((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الأربعاء، 22 فبراير 2012
تسعون يوما حاسمة في الخليج
تسعون يوما حاسمة في الخليج
الشرق الاوسط اللندنية
GMT 0:35:00 2012السبت 18فبراير
محمد الرميحي
تفيد تقارير مختلفة المصادر أن الثلاثة أشهر القادمة ستكون حاسمة في تطور أحداث منطقة الخليج، وربما الشرق الأوسط بكامله، ومن مظاهرها التي يمكن أن تقرأ مبكرا أربعة محاور على الأقل:
المحور الأول: هو الضرب الخفي والمبطن والمتبادل، بين إسرائيل وإيران، التي يرى البعض أن تفجير أو محاولة اغتيال بعض أعضاء سفارات إسرائيل في أماكن مختلفة من آسيا البعيدة عن الأنظار المباشرة، قد يكون نتيجة لسلسلة اغتيالات جرت في إيران لبعض من هم من علماء المشروع النووي الإيراني، هذا الضرب والضرب المضاد، هو محاولة للاستدراج لمعركة يريد أي طرف منها ذريعة لاشتباك حقيقي على أن يبدأ الخصم تبريرا للداخل والخارج، بصرف النظر عن التكلفة المتوقعة لهذا الاشتباك الممكن، حيث إن الوضع الحالي لا يطاق من الجانبين الإيراني - مع اشتداد الحصار - والإسرائيلي مع قرب احتمال اكتمال المشروع النووي العسكري الإيراني. كلا الطرفين يعتبر أن الانتظار هو خسارة في نهاية المطاف، إلا أنه يرغب باستثارة الطرف الآخر حتى يبدأ الفعل الكبير الأول، ليس ذلك خافيا على من يتتبع التقارير الإسرائيلية المنشورة التي تجمع على أن إيران سيكون لديها قوة نووية عسكرية خلال 3 - 5 سنوات على الأكثر.
المحور الثاني: هو اشتداد تأثير المقاطعة الدولية على إيران، خاصة عن طريق تجريم بيعها للنفط للدول الأخرى الذي سوف يدخل التفعيل الحقيقي خلال الأشهر القليلة القادمة، وإذا علمنا أن إيران تعتمد في اقتصادها على النفط، وهي ثالث منتج دولي له بواحد من أكبر أحجام التدفق اليومي (4.1) مليون برميل يوميا ويمثل 80 في المائة من كل صادرات التجارة الإيرانية الخارجية، فإن حرمان إيران من هذا الدخل أو تقليله بشكل كبير يعني اشتداد الأزمة الداخلية الإيرانية مع ما يأتي به ذلك من احتمال حراك شعبي كبير، لا يبتعد عن حراك ربيع العرب ويحمل ربما كثيرا من سماته. في مجتمع معسكر كما لم يكن من قبل إذ إن الرجال والنساء في إيران الذين هم تحت السلاح يصل عددهم إلى 545 ألفا مع احتياطي يقارب المليون وتسليح بحري وصاروخي ضخم، كل هذا يجعل من أي تراجع اقتصادي حاد مؤثرا سلبيا على - أولا - الروح المعنوية لهذا الحشد العسكري الضخم وأيضا على تمويل هذا الحشد لفترة طويلة
المحور الثالث: هو الوضع في سوريا والعراق فاحتمالات أن يفقد النفوذ الإيراني جزءا غير يسير من نفوذه في سوريا قائمة - بصرف النظر عن النتيجة النهائية للصراع في سوريا وعليها - ولذا فإن أسوأ سيناريو لإيران هو ربيع عربي حقيقي في سوريا على شاكلة ما حدث في مصر وتونس وليبيا، أي اكتمال التغيير بنظام جديد وروح سياسية جديدة، والأقل احتمالا أن تحدث في سوريا تغيرات هيكلية بحيث لا يعود «الحزب القائد» قائدا أو مؤثرا، فيقل أو يطاح بالنفوذ الإيراني، وكلا الاحتمالين خسارة بينة لما كان يتمتع به النظام الإيراني في السابق من نفوذ، هذا معطوفا على احتمال نقص التمويل للجماعات المؤيدة لإيران في لبنان وفي فلسطين، وهو أمر بدأت تباشيره الآن، كل ذلك يجعل من التراجع في النفوذ الإيراني حقيقة بائنة. في العراق تقارير تأخذ الموقف العراقي إلى الأسوأ، بعد أن يتبين لكل الأطراف العراقية، أن العراق عاد إلى المربع الأول - بعد الانسحاب الأميركي - ويجمع بعض المطلعين على أن العراق في الأشهر القليلة القادمة مقدم على صراع بين الأطراف المشكلة لنسيجه، دموي وقمعي من أجل الاستحواذ على الثروة والسلطة، الأمر الذي سوف يجعل إيران، التي هي لاعب أساسي في العراق اليوم، محط نيران صديقة ونيران عدوة، كونها الوحيدة (من القوى الخارجية) التي يمكن أن تلام.
هذا الأمر يجعل إيران تحاول تحريك أطراف تابعة لها في دول الخليج تحت ذرائع شتى؛ أولا من أجل تخفيف العبء الإعلامي والسياسي على الحليفة سوريا، وقد تقدم بشار الأسد منذ أشهر بالتلميح إلى ذلك عندما أشار إلى أنه إن جرى خلل في سوريا فسوف يصيب كل الشرق الأوسط، كما أن محاولة زعزعة أمن الخليج قد تكون لدى البعض في طهران ودمشق ردا على الحراك السياسي والدبلوماسي الواسع لدول الخليج في كل من دائرة الجامعة العربية أو مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة.
المحور الرابع: هو التكدس العسكري الأميركي ليس البري فقط في الخليج ولكن الأهم البحري، مما حدا بأحد أكثر الخبراء الأميركان اطلاعا وهو العسكري السابق ذو التقديرات العالية الجنرال بيري ماكافري إلى القول في دراسة حديثة ما نصه «في تقديري نحن في وضع المخاطرة العالية في الخليج»، وكان يقصد اشتباكا قد لا يكون مقصودا في البداية بين البحرية الأميركية الموجودة بكثافة في بحر الخليج والقوة البحرية الإيرانية الكثيفة أيضا، ولو أن الولايات المتحدة ليس لها الرغبة، لأسباب داخلية، في الدخول إلى صراع مسلح جديد، إلا أن إغراق سفينة أميركية واحدة في الخليج من القوة الإيرانية سوف يقلب الرأي العام الأميركي إلى تعضيد التدخل العسكري، فموت من ألف إلى خمسة آلاف عسكري وغرقهم في المياه الضحلة للخليج قد يثير غضب الشارع الأميركي إلى درجة السماح بشن حرب شاملة.
السؤال الذي يجب أن يطرح هو: ما مدى تحمل الأطراف المختلفة في دول الخليج هذه الضغوط التي تتزايد، حتى الآن اللاعبون الأساسيون يلعبون بأدوات بعيدة جزئيا عنهم، في محاولة لتأخير الاستحقاق الكبير وهو المواجهة العلنية، اللعب حتى الآن إما في الأطراف أو في ساحات بعيدة نسبيا عن مراكز الصراع، ولكن إلى متى سوف يستمر اللعب بالأدوات البعيدة، الأمر يتوقف على من يصرخ أولا، إلا أنها شهور عصيبة مركزها الخليج.
آخر الكلام:
استجابت الإدارة الأميركية لإعلان سوريا طرح دستور جديد بالقول إنها «نكتة»، والنكتة الثانية التي لم تدع أنها كذلك بعد هي دعوة العراق لعقد قمة عربية ربما قمة «تعارف» في بغداد، أليست تلك مثل هذه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق