بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
إجتثاث البعث قضية وطن وأمة، وليس مشكلة حزب فحسب؟؟
|
شبكة البصرة
|
د. خضير المرشدي*
|
إبتداءاً أود القول إن عدد من المفكرين والكتاب والمثقفين والسياسيين والاعلاميين ومنهم من كان بعثياً يوم ما للأسف، أو مازال منتسباً للحزب ولكنه آثرَ على نفسه السكوت عن جريمة كبرى، وإذا ماتحدّث فإنه يتحدث بصفته مهنياً أو بإدعاء إنتسابه (للنخبة) وإن إعتبارات ذلك لاتسمح له الانخراط في حديث عن قضية يعتبرها ليست من إختصاصه أو إهتمامه، وهي في حقيقتها تعد من أخطر القضايا التي تعرض لها العراق وشعبه الكريم بل وشكلت بتداعياتها تهديداً خطيراً للامن والسلم العراقي والعربي والاقليمي والدولي بما افرزته من ولادة وهيمنة قوى التطرّف والطائفية والفتنة والفساد والارهاب التي تمثله (داعش) وأخواتها من جهة، وميليشيات إيران والسلطة الفاسدة في بغداد من جهة أخرى، تلك هي قضية إجتثاث البعث فكر العروبة الخلّاق ورسالتها الخالدة في الوحدة والتوحد والحريّة والتحرر والعدالة والنهضة والتقدم. وملاحقة واعتقال وقتل وحبس وتهجير وحرمان حَمَلَتُها وقادتها وعوائلهم.
وفي أطار هذا القانون الاجرامي، فإن حزب البعث بعد الاحتلال عام 2003 تعرّض إلى ظلم كبير وإستهداف خطير وتشويه عميق لأفكاره ومبادئه وتشويش مكثف على مواقفه، إشتركت في هذه الحملة جهات دولية واقليمية عديدة، صُرفتْ من أجل تنفيذها عشرات المليارات من الدولارات، وسُخِّرتْ لها مئات القنوات التلفزيونية ووسائل الاعلام المختلفة، ووُجّهتْ للحزب إتهامات باطلة ومزوّرة بإدعاء علاقته بالإرهاب تارة، وبالطائفية والعنصرية تارة أخرى، وعدم إحترامه لحقوق الانسان وممارسة الديمقراطية تارة ثالثة، وعدم مواكبته الحياة العصرية الحديثة وجمود فكره تارة اخرى...الخ من سلسلة الدسائس والاكاذيب، بما لايتوائم مع تاريخه وفكره وعقيدته ومبادئه ودستوره ونظامه الداخلي، وكانت واحدة من أكثر عمليات التاريخ قسوة وبشاعة في التشويه والاستهداف والشيطنة لتبرير عملية الإجتثاث وفق القانون الذي أصدره الحاكم المدني الامريكي في العراق منذ بداية الاحتلال وماتبع هذا القانون من قوانين وقرارات أخرى ذهب ضحيتها أكثر من (160) ألف شهيد من قيادات وكوادر وأعضاء الحزب وأنصاره وإصدار أحكام مختلفة بحق الآخرين منهم تتراوح بين الإعدام والسجن مدد طويلة لا لذنب إرتكبوه إلاّ بسبب انتماءهم أو تأييدهم لهذا الحزب فحسب!!
ورغم مرور هذا الزمن الطويل من الظلم والحرمان لازالت عملية الاجتثاث والاقصاء وحظر الحزب مستمرة ومتصاعدة بحجة إنها مادة مثبتة في (الدستور) الذي هو أساساً محط شك وإعتراض وطعن من قبل الكثير من السياسيين وحتى أولئك المشتركين في العملية السياسية لماتضمنه من أخطاء وهفوات وإنحرافات ومواد ملغومة بلغت أكثر من (54) مادة أساسية ومهمة تحتاج الى مراجعة وتغيير جذري، قد ألحقت ضرراً كبيراً بالعراق وشعبه، ووضعته على حافة الهاوية وطريق الانهيار والضياع والتقسيم. إنها سابقة لا مثيل لها في دساتير العالم كافة، المتقدم منها والمتخلف، بأن ينص الدستور على إجتثاث وإقصاء وحظر حركة سياسية تاريخية تقدمية حضارية ينتمي إليها ويؤيدها الملايين من البشر في العراق والدول العربية!!!
ألا يمثل هذا حرجاً للانسانية ولمجلس ومنظمات حقوق الأنسان، ويشكل جرحاً نازفاً في جسد العراق والامة ينبغي معالجته وإصلاحه، خاصة عندما يتم حرمان ملايين الناس من حق الحياة والعيش بكرامة في بلدهم لمجرد إنتماءهم لحزب سياسي معروف وذو أهداف وطنية وانسانية سامية؟؟
إن ذلك وحده يمثل مشكلة كبيرة وسبب رئيسي في مايمرُّ به العراق والدول العربية من أزمات وكوارث، خاصة وإن الإجتثاث قد شمل ليس البعثيين فقط، وإنما شمل معظم القوى الوطنية الرافضة للاحتلال ومخلفاته، والمقاومة للعدوان والتدخل الايراني وأدواته، والمعارضة للنظام القائم في العراق وسياساته، بل وحتى بعض الاشقاء العرب الذين وقفوا مع شعب العراق ومقاومته الباسلة.
إن من يراجع أفكار ومبادئ وتاريخ حزب البعث، ويطلع على نظريته وتطبيقاته منذ تأسيسه في نيسان عام 1947 ولحد الآن، يكتشف بسهولة إنه حزب شعبي حضاري إنساني تقدمي إشتراكي، يؤمن بالوحدة والديمقراطية والتقدم وإحترام حقوق الانسان، ويدعو الى نشر قيم الخير والحرية والعدالة والفضيلة والتعايش السلمي بين الناس بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وانتماءاتهم، ويسعى لبناء دولة مدنية حديثة متقدمة بمؤسسات دستورية ديمقراطية ومعايير دولية وانسانية رفيعة، تعتمد المواطنة الحقيقية وتكافؤ الفرص والكفاءة والعلم والذكاء والقدرة مقاييس لتقييم الأداء، وتربطه علاقات طيبة مع كثير من الأحزاب والحركات والشخصيات في جميع دول العالم.
ولا بد من الإشارة إلى إن حزب البعث العربي الاشتراكي قد راجعَ مسيرته وإنتقد وغيّرَ وصحّحَ الكثير من المفاهيم والمواقف والاخطاء والهفوات التي أرتكبت أثناء الفترة الماضية من حكمه للعراق، ووضع في استراتيجيته بعد الاحتلال، الحلول للمشاكل التي نتجت عنها وفي كافة المجالات التنظيمية والعسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتربوية وغيرها، وانه قد إستفاد كثيراً من أخطاء تلك المرحلة خلال مسيرته في الحكم، وعاد الى حقيقة فكره الوطني القومي التقدمي الإنساني بما يعبر عن دستوره ونظامه الداخلي منسجماً بذلك مع قيم الحياة العصرية الحديثة في ممارسة الحرية والديمقراطية وإحترام حقوق الانسان.
وحزب البعث ونظامه الوطني لم يكن يرغب يوماً في عداء دولة أو جهة ما، ولم ينخرط في نزاع مسلح مع أي طرف الا في حالة الدفاع عن النفس والوطن والامة، وإن الحزب عندما قاوم الاحتلال الامريكي للعراق فإنه قد مارس حقه الطبيعي والمشروع في مقاومة الاحتلال بموجب القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة، وما يُحتِّمُهُ عليه واجبه الوطني والاخلاقي والانساني في مواجهة ومقاومة الاحتلال، مهما كان مصدر هذا الاحتلال ومنشأوه وغاياته وسيبقى كذلك حزباً للمقاومة ضد أي تدخل أجنبي أوإحتلال، وتياراً وطنياً قومياً إنسانياً طارداً للتطرف والتعصب والفتنة والطائفية والفساد والارهاب، باحثاً عن السلام وتحقيق الأمن، ومتمسكاً بحقوق الشعب ومصالحه العليا ليس في العراق فحسب وإنما في الدول العربية الاخرى، من هنا فإن عملية الاجتثاث والحظر باتت تشكل قضية وطنية وقومية وانسانية كبرى تتطلب تظافر جميع الجهود لإطلاق حملة عراقية وطنية بدعم عربي ودولي وعلى المستوى الرسمي والشعبي لإلغائه وإنهائه بشكل تام، وإن ذلك اذا ماتحقق فسيشكل ضمانة أكيدة في هزيمة قوى الطائفية والتطرف والفساد والارهاب ويحقق الأمن والاستقرار والبناء والتقدم.
*الممثل الرسمي لحزب البعث في العراق
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الجمعة، 12 فبراير 2016
د. خضير المرشدي : إجتثاث البعث قضية وطن وأمة، وليس مشكلة حزب فحسب؟؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق