قبل يومين من اندلاع انتفاضة الأقصى أي في 26 ايلول 2000 قام ابو عمار يرافقه وفدا من القيادة الفلسطينية بزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية باراك في منزله بتل أبيب ليلا. وقدم باراك لضيوفه مأدبة عشاء فاخرة ولكنه اصطحب ابو عمار الى شرفة منزله وجلسا منفردين لمدة 25 دقيقة ثم عادا إلى الصالون ولم يتحدثا بشيء أكثر من أحاديث عامة. واثناء عودتهم بالسيارات سال احد أعضاء الوفد الفلسطيني أبو عمار : ماذا جرى في حديث البلكونة؟ أجابه ابو عمار: كان يؤكد لي على التزامه بعملية السلام وحذرته من نتائج زيارة شارون الى المسجد الأقصى.
باراك لم يستمع لنصيحة أبو عمار وأصر على إرسال شارون إلى المسجد الأقصى لاستفزاز مشاعر الفلسطينيين.
كان براك قد اعد العدة وأصر على تدنيس شارون للمسجد في المسجد الأقصى في 28 أيلول عام 2000. كانت استطلاعات الرأي تشير إلى ان نسبة تاييد شارون وصلت الى 7% فقط أي نسبة متدنية جدا بينما وصلت نسبة تاييد نتنياهو الى 18% ومن هنا شعر باراك بالخطر من نتنياهو فاراد سد الطريق عليه بدفع شارون الى مهمة غبية كما كان يوصف شارون بالغبي والمتهور.
واذا بشارون يظهر بانه أذكى من باراك فاندفع للمهمة ليحصد المجد الإسرائيلي لنفسه وأخذت اسهمه ترتفع في استطلاعات الراي وتدني شعبية باراك ونتنياهو حتى اكتسح شارون شعبية واسعة فأجريت الانتخابات وفاز شارون وسقط باراك.
أي أن باراك وشارون افتعلا انتفاضة الأقصى لحسابات انتخابية ولكن هل يمكن لبارك وشارون ان يفعلاها بدون ضوء اخضر أمريكي؟
وهل ابلغا الأمريكان أنهما سيفجران انتفاضة من اجل إزاحة نتنياهو بالتاكيد.. لا.
هنالك أهداف وضعت ورسمت منذ اللحظة الأولى وكان لدى انتفاضة الأقصى إسرائيليا أهدافا الاول تصفية عدد من كبار قادة فلسطين وعلى رأسهم ابو عمار والشيخ احمد ياسين وابو علي مصطفى والشيخ الرنتيسي.
باعتبار ان هؤلاء القادة لن يقبلوا بتقديم أي تنازلات في عملية السلام والسبب الثاني محاولة تحطيم إرادة الشعب الفلسطينية بإغراقه بالدماء والدمار حتى يقبل باي تسوية سياسية مع اسرائيل. اعتقد ان باراك وشارون ابلغا امريكا بالهدفين الأخيرين وهما اغتيال قادة الشعب الفلسطيني وإجبار الشعب الفلسطيني على القبول بتسوية سياسية مهما كانت واخفيا قصة الصراعات الحزبية والسياسية الانتخابية مع نتنياهو وان كان هذا الهدف لااظنه كان خافيا على الامريكان.
ولكن أمريكا كانت متفقة تماما مع قادة اسرائيل في موضوع اغتيالات قادة الشعب الفلسطيني وفي تدمير إرادة الشعب الفلسطيني أيضا والأحداث لاحقا أثبتت ذلك.
بل أن باراك ثم شارون لاحقا لم يحاول أي منهما الرد على أي عملية استشهادية قبل ان ياتيه الضوء الأخضر الأمريكي وعندما خرج فؤاد بن اليعاز من اجتماع مع نائب الرئيس الأمريكي في واشنطن وقال للصحافة : اتفقنا على إزاحة عرفات من الوجود .
وعندها غضبت الإدارة الأمريكية جدا من تصريحه لانها لاتريد دورا مكشوفا في هذه الموضوع. بعد أيام من اندلاع انتفاضة الأقصى خرج موفاز بتصريح غريب قال فيه : الانتفاضة هذه ستستمر من 5 – 7 سنوات!!
وفعلا استمرت الانتفاضة حوالي 7 سنوات.. ولكن كيف جعلتها إسرائيل تستمر كل هذه المدة.
في تلك الفترة زار موفاز رئيس هيئة الأركان احد معسكرات الجيش الإسرائيلي وقال للضباط والجنود حرفيا : أريد منكم قتل 8-10 فلسطينيين يوميا " وقد كشف احمد الطيبي عن تلك القصة. وفعلا استمرت وتيرة القتل بنفس المعدل الذي حدده موفاز باستثناء أيام كان يزيد فيها أعداد شهداء الانتفاضة.. باعتبار ان مزيدا من دماء الفلسطينيين يوميا يبقي الانتفاضة مشتعلة.
وعندما تسلم شارون رئاسة الحكومة كان متوجها الى مكتبه فرأى على جدار الممر صورة تجمع عرفات ورابين أثناء التوقيع على اتفاق اوسلو فتوقف وقال لمساعديه : ماذا يفعل عرفات هنا .
فقاموا برفع صورة عرفات من ممر مكتبه.. وبعد تأجج الانتفاضة جاء قادة المستوطنات في الضفة في زيارة احتجاجية لشارون وقالوا له :" لقد سلمت امن إسرائيل إلى عرفات .
فقال لهم :" أنا سلمت امن إسرائيل لعرفات؟؟ إنني ابحث عن عرفات منذ 30 عاما .
سقوط القادة الفلسطينيين شهداء وتدمير الشعب الفلسطيني لم يغير من المعادلة بل خرج الشعب الفلسطيني أكثر صلابة وقوة والدليل حرب غزة الأخيرة.
دنيا الوطن
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق