هم أبناء فلسطين وحدهم لا غيرهم، الذين عودونا على تجاوزكل الصعاب، وتحدوا كل العقبات، وواجهوا كل الملمات، فلم يهدأ لهم بال منذ فكرت بريطانيا بإعطاء اليهود فلسطين كوطن قومي لهم، فواجهوا العدوان بصدورهم، ومع قيام دولة الكيان الصهيوني، وما يلاقي هذا الكيان من دعم ومساندة من قبل كل أعداء الحق والحرية في هذا العالم إلا أن نضالاتهم ما فترت، وتضحياتهم ما توقفت، فصمدوا في وجه الرياح العاتية التي أرادت أن تقتلع جذورهم، ومع التشريد ما نسوا وطناً تم اغتصابه في وضح النهار، فكانت ثوراتهم التي عمت كل اراضي فلسطين.
وبعد النكبة جاءت النكسة، فاطبق اليهود على كامل فلسطين، وتعلم الفلسطينيون أن البقاء في الأرض والتجذر فيها عنوان المقاومة، لأن الكيان الصهيوني يريد أرضاً بلا شعب، فكانت جرائمه في النكبة من قتل وتشريد وتدمير، ومسح لكل ما يمت إلى الحياة الفلسطينية، وغاب عن ذهنه أن فلسطين تعيش في سويداء قلب كل عربي وطني شريف، فهي قضية أمة وما الفلسطينيون إلا رأس رمح لتحرير فلسطين، ومازالوا يمارسون دورهم بكل تضحية واباء وشرف، رغم كل المؤامرات من العملاء والخونة والساسة العرب المجرمين.
وبعد أن جاءت اوسلو وفرسانها، وما تركته من جرح عميق في النضال الوطني الفلسطيني، فقد شرعنت الحق لليهود في الوجود وهم المغتصبون، وكسرت البندقية المناضلة والمقاومة، لتلهث وراء الحلول الاستسلامية دون وعي لمكر اليهود والحركة الصهيونية، وهاهي تراوح مكانها على طاولة المفاوضات منذ ما يقرب من ربع قرن، فاذا كان وعد بلفور أعطى حق من يملك لمن لا يملك، فقد جاءت أوسلو لتعطي الحق من صاحب الحق لمن لا يملك، فكانت جريمة أوسلو وفرسانها، ولا يتشدقن أحد من فرسان أوسلو على أحد من العرب، لأن جريمتهم أكبر بكثير مما يقترفه العملاء والخونة في النظام العربي الرسمي.
ومع ظروف الحياة القاسية والصعبة التي تحيط بالفلسطينيين من سلطة اوسلو التي تنفذ تعليمات سلطة الاحتلال، وقهر الاحتلال ومحاصرته ونهبه الأرض واستغلاله، إلا أن أبناء فلسطين الذين علموا الدنيا المقاومة والصمود في أحلك الظروف، فقد كانوا أبطال انتفاضة الحجارة الأولى والثانية، وقد تجاوزوا كل القيادات باستثناء القلة القليلة منهم كالشهيد أبوجهاد الذي كان مهندس الإنتفاضة الأولى، ولكن أين كل هؤلاء وأولئك من عقلية أبو جهاد النضالية، وهاهم اليوم رغم سلطة أوسلو التي تصر على عدم المواجهة، فقد إنطلق شباب وشابات فلسطين لمواجهة الصهاينة بالسكين في مواجهة البندقية الصهيونية، ليقدموا الشهيد تلوى الشهيد، فالفلسطينيون يموتون على أرضهم شهداء حتى وإن لم يقاتلوا، فالصمود في الأرض والتخندق فيها هو الجهاد بعينه، فالعدو يريد فلسطين أرضاً بلا شعب، ليحقق طموحاته، وينجز أهدافه في أن فلسطين أرض بلا شعب لتعطى لشعب بلا أرض.
شعب فلسطين يعلن اليوم وعلى الملأ أن فلسطين مازالت عربية، وأن شعبها لم يستسلم، فللقيادات السياسية حساباتها وله حساباته، وهيهات بين الحسابتين، وهاهم الأطفال يقودون المواجهة في الحجر والمقلاع والسكين في مواجهة جيش مدجج بالسلاح، ليؤكدوا ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن ما فرط به على طاولة مفاوضات أوسلو لايعنيهم.
تجاوز هؤلاء الفتية كل العقبات والمصاعب والقيادات، وآمنوا بالله وبالوطن المقدس وبأمتهم، رغم ما تعاني من تكالب امبريالي صهيوني فارسي تنهش في جسدها من كل جانب، ولكن خاب أملهم، وما علموا أن تاريخ هذه الأمة يؤكد أن فلسطين قد تعرضت للعديد من المؤامرات، ولكنها في النهاية عادت عربية الوجه واليد واللسان، فسيقيض الله لهذه الأمة من يلم شملها، ويوحد ارادتها، وتتمكن من إعادة كرامتها المهدورة، وحقها الضائع في كل مكان، وفي المقدمة من هذا الحق فلسطين المغتصبة، فحيا الله أطفالها ونساءها وشيوخها، وكل من هو صامد على أرضها، فقد حباها الله بقدسيته عندما صعد نبي هذه الأمة منها إلى السموات السبع ليلاقي ربه بعد أن صلى فيها بكل أنبياء الله.
dr_fraijat45@yahoo.com |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق