بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
الوطن والهوية ما بين الوحدة والتشتت
|
شبكة البصرة
|
بقلم: سعاد الكعبي |
من الطبيعي أن يکون لنا في کل القضايا رأي قد يتطابق ويتفق مع آراء الآخرين أو قد يختلف معها بغض النظر عن صحة هذا الرأي أو سقمه والإختلاف في الرأي يرجع إلي أسباب؛ منها ظروف المعيشة ومستوى الوعي والتجارب في الحياة وكذلك إختلاف النفسيات والأمزجة فکلنا من طبقات وأعمار وأجناس مختلفة ووجد الإختلاف مع وجود البشرية إذ أن حواء مختلفة عن آدم وإختلف كتاب وفلاسفة وشعراء ورجال سياسة فلماذا خلاف إخوة في الإنسانية يفسد الود والإخاء؟
کل هذا كان مقدمة لما نريد التطرق اليه في هذا المقال وهو ما وقع ويقع أخيرا في الساحة الثقافية الاحوازية من خلافات فکرية بين النشطاء والتي أخذت طابع الخلافات القبلية المنبوذة نوعا ما فنشبت نيران المعارك وارتفعت النعرات بين المجموعات والأطياف والتيارات وصرنا نشاهد صراعات مليئة بالشتم والسب أدت بعضها بالهجوم إلي البيوت والأسر وهذا خطأ فادح قبيح غير مسموح به عقلا وشرعا وللأسف الشديد عندما إشتد وإحتد الصراع الفكري بين النشطاء وإلتهبت الساحة بالآراء المختلفة المتضاربة ضاع الود واللطف بين کثير منهم متناسين هذه القاعدة بأن الإختلاف في الرأي ينبغي أن لا يؤثر على استمرار العلاقات والمودة ويلزم أن لا يكون التحزب في النشاط الثقافي مدعاة للعداوة والحقد بل هو سبيل للتنمية والتكامل والرقي.
وإضافة على ذلك أن هذه الخلافات المزيجة بالتمزيق والإهانة والشتم غير لائقة بشعبنا الذي يمتلك سجلا لامعا وغنيا في الثقافة والأدب والأسوأ أنها ستؤدي بوحدة الشعب الاحوازي وسوف تعرقل حرکته نحو التقدم وکسب الحقوق الضائعة وستخلف اخطارا كبيرة حيث في مستقبل قريب سنغدو شعبا حقيرا جاهلا متشتتا تسخر منا الشعوب الأخرى ونروح مستنقعا مبارکا للعدو ليقذف صنارته فيه ويصطاد ما يهدف اليه وسوف تندثر عزتنا وکرامتنا ومبادئنا السامية التي کانت تضفي علي تاريخنا العريق مجدا وفخرا ويصبح الوطن كقطعة قماش تفتكه أسنان الذئاب.
اذن کيف لنا أن ندفن کل هذه العظمة تحت تراب الحقد والخلاف في ليلة وضحاها وکيف لنا أن ننسى هدفنا الکبير الذي منذ عقود ونحن وأسلافنا نضحي له بأنفسنا وبأقلامنا فتصبح کل هذه الجهود هباءا منثورا.
لذا من أجل الحفاظ علي الوطنيه وهدفنا العربي المنشود ومجدنا التليد وثقافتنا العريقة علينا بإرشاد وإقناع الطرف الآخر بشكل صحيح وسلمي دون إفساد الود والإخاء وعلى ذلك الطرف عدم نشر الأکاذيب وزرع الفتن والهجوم والتمزيق وهدم الشخصيه والنقد اللاذع الهدام المصحوب بالعمي وبإغماض النظر عن ايجابيات وإنجازات ذلك النشاط.
وأفضل حل يجب ان نتمسك به لعدم الخوض في ساحة الخلافات الخطرة الضارة بالوطن هو الحوار السليم والمستدل بالمنطق بعيدا عن التطرف والحيادة والشتم والإستخفاف والسخرية بين الأطياف والمجموعات والشخصيات لاسيما في مايخص قضايا الوطن والنشاط الثقافي وهذا أمر مهم وضروري جدا إذ من شأنه أن ينمي تطلعاتنا الوطنيه ويرقي بنا إلى ما هو أفضل.
إن الالتزام بهذه الأسس والقواعد الصحيحة والصبر والمداراة في الخطابات الفكرية كفيل لارتقائنا في جميع الجهات لجلب النفع والخير للشعب وللوطن ولإثراء المخزون الثقافي وتوحيد الصفوف والأصوات وعدم انجرارنا في متاهات ثقافة الأجانب وثم كما نعلم أن خير أسوتنا في المداراة والإقناع هو النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام ونحن نري أنه استطاع أن ينتصر علي المشرکين بالحلم والعلم وسمو الخلق وقنّع مخالفيه برسالته السمحاء عن طريق الحوار العقلائي (وجادلهم بالتي هي أحسن) فكانت نتيجة صبره في النهاية إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
نعم وهکذا نحن إن وجدنا الخطأ في رأي شخص او تيار آخر وخاصة اذا لاحظنا أن رأيه أو نشاطه المبني علي تلك الأسس الخاطئة قد يضر بالشعب وبإستقلال الوطن وبالهويه الاحوازيه فعلينا ان نحاوره ونناقشه ونقنعه بحوار سليم طيب سموح وبالشروط المذكورة أعلاه من أجل تقارب الأرواح ولتذوب روح التعصب وتفصح المبهمات عن حقيقتها وتنزع الجموح فبالتسامح وسعة الصدر والوحدة نسطيع أن نعبّد الطريق نحو السمو والرفعة والتطور ونرتقي سلم المجد والعظمة العربية حتى الحصول على مبتغانا بإذن الله.
بناءا على هذا يجب علي کل الفرق والمجموعات الثقافية الاحوازية أن تعري جل إهتمامها لتكريس المباديء القومية السامية ومحاربة الثقافات الدخيلة الهادفة لطمس الهوية الاحوازية وتبذل طاقاتها الفكرية والجسدية لقضايا اكبر وأكثر أهمية كالتهميش والتفقير والبطالة وأن تثبت نفسها على أرض الواقع في حل هذه المعاناة حتى الإمكان بدل تهدير الطاقة على الثرثرة والصراعات الشخصية والدونية وعليها أن تفتح آفاقا واسعة في ميدان الحوار يضج بالآراء والأفكار المختلفة والمتقاربة؛ منها ما ينحسر ويموت ومنها ما يرفع راية النصر والصمود للوطن دون إنقطاع حبل المودة والتكاتف وفي نهاية المطاف لا يصح من هذه الآراء والخطابات إلا ما يسعى للحفاظ على الهوية الاحوازية المستقلة والكرامة والعزة اليعربية ويكون نواةً صالحة تغرس في نفوس الاحوازيين هويتهم دون الإلتباس بثقافة الغير.
فالحفاظ على هذه الهوية هو أول الأولويات وأهم المهمات واعظم الحاجات وأكبر المصالح.
كارون عن أنا مثقف
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 29 يوليو 2015
سعاد الكعبي : الوطن والهوية ما بين الوحدة والتشتت
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق