تحدثت في مقالات سابقة عن الجدل الدائر حول أزمة الاعلام العربي في مصر والدول العربية عموما، وقلت ان الإختراق الأجنبي يعتبر اليوم من اكبر وأخطر أزمات الاعلام.
نعرف ان هذا الاختراق الأجنبي للإعلام العربي تفاقم وأصبح ظاهرة في منتهى الخطورة في السنوات الماضية.
سبب تفاقم هذه الظاهرة هو ان دولا وقوى اجنبية لديها مخططات واجندات معروقة تستهدف الدول العربية، وسعت بكل السبل الى تنفيذ هذه المخططات.
هذه الدول والقوى تعلم جيدا ان الاعلام له دور حاسم في تنفيذ اجنداتها والترويج لمخططاتها.
كما كان وراء تفاقم هذه الظاهرة الظروف والأوضاع الصعبة المعروفة التي مرت بها الدول العربية وما شهدته من خلافات او صراعات داخلية ومن اوضاع غير مستقرة لعبت دورا في تسهيل هذا الاختراق.
وليس امرا خافيا ان اكبر دولتين نجحتا في اخترا ق الاعلام العربي في السنوات الماضة هما، امريكا ومعها الدول الأوروبية، وايران ومعها المنظمات الارهابية التابعة لها وخصوصا حزب الله.
امريكا وايران لديهما كما هو معروف اجندة ومخططات شريرة تستهدف الدول العربية. والجبهة الاعلامية تعتبر بالنسبة للبلدين جبهة متقدمة في السعي لتنفيذ هذه الأجندة والمخططات.
وقد نجحت امريكا في السنوات الطويلة الماضية في مصر وغيرها من الدول العربية في تجنيد نخبة موالية لها في اوساط الساسة والاعلام وفي صفوف المجتمع المدني. هذه النخبة تروج بداهة للأجندة الأمريكية في الدول العربية.
وتحت ستار البرامج المشبوهة لنشر الديمقراطية مولت امريكا هؤلاء الاتباع لها. وفي هذا الاطار، اخترقت الاعلام وجندت اجهزة اعلام تروج لأجندتها.
وليس سرا خافيا ان هناك صحفا مصرية من الصحف المسماة مستقلة قدمت لها امريكا تمويلات سخية منذ نشأتها.
ايران فعلت نفس الشيء، ونجحت بدورها في تجنيد عملاء لها في الأوساط السياسية والاعلامية في مختلف الدول العربية.
بالإضافة الى نجاح القوى الاجنبية في شراء ذمم افراد في صفوف الاعلام والأحزاب السياسية والمجتمع المدني. الخطورة ان هذا الاختراق الاجنبي يتم عبر قوتين اجتماعيتين كبيرتين:
الأولى: بعض رجال الأعمال، الذين لديهم بداهة مصالح وروابط اجنبية متشعبة، ولا يعنيهم سوى الربح وخدمة مصالحهم الضيقة.
رجال الأعمال هؤلاء دخلوا في السنوات الماضية مجال الاعلام وانشأوا صحفا وقنوات تلفزيونية ومواقع الكترونية، كان التمويل الأجنبي وراءها منذ البداية.
والثانية: القوى الطائفية المرتبطة بايران والموالية لها. وكثير من هذه القوى مرتبط بأمريكا وموال لها في نفس الوقت. هذه القوى بدورها اصبح لها في السنوات الماضية اجهزة اعلامية كثيرة تابعة لها بتمويل اجنبي في الأساس.
أي ان رأس المال الجشع والطائفية اجتمعا ليمثلا بيئة خصبة لهذا الاختراق الأجنبي للإعلام العربي.
وفي المحصلة، اصبح لدينا قطاع لا يستهان به في الاعلام العربي لا يخدم أي اجندة وطنية بل يخدم اجندات اجنبية ويروج لمواقف وسياسات القوى الاجنبية التي تستهدف الدول العربية.
وعندما نتابع مثلا في الفترة الماضية ما يقوله او يكتبه اعلاميون عرب يدافعون عن اجندة امريكا ويروجون لسياساتها.. ونتابع اعلاميين عربا يدافعون بحرارة عن ايران ومشروعها ويتهمون الدول العربية بانها هي سبب الارهاب في المنطقة، ندرك الى أي حد بلغت خطورة هذا الاختراق الأجنبي للإعلام العربي.
نقول هذا لننبه مجددا الى الخطر الداهم الذي يمثله هذا الاختراق الأجنبي ولضرورة ان تأخذ الحكومات العربية موقفا حاسما يضع حدا لهذا الخطر.
ليس من المبالغة في شيء القول ان هذا الاعلام العربي المخترق والممول من قوى اجنبية ويخدم اجنداتها، هو خطر يهدد الأمن القومي لدولنا العربية.
هذا الخطر يتفاقم في الوقت الذي تشهد فيه دولنا العربية كما نعلم اكبر هجمة شرسة في تاريخها تستهدف وجودنا العربي ذاته.
ولهذا، حكوماتنا العربية مطالبة بوضع حد نهائي لهذا الاختراق الأجنبي وبمنتهى الحزم والحسم.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق