بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
تداخل الأوراق في أحداث المنطقة : (إذا غابت عنك الأسباب فابحث عن المستفيد)
|
شبكة البصرة
|
الأستاذ احمد علي ـ تونس
|
وأنا أتابع الأحداث التي تمر بها المنطقة والتي تداخلت فيها الأوراق إلى درجة أصبح فيها المتلقي العادي عاجز عن فرزها وتحديد الموقف المناسب منها.. ارتأيت تسجيل بعض الملاحظات والاستنتاجات حول هذا التداخل في الأحداث واترك للإخوة القراء حرية التفاعل معها.
الملاحظة الاولى حول" سياسة مقاومة الإرهاب"
حتى يكون توصيف الإرهاب توصيفا صحيحا لابد ان يقترن التوصيف بالإطار ألزماني والمكاني وعليه لا يمكن أن نطلق صفة الإرهاب على الحركات المسلحة التي تقاوم الاحتلال في أوطانها مهما كان الانتماء السياسي للمقاومين وهو ما ينطبق على المقاومة العراقية والمقاومة الفلسطينية... وقس على ذلك في بقية الدول التي تعاني شعوبها من الاحتلال، وخارج هذا التوصيف الذي أأكد فيه على الإطار ألزماني والمكاني في تصنيف الإرهاب سنسقط في التعميم وبالتالي في السياسة الأمريكية ـ الصهيونية التي تحاول ان تعمم شعار "مقاومة الإرهاب" على كل الأحداث التي تعيشها المنطقة وبالتالي تتساوى العمليات الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات المتطرفة في بعض الأقطار او الدول بالمقاومة المشروعة التي تقوم بها كل حركات التحرر من الاحتلال الأجنبي.
الاستنتاج : عندما نقوم بمراجعة تطورات الأحداث نلاحظ ان سياسة "مقاومة الإرهاب" بدأت بإعلان الإدارة الأمريكية برياسة بوش الابن الحرب على أفغانستان بدعوى القضاء على تنظيم "القاعدة" الذي تزعم الولايات المتحدة انه وراء ما تعرضت له في أحداث 11 سبتمبر؟؟؟؟؟ ثم وظف هذا الشعار توظيفا متخلفا ومفضوحا لاحتلال العراق وعندما فشلت سياستها وأجبرتها المقاومة الوطنية العراقية على الانسحاب وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في مأزق سياسي وقانوني وأخلاقي خطير لا ينقذها منه الا إعلان هزيمتها في العراق والقبول بشروط المقاومة العراقية او الاستمرار في هذه الحرب المجنونة تحت شعار " مقاومة الإرهاب " والعمل على تدجين كل حكومات العالم في هذه السياسة، وحتىتستمر "سياسة مقاومة الإرهاب الأمريكية " يجب أن يستمر الإرهاب أو صناعته إذا اقتضى الأمر وهو ما يحدث اليوم وما نلاحظه في بعض المجتمعات التي انتشرت فيها ظاهرة الإرهاب فجأة وهي لم تعرف في تاريخها السياسي الحديث اي شكل من أشكال الإرهاب التي تعيشه اليوم والأمثلة عديدة لمن يراقب الأحداث بموضوعية وعقلانية بعيدا عن تأثير الإعلام الفضائي وبعيدا عن الأحكام المسبقة والتعاطي العاطفي الانفعالي مع أحداث المنطقة راجعوا و تابعوا الأحداث وستتأكدون من ذلك.........
والسؤال الذي يطرح نفسه على كل مراقب للأحداث، هل انتهى الإرهاب؟ بعد إعلان الحرب عليه الجواب لا بل انتشر وتوسع ليشمل أقطار لم تعرفه على مر تاريخها وهو ما يطرح أمام الرائ العام العالمي الرسمي والشعبي سؤال آخر أكثر أهمية وخطورة اذا لماذا تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في هذه السياسة؟ وهل يمكن ان تكون هذا الاستمرار بداية لمرحلة جديدة من الصراع هدفها جر المنطقة الى "حرب صليبية" تؤدي الى تغيير الخريطة الجغراسياسية للعالم القديم وتستفيد منها الولايات المتحدة الأمريكية كالعادة بحكم بعد موقعها الجغرافي عن مسرح هذه الحرب؟. ومن المستفيد من استمرار ظاهرة الإرهاب في هذه المرحلة؟؟؟؟؟
بمجرد استقراء المتابع للأحداث والمواقف السياسية للدول السائرة في ركاب السياسة الأمريكية سيكتشف بكل سهولة من هم المستفيدين من استمرار هذه السياسة.
- المستفيد هي الحركة الصهيونية التي استطاع لوبيها أن يجبر الإدارة الأمريكية على تبني "سياسة مقاومة الإرهاب" لتحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية للحركة الصهيونية وهيتدجين كل حكومات العالم واصطفافها خلف هذا التوجه دون البحث في مفهوم الإرهاب بهدف ضرب كل الحركات المعارضة او المقاومة للكيان الصهيوني الذي يحاول ان يضفي صفة الإرهاب على المقاومة الفلسطينية وبالتالي عزلها والاستفراد بها كمقدمة للقبر القضية الفلسطينية برمتها..
- المستفيد هي إيران التي تسعى الى استكمال مشروعها في تولي زعامة المنطقة والتقدم خطوة أخرى في مخططها التوسعي (السيطرة على الوطن العربي كمقدمة للسيطرة على العالم الإسلامي) و قد حقق لها شعار "سياسة مقاومة الإرهاب " مكاسب كثيرة منذ الاحتلال الامريكي للعراق والى حد الان. وهو الخيار السياسي الوحيد الذي بقي لها لاستكمال مراحل وأهداف مشروعها التوسعي.
- المستفيد هي الحكومات ذات التبعية الإيرانية او التابعة الى مراكز نفوذ إقليمية او دولية منخرطة في السياسة الأمريكية وذلك لإيجاد المسوغات السياسية لتصفية القوى المعارضة و خصومها السياسيين بكل الوسائل الإرهابية (وحكومات الاحتلال في العراق وامثالها في المنطقة نموذجا).
اما الأطراف الأخرى فهي تتوزع بين دول مجبرة على المشاركة مثل حكومات الدول النامية تحت عامل الخوف او دول مؤيدة لها مثل روسيا التي تريد ان تزيح الولايات المتحدة الأمريكية من الموقع القيادي العالمي عن طريق إغراقها في سلسلة من أزمات متفاقمة بدايتها الدخول في حرب مجهولة النتائج مثل "الحرب على الإرهاب " ونهايتها هي غرق الولايات المتحدة في أزمة اقتصادية ومالية شاملة تعيدها الى قمقمها الداخلي، اما بقية الدول فهي اما تابعة او مكلفة بمهمة فيها بمقابل.
ولابد هنا من التنبيه إلى أن اغلب هذه الأطراف تجمعها عدة مواقف، فهي كلها تتفق على ان مصدر الإرهاب هي المنطقة العربية وخاصة دول الخليج العربي وهي كلها تقدم نفسها على أنها او أن توابعها يمثلون اقليه دينية و ضحية للإرهاب وهي كلها تدفع باتجاه تحول الصراع في المنطقة من صراع حول الوطن والأرض والحقوق المشروعة للشعوب التي تعاني من الاحتلال الى صراع بين الطوائف في الوطن الواحد. وهي كلها تسعى للاستكمال السيطرة على المنطقة او على جزء منها وهي كلها تعتمد أسلوب القوة والحرب كحل للخروج من أزماتها الداخلية وهي كلها تنظر لثروات المنطقة العربية كغنيمة يمكن الاستيلاء عليها وتعتقد أنها أولى بها من الأنظمة القائمة الان. وهي كلها تنتحل صفة الإله المنقذ فأمريكا نصبت نفسها وصية على كل شعوب الأرض وتدعي أنها ستنقذ العالم من الإرهاب والدكتاتورية وتنشر الديمقراطية وإيران نصبت نفسها وصية على شعوب العالم الإسلامي وتدعي انها ستنقذ المستضعفين فيه وتقلص من مدة ظهور صاحب الزمان؟؟؟ و الحركة الصهيونية نصبت نفسها وصية على يهود العالم وتعتقد انها ستنقذهم من محنتهم وهي كلها دول فاشلة في سياساتها الخارجية وتعاني من أزمات داخلية خانقة.
الملاحظة الثانية : حول افتعال "مشكلة المسيحيين" في العراق حتى في قمة الصراع السياسي في العراق لم تثار المسالة الطائفية مثلما يحصل في العراق منذ الاحتلال الأمريكي ـ الإيراني سنة 2003 والى حد الان، وهو أمر لا يمكن تفسيره إلا كدليل على فشل إستراتيجية الاحتلال الأمريكي في استعمال الطائفية لفرض واقع سياسي جديد يقسم العراق الى طوائف وقوميات متناحرة وفشل الاحتلال الإيراني في فرض أجندته السياسية الطائفية في العراق رغم جرائم الحرب الطائفية التي مارسها هو وأتباعه ضد الشعب العراقي بكل طوائفه (الشيعة عن طريق تفجير الحسينيات لإثارة الفتنة والسنة عن طريق الإعدامات والتصفيات والاعتقالات والمداهمات وانتهاك الأعراض والمسيحيين عن طريق القتل والتهجير) أقول بعد فشل الاحتلال الإيراني وإحساسه بان الغرب أصبح مترددا في الاستمرار في دعم أتباعه في العراق أوعز ملالي إيران إلى صنيعتهم من المجموعات المتطرفة لاختلاق قضية تهجير المسيحيين وذلك لتغيير موقف بابا الفاتيكان الذي عارض العدوان على العراق في الماضي وبالتالي إيجاد أرضية جديدة للصراع في المنطقة تقوم على تصعيد الشحن الطائفي والادعاء بان هناك تهديدا للمسيحيين و بالتالي خلق مسوغ سياسي ديني مركب لتدخل عسكري غربي بدعم ديني من الفاتيكان (حرب صليبية) وهي آخر ورقة تلعبها إيران لتوريط الغرب في حرب جديدة في العراق والمنطقة (حرب شاملة) تتنصل فيها من مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبها أتباعها وتحملها كلها الى الدول التي ستتدخل في هذه الحرب الجديدة
الاستنتاج : الغرب اليوم أمام خيارين
الخيار الأول : الاستمرار في هذه السياسة الأمريكية الصهيونية العمياء و الانسياق والاعتماد على عصا الأعمى الإيرانية التي مازالت تمثل دليل السياسة الأمريكية منذ بداية احتلال العراق والى حد ألان وبالتالي ممارسة الغباء السياسي مرة أخرى والدخول في حرب مجهولة النتائج لا تستفيد منها إلا إيران وأتباعها في المنطقة الذين سيتمكنون في هذه الحالة من:
ـ التنصل من مسؤولية جرائم الحرب وتحميلها لدول الغرب بكل قياداته السياسية والدينية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبابا الفاتيكان وبالتالي تخلص الخامئناي وزمرته من الجرائم التي ارتكبها أتباعه او التي يمكن ان ترتكبها المليشيات الإيرانية او الطيران الإيراني وذلك باستعمال أسلحة محظورة في حق المدنيين وتحميل مسئولية استعمالها للطيران الأمريكي والغربي وهي فرصة ذهبية لإيران وأتباعها ما كانت ستتوفر لها لو لم تتدخل الدول الغربية في هذه الحرب الجديدة.
ـ تحويل الصراع من صراع بين المقاومة الوطنية العراقية والاحتلال الإيراني ـ الأمريكي الى "حرب صليبية " يتم تحتها وفي ظلامها القضاء على كل من يعارض التوسع الإيراني في المنطقة.
ولا تستغربوا فالمكر الإيراني على استعداد لخلق الحالة ونقيضها لتبرير سياسة الفتنة والقتل إرضاء لنزعة الملا لي المقيتة التي تقوم على العنصرية الفارسية الطائفية وعقلية التقية و الخرافة والأسطورة ولعل الأحداث الماضية مليئة بالعمليات الماكرة من ذلك قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية واتهام القيادة العراقية واستخدام رفات الأسرى العراقيين الذين قامت إيران بتصفيتهم لاتهام القيادة العراقية "بالمقابر الجماعية" وتفجير مرقدي الإمامين في سامراء لإشعال نار الفتنة واتهام المقاومة العراقية... والأمثلة لا تحصى ولا تعد.
الخيار الثاني : وهو أفضل الحلول للولايات المتحدة الأمريكية والغرب لتجنب الغرق القاتل من جديد في مثلث " برمودا العراقي " وفي حرب جديدة مجهولة النتائج وذلك بالعدول عن مواصلة السياسات الخارجية غير المسئولة وغير المتوازنة التي تورطت فيها هي وبعض الدول والخروج من دائرة "سياسة مقاومة الإرهاب " التي اعتمدها بوش وجماعته وتتخفى وراءها إيران وتوابعها في العراق وفي المنطقة وتغييرها بسياسة مقاومة الاستغلال والفقر والجهل في العالم وهذا الخيار يقتضي:
- الاعتذار للشعب العراقي على العدوان عليه والتعهد بإعادة بناء ما دمرته الحرب.
- فتح حوار شامل مع المقاومة الوطنية العراقية حول مختلف الملفات ومخلفات الاحتلال.
- محاسبة إيران على المجازر التي ارتكبها أتباعها في العراق والمنطقة وإرغامها على دفع التعويضات لضحاياها.
- خلق أرضية سياسية تقوم على الحوار بين الأقطار العربية والدول الغربية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتكافئ الفرص والمصالح المشتركة بين الشعوب لان الحرب استثناء ولا تخلف الا المآسي والدمار والسلام هو الحالة الدائمة التي تحقق الاستقرار والنمو والتقدم والتعاون بين الشعوب للقضاء على الاستغلال والفقر والجهل والتفاعل الايجابي لبناء الحضارة الإنسانية.
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 20 أغسطس 2014
الأستاذ احمد علي ـ تونس : تداخل الأوراق في أحداث المنطقة : (إذا غابت عنك الأسباب فابحث عن المستفيد)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق