بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
القومية العربية بين تنظيرات ساطع الحصري وتطبيقات البعث والناصرية
|
شبكة البصرة
|
أ.عبدالعزيز أمين عرار |
اشتهر الأستاذ ساطع الحصري بكونه منظر القومية العربية وهو الذي أفنى سنوات عمره داعياً لها مبينا تعريفاتها ومفاهيمها ومحاربا للإقليمية والقطرية وللقومية الضيقة، ولكنه لم يترجم فكره وتنظيره إلى خطوات عملية كأن يؤسس حزباً وتنظيماً قومياً، ومع أنه شخص الأحزاب السياسية في أربعينيات القرن الماضي ووصف البعث بأنه أكثرها إخلاصاً لمبدأ الوحدة العربية لكنه عارض الأستاذ ميشيل عفلق في ربطه بين عمل تنظيمات مسلحة ونشر فكرة الحزب القائمة على شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ومبادئ الوحدة والحرية والاشتراكية.
لقد اختلف الطرح البعثي لمؤسسي البعث عن أطروحات الأستاذ ساطع في حديثهم نظرية القومية العربية في تاريخنا المعاصر وترجمتها من خلال التنظيم الحزبي أو من خلال توظيف الثورة والوصول بالشعب إلى حكم قومي تقدمي.
هذا ناهيك عن الفارق بين دعاة القومية السابقين للبعث الذين ركزوا على دور النخبة والفرد وعمله بينما اتجه البعث نحو دور الطبقات الشعبية الكادحة وتضم العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والبرجوازية الصغيرة الموصوفة بوطنيتها، وهذا يفسر انتقال الفكرة القومية إلى تيار قومي شامل ويلتصق بالنضال والأيديولوجي الثورية العربية المعاصرة، لهذا نجح البعث في الوصول للحكم بفعل إيمانه بالثورة ومخاطبته لقاعدة جماهيرية واسعة، لدرجة أن الشيوعيين وغيرهم من الأممين الذين عادوا النظرة القومية واعتبروها نظرة برجوازية اضطروا أخيراً لمجارات الجماهير العربية في إدخال شعار الوحدة العربية في برامجهم, يمكن القول أن البعث سجل نجاحا في صياغة فكر ومبادئ قائمة على التجربة الحية بحيث تجاوزت فكرة القومية المجردة وحديث النخبة إلى الانفتاح على التيارات العالمية والفكرية والإنسانية بما يتفوق على طرح المفكر العربي ساطع الحصري، ومع أن حركة القوميين العرب احتلت مساحة في الساحة العربية وكانت هي والناصرية جزءاً من التيار القومي العربي الذي ساد خريطة الوطن العربي إلا أن شعاراته المتمثلة في شعار (وحدة تحرر فداء ثأر) بقيت أقرب لطرح ساطع الحصري وخالية من الحديث عن مبدأ العدالة الاجتماعية، لهذا اصطبغت بطابع عاطفي، ولهذا كانت قد تراجعت عن شعاراتها بشكل مذهل بعد هزيمة حزيران لتتبنى الفكر الماركسي من خلال الجبهتين الديمقراطية والشعبية.
أما الفكرة الناصرية التي جاءت من دور القائد والزعيم القومي جمال عبدالناصر فهي تجربة تتشابه كثيرا مع البعث ولكنها تختلف من حيث بنيتها التنظيمية وترتيب المبادئ بينما حيث جاءت الناصرية ب(الحرية والوحدة والاشتراكية). كما أنها رفضت التعامل مع الأحزاب ولم تؤمن بالتعددية السياسية، ولعل خير تعبير عن ذلك اشتراط الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على الأحزاب ومنها البعث حل تنظيماتها مما يؤكد الإيمان بدور الفرد وليس دور الجماهير الشعبية.
ملخص: كان رجال البعث ومفكريه أقرب الحركات القومية العربية لصنع نظرية قومية عقائدية سياسية منفتحة على الغرب والشرق في بنائها الأيديولوجي، حتى أنها شكلت منذ عام 1963 قاسماً مشتركاً لجميع الحركات الوطنية والقومية والأممية والديمقراطية، ولكن انشقاقات الحزب وأهمها الردة الشباطية في 23 شباط 1966 شوهت حزب البعث ومقاييسه بما أدخلته من ممارسات وأفعال طائفية وتكتلات وشللية، وقد ظهرت خطورتها في سوريا وما ألت إليه أوضاعها التي يعايشها الشعب العربي السوري ونتائجها السيئة. وقد عبر عنها المناضل الشاعر كمال ناصر: حينما قال: لقد شوهت غربة المقاييس روحي..... وهكذا شوهوا حزب البعث هؤلاء العسكريين والانقلابيين الشباطيين ومدعي التصحيح وعلى رأسهم حافظ أسد.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015
أ.عبدالعزيز أمين عرار : القومية العربية بين تنظيرات ساطع الحصري وتطبيقات البعث والناصرية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق