بدء المحاكمة في "قضية التمويل الأجنبي" بمصر
غزة - دنيا الوطن
تبدأ في القاهرة اليوم الأحد محاكمة المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لبعض الجمعيات الحقوقية الدولية بينهم 19 أمريكيا.
وأدت هذه القضية إلى توتر غير مسبوق في العلاقات المصرية الأمريكية وتهديد نواب في الكونجرس بقطع المعونة السنوية التي تبلغ 1.3 مليار دولار، في مقابل رفض القاهرة الصريح للتدخل في شؤون القضاء.
وتدخلت قيادات أمريكية لحل الأزمة بدءا من رئيس الأركان الأمريكي إلى السيناتور جون ماكين رئيس الأغلبية بالحزب الجمهوري بالكونجرس إلى دعوة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لحل الأزمة.
ومنذ أن أعلنت القاهرة الأسبوع الماضي بدء محاكمة 43 ناشطا متهمين في قضية التمويل غير المشروع للجمعيات الأهلية، ومن بينهم 19 أمريكيا، أثارت القضية توترا في العلاقة بين مصر والولايات المتحدة التي طالما اعتبرت مصر حليفا استراتيجيا لها، والتي تقدم مساعدة عسكرية إلى الجيش المصري تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا.
واشنطن تلمح إلى قطع المساعدات
وفي ضوء هذا التوتر لمحت واشنطن إلى قطع هذه المساعدات، بينما حذر ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي مصر من أن خطر حصول قطيعة حادة بين البلدين نادرا ما كان بهذا الحجم.
وقد شوهد عدد من المتهمين الأمريكيين يلجؤون إلى سفارتهم في القاهرة، بينهم سام لحود، نجل وزير النقل الأمريكي راي لحود، وهو المشتبه به الرئيسي في القضية والذي يرأس المعهد الدولي الجمهوري في مصر.
وتدور الاتهامات في هذه القضية حول خمس منظمات، أربع منها أمريكية؛ وهي المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الديموقراطي، ومنظمة فريدوم هاوس والمركز الدولي الأمريكي للصحفيين، أما الخامسة فهي مؤسسة كونراد أديناور الألمانية للتنمية، بحسب ذات المصدر.
وقال المحامي نجاد البرعي، الذي يمثل بعض المتهمين الأمريكيين في القضية إنه لا يتوقع حضورهم جلسة الاستماع الأحد، مضيفا: "لا أتوقع حضورهم، وفقا للطريقة التي تسير بها الأمور".
وبالرغم من أن السلطات المصرية لم تعتقل أيا من هؤلاء المتهمين، وبينهم جنسيات أخرى غير أمريكية، حيث يوجد بينهم صرب ونرويجيون وألمان وفلسطينيون وأردنيون، إلا أنها أصدرت قرارا بمنعهم جميعا من مغادرة البلاد لحين انتهاء المحاكمة.
وساعدت بعض هذه الجمعيات في تدريب النشطاء والمرشحين السياسيين لإدارة حملات الانتخابات التشريعية التي بدأت في نوفمبر الماضي، وهي الانتخابات الحقيقية الأولى التي شهدتها مصر منذ عقود.
اعتبار القضية "سياسية"
وتأتي هذه القضية التي اعتبرها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي "ذات دوافع سياسية"، بينما يواجه المجلس العسكري الذي يتولى زمام الحكم في مصر منذ الإطاحة بمبارك احتجاجات واسعة تطالبه بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية.
وفي أكتوبر اتهمت وزيرة التعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا في إفادة خلال التحقيق في تمويل الجمعيات الأهلية، الولايات المتحدة بأنها عملت على "احتواء" الثورة المصرية، و"وجهتها" لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل من خلال تلك الجمعيات.
ويعتبر البرعي أن هذه المحاكمة نتيجة لتوتر العلاقة بين واشنطن والقاهرة ويقول: "هناك أزمة في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، وعلق المتهمون الآخرون في الوسط".
وجاءت تصريحات كلينتون بعد زيارة لوفد من خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إلى القاهرة برئاسة السيناتور الأمريكي جون ماكين لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين لاحتواء الازمة. وصرح ماكين آنذاك أن المشير حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية أكد له أن السلطات المصرية تعمل "بشكل فاعل" على حل القضية.
لكن التدخل السياسي في هذه القضية التي باتت بين يدي المحكمة الآن قد يدحض ادعاء السلطات بأنها لا تتدخل في استقلال السلطات القضائية والتي تواجه أكبر اختبار لها في قضية تهم القتل والفساد في محاكمة مبارك المثيرة للجدل.
مهلة لتعديل الأوضاع والمساواة
من جهة تحليلية أكد الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق في تصريح لـ"العربية.نت" أن إشكالية التمويل الأجنبي تكمن في كون الحكومة قامت بهذا الإجراء ضد المؤسسات التي تتلقى تمويلا أوروبيا أو امريكيا، ولكنها غضت الطرف عن نظيراتها التي تتلقى تمويلا عربيا سواء من الخليج أو العراق سابقا.
وكان هناك تحريض للحكومة للقيام بذلك من قبل الاسلاميين والقوميين، وبلغ التمويل الخليجي لجماعة السنة المحمدية حوالى 296 مليون دولار من قطر والكويت، وبالتالي إذا كانت الحكومة تريد حل الازمة فيجب ان تعامل الجميع معاملة واحدة، إننا في زمن مصر الثورة، وهذا يتطلب وجود هيئة تتولى الإشراف على أنشطة كل منظمات المجتمع المدني" .
وحول كيفية ضبط منظمات المجتمع المدني دعا نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان احمد عبد الحفيظ في تصريح لـ"العربية نت" إلى منح المنظمات مهلة تصل إلى أربعة أشهر لتوفيق أوضاعها وفق القانون المصري الخاص بالجمعيات الأهلية، حتى تصبح كلها مؤسسات مصرية تحاسب وفق القانون المحلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق