ما هو السيناريو الاسرائيلي - الامريكي لاعادة شعبية حزب الله.. وهل التضحية ب50 او مائة اسرائيلي ثمن باهض مقابل اكمال عملية تدمير الامة العربية بواسطة الفتن الطائفية التي تغذيها وتديمها ايران..!؟ ح \ 2
جاءك الموت ياتارك الصلاة \ مثل عربي
هل تستطيع امريكا واسرائيل اعادة شعبية ايران وحزب الله بعد ان تقبح وجهاهما ووصلت سمعتهما الى الحضيض واعادة تجميل وجه ايران وحزب الله الاشد قباحة من الوجهين الاسرائيلي والامريكي، كما نراه في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، كي يستمر دورهما في نشر الفتن الطائفية في الوطن العربي وهي الهدف الاول في الستراتيجية الصهيونية وعماد سياسة (فرق تسد) الاستعمارية؟
الجواب على السؤال السابق هو نعم توجد امكانية ولو مؤقتة ومحدودة لترميم بعض مظاهر التقيح في الوجه الايراني. كيف ذلك؟ الان تلوح في الافق خطوة امريكية - اسرائيلية - ايرانية محتملة، اما مشتركة تم الاتفاق عليها مباشرة او بصورة غير مباشرة او انها تخدم الاطراف الثلاثة لهذا فمن مصلحتها الاقدام عليها، وهي احتمال وقوع حرب بين اسرائيل من جهة وايران واداته حزب الله والنظام السوري من جهة ثانية هدفها الرئيس ليس تحرير ارض وانما اعادة تجميل وجه حزب الله وايران على الطريقة الساداتية ذاتها عندما قرر الاعتراف باسرئيل وعرف انه يجب ان يحصل على صورة الوطني المحارب لاسرائيل قبل ذلك لعزل من يشكك في وطنيته لاحقا فشن حرب اكتوبر لتكون اول حرب تأهيل للخيانة الاعظم في الوطن العربي.
منذ بدأت ايران تفقد سمعتها بين العرب بعد غزو العراق، والاعتراف رسميا وفعليا بانها المساعد الاول والاهم لامريكا في غزو العراق وفي اقامة الحكومة العميلة وقواتها وميليشياتها وفي ارتكاب جرائم هي الاشد بشاعة في التاريخ العراقي والعربي الحديث، بدأنا نتوقع قيام ايران وحزب الله بعمليات تجميل واعادة وضع مكياج المناهض لاسرائيل وما حرب عام 2006 الا مثال واحد على كيفية اعادة ايران رسم صورتها الجميلة كلما تقبحت بفعل سياساتها الاجرامية في الوطن العربي، وتذكروا، ولهذا التذكر قيمة خاصة، بان تلك الحرب وقعت في بيئة تنفيذ اخطر التصفيات الطائفية في العراق والتي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من العراقيين الابرياء على يد ميليشيات ايران بعد تفجير مرقد سامراء واكدت كل الوقائع ان اهم اهداف تلك الحرب هو اعادة تجميل صورة ايران وعبدها حزب الله.
ان دعم حزب الله المطلق لمشاركة ايران في غزو العراق واشتراكه الفعلي في دعم التنظيمات الطائفية الموالية في العراق عن طريق تدريبها عسكريا ودعمها سياسيا، خصوصا دعم حزب الحكيم ابن خالة حسن وهو احد ادوات ايران والاحتلال الرسمية، وتولي قادة الحزب تدريب فرق الموت على تصفية الاف العراقيين وفي مقدمتهم عماد مغنية الذي ذهب الى العراق لتدريب عملاء ايران على القتل والابادة وكيفية تطهير مدن ومناطق من سكانها، كل ذلك ادى الى تدهور شعبيته العربية.لقد اهتزت صورته فكان ضروريا اعادة تجميلها فكانت تلك الحرب الوسيلة الوحيدة لاعادة تجميل وجهه ولو على حساب الدم اللبناني والحاق خراب هائل بلبنان. وكما ان مكياج الفنانات الشهيرات يحتاج للتجديد يوميا بعد ليال حمر فان تواصل وتعمق الدور الايراني المعادي للامة العربية، كما نراه في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيره، يفرض اعادة تجميل وجه (الفنانة) الشهيرة ايران ووجه مدير (مكتب علاقاتها العامة) حسن نصرالله مادام المطلوب فارسيا وامريكيا وصهيونيا هو تواصل الفتن الطائفية.
لفتت نظرنا مقالات عديدة نشرتها صحف اسرائيلية مؤخرا تشير لاحتمال اندلاع حرب جديدة، وفي ما يلي بعضا مما نشر في الكيان الصهيوني لتأكيد وجود احتمال لحدوث حرب تعيد تعاطف العرب مع حزب الله ولو مؤقتا. تقول صحيفة القدس العربي ما يلي حرفيا : (صرح قائد المنطقة الشماليّة في الجيش الإسرائيليّ الجنرال يائير غولان، أمس الأحد لموقع القناة السابعة الإسرائيليّ على الشبكة العنكبوتيّة أنّ الحرب مع لبنان باتت أقرب من أيّ وقت مضى ولا مفر منها، على حدّ قوله. وزاد الجنرال غولان إنّه ليس هناك حروب بسيطة ومستعدون للدخول في مواجهة حاسمة وقوية قد تستمر لأسابيع وربما أشهر، موضحًا أنّ الجيش الإسرائيليّ تعلّم الكثير من الحروب السابقة وخاصة على الجبهة اللبنانيّة، وتابع قائلاً إنّه ‘في الحرب القادمة مع حزب الله سنكبدهم خسائر ثقيلة ولن نتهاون، وإنّ قوات الجيش الإسرائيليّ جاهزة لأي عدوان.).
واضاف (وحذّر الجنرال غولان من أنّ أيّ عمل وصفه بالأحمق يبدأ به حزب الله على الحدود الشمالية، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى نشوب المواجهة القادمة.) تواصل القدس العربي قائلة : (في السياق ذاته، كشف محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة، أمس الأحد،.....، المرتبط جدًا بالمؤسسة الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة.... إنّ إسهام سوريّة في حالة حرب مع حزب الله سيُترجم عن طريق إشعال صدامات إطلاق نار معتدلة نسبيًا على طول الحدود في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة، بشكل يستنزف جهد القوات الإسرائيلية هناك ومنع نقلها إلى الجبهة اللبنانية وحتى بإطلاق صواريخ دقيقة الإصابة إلى قواعد سلاح الجو الإسرائيليّ المتواجدة في شمال الدولة العبريّة، على حدّ تعبيرها.). المصدر صحيفة القدس العربي 17-11-2013.
ماذا نلاحظ في هذه التصريحات وغيرها؟
1- حتمية الحرب : (أنّ الحرب مع لبنان باتت أقرب من أيّ وقت مضى ولا مفر منها)! هذا ما قاله القائد العسكري الاسرائيلي بتأكيد وبجزم (الحرب حتمية) مع انه لا توجد مؤشرات تؤكد وجود ضرورة ستراتيجية لها فكل شيء يسير وفقا للمخطط الصهيوامريكي فلماذا تفسد اسرائيل ذلك بشن حرب قد تجبر العرب على التوحد او بعضهم على الاقل؟ والاهم والاخطر هو : هل هذا التأكيد على حتمية الحرب رسالة لايران وحزب الله بان الحل لازمة انكشاف ايران وحزب الله هو ضرورة اعادة تجميل وجه ايران عن طريق الحرب مع اسرائيل؟ قد يبدو ظاهريا هذا التفسير لمن يرى الظواهر بعيد الاحتمال ولكن ما يجري في غرف التأمر السرية امر اخر، انتظروا فالاعجب من هذا قادم.
2- حرب طويلة : ماذا تعني الحرب الطويلة؟ وماهي نتائجها على لبنان وسوريا؟ يقول ايضا : (ليس هناك حروب بسيطة ومستعدون للدخول في مواجهة حاسمة وقوية قد تستمر لأسابيع وربما أشهر،)! لماذا اشهر؟ هل ثمة نية لاكمال تدمير ما لم يدمر في سوريا ولبنان وربما في اقطار عربية اخرى نتيجة لحرب طويلا يجهل كافة الزعماء العرب الاهداف الحقيقة لها وهي غير المعلنة وكيف يمكن ان تنتهي وما هي نتائجها؟ الحرب بهذا الطول ليست مثل حروب اسرائيل السريعة او الخاطفة والتي تستمر بضعة ساعات او ايام، فما الذي تغير ليدفع اسرائيل للاستعداد لحرب تستمر شهورا مع اننا نعرف واحدة من اهم نقاط الضعف البنيوي في اسرائيل هو عدم قدرتها على خوض حرب طويلة لان جيشها بغالبيته من الاحتياط واذا بقي في الجبهة فان اسرائيل ستموت من الداخل لتوقف الانتاج وغيره من الضرورات؟
بل الاكثر لفتا للنظر هو التالي : الان تواجه اسرائيل واكثر من فترات السبعينيات ازمة التجنيد وعزوف سكان الكيان الصهيوني عن الحرب والجيش لذلك فان المنطق يقول بان ضرورة الحرب القصيرة جدا والخاطفة اصبحت اكثر مما سبق فلماذا اذن التبشير بحرب طويلة لاول مرة في تاريخ اسرائيل؟ انتبهوا لهذه الملاحظة فهي بالغة الايحاء وخطيرة المعنى.
3- حرب تغيير مجرى صراع قائم : ويكمل محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة، أمس الأحد، عاموس هارئيل السيناريو الذي تريد اسرائيل له ان يطبق فيقول استنادا الى مصادر المخابرات الاسرائيلية (إنّ إسهام سوريّة في حالة حرب مع حزب الله سيُترجم عن طريق إشعال صدامات إطلاق نار معتدلة نسبيًا على طول الحدود في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة،)! هنا نرى بوضوح شديد ان هذا الصحفي ينبه النظام السوري الى ان خير وسيلة لتحويل الانظار عن كارثة سوريا ودور النظام السوري فيها وامكانية تحقيق نوع من الدعم الشعبي داخل سوريا وخارجها للنظام هي اشعال حرب مواقع ثابتة تطول تقع على خطوط الفصل بين القوات السورية والقوات الاسرائيلية في الجولان السوري المحتل، فالنظام السوري الغارق والمنتهي حتما مهما طال الزمن يريد ان يضمن بقاءه عبر حرب مواقع ثابتة وليس حرب كر وفر لانه عاجز عن خوض حرب حقيقية من جهة، ولان اسرائيل لا تريد استنزاف قدراتها في حرب كر وفر تفرض استخداما واسعا للقوات وصرفا هائلا للعتاد.
اما تبادل اطلاق النار المتقطع عبر الحدود فهو مريح ومربح للطرفين : فالنظام السوري بحاجة قاتلة لفك الحصار الشعبي العربي حوله وليس افضل وسيلة لتحقيق ذلك من تداول اخبار تبادل اطلاق النار يوميا بين سوريا واسرائيل، بينما اسرائيل تحتاج لحرب قليلة التكلفة ولكنها عالية المردود لانها فقدت صدقيتها وردعها داخل وخارج اسرائيل، فهي تهدد منذ سنوات بضرب ايران لكنها لم تضربها فاصبح الرأي العام داخلها يسخر من قادتها، اما في الوطن العربي فقد توقف مضطرا اغلب من كان يبشر بقرب وحتمية وقوع حرب تشنها اسرائيل على ايران بعد ان تكررت التهديدات الاسرائيلية اكثر من 70 مرة خلال خمس سنوات كما احصيت انا شخصيا ولم تقع تلك الحرب وصارت بعيدة الاحتمال مثل مجيء جودو! لذلك فأسرائيل تحتاج لحرب بأقل الكلف للخروج من مأزقها، وربما ايضا تقديم سلاح اعلامي ونفسي لانصار ايران كي يستأنفوا دفاعهم عن ايران لقاء ثمن معروف، وتلك الخطوة احدى اهم ضمانات استمرارية الدور الايراني الخطير في اثارة الفتن الطائفية في الوطن العربي، وتلك هي المصلحة الستراتيجية الاسرائيلية الاساسية!
اذن فان حربا منخفضة التكاليف تخوضها سورية دعما لايران وحزب الله سوف تعيد بناء صورة حزب الله وايران والنظام السوري وتمنحهم تعاطفا من اوساط ترى ان اي اشتباك مع اسرائيل مهما كانت دوافعه خطوة تستحق الدعم والتأييد، من جهة كما ان اسرائيل تحتاج لحرب منخفضة التكاليف لاعادة بناء صورتها داخليا وخارجيا وتحريك مشاعر الخوف لدى يهود الكيان الصهيوني بعد ان تصوروا انتهاء مخاطر العرب بعد ان حل شتاءهم النووي في عام 2011. والحرب الوحيدة المناسبة للطرفين هي حرب المواقع الثابتة والتي تقوم على تبادل اطلاق نار متقطع دون حصول اشتباكات وكر وفر، لان تكاليفها البشرية - وهذا اهم ما يقلق اسرائيل - والمالية منخفضة للطرفين بينما مردودها الاعلامي والنفسي كبير ومجز.
واذا وقعت هذه الحرب فان النظام السوري وايران وحزب الله ونغولهما العرب سيحصلون على هدية من السماء وسترتفع عقيرتهم ناعقين (ان من يقف ضدنا يخدم اسرائيل لان النظام السوري وايران وحزب الله يقاتلون اسرائيل فعليا)! حرب المواقع الثابتة الطويلة اذن هي كلمة السر في التفاهم الستراتيجي الحقيقي بين اسرائيل وايران وحزب الله والنظام السوري فهي تخدم الطرفين وتعيد كافة الاطراف المتصارعة الى المربع الاول وهو احتفاظ كل طرف بجماهيره، هذا هو الشرط المطلوب لجعل الحرب الحالية مستمرة ولا تتوقف وضمان تواصل سمتها الابرز وهي انها دموية ويجب مضاعفة خسائرها البشرية والمالية وان تزيد من تشرذم الناس واختلافاتهم.
ما تأثير هذا النوع من الحروب على حركة التحرر الوطني العربية ومقاومة الجماهير المسلحة وغير المسلحة في العراق للاحتلال الاستعماري الايراني؟
ان الحرب المحتملة هذه تخدم الاطراف الثلاثة المذكورة (اسرائيل وامريكا وايران) كما وضحنا وهي لذلك تلحق افدح الاضرار بحركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص والشعب العربي بشكل عام، لعدة اسباب منها :
1- تعميق الكوارث وادامتها : ان حربا كهذه ستطيل عمر الحرب الاهلية السورية وتضاعف مآسيها وخسائرها البشرية والمادية بحيث تعيد سوريا قرونا الى الوراء وتحرمها من فرص المواجهة مع العدو الصهيوني مجددا لربع قرن على الاقل.
2- مد حبل انقاذ لنظام الخيانة ومعسكر اعداء العرب : بعد ان تكدست الافعال الثابتة على النظام السوري وهي افعال اجرامية لم يقم بمثلها اي نظام عربي ضد شعبه على الاطلاق فان تبادل اطلاق النار سوف يستخدم على نطاق واسع لانقاذ النظام السوري ومرتزقة ايران العرب من انكشاف ارتزاقهم الوضيع فيحاولون اثبات ان النظام كان ضحية الصهيونية والغرب بدليل الحرب مع اسرائيل، كما ان افعال ايران وحزب الله في العراق وسوريا بشكل خاص اكثر من شائنة وتدخل في اطار ابادة الملايين من العرب وممارسة ابشع اساليب التصفيات الجسدية ضدهم وبطريقة اسوأ بمراحل من طريقة اسرائيل وامريكا، والحرب سوف تخفف بشاعة الجرائم وتشوه حقيقتها بواسطة مرتزقة عرب لا ضمير لهم يدافعون عن ايران وعبدها حزب الله مقابل المال الحرام ومن مختلف الايديولوجيات العربية.
3- استمرار النظام : بدل اسقاط النظام فان حكومة مشتركة بين المعارضة والنظام ستقام تحت ضغط شعار وجود حرب مع العدو، وبذلك تستمر الكارثة السورية بشكل ربما مختلف.
4- بقاء الهلال الفارسي : ان عدم سقوط النظام السوري يؤدي اولا وقبل كل شيء واخطر من اي شيء الى بقاء النفوذ الايراني في سوريا ولبنان واستمرار تطويق المقاومة العراقية وتأخير تحرير العراق. والحقيقة البارزة التي يجب تذكرها دائما هي ان مخاطر النظام السوري الاساسية في عهد بشار تنبع من تبعيته لايران مع انها اسرائيل الشرقية الاخطر من اسرائيل الغربية ن ولو لم يكن بهذا القدر من التبعية لما وصلت الاوضاع في سوريا الى هذا الحد، واستنادا لهذه الحقيقة فاننا نحن العراقيون الضحايا الاكثر تعرضا لجرائم ايران نعرف يقينا انها اخطر بمراحل من اسرائيل على وجودنا القومي وهويتنا العربية.
وعلينا ان ننتبه الى حقيقة ستراتيجية خطيرة مرت مرور الكرام ولم يعطيها كثيرون حقها وهي ان الانسحاب الامريكي من العراق وتسليم العراق الى ايران جعل ايران العدو الاول والاخطر للامة العربية في هذه لمرحلة من تاريخها، لذلك فان التحالف مع ايران او دعمها من قبل اي طرف او شخص عربي موقف عار وخيانة كاملة الاركان، ومن ينكر ذلك فانه يقدم افضل التبريرات لنتنياهو وغزوات اسرائيل الغربية، لانه اذا كنا مؤمنون بان الارض العربية متساوية في قيمتها وان الانسان العربي متساو مع الانسان العربي الاخر فكيف نميز بين العراقي المعرض للابادة والتطهير العرقي من قبل ايران والفلسطيني الذي يتعرض لابادة اقل خطورة حجما ونوعا؟
5- ضرورة تواصل محاولات تقسيم العراق : ولكي لا يظن البعض ان ما نقوله مبالغات فاننا نذكر باخطر تحد واجه الولايات المتحدة بعد غزو العراق وهو ان عملية تقسيم العراق قد ابتدأت بقوة وشراسة لا نظير لها حتى في فلسطين المحتلة، وضحايا العراق بالنوع والكم والدمار العمراني يؤكد ذلك، فلقد بلغ عدد من قتلوا بعد الغزو فقط اكثر من ثلاثة ملايين عراقي - هذا العدد يشكل حوالي ثلاثة ارباع عدد الشعب الفلسطيني الان - وكانت ايران الشريك الاهم لامريكا في قتلهم، بل ان الانسحاب الامريكي قد شهد تزايد عمليات ابادة العراقيين وممارسة اوسع واقسى تطهير عرقي مبرقع بغطاء طائفي في العراق، ومع هذه الوحشية غير المسبوقة في التاريخ الحديث، بما في ذلك جرائم الحرب العالمية الثانية، فان شعب العراق لم يقسم وبقي موحدا وتزداد وحدته الوطنية تعاظما وعضوية، ففي العام الحادي عشر للغزو نجد اهل الجنوب يهتفون بحياة الشهيد صدام من قلب كربلاء وتخرج تظاهرات معادية للمالكي تعبيرا عن الرفض المطلق لايران ووصل حال رفض الجنوب للمالكي وايران ان احدي التظاهرات الموجودة في اليوتيوب كان هتافها فيه معان كبيرة وهو (كواد نوري المالكي كواد) وكلمة (كواد) في اللهجة العراقية تعني قواد او سمسار عاهرات، وتلك اشنع كلمة واكثرها اساءة في العراق، لذك فان وصول ابناء العراق الاصلاء في الجنوب الى حد استخدام هذه الكلمة لوصف المالكي دليل قاطع على ان الجنوب بخير من ناحية التمسك بالوحدة الوطنية ورفض الطائفية.
ان الانتباه لهذه الحقيقة يضعنا امام تحد كبير تواجهه امريكا وايران وهي ان معاملة شعب العراق بهذه القسوة الفريدة في تاريخه واهانته وتعريضة لاسوأ كوارثه جعلته مصمما على تحرير وطنه من الاستمعارين الامريكي والايراني مهما كان الثمن كبيرا، ومن ثم فان كل المخطط الصهيوامريكي سوف ينهار اذا لم يقسم العراق وتنقلب الاوضاع رأسا على عقب بعودة العراق وبقوة اشد وتصميم اعظم لنضاله لاجبار من اذل شعب العراق وقتل منه اكثر من 3 ملايين على دفع الثمن كاملا وبلا نقص، بالاضافة الى تدشين مرحلة هجوم وطني عراقي وقومي عربي شاملين على كافة ركائز الاستعمارين المذكورين في كل الوطن العربي. فهل تسمح امريكا بحصول ذلك؟ طبعا كلا لذلك فان ما نراه الان هو خطوات محسوبة في اطار المخطط الاصلي : تقسيم الاقطار العربية.
6- دور ايران مازال ضررريا : وبما ان ايران وليس غيرها هي من نجحت في زرع فتن طائفية في سوريا واليمن ودول الخليج العربي ومصر والمغرب العربي ونجحت في ايجاد ميليشيات تابعة لها في العراق كانت العامل الحاسم في تنفيذ هدف اشعال فتن طائفية فان ضمان تواصل مخطط اشعال الفتن الطائفية لن يستمر الا بوجود ايران قوية ومؤثرة في الاقطار العربية. هذا المفتاح الرئيس في فهم طبيعة ودوافع الصلات الستراتيجية التي تربط امريكا واسرائيل بايران وهذا ماجعلنا نصف ايران بانها اسرائيل الشرقية بحق وصواب كاملين.
7- تحرير العراق مقدمة لتحرير الامة من كوارث التشرذم : تعرف الولايات المتحدة الامريكية جيدا ان الثمن الذي تدفعه لايران مهما كان غاليا هو اقل بكثير من الاستسلام لليأس في موضوع تقسيم العراق بالذات، فتقسيم العراق هو المدخل الرئيس وربما الوحيد لتدفق مياه تقسيم بقية الاقطار العربية فمن العراق بدأت خطة التقسيم وفيه ستنجح او تفشل - ونحن نؤكد انها فشلت فعلا - وبما انها لم تنجح ولن تنجح فان ديمومة الدعم الامريكي الصهيوني لايران هو النتيجة المتوقعة والطبيعية لابقاء الاقطار العربية مشغولة بحروب اهلية او صراعات دموية تستنزف المال والبشر وتجعل اسرائيل ومصالح امريكا الاستعمارية في مأمن.
8- النظام الشرق اوسطي الجديد : واخيرا وليس اخرا فان الاعضاء الاساسيين في النظام الشرق اوسطي، سواء كان الجديد او الموسع، هم اسرائيل وتركيا وايران وبدون هذه الاطراف الثلاثة لن يقوم النظام، كما خططت له امريكا، لذلك فان وجود ايران قوية مطلب امريكي واسرائيلي اساسي لجعل النظام الاقليمي الجديد فعالا ويستطيع تحقيق الاهداف الموضوعة له واهمها تمكين امريكا من مواجهة تحديات الصين والقوى الصاعدة الاخرى. ان عدم الانتباه لهذا الهدف الستراتيجي الامريكي يضعف القدرة على فهم الغاز ما يجري الان.
تبقى ثمة ملاحظات جوهرية اخرى لابد من التذكير بها :
1- ما قلناه يوضح لم يصور الغرب واسرائيل ما يجري على انه نتاج قوة ايران وضعف امريكا، وهذا وهم تساهم في ترويجه امريكا لتجنب اتهامها بالتخلي عن اصدقاءها العرب وتعفي نفسها من تحمل مسؤولية ما يحدث من جهة، وتقديم دعم معنوي لايران هي في امس الحاجة اليه الان بعد ان تشيطنت نتيجة جرائمها البشعة ضد الاقطار العربية خصوصا في العراق وسوريا من جهة ثانية. فامريكا ليست ضعيفة عندما يتعلق الامر بتأديب النظام الايراني وردعه.
2- هل التضحية ب50 او مائة اسرائيلي ثمن باهض مقابل اكمال عملية تدمير الامة العربية بواسطة الفتن الطائفية التي تغذيها وتديمها ايران وليس غيرها؟ كلا ستدفع اسرائيل اثمان اكبر من هذا مقابل اكمال تدمير وحدة الاقطار العربية، ونذكر من نسى او لم يعرف ان الصهيونية الالمانية دفعت لهتلر ملايين الدولارات كي ينتج اسلحة يخوض بها الحرب من موقع التفوق مقابل اضطهاد يهود المانيا لاجبارهم على الهجرة الى فلسطين.
3- هل الانتشار الايراني السهل والذي لم تتصدى له لا امريكا ولا اسرائيل - لو كان حقا يشكل تهديدا خطيرا لهما - نتاج جهد ايراني فقط ام انه مدعوم منهما كما في العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان وغيرها؟ ولماذا؟ ان الانتشار الايراني كان ظاهريا تحت غطاء دعم فلسطين ومناهضة امريكا اما باطنيا وفعليا، وهو ما انكشف الان، فكان انتشارا عرقيا فارسيا تموه برداء طائفي هو التشيع الصفوي، وما كانت تعرفه مخابرات امريكا واسرائيل هو ان نظام الملالي في ايران هو الاكثر حقدا على العرب والاشد استعدادا لالحاق الدمار والفناء بهم، وان اهداف ايران ليست دينية وانما قومية صرفة لذلك كان من مصلحة امريكا واسرائيل توسع النفوذ الايراني بلا عوائق غربية وصهيونية وهذا ما رأه الناس بصورة واضحة جدا.
4- هل النووي الايراني حقا يشكل خطرا على امريكا واسرائيل؟ ام انه خطر مباشر على طرف واحد هو الامة العربية التي يجب ان تزال من الخارطة وتحل محلها كيانات متشرذمة مقزمة وقزمة؟ وهل التساهل الامريكي مع النووي الايراني هو ثمرة خطة امريكية اسرائيلية لتشجيع ايران على التمادي في احقادها بضرب العرب بالنووي لاحقا خصوصا اذا ورطت السعودية او غيرها بامتلاك نووي بالشراء او بالصنع وهددت به ايران اعلاميا؟ هل الهولوكوست النووي في الوطن العربي مصلحة امريكية واسرائلية ام لا؟
نعيد التذكير : ابادة ملايين العرب مصلحة ستراتيجية اسرائيلية فاسرائيل تعمل على تخفيض نسبة السكان العرب في اطار مخططها التوسعي في ارض العرب، لذلك فقتل اكبر عدد ممكن من العرب مصلحة اسرائيلية ومن يستطيع تحقيق ذلك هو ايران فقط بسبب تربية اجيالها على كره العرب والحقد المتجذر ضدهم بالاضافة لحاجتها الماسة لموارد العرب، اما امريكا فان لديها خطة مكشوفة منذ السبعينيات تقوم على تقليص عدد الشعوب المونة (اي السود والسمر والصفر) عبر حروب لا تتوقف ونشر الاوبئة ومنع التقدم العلمي والتكنولوجي عن هذه الشعوب وسرقة مواردها وحرمانها من فرص التنمية الحقيقية وتلويث البيئة..الخ.
اذن من مصلحة امريكا واسرائيل حيازة ايران سلاح نووي وليس العكس فهي كما قامت بدور المدمر للاقطار العربية بالاسلحة التقليدية، كما فعلت بشعب العراق وتفعل الان بشعب سوريا البطل، فانها مستعدة لايصال عداءها للعرب حد ضربهم بالنووي.
5- واخرا ولكي لا يقع البعض في حبائل اليأس نتيجة ما اوردناه لابد من طرح السؤال الاخير وهو : هل حقا ان الامة العربية عاجزة عن احباط تلك المخططات كما يروج اعلاميا في كل مكان؟ ام ان الامة فيها قوى حية وقادرة على تحقيق النصر في نهاية المطاف؟ للاجابة علينا طرح سؤال مهم وهو: الا تدل وقائع التاريخ على اننا واجهنا الكثير من الكوارث وبدت الامال ميتة لكن في لحظة فعل جبار انقلب كل شيء وتحقق للامة النصر والتحرر؟
ان العراق مخزن الصمود العربي والفادي الاول من اجل الامة العربية وقضاياها المصيرية والرئيسة خصوصا فلسطين والعراق وسوريا وقدم الدليل الحي على استحالة قهر الامة العربية، فلقد هزمت امريكا في العراق رغم تفوقها المطلق في كل شيء الا في المعنويات، وهي اهم شروط كسب الحرب، فالمعنويات في الجانب العراقي كانت وماتزال وسوف يتحقق نصر الامة العربية انطلاقا من تحرير العراق وعندها سوف تنهار مخططات تقسيم كافة الاقطار العربية ويعود الامن والامان الى سوريا ومصر وتونس ولبنان واليمن وليبيا وكافة الاقطار العربية.
وسواء وقعت حرب انقاذ ايران او لم تقع تذكروا ان الحريق يبدأ بشرارة والشرارة العراقية تقدح وتستمر في القدح حتى يشتعل الحريق المطلوب لحرق عدوانات امريكا والاسرائيليتين الغربية والشرقية. انتظروا المدد من جمجمة العرب ورمحها الذي لا ينكسر : العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق