تناقضات إيران حيال ثورة العراق وبوادر شاخصة على أن المشروع الصفهيوني قد جخل مرحلة نعشه الأخير وما يروجه سندة ايران إلا احتضار مكشوف.. مساعد الشؤون العربية والإفريقية بوزارة الخارجية الإيرانية عبد اللهيان نموذجاً
د. عماد الدين الجبوري المرابط العراقي
لا يخفى إن نظام الملالي الطائفي الحاكم في إيران ما زال تحت صدمة سرعة إنتصارات ثوار العشائر العربية في العراق، حيث
ظن النظام الإيراني إن الكتلة السياسية التي صنعها وأوصلها للتربع على عرش السلطة في بغداد، وما قامت به "فِرق الموت الصفوية" ما بين 2004-2006 من حملات القتل والإغتيالات والتصفيات على الهوية، ثم دور المجاميع المسلحة المرتبطة بها: "عصائب أهل الحق" و "كتائب ثأر الله" و "حزب الله العراقي" وغيرها من الميليشيات التي قتلت وإختطفت وهجّرت الكثير بدوافع طائفية؛ فضلاً عن سنوات نوري المالكي في رئاسة الوزراء ما بين (2006-2014) التي وصلت أطنابها في المجازر التي أرتكبتها قواته
: سوات والشرطة الإتحادية في الحويجة وبعقوبة وبهرز والفلوجة وغيرها من المناطق، والتي توجها أوآخر العام المنصرم في محافظة الأنبار بفض خيام وسراديق الإعتصامات المدنية المسالمة بحملة عسكرية إجرامية إنتفضت لها ثوار العشائر العربية بثورة شعبية مسلحة ضد الظلم والطغيان ونيل حقوقهم المشروعة والشرعية بقوة السلاح؛ فقد ظنت إيران إنها قد تمكنت من إرساء قوائم تسلطها السياسي الطائفي على العراق الذي مهدت من خلاله على ربط مشروعها الصفوي من إيران حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط في جنوب لبنان.
ومن بين المسؤولين الإيرانيين الذين يتخبطون في تصريحاتهم ويرتكبون التناقضات بلا خجل ولا وجل حيال ثوار العشائر العربية في العراق، هو مساعد الشؤون العربية والإفريقية بوزارة الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، ففي الأيام الأولى من تحرير محافظة نينوى التي أمتدت فوراً لتحرير محافظة صلاح الدين وتحرير العديد من المناطق الرازحة تحت نير قوات المالكي الطائفية، حيث صرح عبد اللهيان يوم السبت الموافق 14-6-2014 إلى "وكالة فارس" الإيرانية عن: نبأ دخول قوات عسكرية إيرانية إلى العراق. وأشار إلى أن "إيران تدعم العراق العراق في تصديه للإرهاب".
فالثورة العربية العشائرية في العراق حسب مفهوم عبد اللهيان هي "إرهاب"! وإن قوات البطش الطائفية الرسمية وغير الرسمية هي قوات "هبت بقوة لمواجهة الإرهابيين". كما وأن هذه القوات (العراقية) الموالية لإيران "ستقضي على الإرهابيين والتكفريين". لذلك أشار عبد اللهيان علناً إلى "دخول قوات عسكرية إيرانية إلى العراق".
وفي 21-6-2014 نقلت أيضاً "وكالة فارس" كلام عبد اللهيان وهو يُعلق فيها على تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي أعتبر فيها أن المسؤولين في حكومة المالكي ينتهجون سياسة تجلب عداء السُّنة، وأن عدم الإعتراف بالآخرين والغموض في تشكيل حكومة بعد الإنتخابات في نيسان/أبريل ترك العراق عرضة للمخاطر، وقال عبد اللهيان: إن تصريحات أوباما تركز على تأجيج التفرقة الطائفية بدلاً عن مكافحة الإرهاب والتركيز على الوحدة الوطنية وتعزيز قدرات الدولة والمؤسسات الحكومية.
إن كلام عبد اللهيان ليس فيه تناقضات فقط، بل محشواً بأكاذيب لا تنطلي على العقلاء، إذ كيف أصبح قول إوباما الآن فيه تركيز "على تأجيج التفرقة الطائفية"، وإن النظام الإيراني منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 يتعاون مع السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، وإن المشورة الإيرانية للجانب الأمريكي بإلصاق تهمة "الإرهاب" على الجانب السُّني دون الشيعي تجلت في السنتين الماضيتين. ثم من أين تأتي "الوحدة الوطنية" والمحاصصة الطائفية التي تقودها إيران في العراق منذ عام الإحتلال 2003 ولغاية يومنا هذا؟ وبالتالي على مَنْ يسوق عبد اللهيان كلامه الإنشائي المفصول عن أرض الواقع في: تعزيز قدرات الدولة والمؤسسات الحكومية؟ ألا يعلم بأن نوري المالكي منذ ثمانية سنوات وهو القائد العام للقوات المسلحة، وإنه في السنوات الأربعة الماضية وهو ممسك بالوزارات الأمنية الثلاث: الدفاع والداخلية والأمن القومي، فأين تلك المفردات بحق العراق والعراقيين من سياسة المالكي الموالية للنظام الإيراني؟
ثم يعود عبد اللهيان في 26-6-2014 ويكرر تناقضاته تجاه العراق، ففي حديث متلفز يشير فيه إلى أن "إيران تقف إلى جانب العراق في مكافحة الإرهاب، وإنها سترسل معدات عسكرية إلى العراق حال طلبه وفي إطار القوانين والإتفاقيات الدولية". في حين إن حكومة المالكي ليست أكثر من حكومة ظل إيرانية، وإن مهندس السياسية الإيرانية في العراق هو رئيس فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني. فهل للظل قوة على الأصل؟ فعلام التشدق بمفردات غايتها إستغفال العقول؟
إن التدخل العسكري الإيراني في العراق واضح وموجود، ولقد إزداد مع تقدم الثوار نحو بغداد، بل وإلى منطقة "النخيب" في محافظة كربلاء، وإن إنسحاب قوات المالكي من منطقة "جرف الصخر" في شمال محافظة بابل، يعني أن ثورة العشائر قد أمتدت إلى الفرات الأوسط (محافظات العراق الوسطى ذات الأغلبية الشيعية). لذلك نقلت صجيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير نشرته الخميس المصادف 26-6-2014 عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إيران أرسلت طائرات الإستطلاع دون طيار فوق العراق من مطار في بغداد، كما تزود العراق سراً بأطنان من المعدات العسكرية والإمدادات وغيرها من المساعدات. علاوة على نشر إيران وحدة للإستخبارات لأغراض الإتصالات وجمع المعلومات لمساعدة نوري المالكي ضد المقاومين السّنة، وتم توزيع تقريباً عشرة ضباط من فيلق القدس لتقديم المشورة للقادة الميدانيين لدى المالكي. وأكدت الصحيفة إن الجنرال قاسم سليماني قد زار بغداد مرتين على الأقل لمساعدة المستشارين العسكريين العراقيين، وإن طائرات النقل الإيرانية تقوم يومياً برحلتين لحمل المعدات والإمدادات العسكرية إلى بغداد (70 طناً في الرحلة الواحدة) إلى القوات الحكومية.
إن السؤال الواجب طرحه على عبد اللهيان وغيره من مسؤولي النظام الإيراني، إن القوات الأمريكية بقضها وقضيضها على مدى ثمان سنوات من المجابهة الدموية اليومية ضد المقاومة الوطنية العراقية، فلم تستطيع فرض الحل السياسي عبر إستخدام القوة العسكرية، وخرجت تسحب إذيال الهزيمة الميدانية من أرض الرافدين، فهل يستطيع النظام الإيراني أن ينجح بما فشلت به أقوى قوة في العالم؟ خصوصاً وإن تناقضات إيران صارت واضحة مثل الشمس في كبد السماء، ومنها أقوال عبد اللهيان المضطرية.
كما وإن إشراك النظام الدموي السوري بالتدخل العسكري ضد ثوار العراق، وما قامت به طائراته الحربية في قصف بعض المناطق في غربي العراق، وقتلت عدداً من المدنيين وهدمت بعض المنازل، وهذا ما أكده المالكي يوم الخميس الموافق 25-6-2014، في تصريح لمحطة "بي بي سي" البريطانية قائلاً: إنه "رحب" بها. وهذا يعني إن المشروع الصفوي الإيراني في المنطقة العربية قد دخل نعشه الأخير، وإن مسألة دفنه تحتاج إلى بعض الوقت لا أكثر، سيما وإن الشارع العربي عموماً، والخليجي خصوصاً، يقف لجانب ثوار العشائر العربية ضد الجور الطائفي التي تقوده إيران في المنطقة العربية، وإن ما يصدر من تناقضات عند عبد اللهيان وغيره، إنما تعكس حالة الإضطراب الإيراني تجاه ثورة العراق المدعومة من الشعب العربي.
مركز المزماة للدراسات والبحوث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق