صابرين الشمري, لبوة عراقية يتيمة الأب ذات ملامح شرقية, تنتمي لأسرة بغدادية ميسورة الحال, لم يتجاوز عمرها عشرين سنة وبضعة شهور, تتقن اللغات العربية والانجليزية والسويدية بطلاقة, تمكنت من تحويل محاضرة عِلم التربية المدنية في مدرسة البالغين "الكومفوكس" بوسط السويد الى محاضرة عِلم التربية العراقية بكل شجاعة.
تبدأ فصول القصة حينما تطرقَ مُدرس عِلم التربية المدنية جون إيكيوس الى الكيان العبري في موضوع الأندماج, ضارباً هذا الكيان كمثال على اندماج أكثر من مئة قومية هجينة منذُ سنة 1948 م, قائلاً: " وكمثال على الاندماج الاجتماعي, "اسرائيل" الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تضم أكثر من مئة قومية, من بريطانيا وامريكا وروسيا وافريقيا واسيا ومن يهود البلدان العربية, كل هذه القوميات اندمجت في اطار العادات والتقاليد الاسرائيلية واللغة العبرية".
وما هي الا برهة سريعة حتى نهضت "الشمري" من مقعدها وبنبرة صوت حادة, قائلة: "لن اجلس في محاضرة لا يُحترم فيها مشاعرنا, تضرب لنا كيان مُجرم متوغل في قتل وتشريد الفلسطينيين من ديارهم منذُ 64 عاماً كمثال على الأندماج, اي اندماج اجتماعي هذا في كيان يسفك بدماء العراقيين منذُ 9 سنوات, اي اندماج اجتماعي هذا في كيان مؤلف من العصابات والجاسوسية, اي اندماج اجتماعي هذا في كيان احتلَ المرتبة الاولى بمعدلات الجريمة وتجارة الأسلحة والمخدرات, اي اندماج هذا الذي تدعيه والمرأة تباع وتشترى في القدس الغريبة وتل ابيب بسعر اطار سيارة قديمة, فاذا كنت تعتقد ان صدام حسين قد مات فهناك في العراق الملايين من صدام حسين, فلو سمحت هذه فلسطين وليست اسرائيل".
وبعد تصفيق الطلبة العرب واثنين من الطلبة السويديين للبوة العراقية في المحاضرة, بادرَ مُدرس علم الاجتماع بالقول: "انتِ ذكية, انا لم اقصد ان اجرح مشاعركِ, نكمل المحاضرة بعد راحة 15 دقيقة", ثم اخذَ "الشمري" جانباً وقدم لها اعتذاره مع ابتسامة هادئة.
يُذكر, ان "الشمري" تلقت تعليمها الأبتدائي في منطقة الدورة جنوب غرب بغداد, لتلعب والدتها التي كانت تعمل كمدرسة للتربية الاسلامية واللغة العربية الدور الأكبر في نشاءتها.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق