بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
الحراك الشعبي في العراق: أول الغيث
|
شبكة البصرة
|
افتتاحية المحرر الأسبوعي لموقع حزب طليعة لبنان الواحد
|
لو كانت الأوضاع الأمنية لبعض المحافظات العراقية مؤاتية لانطلاق حراك شعبي، لكانت التظاهرات الشعبية عمتها أسوة بما هو حاصل في محافظات الجنوب والفرات الأوسط وبغداد. وهذا باعثه، أن المعاناة الشعبية واحدة، والفساد الذي ينخر البلاد يطال كافة شرائح العباد. وسرقة المال العام وتهريبه إلى جيوب وحسابات مقاولي السياسية وسماسرتها، لا تقتصر على شلة واحدة من الذين أنيطت بهم إدارة ما سمي بالعملية السياسية التي أفرزها الاحتلال، بل تنطبق على الجميع.
وإذا كانت خزينة الدولة العراقية بدت خاوية من احتياطها النقدي، فليس لأن العراق دولة لا مداخيل له وهو من الدول الغنية بمردودها النفطي، بل لأن كل ما كان ينتج من أموال كمردود من الثروة النفطية، كان بعضه يذهب إلى الشركات النفطية الكبرى التي عادت وفرض سيطرتها على السوق النفطية العراقية إنتاجاً وتسويقاً، والبعض الآخر جرى توظيفه في خدمة الدور الإيراني الذي كان بأمس الحاجة إلى السوق العراقية لاعتمادها سوقاً خلفية لحركته الاقتصادية في ظل نظام العقوبات الذي كان مفروضاًَ عليه ودخل أخيراً في بحث الآليات التنفيذية لإنهاء مفاعليه. وأما الجزء المتبقي فكان يذهب إلى حفنة المستفيدين الذي نصبوا وكلاء سياسيين لإدارة البلاد في ظل الاحتلال الأميركي بداية ومن ثم الاحتلال الإيراني الذي لم يقتصر تدخله على امتصاص ثروة العراق بل ايضاً التحكم بكل المفاصل الأمنية والسياسية والاقتصادية، وهذا لم يعد خافياً على أحد، ولهذا لم يكن مستغرباً أن تقترن الدعوات الجماهيرية لمحاربة الفساد والمفسدين، بالدعوة الصريحة لوضع حدٍ للتدخل الإيراني في الشؤون العراقية،
إن الشعارات التي أطلقها الحضور الجماهيري في كل ساحات وميادين المدن العراقية من الناصرية كربلاء وانتهاء ببغداد (إيران برا – برا – بغداد حرة)، كان ذو دلالات بالغة الأهمية وأهميتها تكمن بانها ربطت الإصلاح والتغيير بإخراج إيران من تفاصيل الحياة العراقية الاجتماعية والاقتصادية وبه ربطت المسألة الوطنية بالمسالة الاجتماعية. وهذا ما كانت قد أكدت عليه الجماهير يوم اعتصمت في الميادين في اليوم التالي لإخراج القوات الأميركية، وجرى التعامل معها في حينها بأسلوب القمع الذي نفذته أجهزة المالكي العسكرية والأمنية بحجة مواجهة الإرهاب.
إن استحضار العناوين السياسية التي ظللت الحراك الشعبي السابق، مع هذه التي تظلل التحركات الجماهيرية، يؤشر على حقيقة أن شعب العراق، هو شعب مشبع بروح الوطنية، وأن التراكم النضالي لتضحياته التي قدمها في مقاومة الاحتلال وفي مقاومة الفاسدين والمفسدين، أثمر نتاجاً، هو هذا الذي يقف العالم على مشهدياته.
هذا الشعب الذي صمد وصبر وقاوم، لا يقبل أن تفرض عليه الحلول السياسية التي تقسمه إلى مناطق ومحميات، وهو لا يقبل بالحلول الترقيعية التي يحاولون من خلالها امتصاص النقمة الشعبية من خلال تحميل أفراد مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، بل الشعب يريد، إسقاط الأسس التي بنيت عليها ركائز العملية السياسية والتي أفرزت هذه النمطية من السلوك السياسي والإداري الفاسد.
من هنا، فإن الاستجابة لمطالب الجماهير الغاضبة، هي في إعادة الاعتبارها لدورها، وفي احترام تاريخها، واحترام قيمها السياسية وتضحياتها. وإذا كان هرب بعض من تنسب إليه عملية الفساد والإفساد وهذه تندرج ضمن الشواهد لإثبات ما هو ثابت، إلا أن الحل ليس في إعادة توزيع الحصص في نظام المحاصصة الطائفية، ولا في الاتكاء على فتاوى المرجعيات، بل بالعودة إلى الشعب الذي هو مصدر السلطات. وعنوان الحل واضح وطريقه أوضح، وهو الأخذ بالبرنامج الوطني الذي طرحته قوى التحرير والتغيير الوطني الديموقراطي، والذي يفسح المجال أمام إعادة إنتاج عملية سياسية تؤكد على الثوابت الوطنية، وتفتح الطريق لإعادة هيكلة الحياة السياسية على قواعد المساواة في المواطنة، وتحترم الخيارات الوطنية للشعب الذي يرفض الارتهان والتبعية لأي جهة، إقليمية كانت أو دولية،
ولهذا فإن حراكاً شعبياً بهذا المستوى والاتساع، وعبر بعده الاجتماعي والوطني، إنما هو إفصاح عن حقيقة المضمر في هذا الشعب الذي بقدر ما يطالب بتلبية حاجاته الاجتماعية، فإنه يريد إعادة الاعتبار لشخصيته الوطنية التي بها يفخر وإليها ينشد.
إن هذا الحراك الذي يعبر بصدقية وشفافية عن مكنونه السياسي وطبيعة مزاجه وتجذر قضيته الوطنية في ذاته الاعتبارية. إذ يستحضر اليوم في حراكه عناوين المسألة الوطنية وأبرزها الموقف من النظام الإيراني، فهذا ليس إلا إثباتاً بأن الجينات الوطنية لدى شعب العراق إنما هي أقوى وأمتن من أية جينات أخرى.وهذا هو نتاج الاستفتاء الشعبي خارج قوالب الادارة السلطوية.
إنه أول الغيث.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الخميس، 20 أغسطس 2015
افتتاحية المحرر الأسبوعي لموقع حزب طليعة لبنان الواحد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق