بعد عديد المؤامرات التقسيمية والتفتيتية التي حيكت ضد الوطن العربي وتم خلالها انتزاع قلب العروبة (فلسطين) لصالح المشروع الكولونيالي الصهيوني من قبل القوى الاستعمارية الامبريالية بدءاً بورقة مشروع كامبل ومروراً باتفاق سان ريمو ومعاهدة سايكس بيكو وانتهاء بمشروع الفوضى الخلاقة الذي تفتق عن العقل الأمريكي الصهيوني بهدف الإجهاز على الأمة العربية ومشروع نهوضها وتقدمها، وكذلك القضاء على قواها الحية، والذي تم استحضاره للمنطقة العربية عبر بوابة احتلال العراق الشقيق، وغزوه عسكريا وتدمير قدراته الهائلة التي شكلت وعبر سنين طويلة عمقاً إستراتيجيا للأمن القومي العربي،وتباعاً تدمير ليبيا وكل من سوريا واليمن ومصر العروبة.
لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت بعض الشيء في سياستها الرامية تدمير وتفتيت المنطقة العربية وتفكيكها من خلال مشروع الفوضى الخلاقة الهادف إشعال النيران في المنطقة في محاولة منهم إشغال العرب وزجهم في أتون حرب أهلية وطائفية تثنيهم عن مقارعة قوى الاستعمار والامبريالية والصهيونية،ومن جانب اّخرتجنيب دولهم خطر الإرهاب العربي الإسلامي الذي ضرب ودك حصونهم في عقر دارهم حسب وصفهم وزعمهم.
اليوم وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على غزو العراق والشروع بتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي الصهيوني، تنفلت الأمور من عقالها وتأكل الحرب الأخضر واليابس، وتشتعل النيران اللاهية في كل زاوية وناحية، ويمتد لظاها ليدق أبواب أوروبا وحصون الولايات المتحدة بألوان وأشكال مختلفة عجزت معها القوى الاستعمارية عن احتوائها والسيطرة على مجريات الأمور هناك،مما أستدعى تحولا سريعا في السياسة الأمريكية وحلفائها الذين باتوا يستنجدون ويستجدون تدخلا ودورا روسيا إيرانيا يضع حلولا خلاقة للفوضى المنفلتة على مصراعيها، وباتت تهدد العالم بأسره.
إن تخلي واشنطن عن دورها الطليعي في الشرق الأوسط لصالح موسكو وطهران دفع العديد من القادة وأمراء الحرب ووكلاء الفتنة في المنطقة العربية للحج قاصدين موسكو وطهران أملا قي إسنادهم الدور المنشود والتربع على أشلاء الأمة والفوز بإمارة هنا وهناك متجاهلين قدرات الأمة وشعوبها وإمكاناتهم الكامنة،ومتناسين في الوقت ذاته حدود التدخل الروسي الإيراني النابع من الحرص على مصالحهم وأطماعهم فقط في الجسد العربي المنهار.
يقيناً لن تفلح الترتيبات الروسية الإيرانية الخلاقة في احتواء الأزمة وتسخيرها وفق مصالحهم وإطفاء النيران المشتعلة ووقف حالة الدمار والانفلات مما يتطلب وقفة جادة ومسئولة من قبل كل شرفاء الأمة المخلصين الأوفياء الغيورين(عساكر وعمال وفلاحين ومثقفين)،والنهوض من كبوتهم، ومغادرة حالة التجاذبات السياسية والايدولوجية والمذهبية الصغيرة والحمقاء،والإسراع في وضع الخطط والبرامج والآليات الكفيلة بتوحيد جهود الأمة وطاقات جماهيرها العريضة وقواها الوطنية والقومية والإسلامية،والعمل معا وسويا على توجيه تلك الطاقات والجهود في سبيل الحرية والديمقراطية،وبث قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص،وكذلك توجيه البنادق وألسنة النيران المشتعلة صوب صدور أعداء الأمة،وتحرير كافة الأراضي العربية المحتلة وفي المقدمة منها فلسطين الحبيبة،وطرد الغزاة والمستعمرين والطامعين وأدواتهم ووكلائهم الذين يعيثون خرابا وفسادا في جسد الأمة الواهن،وصولا نحو غد واعد ومشرق تنعم فيه أجيالنا القادمة بالوحدة والحرية والتقدم والازدهار،وتتربع خلاله أمتنا على سلم المجد والريادة مكانها الذي يليق بين الأمم.
بيت فوريك- فلسطين المحتلة
أيلول-2015
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق