مليونا كلمة ومليونا قتيل.. وحقيقة التقرير البريطاني الخاص بالغزو..!
يستبق رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قرب الإعلان عن تقرير تشيلكوت بشأن غزو العراق، بالاعتذار المفاجئ عما وصفها بأخطاء معينة شابت تلك الحرب التي جرت في ربيع عام 2003 ، وأسفرت عن احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، وأعلن رئيس لجنة التحقيق في حرب العراق السير جون تشيلكوت أن التقرير “ذا المليوني كلمة” سيتم نشره في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز المقبلين.
المفارقة أن التقرير البريطاني الخاص بالغزو قد تضمن حقائق كثيرة استغرقت مليوني كلمة، ومهما سيقال فيه فأنه لن يعيد الحياة لأكثر من مليوني عراقي قضوا بسبب هذا الغزو الإجرامي الذي قاده نهارا جهارا جورج دبليو بوش وتوني بلير، وبالمناسبة فأن النقاشات التي اشعلها “اعتذار بلير عن حرب العراق” قد زخرت بها وسائل الإعلام البريطانية والمحافل السياسية والدبلوماسية، ويتمحور حديث الشخصيات والقوى البريطانية على خسائر بريطانيا خلال تواجد قواتها على أرض الرافدين تلك والتي أعلنتها وزارة الدفاع البريطانية، وهم 179جنديا و3500 جريح، إضافة إلى الخسائر المادية.
لا يعرف العراقيون عن ماذا يعتذر توني بلير، هل عن إصراره على المضي في مشروع تدمير العراق بعد الحصار الظالم والقاسي والطويل الذي أصروا خلاله على طحن الشعب العراقي، أم على الغزو الذي تمخض عنه كل هذا القتل وانهار الدماء من العراقيين وتخريب كل شيء في هذا البلد وفتح جميع الأبواب للصوص والمجرمين ومنتهكي الحقوق وبطرق بشعة لا مثيل لها في التاريخ.
أنا لا اريد الحديث عن الجوانب القانونية والجنائية المترتبة على الغزو والاحتلال لأن الكثيرين يتطرقون إليها منذ بداية الغزو رغم أن قوتها ازدادت بعد اعتراف بلير الأخير، خاصة أن الغزو قد استند إلى معلومات كاذبة وواضح للجميع أنها كاذبة وأن القصد من ترويجها في وسائل الإعلام لبدء الغزو وتنفيذ برنامج تدمير العراق ـ كما حصل لاحقا على مرأى من العالم- وهل نسي بلير تصريحه الناري الذي حذر فيه دول أوروبا من قدرة العراق شنّ هجمات باسلحة الدمار الشامل خلال خمسة واربعين دقيقة، وهل نسي توظيفه لوسائل الإعلام البريطانية المختلفة للترويج للمزاعم التي تحدثت عن اسلحة الدمار الشامل، وهل نسي ممارسات جنوده البشعة في تعذيب العراقيين في البصرة والعمارة، حيث تواجد جنوده وضباطه هناك؟
لا اعرف مالذي سيعتذر عنه توني بلير، فهو يعرف والعالم يدرك أن ما يجري في العراق حتى هذه اللحظة وربما بعد سنوات من دماء ودمار وعواصف ناجم عن غزوهم الشرير الاحمق لبلاد الرافين، وأن تفريغ العراق من علمائه وكفاءاته قد حصل نتيجة لغزوهم ، وأن وصول عدد الايتام والارامل فيه إلى ما يزيد عن خمسة ملايين بسبب حماقاتهم واجرامهم بغزو العراق، وأن ترك الملايين لبيوتهم ومدنهم وبلدهم بين مشرد في الاصقاع وفي البراري وبين الجبال بسبب حماقاتهم وغزوهم للعراق.
عن ماذا يعتذر بلير وهل يعفيه ذلك ومن معه من الملاحقة الجنائية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق