتمع العراقي في بناء ثورة انفجارية مغايرة لكل الأشكال والبنى السياسية الماضية ومتمردة وئائرة على الاطارات والعصبيات والتقاليد البالية التي كانت تؤخر المجتمع وتبقيه في مستنقعات الارتداد والقصور والتخلف، وتكبله بمعتقدات تخلفية وغير عصرية، وكانت في بعض جوانبها ثورة ثقافية غيرت المفاهيم والذهنيات وأخذتها إلى دروب العلم والتقدم والنهضة وقدمت فرضية فكرية – نضالية جديدة في حياة العراقيين والعرب.
لقد ترتب على ذلك أن يكون العراق وفي مدارات ثورة تموز المجيدة وآفاقها خاليا من الأمية والفقر والمرض وأن يتزايد أعداد الجامعات وتتوسع آفاق البحث العلمي والانفتاح على العلم والصناعة والتقنيات والمنهجيات الضرورية لبناء الحضارة وتحول العراق الى ورشة عمل تبني وتصنع وتؤهل العلماء والكوادر وانفتح باب الاستقلال والتنمية المستقلة على مصراعيه أمام العراق وأهله، وأصبح العراق دولة مهيبة في مقدمة الدول النامية، ومكانا لصناعة السياسات العربية والإقليمية والدولية، وقبلة رمزية لدول العالم الثالث الطامح الى الحرية والاستقلال ومركزا هاما لدول عدم الانحياز والسياسات الاستقلالية في العالم.
وعندما وجدت القوى الاستعمارية والكيان الصهيوني نفسها أمام مشهد العراق التموزي الانبعاثي الجديد سارعت الى الهجوم الاستباقي فتآمرت وحركت كل البؤر الشريرة الطامعة والطامحة ووظفت الحركة الانفصالية الكردية والأطماع الايرانية الشاهنشاهية ومن ثم الخمينية لتعطيل هذه الثورة - النهضة وكان ماشهدناه من هجمة وحشية بربرية إفنائية على العراق العربي وثورته بدأت منذ عام 1970 ولم تتوقف عام 2003 واستمرت حتى يومنا هذا وكانت حملة استئصالية وإبادة جماعية أحرقت الحرث والنسل ووضعت العراق في مؤخرة مراتب ومؤشرات التخلف والفساد والاستبداد والأمية وعدم الاستقرار.
إن أي قراءة استرجاعية لثورة تموز المجيدة وما أنتجته على الصعيدين الوطني والقومي وما صاغته من تحولات فيهما يؤشر على حقيقتين : أولاهما أن ثورة نوعية بهذه المعطيات والنتائج التي تحققت كانت بلا شك محطة تاريخية هامة فيها نويات مشروع نهضوي عربي شمولي واستطاعت أن تعيد صياغة الحياة والمجتمع العراقي بطريقة تجعله وطنا واعدا وقاعدة استنهاضية تحررية للعراقيين والعرب، ومهما قيل وكتب عنها إلا أنها بقيت واستمرت نظام حكم وطني مميز ومقاومة باسلة للمحتل واحتلت بهذه المثابة مكانتها كعلامة بارزة في التاريخ العراقي والعربي الحديث.
وثانيهما : أنها كانت فرصة عربية قومية قوضتها بالعدوان المباشر وغير المباشر الحروب الاستعمارية الاستنزافية التي شنت ضدها بغية إسقاطها ومحو أثرها الى الأبد. وكانت أيضا فرصة قومية نهضوية أهدرت ذات غفلة عربية ولم يحافظ عليها العرب كما يجب ولم يستجيبوا لندائها وتحذيراتها البعيدة (من حتمية لقاء ايران وأمريكا والصهيونية ذات يوم) ولم يتحققوا جيدا من مغازيها البعيدة فاستطاع الاستعمار تطويقها وإحباطها (وأحيانا كثيرة بخيانة ومشاركة عربية رسمية)، ولكنها وعلى الرغم من كل ذلك بقيت حتى اللحظة تنتج معانيها وتتكثف في العقل العربي باعتبارها نموذجا ومثالا ودرسا لابد أن يتأمله العرب وتحديدا في مثل لحظتنا العربية الراهنة أو في هذا العصر الايراني الاستعماري النووي الجديد!
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الخميس، 16 يوليو 2015
اسماعيل أبو البندورة : ثورة 17 -30 تموز ودلالاتها الرمزية!؛
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق