"سنوات الخداع" إبراء للذمة
أحمد صبري
ليس بجديد ما افصح عنه المدير العالم لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي في كتابه الموسوم (سنوات الخداع) بشان قرار شن الحرب على العراق والمزاعم التي استند اليها.
فالبرادعي الذي رأس لجنة المفتشين للبحث عن برنامج الاسلحة النووية واحتمالية احيائه قبل غزو العراق عام 2003 اقر بما لايقبل الشك ان العراق لم يكن يسعى لاعادة احياء برنامج اسلحته النووية وان قرار الحرب اتخذ من قبل بوش الابن وتوني بلير قبل بدء عمليات البحث والتفتيش عن الاسلحة العراقية.
ومذكرة (داوننغ ستريت) في يوليو 2003 سربت لوسائل الاعلام وافادت ان قرار الحرب اتخذ قبل بدء عمليات التفتيش عن الاسلحة العراقية.
فعندما يصف البرادعي حرب العراق عام 2003 بالعدوان والعار الذي جلبته فانه يؤكد حقيقة الموقف العراقي الذي سمعه في اخر لقاء مع مسؤولين عراقيين عشية بدء الحرب.
حيث حاول البرادعي ومعه رئيس لجنة المفتشين هانز بلكس في ذلك اللقاء الذي تم ببغداد ان يحث العراقيين بالمزيد من التعاون قائلا (ساعدونا على ان نساعدكم) فجاء الرد طبقا لرواية البرادعي (لانستطيع ان نعطيكم المزيد لانه ليس هناك المزيد الذي يمكن ان نعطيه لانكم لاتستطيعون ان تساعدونا لان الحرب ستقع لامحال).
هذا الاقتباس لموقفي العراق ولجنة المفتشين الدوليين يشير الى ان عمليات التفتيش والاكاذيب الذي ساقتها ادارة بوش الابن حول امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل وتهديد الامن العالمي كانت غطاء لتمرير الحرب مهما كانت نتائج المفتشين وهذا ما اكده البرادعي عندما اوضح ان المبرر الذي استند اليه بوش وبلير من ان العراق كان يمثل خطرا لم يكن له اساس وانما تجميعا لافتراضات اثبتت الوقائع بطلانها وعدم صحتها.
ان الوقائع التي تحدث عنها البرادعي في مستهل مذكراته (سنوات الخداع) تظهر النفاق والازدواجية لصناع قرار الحرب التي عرضت مصداقية ومكانه وكالات الامم المتحدة للتشويه جراء استخدامها لاسباغ الشرعية على العمل العسكري.
ويقرب البرادعي صورة ماجرى قبل غزو العراق وتداعياته والمفارقة التي كانت تحكمه بالقول (شهدنا عدوانا حيث لم يكن هناك تهديد محدق من العراق وتكاسلا وترددا حيث ظهر خطر حقيقي في كوريا الشمالية وجمودا طال امده في حالة ايران).
هذه المقاربة رغم انها جاءت متاخرة غير انها تعكس الموقفين الامريكي والبريطاني من استهداف العراق واحتلاله رغم قيود الحصار التي طالت اوجه الحياة كافة.
هذا الموقف وطبقا للحقائق والوقائع التي تكشفت بعد احتلال العراق تظهر ان غزو العراق واحتلاله بالقوة المسلحة كان هدفا امريكيا بريطانيا استخدمت فيه الامم المتحدة ووكالاتها كغطاء لإسباغ الشرعية لشنه رغم ان رئيس احد هذه الوكالات اقر في تقريره قبل اسابيع من وقوع الحرب (اننا لم نجد حتى اليوم اي دليل على ان العراق قام باحياء برنامج الاسلحة النووية).
فبدلا من ان تؤخذ هذه الشهادة بنظر الاعتبار لعرقلة او تعطيل قرار الحرب على العراق عمدت الادارة الامريكية الى عرض وزير الخارجية الامريكي الاسبق كولن باول حاويات ومخططات مفترضة على اعضاء مجلس الامن قال انها لمعامل للاسحلة الكيمياوية والجرثومية وهذه المزاعم فندها بعد سنوات نفس الوزير الذي قال انه يشعر بالخجل والعار جراء هذه الاتهامات.
ورغم ان البرادعي دعا في (سنوات الخداع) الى التوقف عند اسباب الحرب وتداعياتها والاخطاء التي شابتها فاننا نذهب الى ابعد من ذلك الى محاسبة وملاحقة من تسبب وروج وقدم معلومات مظللة لان نتائج هذه الحرب كانت كارثية ليس على العراق حسب وانما على دول الجوار العربي والاقليمي والعالم من فرط مااحدثته من تدمير العراق وهدر امواله وتحطيم تسيجه الاجتماعي فضلا عن فقدانه للامن والاستقرار منذ عام 2003 وحتى الان.
وكوارث من هذا النوع تستحق من الساعين لتخليص العالم من الخوف والتبعية والعدوان، كما جرى للعراق، ان يجلبوا الى ساحات القضاء من تسبب في الفوضى التي تعم العالم ليكونوا عبرة للذين يروجون للحروب وفرض ارادتهم بقوة السلاح.
المصدر وجهات نظر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق