بريطانيا والإرهابيون.. تناقضات لها تفسير..! - وقفة على ما حدث في لأيام الماضية من تطورات في المملكة المتحدة وصلتها بالإرهاب وبالحملة على دولنا العربية في الغرب
شهدت الأيام الماضية تطورين مهمين في بريطانيا لهما علاقة بالارهاب، وبالحملة على دولنا العربية في الغرب.
التطور الأول : اصدار محكمة بريطانية حكما بسجن عبدالرؤوف الشايب خمس سنوات بعد ادانته بتهم تتعلق بالإرهاب.
والتطور الثاني : صدور التقرير البريطاني عن جماعة الاخوان المسلمين، الذي ادان الجماعة فكرا وسلوكا.
التقرير اعتبر ان الاخوان جماعة متطرفة، وان فكرها لا علاقة له بالديمقراطية والحريات، وان الانضمام اليها يعني طريقا الى العنف والارهاب.
بالطبع يعتبر التطوران امرا ايجابيا. وقد حرصت البحرين على الاشادة بحكم المحكمة البريطانية، كما حرصت مصر على الاشادة بما جاء في التقرير البريطاني,
التطوران يوحيان بأن بريطانيا تتخذ، او في سبيلها الى ان تتخذ، مواقف عملية ايجابية قوية من الشخصيات والجماعات المتطرفة التي تمارس الارهاب او تحرض عليه والتي تعمل على الساحة البريطانية.
حقيقة الأمر انه في الحالتين، هناك تناقض لا يخفى على احد بين ما اقدمت عليه السلطات البريطانية، وبين مواقفها عموما من هذه الشخصيات والجماعات في الواقع العملي.
بالنسبة لقضية الشايب، المفروض ان تكون هذه القضية وما كشفت عنه قد نبهت السلطات البريطانية الى خطورة الكثيرين من الهاربين من البحرين الذين لجأوا الى بريطانيا والدور الذي يلعبونه.
هؤلاء الذين اعطتهم بريطانيا حريات العمل والتحرك يلعبون كما هومعروف دورا تخريبيا في منتهى الخطورة ويحرضون صراحة وعلنا على العنف والارهاب في البحرين، ومعروفة للكل صلاتهم المشبوهة وتبعيتهم للنظام الايراني ومخططاته الارهابية.
كان من المفروض على ضوء ما كشفت عنه قضية الشايب ان تدرك السلطات البريطانية خطورة هؤلاء وما يفعلونه، وبالتالي تتخذ اجراءات ضدهم وضد انشطتهم التخريبية.
لكن الحادث ان بريطانيا تعطي لهؤلاء حريات التحرك والنشاط على اراضيها مع انها تعلم انهم يتآمرون على البحرين ويحرضون على العنف والارهاب، ومع انها تعلم تمام العلم حقيقة ارتباطاتهم والقوى التي يخدمونها.
نفس التناقض نجده فيما يتعلق بالموقف البريطاني من جماعة الاخوان.
على الرغم من ان التقرير البريطاني كان واضحا تماما في ادانته للجماعة كجماعة متطرفة راعية للعنف والارهاب فكرا وسلوكا، فان السلطات البريطانية احجمت عن حظر الجماعة في بريطانيا، كما احجمت عن توصيفها كجماعة ارهابية.
كل ما فعلته السلطات البريطانية ان قالت انها سوف تراقب انشطة وتحركات الجماعة وتقرر ما اذا كانت تمثل خطرا على امن بريطانيا ام لا.
هذا التناقض في الحالتين.. كيف يمكن تفسيره؟
في الحقيقة ليس هناك أي غرابة في الأمر. هذا التناقض هو تجسيد لنهج بريطاني ثابت في التعامل مع الدول العربية.
بريطانيا تفعل بهذا الشأن ما تفعله امريكا بالضبط.
بريطانيا تعلم جيدا ان هؤلاء خطر على بلادهم ولاعلاقة لهم بأي معارضة سلمية. وتعلم جيدا انهم، سواء في حالة البحرين أو مصر، يحرضون على العنف والارها ب في بلادهم ويخدمون اجندة اجنبية ويتآمرون على بلدهم.
بريطانيا تعلم كل هذا، لكنها لا تريد ان تقطع الروابط والصلات معهم. لماذا؟. لأنها تريدهم ادوات ابتزاز لدولنا تستخدمها متى ما ارادت ذلك. وليس سرا خافيا ان كثيرا من هؤلاء يعملون لحساب أجهزة المخابرات البريطانية.
وهذا بالضبط هو النهج الذي تتبعه امريكا كما ذكرت.
لهذا نجد ان بريطانيا، وكذلك امريكا، على مستوى الموقف الرسمي المعلن تؤكد حرصها على امن واستقرار البحرين ومصر، وتؤكد انها ترفض الارهاب والارهابيين. وبين الحين والآخر تعطي اشارات تؤكد هذا الحرص. لكنها في نفس الوقت تحرص على عدم قطع الروابط والصلات مع هؤلاء المتآمرين المخربين المحرضين على الارهاب، وتحرص على تمكنيهم من التحرك على الساحة البريطانية.
هذا النهج البريطاني والأمريكي لن يتغبر. الأمر يتعلق هنا باستراتيجية دائمة تجاه المنطقة العربية كلها.
ولهذا، فان المسئولية الاساسية تتحملها دولنا.
دولنا مطالبة اولا بأن تفضح دوما هؤلاء المتآمرين المحرضين على الارهاب، وان تفضح باستمرا ر خطورة احتضان دول مثل بريطانيا او امريكا لهم وتركهم ينشطون هناك بلا رادع.
ودولنا مطالبة ثانيا بان تعد ملفات تفصيلية بجرائم هؤلاء وتقدمها الى السلطات البريطانية وتطلب رسميا اتخاذ موقف عملي منهم.
بشكل عام، نحن في الدول العربية نواجه استراتيجية غربية تستهدف دولنا، واحتضان هؤلاء احد ابعاد هذه الاستراتيجية. والدول الغربية تتصرف بمنطق ان هذا هو الذي يخدم مصالحهم. ونحن في مواجهة هذا لدينا مصالحنا ويجب ان ندافع عنها بكل السبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق