أن يٌخرج شخص فيلما أو نصّا ثقافيّا أو ما إلى ذلك يسخر فيه من حضارة أو معتقد أو أفكار أو ألوان أناس يختلفون معه في الدّين وفي المنبت الحضاريّ يٌخرج ذلك العمل عن دائرة حريّة التّعبير والإبداع وما إلى ذلك ويتنزّل في منزلة العنصريّة والتّمييز الدّينيّ أو العرقيّ، ناهيك وأنّ مخرج فيلم " براءة المسلمين " يصرّح عن وعي أنّ عمله ليس عملا ثقافيّا، بل هو عمل سياسيّ بامتياز وأنّه يعتبر الاسلام سرطانا والمسلمين أجلاف وسفّاحين وما إلى ذلك من النّعوت العنصريّة.
لذلك لا يجب التّعامل مع هذا العمل على أنّه عمل فني إبداعيّ وأنّ الإبداع لا رقابة عليه، بل يجب التعامل معه على اعتباره عملا سياسيّا معاديا سخر من العرب ومقدّساتهم وعلى رأسهم الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وسلّم.
ونحن نتساءل كيف يعمد أشخاص يدعون أنّهم متحضّرون وأنّهم ينتمون لدول ديمقراطيّة وحداثيّون وأصحاب رسالة للإنسانيّة إلى النّزول إلى هذا الحدّ من الحقد على العرب وعلى الإسلام، وكيف لقادة هذه الدّول سياسيّين ونخب ثقافية وعلميّة أن يفسّروا هذا السّلوك الذي يكاد يكون عامّا وشائعا لدى العديد من أبناء جلدتهم يعبّر عنه رجال الدين والجنود والمثقّفون ورجال السّياسة، وماهي خططهم وبرامجهم لتجاوز هذا الشّعور العنصريّ وخاصّة تجاه العرب والإسلام؟؟؟.
إنّ هذا العمل مرفوض ومٌدان ويجب محاسبة أصحابه : مٌنتجيه ومٌنفّذيه ومٌروّجيه ومٌموّليه.
ولكن نعتقد أنّ الأمر يتجاوز هذه الدّائرة الضّيقة ويتعدّاها إلى صنّاع القرار السّياسيّ على المستوى الدّوليّ ووكلائهم في وطننا العربيّ العزيز.
فهذا العمل بالإضافة إلى تنفيسه عن عقد الغيرة والحسد من العرب والاسلام، هو امتحان لردّات فعل العرب
الرّدود الشّعبية وما يمكن أن يٌسمى " بالتجاوزات " هنا وهناك... تٌقدّم للشّعوب الغربيّة على أنّها صورة العربيّ المتهمّج.. وستٌصوّر أعمال " الحرق والعنف " إن وقعت وتٌروّج على أوسع نطاق ويٌروّج معه في نفس الوقت أنّ العدوان على العرب والمسلمين مشروع بل هو ليس عدوانا وإنّما مهمّة تحديث وتحضّر...
وهو امتحان للنّخبة السّياسيّة والثّقافيّة في وطننا وقياسا لردود فعلها، فعلى ضوء ذلك تٌوزّع العطايا الماديّة والسّياسيّة.. وعلى ضوء ذلك يٌقرّب "الأصدقاء" ويٌجتثُّ الخصوم.. فصمتت النّهضة وحلفاؤها وصمت الإخوان...
وبان بالكاشف أنّ لعبة تجريم الاعتداء على المقدّسات ما هي إلاّ تعلّة لضرب خصومهم السّياسيّين لأنّه لا مٌقدّس أكثر من المصحف الشّريف ومن الرّسول الأكرم محمد صلى الله وسلّم.
لذلك وفي اعتقادنا حتّى لا نغضب سريعا وننسى سريعا نرى أنّه يجب توجيه الاحتجاجات والغضب الشّعبيّ إلى ثلاث جهات محدّدة :
- المصالح السّياسيّة والاقتصاديّة للدّول الرّاعية لهذه الأعمال والمٌروجة لها والحامية لأصحابها
- مٌمثّليّات الأمم المتّحدة كتعبير عن فشل هذه المنظّمة في الوفاء لميثاقها فلا سلام ولا تفاهم دوليّ ولا حقوق إنسان ونراها تتكلّم في اتّجاه واحد
هذه الجهات أو الأنظمة الحاكمة في أقطارنا والجاثمة على صدور شعوبنا لتواطئها وعمالتها المفضوحة وصل بها حب السّلطة والتمسّك بكرسيّ الحكم إلى حدّ المساومة على حرمة الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وسلّم وعدم الاحتجاج على انتهاك حرمته..
حركة البعث
تونس في 13 سبتمبر 2012
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق