المجلس السياسي لثوار العراق.. وحقيقة الرؤى للمرحلة المقبلة..! - بيان
لم تبق إلا شهور قليلة ليتم المجلس السياسي السنتين من عمره، ترى بماذا أتسمت المرحلة التي أوشكت على الانقضاء، وماذا يمكن أن يتضمنه برنامجه السياسي للسنتين المقبلتين..؟
بادئ ذي بدء لابد من ذكر حقيقة موضوعية سيكون لها تأثيرها اللاحق على سير المجلس وأعماله، وهي أن المجلس ككيان سياسي هي تجربة غير مسبوقة في تاريخ العراق القديم أو الحديث على السواء.
هو أن الشخصيات السياسية التي تصدت للعمل والقيادة وبرغم تجربتها السابقة في العمل السياسي في شتى الظروف، إلا أن كياناً سياسياً بحسب تشكيلة المجلس، وقواه السياسية المتحالفة، والظرف السياسي / الوطني الذي يمر به العراق هو حدث غير مسبوق ويحمل ملامح جديدة ليس على مستوى بلادنا فحسب، بل وربما في التاريخ العالمي.
فالتجربة الأولى والأخيرة في نضال شعبنا كثورة شعبية مسلحة، كانت في ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني، والثورة وإن كانت من أعظم الأحداث في تاريخ العراق الحديث، إلا أن ثغرات كثيرة اكتنفتها في مقدمتها العفوية الثورية التي كان انعدام التنسيقي الكفاحي بين قوى الثورة تاماً ومثل إحدى ملامحها الأساسية، وبالتالي إحدى الأسباب الرئيسية التي آلت إليها نتائج الثورة، والتي رغم أنها لم تهزم العدو بصورة مباشرة، إلا أنها أرغمته أن يحمل عصاه ويرحل، وإن بصورة شكلية، وأصابت مخططاته بالارباك والاحباط ثم الفشل حيث كان يخطط ليدير العراق كما يدير مستعمراته في آسيا وأفريقيا، ولم يتوقف نضال الشعب العراق حتى تم له إنجاز تحرره السياسي والاقتصادي عبر مراحل نضاله الدامي المجيد، تتويجاً بخروجه من حلف بغداد (1959)، وتحرير الثروات الاقتصادية (1975/ 1972).
فالمجلس السياسي تأسس كنتيجة لإرادة القوى التي اجتمعت وبلورت وأطرت نضالاً سياسياً / مسلحاً، كان شعبنا قد أفتتحه بالمقاومة المسلحة المدبرة أو العفوية، ثم عبر لقاء قواها الرئيسية في الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية، ثم في جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني، وفي العديد من التحالفات العسكرية بين فصائل المقاومة المسلحة، وأستخلص منها الدروس والعبر، ليأتي تأسيس المجلس في ذروة انتفاضة شعبنا التي عبر عنها بالاعتصامات السلمية التي اتخذت طابع العنف والاصطدام بعد تنكيل وقمع دموي وحشي للجماهير من أجهزة السلطات وتنكرها للمطالب الشعبية العادلة المشروعة، فتشكلت على أثرها المجالس العسكرية في شتى أرجاء الوطن، ومنها صار التنادي إلى تشكيل كيان سياسي/ جهادي جامع مانع يضم أوسع القوى السياسية والكفاحية في كيان سياسي أبدى المشاركون فيه أعلى أشكال الانضباط الوطني والتخلي عن المكاسب الحزبية أو الشخصية، مقابل تحقيق منجزات تقدم حركة النضال الوطني صوب أهدافها، والتي بلغت ذروتها في حزيران وتموز من عام 2014، والتي كادت أن تطيح بالنظام الذي أفرزه الاحتلال وما زال يرعاه ويبذل كل شيئ من أجل الحفاظ عليه.
لقد أستطاع المجلس أن يعبر عن إرادة شعبنا العظيم بتجاوز الطائفية المقيتة ووصفها بالهدامة والمدمرة وأستطاع أن يستوعب ويتفهم طموحات أبنا شعبنا من كافة الأديان والقوميات، وجاءت تشكيلة المجلس، إن في مؤسساته القيادية أو في هيئته العامة معبرة عن النسيج الوطني العراقي المتلاحم، الزاحف صوب أهدافه التي لا تنازل عنها في استعادة الاستقلال الوطني وتحرير الوطن من كافة القوى الأجنبية، وإعادة إعماره، وبناء الدولة الديمقراطية التعددية، والحفاظ على الثوابت الوطنية الراسخة للعراقيين كافة في وطن واحد حر موحد.
إن المجلس السياسي إذ تصدى للمهام الأولية التي كانت في مقدمتها: الحرص الشديد على دفع التناقضات الثانوية، وتغليب المصلحة الوطنية العظمى، وبذل المجلس جهود كبيرة من أجل تذليل العقبات وضم كافة القوى والشخصيات المناضلة، ونجح حيناً، ولكنه لم ينجح في أخرى لأسباب لا تخفى على اللبيب، إضافة لوجود قوى غير منضبطة، تريد أن تحتكر العمل الوطني والجهادي، بعيداً عن أي شكل من أشكال التنسيق والعمل التحالفي، وقد قادت هذه الرؤية إلى خسائر، وتأجيل النصر الذي كان في متناول اليد والبصر.
وبسبب كون المجلس السياسي هو الكيان/ الأداة السياسية الأكثر جماهيرية، والذي أستطاع أن يقوي صفوفه الداخلية من جهة، ويواجه مفردات النضال الوطني موحداً بصلابة واعية من جهة أخرى، وهو الكيان الوحيد تقريباً العابر للطائفية التي يراد منها تقسيم بلادنا وشعبنا المتحد، كما رفض المجلس الانجرار إلى ألاعيب الصالونات السياسية، وإذ لم يوفر مناسبة للإدلاء بموقفنا، واللقاء بقوى وجهات تريد أن تفهم أو تستطلع موقفنا، فكان رأينا المبدأي الذي عاهدنا شعبنا عليه، أن لا تنازل عن الثوابت، وفي مقدمة تلك الثوابت : وحدة العراق، ورفض المحاصصة الطائفية، نبدي المرونة لكي نحصل على موقع سياسي أفضل، نقف عنده بثبات مستهدين بعزم شعبنا، أوفياء لتضحياته، حتى غدا موقفنا هذا ملاذاً للوطنيين الشرفاء أينما كانوا، وسنداً لمن يريد العمل المشترك في سبيل الوطن.
وإذ أكسبنا هذا الموقف المصداقية، والالتفاف الجماهيري خلف المجلس، ولكنه تسبب أيضاً في استهدافنا في مؤامرات من جهات عديدة، ويشتد التآمر ويتصاعد كلما تبلورت شروط النصر، حتى غدا هدفاً بسبب نبل رسالته، فأغتيل مناضلون، وأختطف آخرون، وأرغمت الظروف النضالية تغير أساليب النضال والعمل، لكن دون أن تنال هذه من عزيمتنا، بل نحن نرى النصر أمامنا غير بعيد، وقوى العدوان والاحتلال ستفشل وتتحطم إرادتها على صخرة الصمود العراقي، وإصرارنا على مواجهة العدوان ونتائجه، ليثبت شعبنا للعالم بأسره، أن شعب العراق كما طوال تاريخه الموغل في القدم، شعباُ يجترح المعجزات، ينهض ليشيد، ويعمر، وليكون عنصر بناء لمن حوله.
إن المرحلة المقبلة في نضال المجلس سيبلورها أعمال المؤتمر الثاني، بتصميم وإرادة عراقية فولاذية، شعباً عراقياً واحداً متحداً.
النصر لقضية شعبنا
والعار والهزيمة لأعداءه من قوى الاحتلال
المجلس السياسي لثوار العراق
الأمانة العامة
بغداد أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر/ 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق