إستراتيجية أصحاب الريش على حساب العصافير الصغيرة؟
زكرياء حبيبي
إن البلاد مقبلة على انتخابات تشريعية قيل عنها إنها ستكون نظيفة ونزيهة، و بلا ريب فإن نتائج هده الانتخابات ستكون مصيرية و حاسمة على التوجهات المستقبلية للبلاد.
فإما عيش في كنف العزة و التضامن و التآخي ونشر الفضائل بغية تأسيس دولة عصرية قوية مستقلة أي دولة الإسلام الصحيح و العروبة المبدعة الخلاقة. إما العيش وسط دولة مرتبطة بأعداء الأمس متفشي فيها الرذائل و الظلم و التجاوزات و التنكر لأصالتنا و هويتنا.
فكما يلاحظ كل متتبع للشأن السياسي بالجزائر،أن العديد من الأطراف و الفعاليات السياسية تخطط و تراجع استراتيجياتها للفتك بالسلطة. فهناك من لها نوايا من أجل إنجاح المسار الديمقراطي وذلك بإتباع منهج أساسه الصراحة و قول الحقيقة للشعب.
و هناك من يلعب على الحبلين،عله يخادع الرأي العام و يشق طريقا إلى السلطة،وهناك من يخطط لتفجير الأوضاع وذلك بتفخيخ الساحة السياسية من خلال إقصاء هدا الطرف أو ذاك.
فهل ستجري الانتخابات بصفة عادية و سليمة؟ وهل ستمر الأمور بسلام،إذا ما بقيت الأيادي بالداخل و الخارج تجر الخيوط لزعزعة الأوضاع.و بما أن الطبقة السياسية عندنا هذه الأيام مشغولة بالبرلمان القادم. فهناك من يحضر لنفسه و كأنه داخل حربا لا هوادة فيها و هناك من يفضل طريق السلامة وذلك بالمقاطعة و هناك من اختار طريق بين وبين.
الذين يحضرون للحرب البرلمانية القادمة،يغتنمون فرصة ضعف البعض وهوان البعض و تفكك الشعب.و فرصة مثل هذه لا تعوض، لأن الشعب إذا استيقظ يوما فلا بد أن يجيب القدر.
فالحديث عن الانتخابات البرلمانية القادمة يجرنا للحديث عن الإعانات المالية للأحزاب و التساؤل هل تدفع ببعضها إلى الإرتماء في أحضان الخارج؟ فإقتسام السلطة ليس بالأمر الهين،فهو يتطلب التنازل و غض الطرف و إغداق الأموال، ومنذ الإستفتاء على دستور فبراير 1989،حدث في هذا المجال شيء كثير.
فالسلطة تنازلت عن بعض حقوقها لمن كانوا بالأمس أعداء مسجونين،أو مبعدين،و غضت الطرف عن تجاوزات لفظية و سلوكية كثيرة،كانت من قبل من باب السبع الأثافي،،فرئيس الجمهورية شبه بالإمبراطور بونابارت ورؤساء حكوماته لقبوا بجلادي الشعب و حملة المظلات و باعة الثروات الوطنية،و بالرغم من ذلك فالنظام لم ينزعج كثيرا،إلا حينما يصل السكين إلى العظم.
و حتى تكتمل اللعبة السياسية،فقد أغدق النظام الأموال على كل من كون جمعية من خمسة عشرعضوا،لكن أموال بيت المال ليست متساوية بالنسبة للجميع،فحتى في هذا المجال،لعبت المحسوبية و القرابة و الولاء دورها.
فالذين لا يعارضون النظام حتى النخاع،استفادوا من مئات الملايين و المقرات و الهبات،و الذين يعارضون بشكل محرج أعطيت لهم عشرات الملايين و بضعة بناءات مقبولة.أما الذين رفضوا الجلوس إلى الطاولة،فكان نصيبهم قسمة ظيزا.
و المال إما أن يأتي من الداخل أو من الخارج فإذا أغلقت أبواب الداخل فتحت نوافذ الخارج ، والذين أغروا بالارتماء في أحضان الخارج ذنبهم على من أوصد الأبواب في وجوههم.
وأنصار هذا الطريق،يبررون تعاملهم مع الخارج على أساس أن المعركة بين حزب استفاد من 90مليارا و أحزاب مقراتها بالأقباء الصحية،معركة غير عادلة..و من ثم فإما اقتسام بالعدل أو بحث عن أموال خارج الحدود.
و ما ينطبق على أحزابنا،ينطبق على أحزاب العالم الديمقراطي كلها،فلا فرنسا و لا أمريكا و لا بريطانيا ولا غيرها من دول الشرق أو الغرب أو العرب، بمستثناة عن هذه القاعدة الصارمة.
فالسياسة بدون مال،لهو ومهزلة ومضيعة للوقت،وطريق السلطة لا بد أن يفرش بأطنان الذهب و الفضة.
فهل يعي نظامنا هذه الحقيقة و هل يضع الأموال الموجهة لهذا الغرض بين أيدي محايدة تقسمها بالتساوي و بعيدا عن الولاء و الانصياع؟ فإذا إختار النظام هذا السبيل،فإن الديمقراطية ستكون مصانة من أي ضغط أو تدخل،أما إذا سلك مسلك المحتقر و المتعالي،فإن البلاد مقبلة على تراجيديا من نوع حرب طروادة.وإذا ذاك فإن الحكم لن يعود إلا لمن يدفع أكثر،و كلنا نعرف في يد من توجد أموال العالم،فلنحذر عاقبة الأمور.
قلنا أن الطبقة السياسية عندنا هذه الأيام مشغولة بالبرلمان القادم،أما الذين آثروا المقاطعة ،فإنهم ينطلقون من أحد المبدأين:إما الحفاظ على ماء الوجه و إما إخفاء مصادر القوة و الضعف الكامنين عند البشر و المؤسسات،هذا حال رجال السياسة عندنا،الذين أغراهم بريق البرلمان القادم.
فما حال من لا هم لهم إلا الهروب من جحيم الحياة.عشاق الزطلة مشغولون هم الآخرون بأحلامهم و مشاريعهم و مطامحهم،إنهم ينطلقون من مبدأ أن الحياة إما مال أو جاه أو سلطة.
فأصحاب الكيف لا مال لهم،لأن المال عندنا في أغلبه هو بين أيدي من حولوا و استفادوا من قضية ال26 مليار،وأصحاب الكيف لا جاه لهم،لأن الجاه يشترى بالملايين و المليارات،و أصحاب الكيف لا سلطة لهم،لكن إذا أقررنا بأن الحياة تكامل وتآزر و تضامن،فهل يلتقي أصحاب السلطة بأصحاب الزطلة؟؟؟
إن التعددية السياسية أعادت الاعتبار للجميع،فالحيطيست لهم وزنهم في المجتمع و أصحاب الزرنة لهم مكانهم بين الناس و أصحاب التراباندو هم الآخرون فئة يحسب لها ألف حساب.
قد ولى عهد الحزب الواحد،عندما كان القرار يتخذ من طرف أمين المحافظة أو عضو المكتب السياسي أو مسئول الأمانة الدائمة،فطريق البرلمان،يجب أن يمر عن طريق الحيطيست و عن طريق الكيافة و عن طريق أصحاب الشانطات. و ربما لأول مرة سيصبح لهؤلاء الفئات المهمشة كلمة تقال،فهل يعود للنظام رشده و يعامل الجميع على قدم و ساق،فنعطي للجميع نفس الامتيازات و الحقوق، وإلا فإننا داخلون عهد صراع الطبقات، والخاسر الأكبر هم من ربطوا إستراتيجيتهم بأصحاب الريش على حساب العصافير الصغيرة؟
فعلى الطامحين و الطامعين في البرلمان أن يحملوا معهم الأنصاف و الأزلام و أن ينزلوا ضيوفا على القابعين في الأغوار،لأن صوت المزطول له وزنه و صوت المهمش له وزنه و صوت الحيطيست له وزنه و صوت الحاكم بدنيا الخيال له وزنه وسبحان مبدل الأحوال..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق