أوميد ميمارين/ وكالة إنتر بريس سيرفس
عباس صكر - وكالة انباء الرابطة - صوت كل مقاوم عربي
من اليسار إلى اليمين، صدرت الأحكام ضد كل من فخر السادات محتشميبور، وفايزة هاشمي والايراني الأميركي أمير حكمتي في غضون أسبوع.
شنت السلطات الإيرانية موجة من الإعتقالات والأحكام بالسجن لفترات طويلة للناشطين السياسيين والصحفيين في البلاد، بما يثير مخاوف تجدد حملة فرض سلطة النظام قبيل ما يقل عن شهرين على إجراء الإنتخابات البرلمانية الإيرانية، وبينما يهدد غالبية المعارضون بمقاطعتها.
وتتزايد هذه الضغوط في الوقت الذي تواجه فيه إيران عقوبات جديدة من الغرب بشأن برنامجها النووي، كما ترتفع حرارة توتر العلاقات اللفظي مع الولايات المتحدة إثر التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي ومنع مرور حوالي خمس النفط العالمي الذي تحمله الناقلات بحراً.
ويبدو ان هذه التهديدات يراد منها ارسال رسالة ايرانية الى انظمة الخليج العربي بانه لا قيمة لكم.
ولكن المشهد ليس كله ينم عن اختلاف بين واشنطن وطهران.
فقد دعمت واشنطن النظام الايراني لسنوات طوال سبقت احتلالها لافغانستان ثم غزت العراق لتسقط نظام الرئيس الشهيد صدام حسين .
وكل من بغداد وكابل كانتا على خلاف دائم مع طهران .
و مثل ماحدث اكبر دعم خارجي لايران، بل وعملت قوات الاحتلال الامريكي في العراق على تنصيب اتباع ايران على رأس الحكم في العراق.
وبدون شك كانت واشنطن تدعم بقوة انتشار الشيعة والتشيع الذي يمثل الجانب المظلم في الاسلام باحتواءه على خرافات واساطير وكره الشيعة للعرب .
ونجحت طهران في استخدام هذا الامر لدعم مصالحها القومية.
ويوم 9 يناير، تم اعتقال المنشق مهدي خزعلي، نجل آية الله صاحب النفوذ السياسي، وبعد بضع ساعات، تم اختراق موقعه الإلكتروني الذي يحظى بشعبية على الإنترنت. وفي 8 يناير، اعتقلت قوات الأمن سعيد مداني، وهو عضو بارز في الجماعة الوطنية الدينية التي تنتقد الحكومة الإسلامية، بينما كان يسير في الشارع مع زوجته.
وفي نفس اليوم، تم اعتقال الصحافي والباحث في القضايا الإثنية إحسان هوشمند في منزله. كذلك ألقي القبض على الصحافية فاطمة خرادمند.
وفي 3 يناير، حكمت المحكمة الثورية في طهران على فايزة هاشمي، وهي عضوة سابقة في البرلمان وابنة آية الله هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، بالسجن لمدة ستة أشهر لمشاركتها في مظاهرات مناهضة للحكومة.
كما صدر حكم قضائي ضد فخر السادات محتشميبور، مستشارة وزير الداخلية في حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي، بالسجن لمدة أربع سنوات مع وقف التنفيذ. أما زوجها مصطفى تاج زاده، وهو إصلاحي بارز ونائب وزير الداخلية السابق، فهو يقضي حالياً فترة سجن مدتها ست سنوات داخل سجن إيفن.
إلا أن الحكم يوم 9 يناير على أمير حكمتي، المواطن الأميركي من أصل إيراني، كان المفاجأة الكبرى. فقد أدانته محكمة إيرانية بتهمة "التعاون مع الولايات المتحدة ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأعتبرته "محارب" (عدو الله)، و من المفسدين في الأرض، وحكمت عليه بالإعدام.
وكان حكمتي قد دخل إيران يوم 15 أغسطس لزيارة عائلته. وفي 29 اغسطس تم اعتقاله بتهمة التجسس. وخلال فترة إحتجازه التي استمرت أربعة أشهر، لم يتمكن من الحصول على محام ولم يكن قادراً على الاتصال بأقاربه في الولايات المتحدة.
وقد صرح مصدر مقرب من العائلة لوكالة إنتر بريس سيرفس، إشترط عدم الكشف عن هويته: " إن ما نخشاه أكثر ما نخشاه أن يصبح أمير ضحية للتوتر الحالي بين إيران والولايات المتحدة، فكل الاتهامات الموجهة ضده ليست صحيحة. والإتهامات التي قدمتها السلطة القضائية الإيرانية ضده قد فاجأتنا جميعاً".
وكان الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، قد صرح في التاسع من يناير بأنه واثق من إقبال كبير على الإنتخابات، وهي أول انتخابات وطنية منذ إنتخابات 2009 التي جاءت بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى السلطة.
وخامنئي رجل دين من حيث العلم لا قيمة له، لكنه يتمتع بتأييد رجال دين ومراكز قوى حولت ايران الى مؤسسة خاصة لجني المال عبر النفوذ.
ويقول المحلل السياسي مصطفى سالم أن التنافس بين خامئني والرئيس الايراني محمود نجادي يبدو للبعض مدخلا لشق صفوف النظام، ولكن لا يمكن تجاهل كونه يسهم في تقسيم الادوار من اجل جني منافع أكبر.
ويذكر ان المرشح في الانتخابات يجب ان يكون مؤمنا بولاية الفقيه التي ابتدعها خميني ضمن توصيفة تتيح له ولمن ياتي بعده مرشدا اعلى من تمثيل ما يسمى المهدي المنتظر وهي شخصية خرافية ابتدعها الشيعة نقلا عن ديانات اخرى من اجل تبرير سلطة رجل الدين والاستعداد لخوض معركة ضد السنة اذ من بين اهداف هذا المزعوم شن حرب على السنة.
ومنذ لجوء خميني الى العراق في عام ستينيات القرن الماضي توطدت علاقاته مع وكالة المخابرات الامريكية والغربية حيث حافظت المؤسسة الدينية الشيعية على ولاءها الدائم للندن و واشنطن.
من جهة أخرى، يقع إثنان من زعماء المعارضة الإيرانية، وهما مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وكذلك زوجة موسوي، تحت الإقامة الجبرية منذ فبراير الماضي، في حين يقضي عدد كبير من الشخصيات الإصلاحية عقوبات بالسجن لمدد طويلة.
ويشير امر الاقامة الجبرية الى أن المعارضة لا تتمتع بقوة كبيرة كما ان موسوي وكروبي لا يرفضان ولاية الفقيه الاشد تخلفا ورجعية.
وبإستبعاد الإصلاحيين والجماعات الأخرى التي تنتقد النظام، يمكن لمقاطعة الإنتخابات على نطاق واسع أن تهدد شرعية الحكومة الإيرانية، التي ظلت مشوهة منذ التظاهرات الحاشدة والإعتقالات في أعقاب إنتخابات عام 2009.
وللحفاظ على استمرارية العملية الإنتخابية، يبدو أن القيادة الإيرانية اختارت اتباع النمط الكلاسيكي، وهو تكثيف حملتها المحلية ضد المعارضة، والحد من تدفق المعلومات عبر وسائل الإعلام والإنترنت، وأخيراً، متابعة خطابها العدواني للسياسة الخارجية.
ويعتقد المحلل السياسي مصطفى سالم ان التشدد الايراني خارجيا وفر لها مكاسب ولكنه ايضا يمثل حالة التوافق الامريكي الايراني غير المعلن والذي بموجبه يراد ان ينعكس ضرر اي خلاف على العرب.
ويقول محمد رضا نصب عبدواللاهي، وهو صحفي من محافظة شيراز لوكالة إنتر بريس سيرفس، "سيحاول النظام الإيراني في الإنتخابات المقبلة الضغط على الصحفيين لإرهابهم وبالتالي منعهم من تغطية الحقيقة بشأن هذه الانتخابات".
وأضاف "الحكومة تعتبر الإنترنت كتهديد لها، وتحاول عرقلتها لأن النظام يعرف الدور الهام الذي لعبته الإنترنت والشبكات الاجتماعية في نشر المعلومات خلال أحداث انتخابات 2009". وشرح أن "هذا هو السبب في محاولتها سد كل الطرق، حتى لا تتمكن المعلومات حول الإنتخابات النيابية من شق طريقها إلى العالم الخارجي".
ففي أعقاب إنتخابات 2009 وما صحبها من شكاوى بشأن التزوير على نطاق واسع من قبل المرشحين الإصلاحيين ممن رشحوا أنفسهم ضد أحمدي نجاد، نزل ملايين الإيرانيين إلى شوارع طهران للإحتجاج على النتائج. وشنت السلطات الايرانية حملة على المتظاهرين، واعتقلت الآلاف مستخدمة العنف، مما أضطر الناس للعودة إلى منازلهم.
وفي الأسبوع الماضي، إتهم مصطفى تاج زاده نجل المرشد الأعلى بمحاولة سحق المعارضة قبيل الإنتخابات الرئاسية في مارس.
ووفقاً لتصريحات علي طبطبائي (زوج إبنة تاج زادة) لوكالة إنتر بريس سيرفس، "إن أحكام السجن التي صدرت ضد ناشطين سياسيين لا علاقة لهل بما يقومون به من أنشطة، فهي تهدف فقط لإسكات منتقدي النظام الذين يقاطعون الانتخابات".
وأضاف طبطبائي، "وكما صرح السيد تاج زاده من سجنه، تتم ممارسة هذه الضغوط بشكل مباشر من مجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى، فهم يرغبون في إستخدام كل الوسائل لإسكات المنتقدين حتى تشارك المزيد من الناس في الانتخابات".
وفي 8 يناير، أفاد وزير المخابرات الإيراني حيدر مصلحي أنه تم إعتقال العديد من الجواسيس المزعومين الذين "كانوا يهدفون لتنفيذ خطط وبرامج لحساب الولايات المتحدة الأمريكية خلال الإنتخابات البرلمانية المقبلة من خلال الفضاء الإلكتروني والعلاقات الاجتماعية مع (مصادر) خارجية".
وأقر بأن الإنتخابات القادمة قد تكون "أكثر الإنتخابات حساسية في تاريخ الجمهورية الإسلامية".
وبين أستاذ بجامعة طهران أن الحديث مع وسائل الإعلام الأجنبية بعد انتخابات 2009 يعتبر بمثابة "إرسال معلومات لأجهزة المخابرات الأجنبية".
وقال في بريد إلكتروني لوكالة إنتر بريس سيرفس، أنه "إستنادا للتقاليد القديمة، عادة ما ينفرج الجو السياسي والاجتماعي في إيران قرب الانتخابات، ويتم الإفراج عن العديد من السجناء، وتتمتع الصحافة ببيئة أكثر انفتاحاً. ولكن بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يخشى النظام من احتمال أن يقود إنفتاح الأجواء إلى تدفق الناس للشوارع واستئناف التظاهرات ضد الأشياء التي تم إسكاتها بالقمع على مدى العامين الماضيين".
وما زالت الحكومة الايرانية حساسة جداً تجاه الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت للتعبير عن آرائهم، سواء في مدوناتهم أو الفيسبوك أو تويتر. وقد حظرت إحدى الجامعات الإيرانية على طلابها الإنضمام للفيسبوك.
وكان المستشار القضائي للمدعي العام الإيراني قد حذر في 1 يناير من الاستخدام "الجنائي" للإنترنت فيما يتعلق بالانتخابات. ووفقاً لقائمة منشورة بشأن تلك الإستخدامات هناك 25 نقطة، لدرجة أن المزاح حول الانتخابات يعتبر جريمة.
وبعد ثلاثة أيام، نشرت وحدة الفضاء الإلكتروني بالشرطة بياناً أعلنت فيه أنه يتوجب على مرتادي مقاهي الانترنت أن يقدموا بطاقة هوية سارية، وأن يقدموا بياناتهم الشخصية وأرقام هواتفهم. أما ملاك تلك المقاهي، فهم ملزمون بتثبيت دائرة مغلقة لأجهزة تلفزيون في مؤسساتهم وإبقاء الصور الملتقطة لمدة ستة أشهر، بحيث يمكن مراجعتها.
كما أنهم ملزمون أيضاً بالاحتفاظ بمعلومات المستخدم، بما في ذلك التواريخ وساعات الاستخدام، والمواقع الإلكترونية، والصفحات التي تمت مطالعتها، والاحتفاظ بهذه السجلات لمدة ستة أشهر.
وبالرغم من كل ذلك، مازال العديد من منتقدي الحكومة غير نادمين، ويصعب ردعهم.
فبحسب تصريحات مصدر مقرب من فايزة الهاشمي، التي حكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر الأسبوع الماضي، لوكالة إنتر بريس سيرفس، "بالرغم من أن هذا الحكم قد أضاف المزيد من الضغوط على (المعارضة) ونشطاء الحركة الخضراء والسياسيين، إلا أنه يعتبر مصدراً لدعمهم .. لأنهم يعرفون أن عائلة السيدة الهاشمي تقف إلى جانبهم أيضاً".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق