بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أوراق عربية
إيران تهرب من ظروفها السياسية والاقتصادية الطاحنة إلى تهديد دول المنطقة
ممنوع البحث عن مطلوبين لإيران في شمال البلاد
جمهورية أذربيجان، قطعت يد خامنئي عن التدخل في شؤونها الداخلية
قائد القوات البحرية الأمريكية في الخليج العربي
تحول إلى غوبلز إيراني لإخافة دول المنطقة
تحول إلى غوبلز إيراني لإخافة دول المنطقة
شبكة البصرة
نزار السامرائي
على غير العادة أثناء الخدمة، ومن دون مقدمات خلع قائد الأسطول الأمريكي في الخليج العربي بزته العسكرية، واستعار دورا ظنته الشعوب قد انتهى منذ أكثر من ستة عقود من الزمن، وهو دور غوبلز وزير دعاية أدولف هتلر، مع فارق بسيط جدا، وهو أن خطط غوبلز كانت تثير الهلع في قلوب أعداء ألمانيا أيام الحرب العالمية الثانية، أما قائد الأسطول الأمريكي، فيبدو أنه أراد أن يقوم نيابة عن إيران العدو المفترض للولايات المتحدة بهذا الدور، وإدخال الرعب في قلوب سكان المنطقة الإقليمية، وكذلك لإهارة معنويات جنود الأسطول الأمريكي نفسه، بحديث بالغ فيه كثيرا عند استعراضه لقدرات إيران العسكرية، والتي صورها في حديثه على أنها رامبو إقليمي وقادر على أن يشعل النار فوق مياه الخليج العربي من رأس البيشة شمالا، إلى النهاية السفلى لمضيق هرمز جنوبا.
لا أحد يعرف على وجه الدقه مرامي قائد القوات البحرية الأمريكية في الخليج العربي من حديثه هذا، وعما إذا كان متطابقا مع تقرير الإيجاز الإستخباري الأمريكي المقدم له، أم أنها مبالغات مدروسة بعناية فائقة مطلوب طرحها إعلاميا كي تتقمصها إيران، لاسيما ما جاء في حديثه عن قدرات زوارق الانتحاريين الإيرانية السريعة، على تنفيذ عمليات لضرب أهداف العدو؟ وكذلك إنزال إيران لعدد إضافي من الغواصات وقطع الأسطول القادرة على إرباك القوات الأمريكية، فهل هو تضخيم مقصود لدفع الزعامة الإيرانية إلى انتفاخ أجوف لبالونها، بحيث تظن في نفسها قدرة أسطورية على فعل الأعاجيب، ثم توريطها في موقف تم تصميمه بدقة من قبل الولايات المتحدة؟ ذلك يبدو أمرا مستبعدا كثيرا في ضوء الاستراتيجية الجديدة لأوباما بإعطاء الاهتمام لشرق آسيا.
أم أن قائد الأسطول الأمريكي أراد إرسال رسالة إلى الطرف العربي، لإشعاره بحجم التهديد الذي ينتظره في حال فرضت عليه المواجهة الإيرانية من دون أن تتوفر قوة حماية خارجية؟ والمقصود بالقوة الخارجية هنا هي القوات الأمريكية، التي لا تحتاج إلى تبرير لتعزيز وجودها في مياه المنطقة، حتى تساءل وزير الدفاع الإيراني بسذاجة عن أسباب تحويل الخليج العربي إلى بركة تسبح فيها الحيتان من كل الأصناف والأنواع والجنسيات، ويبدو أن وزير الدفاع الإيراني نسي من أن سياسة بلاده وتهديداتها الغبية،كانت من بين أهم الأسباب التي استدعت الوجود البحري الأمريكي.
صحيح أن النفط ملك للدول المالكة لمكامنه، إلا أن الصحيح أيضا أن ماكنة الاقتصاد العالمي يمكن أن تتصدع في حال توقف صادرات النفط من منطقة الخليج العربي، وهذه الحقيقة تعيها إيران جيدا ولكنها توظفها على خلاف تلك المعرفة، حينما تهدد على مدار مناسباتها الدينية والسياسية بإغلاق مضيق هرمز، وكأنه بوابة القصر الجمهوري في طهران، تفتحها متى تريد وتغلقها حينما تشاء.
إبراهام لنكولن في مياه الخليج العربي مرة أخرى
على العموم لم يتأخر قائد البحرية الإيرانية كثيرا حتى ابتلع الطعم الأمريكي، والتقط من عرش الطاووس الذي أداه محمد رضا بهلوي، ريشه سريع الانتفاش، وراح يستعرض قدرة بلاده في مواجهة العالم مجتمعا والقانون الدولي، وكيف أنها ابتكرت أسلوبا جديدا ومؤثرا في إغلاق مضيق هرمز، فقال إنها ستعتمد أسلوبا ذكيا لتحقيق هذا الهدف، وربما ظن القائد الإيراني أن العالم كان ينتظر منه هذه المكرمة الطيبة، كي لا تعتمد أسلوبا غبيا في غلق المضيق قد يترك تأثيرات على مدارك المراقبين، ويبدو أنه لم يكن منتبها إلى أن العالم ينظر إلى النتيجة النهائية للتعامل مع هذا الملف، وليس إلى الأسلوب المتبع في تحقيقه،لكن رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء حسن فيروز آبادي، ذهب بعيدا في تهديداته، حينما قال إن العدو سيواجه صفعة قوية للغاية لو تقدم خطوة نحو ايران، ولكن المسؤولين الإيرانيين على ما يبدو نسوا أنهم حذروا الولايات المتحدة من مغبة عودة حاملة الطائرات إبراهم لينكولن إلى الخليج العربي، ولكنها عادت ولم تتلق حتى اللحظة الصفعة الإيرانية المنتظرة.
على الرغم من أن تكرار التهديدات الإيرانية تعكس قلقا كبير في الأوساط السياسية والدينية والعسكرية الإيرانية، من هواجس مجهولة المدى، والتي تفوق في مداها قلق الأطراف الأخرى من خطوة كهذه وخاصة دول الخليج العربي، لأن الاقتصاد الإيراني أخذ يترنح تحت وقع العقوبات المتزايدة مع الوقت، ويعاني أوجاعا أخرى لا تظهر أثارها بصورة فورية، ولكنها أخذت تفرض ظواهر داخل المجتمع الإيراني، لا تسمح بالاستنتاج بأن طهران قادرة على تجاوزها مهما ناورت على النهايات البعيدة، ومهما تقشفت وضغطت على المواطن، لاسيما وأن الشارع الإيراني بدأ يحصد الثمار المرة لما زرعته السياسات الخاطئة التي اتبعها حكام إيران في مغامراتهم التي لا يبدو أنها تعرف حدا لتقف عنده، ولا تستجيب لتطور وعيه باتجاه بناء دولة مدنية تأخذ بقدر ما تعطي بلا ضغوط أو ابتزاز للآخرين.
ومع أن إيران كشفت عن أن جمهورية أذربيجان المستقلة عن الاتحاد السوفيتي سابقا، والتي ينتمي معظم سكانها إلى المذهب الشيعي من دون إعتراف بولاية الفقيه، كانت محطة للتعاون مع الموساد الإسرائيلي لتصفية علماء الذرة الإيرانيين، وهو ما حدا بوزير الخارجية الإيراني لاستدعاء سفير جمهورية أذربيجان (لتوبيخه) على وفق النص الذي وزعته وكالة ايرنا للأنباء، والتي ذكرت بأن الخارجية الإيرانية سلمت للسفير مذكرة طالبت فيها باكو بوقف نشاطات الموساد في أراضي جارة إيران الشمالية، ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية قولها في تلك المذكرة إنه "في اعقاب تحركات الارهابيين التي شملت اغتيال علماء ايرانيين في جمهورية اذربيجان والتسهيلات الممنوحة لهم للذهاب الى تل ابيب بالتعاون مع شبكة تجسس "موساد"، فقد استدعي سفير اذربيجان في ايران جافانشير اخوندور الى وزارة الخارجية" وتم توبيخه على سلوك بلاده، حسنا إذا كانت هذه هي مواقف أذربيجان تجاه إيران فلماذا لم نسمع بأن إيران حولت بوصلة اهتماماتها صوب الشمال؟ سواء في خطط الانتشار العقائدي، أو في محاولات الإحتواء السياسي، وظلت تركز على منطقة الخليج العربي؟ فكل الشروط تتوفر في أذربيجان للتحرك الإيراني، إلا إذا كانت خشية الولي الفقيه من أن هذا الملف يمكن أن يقود إلى سلخ إقليم أذربيجان الإيراني وإلحاقه بجمهورية أذربيجان لعوامل قومية يمكن أن تترك ذيولا لا تتوقف عند هذا الحد.
الدب الروسي يقلق في نهاية الشتاء
والعم سام يبعث برسائل تطمين
بعد أن ظلت إيران ومنذ ما يزيد على عام، تقدم قراءتها لما يوصف بالربيع العربي، على أنه استنساخ عربي لصفحة ما شهدته طهران ومدن إيرانية أخرى في خريف عام 1978 وامتد حتى 11 شباط 1979، بدأت صورة التفاؤل الإيراني تتراجع تدريجيا، على الرغم من أن هناك ثنائية وانتقائية في التعامل مع ملف الربيع، بحيث بدت الزعامة الإيرانية وكأنها تجعل من نفسها شاقولا لاستقامة البناء الشرق أوسطي، وبوصلة لكل من يريد أن يرفع الأذان في المنطقة.
واقع الحال له قراءة ميدانية أخرى، فرياح التغيير التي اقتلعت بعض الطغاة والمستبدين، وهي في طريقها لتفعل ذلك في مناطق أخرى، بدأت تطرق الأبواب الداخلية في إيران من وراء الستار الحديدي، وبات من واجب النظم الخائفة على نفسها أن تحترز من وصول الربيع إلى المدن التي تجمدت سياسيا وفكريا تحت درجة الصفر المئوي نتيجة المناخ السائد، فالمتلقي العربي على طول الوطن العربي وعرضه، لاسيما في المشرق العربي، والذي كان يُقدم في صالات العرض على أنه عديم الإبداع وأنه تابع بالفطرة والبناء النفسي والتربوي، وأن عليه انتظار الإلهام القادم من وراء الحدود، وخاصة من إيران حيث من يريد احتكار الحكمة والقدرة على تحريك الجماهير لنفسه، هذا المتلقي تحول إلى صانع للأحداث وفاعل مؤثر في صياغة سلوك الجماعات حتى خارج حدوده الجغرافية حتى عادت المنطقة العربية لتحتل الصدارة في اهتمامات الصحافيين والساسة على حد سواء، وربما استرد المتلقي العربي صنعة ظلت مسجلة باسمه على مر التاريخ، ليس على المستوى الإقليمي فقط، وإنما على الصعيد الدولي أيضا.
المخاوف من انتشار رياح التغيير، انتقلت إلى روسيا والصين وربما كانت مخاوفهما أكبر من مخاوف الذين لا يخسرون شيئا إذا قدموا تنازلات لشعوبهم قبل ضياع فرصة العودة للحكمة، هذه المخاوف التي تلتقي فيها إيران أيضا لاسيما مع وجود تطابق في العناصر المؤدية لإستثارة أسباب النقمة، من قمع ومصادرة للحريات وسياسة تجويع وإفقار نتيجة الانشغال ببرامج تسليح ومشاريع توسعية في مختلف دول العالم، تعكس حقيقة واحدة وهي أن خيار التجاوب مع المطالب الشعبية هو أقصر الطرق لتجنيب المجتمع أثمانا تفوق في حجمها ما تتكبده من خسائر عن عناد غبي وممانعة عمياء.
ماذا أعجب المعارضة البحرينية في التجربة الإيرانية؟
الاحتجاجات التي تشهدها إيران على فترات متفاوتة، تعكس أولا عمق الأزمة البنوية التي تواجهها إيران بعد ثلاثة وثلاثين عاما من سقوط الشاه، ذلك أن التقلب بين الخيارات السياسية والفكرية التي تم صبها كقوالب جامدة لكل مرحلة من عمر التجربة، أوجد أزمة هوية وانتماء حقيقيين في إيران لم تستطع الخروج منها، فالتشيع السياسي أوجد صداما حادا مع التيارات القومية التي ما تزال تحتفظ بكثير من قواعد قوتها الخفية في المجتمع الإيراني، وعلى الرغم من محاولات الزعامة الإيرانية الحالية المستمية لتأكيد أصالتها ومصداقيتها، من خلال تصدير وهج التجربة للخارج، وتوظيف الدعم الخار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق