تعليقاً على زيارة البابا إلى لبنان، أدلى رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي الدكتور عبد المجيد الرافعي بالتصريح الآتي:
إن زيارة قداسة البابا إلى لبنان، اكتسبت بنظرنا أهمية خاصة، ليس انطلاقاً مما اعتبرها البعض زيارة رعوية، بل لاعتبارها مثلت حدثاً سياسياً، تجلى أولاً بالإجماع السياسي والوطني الذي أحاط الزائر الكبير بالترحيب، وثانياً في مضمون الخطاب، الذي لم يكن موجهاً إلى اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة وحسب، بل إلى عموم الشرق ببعديه العربي والإقليمي والذي يختلج بصراعات حادة، الأهم فيها الصراع العربي – الصهيوني.
إن دعوة البابا، ومعه مرجعيات دينية، المسيحيين إلى عدم مغادرة أوطانهم والتفاعل مع مجتمعاتهم التي يعيشون فيها، تتقاطع إيجاباً مع المواقف والرؤى الوطنية والقومية، التي ترفض النظر إلى المسيحيين وخاصة العرب منهم، بأنهم أقليات في مجتمعاتهم، نظراً لكونهم يشكلون أجزاء عضوية من المكونات الوطنية، لهم ما لها من حقوق وعليهم ما عليها من واجبات، وعلى قاعدة ان الدين لله والوطن للجميع.
وإنه بالقدر الذي يجب على من يعتبرون أنفسهم، بأنهم يشكلون أكثرية في الانتماء الديني – الإيماني، وأنهم ليسوا كذلك في انتماء المواطنة، فعليهم أن يُسقطوا من سلوكهم هذه الخلفية الفكرية، كما انه على من يعتبرون أنفسهم بأنهم يشكلون أقلية في الانتماء الديني الإيماني، أن يخرجوا من شرنقة هذا الموقف الانغلاقي، وذلك بالخروج إلى رحاب الحياة المجتمعية الشاملة، والتي تجمعها الخصائص الوطنية الواحدة والأهداف القومية الواحدة والأعراف والتقاليد الواحدة، فالمسيحية كما الإسلام، هما ديانتان، بُعثتا على هذه الأرض العربية، وهما بقدر ما كانتا رسالتين سماويتين، فإنهما أطلتا على الحياة البشرية بمنظومة قيم توحيدية وأخلاقية وإنسانية فيها الكثير من التماهي والتلاقي والاقتراب. ولهذا فإن أي إساءة لواحدة منها، مضموناً ورموزاً، هي إساءة للأخرى لأنها تمس القيم الإنسانية والأخلاقية الجامعة والمشتركة.
وعليه، فإن الإساءة للمسيحية، مضموناً ورموزاً، هي إساءة للإسلام والعكس صحيح، وعليه فإنه إذا ما تناول المسيئون وأصحاب المخططات المشبوهة الإساءة للمسيحية مضموناً ورموزاً، فعلى من يدين بالإسلام إيماناً، أن يعتبر ذلك إساءة له وان يكون مبادراً للتصدي لهذه الإساءة، والعكس أيضاً.
إنه ضمن هذا السياق، نقدر المواقف التي صدرت من مرجعيات دينية مسيحية، مُدينة حالة التجديف التي طالت الإسلام ديناً والنبي محمد رمزاً، وحيث الثابت فيها الحضور الصهيوني الواضح البصمات، تخطيطاً وتنفيذاً وإخراجاً، وضمن مخطط مشبوه لإيجاد أرضية ومناخات تُحدث صراعات دينية، وتدفع المجتمعات ذات التكوين الإيماني الديني التعددي إلى حالة صراع واحتراب دائمين وبما يخدم الأهداف الصهيونية والمخطط الاستعماري الذي تقوده أميركا والذي تحت عنوان الديمقراطية وحرية الرأي تبيح إطلاق المواقف العدائية للعرب بمختلف أطيافهم الدينية.
من هنا، تكتسب زيارة البابا ورسالته، أهمية في التوقيت والمضمون، ومن طرفنا ندعو لأن يتحول المناخ الشعبي والسياسي الذي واكب الزيارة إلى حالة دائمة، تعيد إلى النفوس بعضاً من الاطمئنان المجتمعي وفيه يكون الرد على دعاة التخرصات الطائفية والمذهبية، بالتمسك بالإيمان ونبذ التعصب الطائفي والمذهبي وكل ما يشوه جوهر الدين، والانطلاق نحو إعادة تأهيل الحياة المجتمعية على قاعدة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والوقوف دائماً بجانب حق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض حالات الاستلاب القومي والسياسي وفي الطليعة منها حق شعب فلسطين في أرضه.
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
د. عبد المجيد الرافعي
في 17/9/2012
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق